الخرطوم- تاق برس- قدم الفريق أول محمد حمدان دقلو “حميدتي” قائد قوات الدعم السريع، رؤية للحل الشامل وتأسيس دولة مدنية تحقق السلام المستدام والحكم الديمقراطي المدني وبناء مؤسسات، مهنية وقومية عاكسة بحق لتنوع السودان.
ودعا إلى وقف إطلاق نار دائم وطويل الأجل مقروناً بمبادئ الحل السياسي الشامل، الذي يعالج الأسباب الجذرية لحروب السودان.


وأكد ان نظام الحكم يجب أن يكون ديمقراطياً مدنياً، يقوم على الانتخابات العادلة والحرة في كل مستويات الحكم، ويمكِّن جميع السودانيين من المشاركة الفاعلة والحقيقية في تقرير مصيرهم السياسي، ومحاكمة الذين يديرون شؤونهم البلاد على كافة المستويات سياسياً في انتخابات دورية تنظم في أنحاء البلاد كافة.

نص رؤية قوات الدعم السريع

بسم الله الرحمن الرحيم

رؤية قوات الدعم السريع للحل الشامل وتأسيس الدولة السودانية الجديدة

من أجل بناء دولة سودانية على أسس جديدة تحقق السلام
المستدام والحكم الديمقراطي المدني وبناء مؤسسات
مهنية وقومية عاكسة بحق لتنوع السودان

مقدمة

إن الحرب، التي اندلعت في الخامس عشر من أبريل الماضي، ليست سوى انعكاس لأزمة الحكم المستفحلة في السودان منذ الاستقلال. وهي بذلك أمتدادٌ لحروب السودان التي حاولت فيها فئات أو جماعات من أطراف السودان تغيير السودان إلى الأفضل سلماً، لكن قادة الدولة، الذين ظلوا باقين ومستمرين في الحكم بالقوة، واجهوهم بالعنف، ظناً منهم بأن القضايا يمكن أن تنتهي بهزيمة المتمسكين بها، الذين يخالفون النخب السياسية والعسكرية الرأي.

وجراء ذلك، عانى السودان طوال فترات الحكم الوطني الحديث من مشكلات عدم الاستقرار السياسي، والحروب الأهلية، وضعف الاقتصاد وغياب التنمية المتوازنة، والخلل البائن في مؤسسات الدولة، التي يتوجب أن تكون قومية ومهنية. ولم يكن هنالك من قطاع قد تجلى فيه ذلك الخلل كالقطاع الأمني والعسكري، أو مجال بان فيه كتصورات النخب حول هوية الشعوب السودانية مجتمعة، الأمر الذي أضر كثيراً بالتزام الدولة عملياً بمبدأ المواطنة المتساوية، الذي هو أعظم ما أنتجه الفكر السياسي الحديث باعتباره العمود الأساسي للدولة الحديثة.

إن الحرب، التي تدور الآن رحاها في الخرطوم، إنما هي دورةٌ من دورات الصراع المسلح، الذي ظل يشتعل باستمرار لما يقارب السبعة عقود من عمر السودان. وكما هو الحال في الحروب السودانية السابقة، لم تكن الحرب خياراً مفضلاً للمطالبين بالتغيير أو الحرية، ولن تكون هي الحلُ الأمثل لمعالجة قضايا البناء والتأسيس الوطني. لكن قوات الدعم السريع وجدت نفسها مرغمة لخوض حرب فرضت عليها، حربُ بين الباحثين عن دولة المواطنة المتساوية والتعددية الديمقراطية وبناء سودان علي أسس جديدة، من ناحية، والساعيين للعودة إلى الحكم الشمولي الدكتاتوري، من ناحية أخرى.
فالحل للأزمة الراهنة ينبغي أن يكون بالرجوع إلى ما كانت تتمسك به قوات الدعم السريع دوماً وهو الحل السلمي. ولذلك لم تتردد قيادة الدعم السريع في الاستجابة لجهود الأصدقاء الإقليميين والدوليين الهادفة إلى مساعدة الأطراف السودانية للوصول إلى حل سياسي شامل، ناتج عن مناقشة الأسباب الجذرية لحروب السودان بأكبر وأوسع مشاركة ممكنة من أصحاب المصلحة المدنيين، بُغية المساهمة في معالجتها وبناء سودان جديد قائم على الديمقراطية والأعتراف بالتنوع والتسامح والسلام الحقيقي، الذي لا يمكن تحقيقه أو استدامته إلا بالعدالة الاجتماعية.

