الأسبوع:
2024-11-08@16:09:39 GMT

هل تقود الأزمة إلى حرب أهلية؟ ( 2 )

تاريخ النشر: 28th, August 2023 GMT

هل تقود الأزمة إلى حرب أهلية؟ ( 2 )

مع استمرار الاحتجاجات على هذه التعديلات تتصاعد فى إسرائيل أيضا دعوات إلى عدم الالتحاق بالجيش والخدمة الاحتياطية والإلزامية. وتزداد تهديدات ضباط جنود احتياط فى المؤسسات الأمنية المختلفة بما فيها وحدات النخبة العسكرية والمخابرات وسلاح الجو بإنهاء تطوعهم، وعدم الاستجابة لدعوات التجنيد فى حال مضت الحكومة قدما فى إقرار تشريعات ما تسميه " الإصلاح القضائي".

وأعلن هؤلاء العصيان من أجل الضغط على الحكومة لوقف التعديلات التى تطرحها حول القضاء. بيد أن خبراء عسكريين اعتبروا أن هذا يعد تهديدًا للأمن القومي ولقوة الردع ضد حزب الله.

وفى السياق حذر 161 طيارا وضابطا كبيرا بسلاح الجو الإسرائيلي فى رسالة بعثوا بها إلى قائد السلاح اللواء" تومير بار": "من أن الموافقة النهائية بالقراءتين الثانية والثالثة على قوانين إصلاح القضاء هى عملية رسمية قصيرة ولكنها ستغير بشكل كبير جوهر ووجه الدولة، وتحولها من ديموقراطية إلى ديكتاتورية". ورجع الضباط قرارهم إلى عدم استعدادهم لإنجاز المهام الموكلة إليهم فى ظل نظام تداس فيه الديموقراطية لتتسع الفجوة التى من خلالها تسير الحكومة بالبلاد نحو ديكتاتورية كاملة. ويجرى ذلك بعد أن جرى التصويت فى الكنيست على التعديل الرامي إلى تقليص صلاحيات المحكمة العليا وقضاتها مقابل تعزيز نفوذ الحكومة، ولهذا خرجت المعارضة تحذر من أن ديموقراطية إسرائيل تتعرض للخطر من قبل حكومة يمينية متطرفة تسعى إلى تقليص سلطات المحاكم لا سيما المحكمة العليا من أجل تعزيز نفوذ الحكومة.

ما يجرى على أرض الواقع فى إسرائيل اليوم ينبئ بأن الدولة تتعرض للخطر من قبل حكومة يمينية متطرفة تسعى إلى تعزيز نفوذها، ولا تكترث بما قد ينجم عن ذلك من مخاطر تعصف بالدولة، ولهذا لم يستبعد المحللون احتمالية ذهاب دولة الكيان الصهيونى لحرب أهلية فيما إذا أصرت الحكومة على تكرار خطة التعديلات القضائية التى ترفضها المعارضة. ولقد كانت هذه لحظة محورية فى تاريخ البلاد، فإذا تم سن القانون وصمد أمام الطعن القانوني فسوف يقوض استقلال القضاء فى الدولة ويحد من دوره كضامن لقيمة الديموقراطية الليبرالية. لكن هذا هو الثمن الذى يستعد رئيس الوزراء " نتنياهو" لدفعه للحفاظ على تماسك حكومته حتى لو تعمقت الانقسامات فى إسرائيل.

إنه " نتنياهو" رئيس الوزراء اليميني المتطرف الذى يترأس أكثر الحكومات قومية وتشددا دينيا منذ أن تأسست الدولة. وسياسته هي سياسة الانقسام. ولقد قام بشجب المتظاهرين والمحتجين على ما يريد تمريره للحد من استقلالية القضاء، بل اعتبرهم أعداء له، وهو يصورهم على أنهم إسرائيليون ليبراليون يريدون الاحتفاظ بالوضع الراهن الذى يريد المواطنون الأكثر قومية ودينية فى البلاد تحطيمه. وتعد الأحزاب اليمينية المتطرفة حصن الحكومة حيث ترى أن المحكمة العليا تقف حجر عثرة أمام طموحاتهم. ولا شك أن نجاح اليمين المتطرف يعود إلى " بنيامين نتنياهو" الذى تسبب فى استقطاب السياسة الإسرائيلية فى السنوات الخمس عشرة الماضية. إنه" نتنياهو" الذى قام بتطبيع العنصرية الصريحة، وترسيخ التشهير السياسى والأكاذيب. ومعه وبسبب توجهاته غدت الأمة اليهودية اليوم بجميع طوائفها تعاني صدوعًا وانقسامات فيما بينها.

