في شمال غرب سوريا، أدى الزلزال المدمر الذي وقع قبل ستة أشهر إلى تفاقم الأضرار التي خلفتها سنوات من الحرب الأهلية. زار المشرعون الأمريكيون للتو المنطقة للمرة الأولى منذ عقد من الزمن.

 

ووفقا لما نشرته صحيفة نيويورك تايمز، في المكان الذي انهار فيه مبنى ثلاثة طوابق بالكامل بعد أن ضرب زلزال مدمر شمال غرب سوريا في فبراير، تم إنشاء مخيم صغير من الخيام.

ويطلق عليه السكان اسم "مخيم المنسيين".

 

في إحدى الخيام تنام فاطمة المرعي، 61 عامًا، وعائلتها المكونة من سبعة أفراد. تم نصب المخيم خارج منزلهم المكون من طابق واحد، والذي لا يزال قائمًا بجوار المخيم. قالت للنيويورك تايمز إنها لم تتمكن من إحصاء عدد مجموعات الإغاثة التي جاءت وصورت الأضرار ثم غادرت.

 

قالت السيدة فاطمة المرعي للنيويورك تايمز: لم نرى منهم حتى خمس ليرات. ليس لدينا المال لإجراء الإصلاحات بأنفسنا. إذا عملنا، نأكل. إذا لم نعمل فلن نأكل. 

 

بعد مرور أكثر من ستة أشهر على الزلزال القوي الذي ضرب شمال غرب سوريا وجنوب تركيا، يشعر العديد من المتضررين في سوريا بأنهم منسيون: فقد كانت هناك إصلاحات محدودة ولم تتم إعادة البناء تقريبًا. وبينما كان الموت والدمار في تركيا المجاورة أكبر بكثير، فإن جهود التعافي في سوريا أكثر تعقيدا بكثير.

 

في سوريا، وفقا للأمم المتحدة، أدى الزلزال إلى مقتل أكثر من 6000 شخص، وتدمير حوالي 10000 مبنى وتشريد حوالي 265000 شخص. كما اجتازت الخطوط الأمامية للحرب المستمرة منذ 12 عامًا، وضربت المناطق التي تسيطر عليها الحكومة وجماعات المعارضة، وبعضها مدعوم من تركيا المجاورة.

 

كان الملايين ممن يعيشون في منطقة الزلزال قد فروا بالفعل من القتال، ولجأ العديد منهم إلى الخيام أو غيرها من المساكن المؤقتة، التي تعتمد على المساعدات الدولية، عندما وقعت الكارثة مرة أخرى.

 

وعلى الرغم من هذه الأزمة، لا توجد خطط لجهود إعادة إعمار واسعة النطاق أو منظمة.

 

وقد تفاقم الوضع في الآونة الأخيرة. وفي الشهر الماضي، انتهى أجل قرار الأمم المتحدة بالسماح بوصول المساعدات عبر الحدود من تركيا، مما وضع الكثير من الدعم الإنساني للمنطقة في طي النسيان.

 

اليوم الأحد، قام ثلاثة من أعضاء الكونجرس الأمريكي، من بينهم النائب فرينش هيل، وهو جمهوري من أركنساس، بزيارة قصيرة إلى الجانب السوري من أحد المعابر الحدودية. وكانت هذه هي الزيارة الأولى التي يقوم بها المشرعون الأمريكيون إلى هذا الجزء من البلاد منذ عقد من الزمن، وقال السوريون إنهم يأملون في أن تلفت الانتباه إلى الوضع الإنساني المتردي والحاجة إلى مزيد من التحرك الأمريكي لإنهاء الصراع.

 

لقد كان التعافي من الزلزال حتى الآن تدريجيًا ومخصصًا، حيث تم ترميم بعض المدارس والأرصفة والأسواق وبعض الإصلاحات المنزلية الخفيفة. وفي أغلب الأحيان، تُرك السوريون للملمة شتاتهم وحدهم.

 

منذ البداية، تعرقلت جهود المساعدات العالمية ليس فقط بسبب الانقسامات الإقليمية ولكن بسبب مجموعة من العقبات الأخرى الناجمة عن الحرب، بما في ذلك العقوبات الدولية على الحكومة، والمسائل المتعلقة بحقوق الملكية حيث تم تهجير العديد من المالكين، ومقاطعة تسيطر على معظمها جماعة صنفتها الولايات المتحدة منظمة إرهابية.

