الأسبوع:
2025-02-02@21:46:20 GMT

هل تقود الأزمة إلى حرب أهلية؟ ( 2 )

تاريخ النشر: 28th, August 2023 GMT

هل تقود الأزمة إلى حرب أهلية؟ ( 2 )

مع استمرار الاحتجاجات على هذه التعديلات تتصاعد فى إسرائيل أيضا دعوات إلى عدم الالتحاق بالجيش والخدمة الاحتياطية والإلزامية. وتزداد تهديدات ضباط جنود احتياط فى المؤسسات الأمنية المختلفة بما فيها وحدات النخبة العسكرية والمخابرات وسلاح الجو بإنهاء تطوعهم، وعدم الاستجابة لدعوات التجنيد فى حال مضت الحكومة قدما فى إقرار تشريعات ما تسميه " الإصلاح القضائي".

وأعلن هؤلاء العصيان من أجل الضغط على الحكومة لوقف التعديلات التى تطرحها حول القضاء. بيد أن خبراء عسكريين اعتبروا أن هذا يعد تهديدًا للأمن القومي ولقوة الردع ضد حزب الله.

وفى السياق حذر 161 طيارا وضابطا كبيرا بسلاح الجو الإسرائيلي فى رسالة بعثوا بها إلى قائد السلاح اللواء" تومير بار": "من أن الموافقة النهائية بالقراءتين الثانية والثالثة على قوانين إصلاح القضاء هى عملية رسمية قصيرة ولكنها ستغير بشكل كبير جوهر ووجه الدولة، وتحولها من ديموقراطية إلى ديكتاتورية". ورجع الضباط قرارهم إلى عدم استعدادهم لإنجاز المهام الموكلة إليهم فى ظل نظام تداس فيه الديموقراطية لتتسع الفجوة التى من خلالها تسير الحكومة بالبلاد نحو ديكتاتورية كاملة. ويجرى ذلك بعد أن جرى التصويت فى الكنيست على التعديل الرامي إلى تقليص صلاحيات المحكمة العليا وقضاتها مقابل تعزيز نفوذ الحكومة، ولهذا خرجت المعارضة تحذر من أن ديموقراطية إسرائيل تتعرض للخطر من قبل حكومة يمينية متطرفة تسعى إلى تقليص سلطات المحاكم لا سيما المحكمة العليا من أجل تعزيز نفوذ الحكومة.

ما يجرى على أرض الواقع فى إسرائيل اليوم ينبئ بأن الدولة تتعرض للخطر من قبل حكومة يمينية متطرفة تسعى إلى تعزيز نفوذها، ولا تكترث بما قد ينجم عن ذلك من مخاطر تعصف بالدولة، ولهذا لم يستبعد المحللون احتمالية ذهاب دولة الكيان الصهيونى لحرب أهلية فيما إذا أصرت الحكومة على تكرار خطة التعديلات القضائية التى ترفضها المعارضة. ولقد كانت هذه لحظة محورية فى تاريخ البلاد، فإذا تم سن القانون وصمد أمام الطعن القانوني فسوف يقوض استقلال القضاء فى الدولة ويحد من دوره كضامن لقيمة الديموقراطية الليبرالية. لكن هذا هو الثمن الذى يستعد رئيس الوزراء " نتنياهو" لدفعه للحفاظ على تماسك حكومته حتى لو تعمقت الانقسامات فى إسرائيل.

إنه " نتنياهو" رئيس الوزراء اليميني المتطرف الذى يترأس أكثر الحكومات قومية وتشددا دينيا منذ أن تأسست الدولة. وسياسته هي سياسة الانقسام. ولقد قام بشجب المتظاهرين والمحتجين على ما يريد تمريره للحد من استقلالية القضاء، بل اعتبرهم أعداء له، وهو يصورهم على أنهم إسرائيليون ليبراليون يريدون الاحتفاظ بالوضع الراهن الذى يريد المواطنون الأكثر قومية ودينية فى البلاد تحطيمه. وتعد الأحزاب اليمينية المتطرفة حصن الحكومة حيث ترى أن المحكمة العليا تقف حجر عثرة أمام طموحاتهم. ولا شك أن نجاح اليمين المتطرف يعود إلى " بنيامين نتنياهو" الذى تسبب فى استقطاب السياسة الإسرائيلية فى السنوات الخمس عشرة الماضية. إنه" نتنياهو" الذى قام بتطبيع العنصرية الصريحة، وترسيخ التشهير السياسى والأكاذيب. ومعه وبسبب توجهاته غدت الأمة اليهودية اليوم بجميع طوائفها تعاني صدوعًا وانقسامات فيما بينها.