الجدير بالذكر أن التظاهرات والتجمعات التى توحدت معا ضد التغيرات التى تفرضها الحكومة لتقليص دور القضاء قد كشفت عن أمر مخيف، لما تنطوى عليه سياسات حكومة " نتنياهو"، وعن انهيار ثوابت خطيرة تحكم المجتمع اليهودى، علاوة على كشف الأسرار وأكاذيب إسرائيلية كثيرة، بالإضافة إلى فضحها لمؤامرات وممارسات خداع النفس والتضليل وغسل المخ والتى استمرت لعشرات السنوات.

واليوم تشير التوقعات إلى أن مصير هذا الكيان الصهيوني خلال أيام سيتحدد لا سيما بعد خروج مئات الآلاف من الإسرائيليين من منازلهم فى ظروف صعبة للغاية للاحتجاج وإعلان العصيان ضد المسارات التى تتبعها حكومة " نتنياهو" الممعنة في التطرف. سيواظب المعارضون للنهج الذي يتبعه " نتنياهو" على الاحتجاج ودق أجراس الخطر ليعلنوا عن رغبتهم فى أن يعيشوا ولو لفترة وجودًا ملائمًا حافلًا بالفاعلية والخير بدلا من الدولة التي أصبحت مكانا للعنف والتشرذم والابتذال والتلوث.

المصدر: الأسبوع

إقرأ أيضاً:

تحليل سياسي يكتبه محمد مصطفى أبوشامة: وانتصرت «أمريكا أولاً».. وسقطت العولمة

أعلنت وسائل الإعلام الأمريكية تقدماً كبيراً للرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب والمرشح الجمهورى على منافسته كامالا هاريس المرشحة الديمقراطية، وبات ترامب هو الرئيس الـ47 للولايات المتحدة الأمريكية، بحسب قناة «فوكس نيوز» التى استبقت الجميع معلنةً الخبر، قبل أن يطل علينا الرئيس القادم، والعائد إلى البيت الأبيض معلناً انتصاره، فى مفاجأة تؤكد من جديد ضلال استطلاعات الرأى، التى أوحت للعالم فى الأسابيع الأخيرة أن النتيجة أقرب إلى التعادل، ولكن الصناديق أظهرت اكتساح الترامبية للولايات المتحدة الأمريكية.

وحتى يتسنى لنا الاطلاع على النتائج الكاملة فى كافة الولايات الأمريكية، وتحليلها، كى نستطيع فهماً حقيقياً لما حدث فى الخامس من نوفمبر 2024، واتجاهات تصويت الناخبين، والتى عكست قرارهم بشأن ما عرضه عليهم كلا المرشحين من قضايا.

إذن ما الذى يعنيه فوز «ترامب»؟ الرجل الذى تمثل عودته رئيساً سابقةً لم تتكرر فى تاريخ الولايات المتحدة إلا مرة واحدة منذ 132 عاماً، بأن يحكم رئيس دورتين غير متتاليتين، سبقه الرئيس جروفر كليفلاند فى نهاية القرن التاسع عشر، كما سيكون ترامب أول رئيس فى التاريخ يفوز بعد إدانته جنائياً بارتكاب العديد من الجرائم الفيدرالية وعلى مستوى الولايات.

ترامب أولاً وأمريكا أيضاً

«أمريكا أولاً»، ليس شعاراً انتخابياً سينتهى أثره بعد أن يحقق هدفه، لكنه فلسفة حكم تبلورت بها (الترامبية) كظاهرة سياسية، اختبرها الشعب الأمريكى بين عامَى (2017 و2021)، وعاد ليختار صاحبها مجدداً لدواعٍ اقتصادية، بحسب اتفاق عام بين أغلبية المحللين، وإشراكهم الرأى مع عدم إغفال الأثر الكبير لـ«ذكورية» المجتمع الأمريكى كدافع رئيسى للتصويت ضد «هاريس».

والتصويت الذكورى سبق أن حقق لـ«ترامب» ولايته الأولى بعد فوزه أمام هيلارى كلينتون، ولا ننسى أنه عندما ترشح أمامه رجل خسر بالفعل، وفاز بايدن فى الانتخابات السابقة، هذا لا ينفى دور خطته السياسية، من الاقتصاد إلى المهاجرين، مروراً برفضه للإجهاض ودعواته المحافظة التى أيقظت شيئاً ما فى المجتمع الأمريكى، لقد أجاد ترامب اللعب على مشاعر الجماهير، ورسمت حملته صورة متميزة له؛ الرجل القوى المحافظ البارع اقتصادياً، الذى تخشاه دول العالم وتحاول قوى الشر اغتياله، فيما حصد دور البطولة بعد عملية اغتياله الفاشلة، وتحولت صورته بعد النجاة إلى أيقونة ترسخت فى المخيلة الأمريكية، تلك اللقطة التى رصدتها كاميرا مصور عبقرى، عندما نهض «ترامب» ثابتاً وشجاعاً رغم إصابته بعيار نارى، وهى صورة غسلت كل أخطائه وغفرت له ذنوبه أمام غالبية الأمريكيين.