 

قالت بهية زريكيم، مديرة السياسة السورية في المجلس النرويجي للاجئين، الذي يرعى المشاريع الإنسانية: كان النقاش برمته حول إعادة البناء وإعادة الإعمار سياسياً للغاية لفترة طويلة. وأضافت: "نحاول الاستجابة قدر الإمكان للواقع، لكننا أيضًا محدودون للغاية". 

 

يرفض أكبر المانحين للمساعدات لسوريا – الولايات المتحدة والدول الأوروبية – تمويل إعادة الإعمار بعد الصراع حتى يتم التوصل إلى تسوية سياسية. 

 

قال عاطف ننوعة، المدير التنفيذي لفريق ملهم، وهي مجموعة إغاثة سورية، إن «إعادة إعمار الحرب أمر مختلف. نحن نتحدث عن إعادة بناء المنازل المتضررة من الزلزال. وبدلاً من الاعتماد على الدول المانحة بعد الزلزال، جمع ملهم 13 مليون دولار من الأفراد. وسوف تذهب لبناء 2000 منزل.

 

أحد المخاوف في شمال غرب سوريا، في بلدات مثل جنديرس، هو أن بعض المنازل التي دمرت في الزلزال كانت مملوكة لعائلات فرت، والعديد منها أعضاء في الأقلية الكردية في سوريا. وحل محلهم أفراد من المجموعة العرقية المهيمنة، العرب السوريين، الفارين من أماكن أخرى في البلاد.

 

ولتجنب ترسيخ هذا النزوح وتغيير التركيبة السكانية للمنطقة من خلال البناء على أراضي أولئك الذين فروا، بقي ملهم ومنظمات الإغاثة الأخرى بعيداً.

 

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: سوريا الولايات المتحدة الزلزال حروب شمال غرب سوریا فی سوریا

إقرأ أيضاً:

تمويل إعادة إعمار سوريا.. مقدرات وطنية ومنح عربية

رغم أن تقارير صادرة عن الأمم المتحدة تشير إلى أن إعادة الإعمار في سوريا تحتاج تقريبا 400 مليار دولار فإن تحديد التكلفة يعد أمرا صعبا بحد ذاته إذا لم يستند إلى دراسات ميدانية تقوم بها لجان متخصصة وفقا لآليات محددة، لأن حجم الضرر الذي لحق بالبنية السكنية والبنية التحتية للبلاد كبير جدا.

ومن المتوقع أن تعتمد الإدارة السورية المستقبلية في عملية إعادة الإعمار على مصادر دخل محلية ومساعدات مالية دولية من الدول المانحة.

الموارد الطبيعية الوطنية

تشكل الموارد الطبيعية مصدرا رئيسيا لإيرادات الدولة، وقد تساهم في تدوير العجلة الاقتصادية وتسريع حركة إعادة الإعمار.

1- النفط

يصنف النفط أبرز موارد الدولة، إذ بلغت الاحتياطيات السورية المؤكدة بحسب مجلة الطاقة الأميركية نحو 2.5 مليار برميل، لكن هذا القطاع يواجه تحديات وعقبات، أهمها العقوبات الدولية، واستمرار سيطرة قوات سوريا الديمقراطية على أغلبية آبار النفط، وحاجة البنية التحتية لإنتاج النفط إلى إعادة صيانة وهيكلة، وكل هذه العقبات تتطلب جهودا وحلولا دولية.

ومن الصعب في الوقت الحالي وضع آلية وإطار زمني يمكن العمل عليه للاستفادة من إيرادات النفط المالية وتحقيق الاكتفاء الذاتي.

2- الفوسفات

تعد سوريا واحدة من أكبر دول العالم امتلاكا للفوسفات، فقد جاءت في المرتبة الخامسة عالميا، إذ تقدّر احتياطياتها بنحو 1.8 مليار طن، بحسب الأرقام الصادرة عن شركة الفوسفات والمناجم السورية، وتتركز الاحتياطيات في منطقة تدمر بمنجمي خنيفيس والشرقي ومنطقة الحفة في اللاذقية.

إعلان

وكانت البلاد تنتج نحو 3.5 ملايين طن من الفوسفات سنويا، مما يجعلها واحدة من أكبر منتجي الفوسفات في العالم.

