نستكمل هذا العدد القصة التي نشرتها (الأسبوع) العدد السابق، عن صاحبة الحكاية التي عانت لسنوات طويلة من معاملة زوجها وعائلته، وما زاد الأمر سوءًا هو اكتشافها أن زوجها يختلق قصصًا وهمية للنصب على الناس ولا تعرف أين تذهب أمواله، واعتراضها على أنه أطعمها وابنيها من مال حرام حتى اضطرت أن تحكي لأهلها ما يحدث.
تقول صاحبة الرسالة:
قبل أن أحكي لأسرتي ما يحدث بحياتي جلست مع زوجي مرات ومرات لأثنيه عما يفعله وطلبت منه مرارًا ألا يخدع الناس وأن يحاول الحصول على عمل حلال وأخبرته أنني وابنينا سنرضى بالقليل طالما أنه حلال، إلا أن زوجي اعتاد طوال الأعوام الأخيرة بعد عودته من الخارج أن يعتمد على هذه الطريقة للحصول على المال، وكان دومًا لا يلتزم في أي عمل يلتحق به، عاهدني زوجي كثيرًا لكنه أبدًا لم يلتزم بوعوده رغم أني ذكّرته كثيرًا أن لنا ابنة وابنًا لا بد أن نحافظ على سمعتهما بين الناس وأن ما يفعله يضر بنا جميعًا الآن ومستقبلًا، وتفاقمت المشاكل بيننا مع إصرار زوجي على العيش بهذه الطريقة، ولما يئست وفشلت كل محاولاتي معه اضطررت أن ألجأ لأهلي، تدخلوا كثيرًا بالحسنى لإصلاح الأمر لتستمر الحياة حتى يئسنا جميعًا وانتهى الأمر بطلبي الطلاق بعد أن اكتشفت أن زوجي لم يكتفِ بكل هذا، بل عرفت بالصدفة أن له علاقات نسائية، بعضها عبر وسائل التواصل الاجتماعي وأخرى مع إحدى جاراتي، وما زاد الحكاية سوءًا كان علاقة مع والدة زميلة ابنتي في المدرسة! إلى هنا كان لابد للحياة معه أن تنتهي، تركت له منزل الزوجية وانتقلت وابنينا إلى شقة أخرى بنفس الحي، فلم يكن من المنطقي أن نعيش في منزل عائلته وإلا زادتِ المشاكل التي لن يكون لها آخر إلا الدم.
رفعت دعوى قضائية لطلب الطلاق بعد أن أصر زوجي على رفض طلاقنا، وكذلك دعوى نفقة للإنفاق على ابنينا حيث إني لم أكمل تعليمي الجامعي ولم أشتغل بأي وظيفة أو ألتحق بأي عمل في حياتي وإن فكرت في البحث عن عمل فمن هذا الذي يقبل بسيدة عمرها تخطى الأربعين عامًا وبلا أي خبرات عملية؟!.. ومنذ أكثر من عام يتم تداول القضايا في المحاكم وأتكفل وحدي بمصروفات ابنينا الدراسية ودروس خاصة و«يونيفورم» وكتب خارجية وأدوية وأطباء وانتقالات ومصروفات البيت من طعام وكهرباء ومياه وصيانة والكثير الكثير من النفقات التي جعلتني أستدين من إخوتي الذين يرفقون بحالي ويعطفون على ابنينا اللذين يتجاهلهما أبوهما بعد أن تركهما بلا سند في الحياة.. وكلما طلب منه ابنه أو ابنته أي مصروفات عاجلة تنصل من مسئوليته تمامًا ووعد بوعود كاذبة كعادته ثم تهرّب من الرد حتى يمر الوقت.
وبالفعل، يمر الوقت ثقيلًا جدًا وأبواب ودهاليز المحاكم لا نهاية لها، إنها متاهة كبرى تدخلها النساء الحائرات بأبنائهن وكأنهن يتسولن حقوقهن التي شرعها الله والقانون، وإجراءات التقاضي طويلة جدًا ومعها تكثر أتعاب المحامين وطلباتهم، وأمام هذا رفع زوجي دعاوى قضائية ضدي، ألم يكن من الأولى أن ينفق أموال أتعاب المحاماة على ابنينا بدلًا من «البهدلة» في ساحات المحاكم لي وله؟ لقد اضطررت أنا لأن أفعل هذا بعد امتناعه عن الإنفاق على ابنينا رغم تخوفي من مصدر أمواله، ولكني لا أعرف كيف أدبر كل هذا المال الذي يعجز عن تدبيره الرجال في مثل هذه الأيام، ولولا وقفة أسرتي وإخوتي إلى جواري لصرت أتسول بابنينا في الشوارع.