وجاءت الفكرة

ليس استباقاً للحوادث، فالعالم كله بقى معلقاً طوال العام الأخير انتظاراً لهذا اليوم، عندما تنفض أمريكا يدها من مهرجان الانتخابات الرئيسية وتفيق لدورها الإمبراطورى.. كسيدة العالم وأقوى دولة فيه، بعد وصول ترامب، ما مصير هذا الدور فى ظل تراجعه الحاد خلال السنوات الماضية؟

يرى المفكّر الأمريكىّ جورج مودلسكىّ أن مدّة حياة أى «نظام عالمىّ» هى تقريباً 100 سنة، مقسّمة على 4 مراحل، لكلّ منها 25 سنة، المرحلة الأولى هى مرحلة الحرب الكبرى، الثانية هى مرحلة صعود المهيمن، الثالثة هى مرحلة فقدان المهيمن الشرعية والمصداقيّة فى عيون اللاعبين الدوليين. أما المرحلة الأخيرة فهى مرحلة فقدان مركز الثقل «Core» القدرة على إدارة أزمات وشئون النظام الذى أنتجه، وبذلك يصبح العالم «لا مركزيّاً».

وتحت عنوان «عندما تهوى الإمبراطوريات»، كتب فى وقت سابق المحرر العسكرى لصحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، موضحاً أن «تغيير الأمم يعنى تغيير المهيمن، وتغيير المهيمن يعنى مزيداً من الصراعات والحروب. ومزيد من الحروب يعنى أن التحوّلات والتغييرات فى موازين القوى العالميّة أصبحت واضحة ومؤثّرة». واستناداً لرأى مودلسكىّ حول دورة حياة النظام العالمى، يمكن لنا تصور حال النظام العالمى الحالى، فى ظل التراجع الملحوظ للدور الأمريكى (المهيمن)، والتخبط الواضح فى تعامله مع سائر الأزمات حول العالم.

الإمبراطورية الأمريكية!

وفى كتابه المهم «الإمبراطورية الأمريكية والإغارة على العراق» الصادرة طبعته الأولى عام ٢٠٠٣، عن دار الشروق المصرية، يعدد الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل فى نقاط محددة، مزايا هذه الإمبراطورية والتى جعلتها مختلفة ومحصنة إلى حد الكمال، فيصفها قائلاً: «هذه الإمبراطورية الأمريكية تملك من عوامل القوى الاقتصادية والمالية ما يتفوق على سابقتها طول التاريخ. وتوظف لخدمة أهداف أقوى وأكبر منجزات التقدم الإنسانى فى كافة المجالات. وتملك سطوة فى السلاح لم تتوافر لغيرها.. مع وجود توافق حرج بين التكنولوجيا العسكرية والتكنولوجيا المدنية.

واستطاعت أن تعرض نوعاً من جاذبية النموذج يمهد لتوسعها وانتشارها بغواية فى أساليب الحياة تعزز وسائط القوى. كما تمكنت من أسلوب جديد فى السيطرة.. يقوم على نظام شديد الجرأة والجسارة إلى درجة الاقتحام واختراق خصوصيات الدول والشعوب.. والقدرة على خطف وعى الآخرين وارتهانه.. أسير إعلام مصور وملون.. مكتوب وناطق.. يعطى لنفسه احتكار وضع جدول اهتمامات الرأى العام العالمى وسحب الآخرين وراءه».

ويضيف الأستاذ هيكل أن «هذه الإمبراطورية عاشت حياتها بعيدة عن أى تهديد مباشر لأرضها وسكانها، وراكمت من أسباب القدرة والثروة مدداً وفيراً، وبالتالى قدراً ضخماً من المناعة والثقة بالنفس يزيد أحياناً عن الحد»، وهو ما يصل بنا إلى الحكمة الصوفية المأثورة التى وظفها هيكل فى موضعها بالتمام، مؤكداً: «عند التمام يبدأ النقصان، فكل كائن حى له أجل، ولهذا الأجل مراحل، طفولة وصبا وشباب وكهولة وشيخوخة وموت، وذلك قانون نافذ حتى على الإمبراطوريات باعتبارها كيانات حية».