ووصل حجم التصدير إلى نحو 2.5 مليون طن سنويا بعائدات تتراوح بين 250 و300 مليون دولار سنويا.

وفي حديث للجزيرة نت يؤكد الدكتور يحيى السيد عمر -وهو خبير اقتصادي ومدير مركز تريندز- أن الاستثمار في احتياطيات الفوسفات الأسرع والأوفر حظا لتحقيق مكاسب سريعة، ويعود ذلك إلى سيطرة الحكومة السورية الجديدة على معظم مناجم الفوسفات.

3- تجارة الترانزيت

تتموضع سوريا على موقع جيوسياسي يسمح لها بأن تكون عقدة لطرق التجارة الدولية البرية والبحرية، فهي تعد حلقة الوصل بين قارتي آسيا وأوروبا وبين أسواق الخليج العربي وتركيا ودول الاتحاد الأوروبي.

وعلى الحكومة السورية أن تستغل موقع البلاد لأن تكون جزءا من مشاريع طرق التجارة الدولية، ولا سيما فيما يتعلق بمشروع الطريق الهندي الشرق أوسطي الأوروبي وطريق الحرير.

وقد تكون سواحل شرق المتوسط السورية بمثابة نقطة انطلاق مهمة للمشروعين الهندي الشرق أوسطي وطريق الحرير.

وسيوفر الموقع الجيوسياسي لسوريا إيرادات مالية من مرور شاحنات الترانزيت عبر أراضيها بين تركيا ودول الخليج العربي وبين السوق الأوروبية ودول الخليج.

كما يمكن أن تكون سوريا ممرا لخطوط أنابيب الطاقة القادمة من العراق ودول الخليج إلى الأسواق الدولية، مما يحقق لها إيرادات سنوية.

4- الأرصدة المجمدة

تمتلك الدولة السورية أرصدة مجمدة في البنوك الدولية يكتنف معرفة رقمها بدقة صعوبة بالغة، ويرجع ذلك إلى أمور فنية تتخذها البنوك الدولية بعدم الإفصاح عن قيمة الأموال المودعة لديها.

ومن بين الأموال المجمدة المفصح عنها تلك الموجودة في البنوك اللبنانية، والتي قدرت ما بين 40-60 مليار دولار، بحسب تصريح سابق لرأس النظام البائد بشار الأسد، إضافة إلى وجود 112 مليون دولار باسم الحكومة السورية في بنوك سويسرا، بحسب تقرير نشرته الجزيرة نت.

إعلان

وستشكل الأرصدة المجمدة في البنوك الدولية إذا ما تم استرجاعها أحد مصادر تمويل مشاريع إعادة الإعمار بالبلاد.

وحتى تتمكن الدولة من الاستفادة من تلك الأرصدة لا بد من بذل جهود قانونية ورفع العقوبات الدولية المفروضة عليها، وفق مراقبين.

5- استثمارات سورية

يستثمر المواطنون السوريون في العديد من دول العالم، ولا سيما في دول الخليج العربي وتركيا ومصر ودول الاتحاد الأوروبي.

وفي هذا السياق، يشير الباحث الاقتصادي في مركز عمران للدراسات مناف كومان في حديث للجزيرة نت إلى ضرورة تشجيع المستثمرين السوريين على نقل جزء من استثماراتهم إلى البلاد، وذلك عبر منحهم حوافز وإعفاءات ضريبية محفزة للمشاركة في إعادة الإعمار.

المانحون العرب

تتعدى تكلفة تمويل عملية إعادة إعمار البلاد المقدرات التي تمتلكها سوريا، لذلك من المتوقع أن تطرح الحكومة إنشاء صندوق إعادة إعمار البنية التحتية المدمرة، وتوفير الإسكان، وإعادة تشغيل الاقتصاد.

ويستند تمويل الصندوق إلى المساعدات التي تقدمها المنظمات الدولية والبنك الدولي والأمم المتحدة والدول المانحة، كما يستند إلى استثمارات وتبرعات من جانب الأفراد أو المؤسسات غير الربحية، ويتم التبرع عادة من خلال إقامة المؤتمرات الدولية.

وفي حال تلاشي كل المعوقات السياسية والاقتصادية والأمنية فإن من المتوقع أن تلعب دول الخليج العربي دورا فاعلا في تمويل إعادة إعمار سوريا.