الجدير بالذكر أن التظاهرات والتجمعات التى توحدت معا ضد التغيرات التى تفرضها الحكومة لتقليص دور القضاء قد كشفت عن أمر مخيف، لما تنطوى عليه سياسات حكومة " نتنياهو"، وعن انهيار ثوابت خطيرة تحكم المجتمع اليهودى، علاوة على كشف الأسرار وأكاذيب إسرائيلية كثيرة، بالإضافة إلى فضحها لمؤامرات وممارسات خداع النفس والتضليل وغسل المخ والتى استمرت لعشرات السنوات.

واليوم تشير التوقعات إلى أن مصير هذا الكيان الصهيوني خلال أيام سيتحدد لا سيما بعد خروج مئات الآلاف من الإسرائيليين من منازلهم فى ظروف صعبة للغاية للاحتجاج وإعلان العصيان ضد المسارات التى تتبعها حكومة " نتنياهو" الممعنة في التطرف. سيواظب المعارضون للنهج الذي يتبعه " نتنياهو" على الاحتجاج ودق أجراس الخطر ليعلنوا عن رغبتهم فى أن يعيشوا ولو لفترة وجودًا ملائمًا حافلًا بالفاعلية والخير بدلا من الدولة التي أصبحت مكانا للعنف والتشرذم والابتذال والتلوث.

المصدر: الأسبوع

إقرأ أيضاً:

إسرائيل ومعرض الكتاب

 

يبدو أن الرئيس الأمريكى «دونالد ترامب» لم يساعده أحد من أسطول الخبراء المحيطين به والمتخصصين فى تاريخ الشرق الأوسط من القراءة الصحيحة لتاريخ مصر جيداً، فجاءت تصريحاته بشأن تهجير نحو 1.5 مليون فلسطينى من غزة إلى سيناء والأردن، نوع من الغشاوة السياسية، فالحقيقة الثابتة تاريخيا تقول: عندما تسقط بغداد ودمشق فهذا يعنى ان نهايتهم على أبواب مصر. 

لذلك كان من الطبيعى أن يتلقى «ترامب» هذه العبارة الناجزة من الرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى والتى تتكون من خمس كلمات لا سادس لهم: «تهجير الفلسطينيين إلى مصر خط أحمر»، 

فلطالما كانت ضربات مصر موجعة ومدهشة لعدوها الصهيونى، فبعد ثلاث سنوات فقط من نكسة 1967، يطرح الفنان عبدالسلام الشريف، أحد رواد الفن التشكيلى فى مصر، فكرة إقامة معرض دولى للكتاب على الدكتور ثروت عكاشة، وزير الثقافة فى تلك الفترة، فتنتفض عقول مصر ومثقفيها وناشريها، وتدعو العالم بأسره إلى أقامة أول معرض دولى للكتاب على أراضيها والأول فى الوطن العربى أجمع، فى إعلان واضح وصريح أنها قوة ثقافية لا يستهان بها، وكنز بشرى لا يخضع لأحد. 

إقامة معرض القاهرة الدولى للكتاب جاء ضربة قوية للعزل الثقافى الذى فرضته إسرائيل، وكان بمثابة أول هزيمة ساحقة لها، فمع تدفق الناشرين العالميين والإقبال الكبير من دور النشر على المشاركة، ثبتت القاهرة مكانتها كعاصمة ثقافية عالمية، الأمر الذى زاد من عزيمة المصريين فى مواجهة التحديات على كل الأصعدة، الثقافية والسياسية. 

ووفقاً للباحث محمد سيد ريان صاحب كتاب «حكاية أول معرض دولى للكتاب»، أن الدورة الأولى كانت حدثاً ثقافياً فريداً من نوعه، فى رد عملى على الغطرسة الصهيونية بشتى ميادين القتال. 

ظلت إسرائيل تتساءل بدهشة: كيف يكون ذلك؟ لقد هزمناهم، ودمرنا بنيتهم التحتية وطائراتهم، واحتللنا أرضهم، ورغم كل ذلك، نجدهم ينظمون حدثا ثقافيا مهما لأول مرة فى تاريخهم.. كيف استطاعوا جمع دور النشر العالمية وجعلها تشارك فى هذا الحدث الكبير؟ كيف تمكنوا من تحويل الهزيمة إلى قوة، والإعاقة إلى انطلاق، ليكونوا فى هذا الموضع من الريادة الثقافية؟

دورات معرض القاهرة الدولى للكتاب كانت بمثابة صفعات متتالية على وجهة الكيان الصهيونى، حيث قدم عشرات الباحثين المصريين والعرب كتب، دراسات بحثية، روايات أدبية، ودواوين شعر مستفيضة من خلال دور النشر المصرية والعربية وحتى الترجمات عن لغات أجنبية مشاركة فى المعرض تتناول وتفند العقلية الصهيونية وبداية نشأتها وسياسة إسرائيل فى المنطقة العربية وأطماعها. 