وهو ما يتوافق مع رأى مودلسكى حول دورة حياة النظام العالمى، فهل تمثل عودة ترامب هذا النقصان؟، وهل ما نعيشه هو لحظة الشيخوخة الإمبراطورية للولايات المتحدة الأمريكية؟، هذا ما سنراه ونعيشه فى السنوات الأربع القادمة التى تمثل مرحلة فارقة فى تاريخ العالم.

الشرق الأوسط أولاً

وُصفت عدم قدرة الرئيس الأمريكى الحالى جو بايدن على إيقاف الحرب فى غزة بالمسألة المهينة لكبرياء بلاده كقوة عظمى، فيما مثَّل انسياقه التام وراء رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو تأكيداً على فقدان الهيبة بسبب توغل نفوذ اللوبى اليهودى وهيمنته على مفاصل الإدارة الأمريكية، فبات صانع القرار الأمريكى لا يملك إلا استرضاء إسرائيل على الدوام.

وبفعل التقارب بين «ترامب ونتنياهو»، سيكون للشرق الأوسط أولوية وبالتوازى معه ستكون الحرب فى أوكرانيا أيضاً مساراً عاجلاً للرئيس «ترامب»، بهما سيطوى صفحة الحروب المشتعلة فى العالم، ويتبقى لديه ملفان هما إيران والصين، وكلاهما سيكون للحصار الاقتصادى دور كبير فى تجحيم قدرات الدولتين، وإن كان من غير المستبعد توجيه ضربة إسرائيلية برعاية أمريكية لإيران، والتى ربما تكون قبل دخول ترامب إلى البيت الأبيض.

أمريكا أولاً، تعنى فى مرحلتها الأولى الانتهاء السريع من ترتيب الأولويات الخارجية، للتركيز الكبير فى الشئون الداخلية وتعزيز القدرات الاقتصادية والتكنولوجية، وهذا ما يعزز وجود شخص مثل إيلون ماسك فى الفريق الرئاسى لترامب، والذى خصه بتحية وتقدير كبير فى خطابه الذى ألقاه «ترامب» فى فلوريدا مقر حملته الرئاسية وهو يعلن انتصاره على «هاريس». أما عن ضحايا الترامبية، ممن يتأهبون لسنوات الخسائر، تأتى فى مقدمتهم أوكرانيا وتزاحمها إيران على المركز الأول، فيما تأتى القضية الفلسطينية ثالثة، وتجاهد دول الاتحاد الأوروبى للهروب من قائمة الضحايا المتوقعين. لا أدرى موقع لبنان على خارطة الضحايا، وإن كنت أتمنى الوصول لوقف إطلاق نار على جبهتها قبل مغادرة بايدن للبيت الأبيض.

أما داخلياً فسيبقى السؤال معلقاً، إلى أى مدى سيكون انتقام «ترامب» من أعدائه والذين لقَّبهم بـ«أعداء الداخل»؟ وقد سربت وسائل إعلام قائمة بالأسماء والمؤسسات ممن اختلفوا مع ترامب وكانوا طرفاً ضده خلال السنوات الأربع الماضية.

وختاماً، فقد فاز «ترامب» بفعل المزاج اليمينى المهيمن على المجتمعات الغربية، وإن كانت أخطاء الحزب الديمقراطى الكبرى هى التى مهدت الطريق له لتحقيق فوز ساحق، زلات ولاية بايدن، والإصرار على بقائه مرشحاً للحزب وتأخر الدفع بـ«هاريس» لمنافسته، حتى اختيار «هاريس» كان فى حد ذاته خطأ مركباً. فاز «ترامب»، لأنه الخيار الأقل ضرراً، كما ذكرت فى مقالى السابق، ويمثل اختياره رسالة واضحة من الشعب الأمريكى للعالم، يجب فهم محتواها جيداً، كى تمر سنوات حكمه بسلام.

مقالات مشابهة

  • طلبة الطب يرفضون عرض الحكومة لإنهاء الأزمة
  • قرية البصيرة بالعامرية بلا خدمات
  • «ملكات» أشباه الرجال!؟ لو أحبتك «٢»
  • غزة لن ترفع الراية البيضاء
  • عودة «ترامب» للبيت الأبيض
  • تحليل سياسي يكتبه محمد مصطفى أبوشامة: وانتصرت «أمريكا أولاً».. وسقطت العولمة
  • عادل حمودة يكتب: مفاجأة العدد 1000
  • «هاريس - ترامب» رهان خاسر وسبات عميق
  • الرئيسة هاريس!!
  • ضريبة النجاح القاسية