ويشير الباحث مناف كومان إلى أهمية الدعم العربي للاقتصاد السوري عبر عملية تشجيع التبادل التجاري معها، مما يعزز تسريع الدورة الاقتصادية وينشط الصناعة والزراعة ويوفر النقد الأجنبي.

ونستعرض هنا أبرز الدول المانحة وهي قطر والسعودية والكويت.

1- قطر

تعد قطر من أبرز الدول المانحة التي تساهم في دعم ومساعدة الدول الفقيرة والدول التي تضررت بسبب الكوارث الطبيعية أو الحروب المدمرة، وقد كان لقطر دور كبير في دعم عمليات الإعمار في غزة ولبنان والعراق.

إعلان

وفيما يتعلق بسوريا، يشير الدكتور السيد عمر إلى أنه من المتوقع أن تكون قطر في مقدمة الدول المانحة لعملية إعادة الإعمار، وذلك من خلال تقديم المنح المالية وطرح الاستثمارات وتبني إنشاء مجمعات سكنية.

ويؤكد السيد عمر على لعب قطر دورا رئيسيا في عملية الاعتراف الدولي بالحكومة الجديدة، بفضل علاقاتها الدولية مترامية الأطراف التي شكلتها عبر سياستها الخارجية النشطة والفعالة.

وتعد قطر من الدول الحليفة للدولة السورية الجديدة، فقد كانت أكبر داعم للثورة السورية اقتصاديا وسياسيا في كل المحافل الدولية، وكانت الدولة الوحيدة في العالم التي استضافت سفارة للائتلاف الوطني السوري.

وفي هذا السياق، أكد قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع خلال استقباله وزير الدولة في وزارة الخارجية القطرية محمد الخليفي بالعاصمة السورية دمشق في 23 ديسمبر/كانون الأول الماضي أن قطر لها أولوية خاصة في سوريا بسبب مواقفها المشرّفة تجاه الشعب السوري.

2- السعودية

تعد السعودية أيضا من الدول المانحة، ومن المتوقع أن تلعب في سوريا دورا مهما على الصعد السياسية والاقتصادية والأمنية.

وفعليا، نظمت الرياض مؤتمرا بتاريخ 12 يناير/كانون الثاني 2025 شاركت فيه 18 دولة، وناقش المؤتمر رفع العقوبات ودعم عملية الاستقرار وإعادة الإعمار في سوريا.

ومن المتوقع أن تساهم الرياض في عملية إعادة الإعمار عبر تقديم منح مالية وقروض وودائع مالية وطرح مشاريع استثمارية في سوريا.

وقد أكد وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان خلال زيارته دمشق في 24 يناير/كانون الثاني الحالي أن بلاده مستعدة لدعم نهوض سوريا.

3- الكويت

تصنف الكويت من أكثر الدول المانحة في العالم، وقد قدّمت لعدد كبير من الدول المساعدات المالية والإنسانية والقروض المالية.

وقدّمت الكويت مساعدات مالية للسوريين عبر برامج الأمم المتحدة بشكل دائم خلال فترة الثورة السورية.

إعلان

وتقف الكويت اليوم إلى جانب السعودية وقطر في دعم الحكومة الجديدة، ومن المتوقع أن تقدّم في إطار عملية إعادة الإعمار منح مالية وقروض طويلة الأجل.

مقالات مشابهة

  • “توافق أوروبي” على خفض العقوبات على سوريا
  • "توافق أوروبي" على خفض العقوبات المفروضة على سوريا
  • "توافق أوروبي" على خفض العقوبات المفروضة على سوريا
  • استشهاد وإصابة 5 فلسطينيين في قصف إسرائيلي قرب مخيم نور شمس بطولكرم
  • تمويل إعادة إعمار سوريا.. مقدرات وطنية ومنح عربية
  • استشهاد فتى برصاص الاحتلال شمال القدس.. وحصار مخيم جنين متواصل
  • الهجرة:عودة (148) أسرة عراقية من مخيم الهول في سوريا
  • زلزال بقوة 4.4 درجات يضرب بابوا غينيا الجديدة
  • ترامب لا ينوي حقًا إنهاء الحروب في العالم
  • فلسطين.. اندلاع مواجهات بين المقاومة وقوات الاحتلال في مخيم العروب بالخليل