وهو ما جعل الكيان الصهيونى يمنع المشاركين فى المعرض فى دورته الأولى عام 1969، من نشر كتبهم وأتاحتها فى إسرائيل. 

على المستوى السياسى ووفقاً لاتفاقية كامب ديفيد عام 1978 بين مصر وإسرائيل استطاعت الأخيرة أن تخترق العزل الاجتماعى والنفسى الذى يحيط بسفيرها فى القاهرة، ففى فعاليات معرض القاهرة الدولى للكتاب عام 1981، توجه السفير الإسرائيلى فى القاهرة «إلياهو بن اليسار» إلى السراى رقم 7 التى يقع فيها جناح توكيل «إدكو إنترناشيونال» الذى تعرض من خلاله الكتب الإسرائيلية فى معرض القاهرة الدولى للكتاب الثالث عشر « يناير 1981»، حسب توثيق «شهدى عطية» لهذا الحدث فى صفحته على موقع «فيسبوك»، مضيفاً: «كان ذلك الجناح يتلاصق مع جناح «الفتى العربى» الفلسطينى والذى يرفع علم فلسطين على كل شبر من واجهته الملاصقة للجناح الإسرائيلى، ما دعا مسئول الأمن فى السفارة الإسرائيلية إلى محاولة تغطية العلم الفلسطينى بلافتات تحمل طوابع بريد إسرائيلية، أثناء قيام السفير الإسرائيلى بافتتاح الجناح أمام عدسات التليفزيون الإسرائيلى.

 كان المعرض فى أرض المعارض بالجزيرة، وكان الشاعر صلاح عبدالصبور هو رئيسه باعتباره رئيساً للهيئة المصرية العامة للكتاب، وحسب «عطية»: «كان أول تجربة واقعية لقياس رد فعل الشعب المصرى للتطبيع مع إسرائيل، ومنذ اللحظة الأولى بدأت المواجهة»، ويشير إلى أن حضور السفير الإسرائيلى استفز الجمهور، فاندفعت فتاة لتنتزع اللافتات الإسرائيلية، وهنا سقطت اللافتة فوق رأس السفير الإسرائيلى الذى هرول فى ذعر خارج أرض المعرض، وتم إنزال العلم الإسرائيلى بالقوة، وتحولت ساحة المعرض منذ اللحظات الأولى لحرب إعلامية ضد إسرائيل، وتوالت البيانات من حزب التجمع والعمل والأحرار، ودعت البيانات إلى المطالبة برفع العلم الفلسطينى على جميع دور العرض، ووقع على البيانات لطفى وأكد «نائب رئيس حزب التجمع»، وفؤاد نصحى عن حزب العمل، وكامل زهيرى، نقيب الصحفيين، وأحمد نبيل الهلالى، عن مجلس نقابة المحامين، وعبدالعظيم مناف، وسمير فريد، وغيرهم. 

 فشلت محاولة التطبيع الثقافى هذه المرة، وتكررت مرة ثانية وأخيرة أثناء حكم مبارك فى يناير 1985، حيث خصص القائمون على المعرض جناحاً خاصاً لإسرائيل، واحتج الكثير من المثقفين على اشتراك إسرائيل فى المعرض، وقال فؤاد سراج الدين، رئيس حزب الوفد آنذاك، فى هذا الصدد: كيف تسمح الحكومة المصرية باشتراك إسرائيل التى تنشر كتبها الكاذبة وتقف أمام مصالح الدول العربية؟ وطالب «سراج الدين» الحكومة المصرية بنشر صور توضح المذابح التى تقوم بها إسرائيل ضد الشعب الفلسطينى. 

مقالات مشابهة

  • الحِرَف التراثية مشروعٌ قومي
  • إسرائيل ومعرض الكتاب
  • نتنياهو: سأبحث مع ترامب سبل القضاء على حماس والتصدي للمحور الإيراني
  • أمريكا ترسل ٢٤ ألف بندقية لإسرائيل
  • ترامب وحلم السطوة
  • مشيرة عيسى.. صاحبة الطلة المبهجة
  • لجان المقاومة بتنسيقية «تقدم»: تشكيل حكومة في ظل الحرب يعمّق الانقسام ويطيل أمد الأزمة
  • أمريكا تضغط لإقصاء حزب الله من الحكومة اللبنانية..ما السبب؟
  • مستر ترامب.. العالم ليس ولاية امريكية
  • د.حماد عبدالله يكتب: جدد حياتك !!