صديقتي:
الموجع في هذه الحكاية أن هناك نوعًا من الرجال غير قادرين على تحمُّل مسئولياتهم بل يتنصلون ويتهربون منها بغضّ النظر عما يفعله هذا في حياة ونفسية أبنائهم، فهل يدرك هذا الأب ما تخلِّفه أفعاله في نفسية ابنته وابنه؟ وهل يعي مدى التأثير السلبي الذي ينعكس على ابنيه جراء أفعاله وتصرفاته وسلوكه من ناحية، وتهربه من مسئوليته تجاههما من ناحية أخرى؟
إن الشعور بالأبوة والأمومة لا يأتي أبدًا من فراغ، والبر بالوالدين لن يكون بلا سبب، وهذا كلام رب العالمين حين قال سبحانه في سورة الإسراء ﴿وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرًا﴾ صدق الله العظيم.. أي شرط البر بالأبوين هنا هو رعاية الأبناء في الصغر والاهتمام بهم وتربيتهم وتحمُّل مسئوليتنا تجاههم حتى يكبروا، فإن كبرنا نحن وجب عليهم رعايتنا ورحمتنا والاعتناء بنا، فكيف سيرحم هذان الابنان أبًا لم يرحم ضعفهما وهما صغيران؟ بل إنه كان سببًا في عدم شعورهما بالأمان النفسي والاجتماعي، وكان سببًا في سلب كرامتهما والإقلال منهما عندما تركهما يتعرضان للإحراج وسط زملائهما حينما عجزا عن توفير مصروفات المدرسة؟ كيف سيرعيان أباهما في كبره وهو الذي كشف سترهما أمام أقاربهما وجيرانهما حين احترف النصب على القريب والغريب؟! ثم كيف يحظى باحترامهما له وهو الأب الذي تخلى عنهما تمامًا في كل صغيرة وكبيرة بينما لهث وراء نزواته تاركًا عمله وبيته وزوجته وولديه دون سند في الحياة؟!..
تلك الحكاية ننشرها لأمرين، الأول، آملين أن تنتبه الجهات المختصة بمحاكم الأسرة إلى ضرورة الإسراع في حسم قضايا النفقة رحمةً بالنساء والأولاد، فمثل هذه السيدة صاحبة الرسالة وجدت مَن يقف إلى جوارها، ولكن هناك الكثيرات الكثيرات اللاتي لا يجدن مَن يساندهن وأبناءهن، وهو الأمر الذي يفتح أبواب العديد من المشاكل المجتمعية الأخرى.
أما الأمر الثاني لنشر هذه الرسالة فهو دق جرس إنذار لكل أب وكل زوج غلبه الكِبر وأخذه العناد إلى الطريق الخطأ، فالرجولة هي الإحساس بالمسئولية تجاه مَن نُسأل عنهم، والأبوة أن يرعى الرجل أسرته ويتقي الله فيهم، فلا يطعمهم من مال حرام، ولا يقسو ويهجر ويتهرب فيتركهم فريسة لضعاف النفوس في الحياة.
المصدر: الأسبوع
إقرأ أيضاً:
حكم التصوير أثناء مناسك الحج و العمرة .. الإفتاء تحذر من هذا الأمر
مع اقتراب موسم الحج وتأهب العديد من المسلمين لأداء الفريضة ، يبدأ البعض في البحث عن بعض الفتاوى التي تخص أداء المناسك خوفا من ضياع ثواب الفريضة ومن بين هذه الأسئلة التي يبحث عنها الكثير “ ما تلقته دار الإفتاء عبر موقعها الرسمي سؤال لشخص يقول فيه : “ ما حكم التصوير في مناسك الحج والعمرة ” ، هل جائز أم حرام ؟ .
قالت دار الإفتاء أن التصوير أثناء مناسك الحج جائز شرعا بشرط ألا يؤدي إلى تعطيل الحجاج الآخرين، والتصوير المبالغ فيه قد يوقعهم مع الحرج، خاصة في وجود كبار السن وأصحاب الحالات الخاصة الذين يتأخرون بسبب التقاط الكثير من الصور التذكارية.
وأضافت ، في فتوى لها عبر موقعها الإلكتروني، حول حكم التصوير أثناء الحج والعمرة وانشغال بعض الناس بالتصوير،
وأكدت أن الواجب على المرء المحرم وغير المحرم أن يلتزم الأدب والوقار أثناء وجوده في الأماكن المقدسة كالبيت الحرام؛ حيث أمر المولى سبحانه وتعالى بأن نعظم هذا البيت ونحترم قدسيته، كما أن اللائق بالحاج أن يكون منشغلا بالخشوع في أداء المناسك، حتى يكافئه المولى سبحانه وتعالى بالأجر والثواب، فيكون حجه مبرورا مقبولا.
حكم التصوير أثناء الحج والعمرة
أكدت الدار فيما يخص حكم التصوير أثناء الحج والعمرة أن الالتزام بالوقار في الوجود الأماكن المقدسة من تعظيم شعائر الله تعالى، الذي يشمل إبراز معاني التوقير والإجلال والاحترام لها، وامتثال الأمر بإقامتها والتعبد لله بها؛ فإن تعظيمها من تعظيمه سبحانه وتعالى؛ فعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنه قال في تفسير قول الله تعالى: ﴿ما لكم لا ترجون لله وقارا﴾.
وأشارت الإفتاء فيما يخص حكم التصوير أثناء الحج والعمرة إلى أن الحج شعيرة من شعائر الله؛ اقتضى ذلك تعظيمه بإبراز أقصى معاني الاحترام والإجلال، بالتأدب وحفظ الوقار أثناء القيام بالمناسك، سواء كان ذلك أثناء الطواف حول البيت الحرام، أو في السعي بين الصفا والمروة، والوقوف بعرفة، وعند رمي الجمار، وهذا الاحترام لا يتأتى في حال كون الإنسان منشغلا بالتصوير في كل مكان من أماكن المشاعر المقدسة بشكل مبالغ فيه.
واختتمت دار الإفتاء بيانها بأن المبالغة في التصوير أثناء مناسك الحج فيها نوع من الإيذاء وعدم مراعاة أحوال الآخرين، قد يوقعهم في الحرج المنهي عنه شرعا؛ بل إنه يعد من الأفعال المنافية للحال التي ينبغي أن يكون عليها من يزور بيت الله الحرام، سواء كان محرما بالحج أو غير محرم؛ لذا فلا يليق أن ينشغل المحرم بالحج عن أداء المناسك بأي أمر آخر من أمور الدنيا.