من أجل الوصول إلى ذلك، تري قوات الدعم السريع بأن ثمة مبادئ عامة يجب الالتزام بها في أية تسوية مستقبلية، وقضايا محددة ينبغي التطرق إليها. علاوة على ذلك، ينبغي تحديد الأطراف التي سوف تشارك في العملية المفضية إلى تلك التسوية، حتى لا يتم إغراقها بالعناصر المعادية للتغيير والتحول الديمقراطي في السودان، إذ إننا يجب ألا ننسى بأن هنالك ثورة اندلعت ضد النظام القديم، هو الذي أشعل هذه الحرب للحيلولة دون وصول الثورة إلى مراميها وعودته إلى السلطة، مرة أخرى.

مبادئ عامة

1. إن الحرب التي تدور في السودان هي انعكاس لـ أو مظهر من مظاهر الأزمة السودانية المتطاولة. وذلك يستوجب أن يكون البحث عن اتفاق لوقف إطلاق نار طويل الأمد مقروناً بمبادئ الحل السياسي الشامل، الذي يعالج الأسباب الجذرية لحروب السودان. إن حرب الخامس عشر من أبريل يجب أن تكون الحرب التي تنهي كل الحروب في السودان. وهذا يقتضي مخاطبة جذور الأزمة في السودان ومعالجتها على نحوٍ يرفع المظالم التاريخية ويرد الحقوق ويحقق الانتقال السلمي الديمقراطي، ويحقق السلام المستدام ويقر ويطبق العدالة الانتقالية.
2. نظام الحكم يجب أن يكون ديمقراطياً مدنياً، يقوم على الانتخابات العادلة والحرة في كل مستويات الحكم، ويمكِّن جميع السودانيين من المشاركة الفاعلة والحقيقية في تقرير مصيرهم السياسي، ومحاكمة الذين يديرون شؤونهم البلاد على كافة المستويات سياسياً في انتخابات دورية تنظم في أنحاء البلاد كافة. ولأن جوهر الديمقراطية هو التمثيل والمشاركة السياسية، فمن الضروري أن تعكس الحكومة المدنية في تشكيلها بحق وعدالة كل أقاليم السودان، وذلك عبر آليات أو أسس يتم الاتفاق عليها بين جميع الأقاليم.
3. إن المواطنين في أطراف السودان يملكون سلطات أصيلة لإدارة شؤونهم الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية، وينبغي أن يتفقوا عبر ممثلي إقاليمهم على السلطات التي تمارسها للقيام بما تعجز عن القيام به أقاليم السودان منفردة. وتتعزز تلك السلطات الأصيلة لدى المجتمعات المحلية، التي تتقاسم معها الحكومة القومية بالعدل السلطات والموارد. وبسبب التعدد والتنوع الباهر في السودان، فإن النظام الفدرالي غير التماثلي (أو غير المتجانس)، الذي تتفاوت فيه طبيعة ونوع السلطات التي تتمتع بها الوحدات المكونة للاتحاد الفدرالي، هو الأنسب لحكم السودان.
4. إن تصفية النزعات الاحتكارية غير المشروعة للسلطة والنفوذ سواء أكانت أيدلوجية راديكالية، أو حزبية، أو أسرية أو عشائرية، أو جهوية ضيقة أمرٌ لا مناص منه لرد السلطة إلى الجماهير. فالسودان يجب أن يتأسس كجمهورية حقيقية، السلطة والنفوذ فيها لكل السودانيين، لا يتمايزون في ذلك إلا بما تسفر عنه الانتخابات العادلة والحرة في ظل نظام ديمقراطي فدرالي حقيقي، قائمٌ على تقاسم السلطات وتشاركها.
5. الاعتراف بأن المدخل الصحيح لتحقيق السلام المستدام في السودان هو إنهاء وإيقاف العنف البنيوي، الذي تمارسه الدولة ضد قطاعات واسعة من السودانيين، لا سيما في أطراف السودان. وهذا يعني، من بين أشياء أخرى، أن السلام لا يعني إسكات أصوات البنادق أو إيقاف الاعتداءات المستمرة من موسسات الدولة القهرية وغير القهرية على المواطنين وأراضيهم أو ممتلكاتهم، وإنما كذلك إنهاء التفاوتات البائنة للجميع في المشاركة السياسية وتوزيع الثروة والفرص المتاحة للمجتمعات والمجموعات والأفراد للنهوض والتقدم لأقصى مدى ممكن في مجتمع تتوفر فيه العدالة الاجتماعية.
6. العمل علي إشراك أكبر وأوسع قاعدة سياسية واجتماعية ممكنة من الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني واصحاب المصلحة والمرأة من كافة مناطق السودان.، وذلك دون إغراق المفاوضات السياسية بعناصر النظام القديم والقوى المعادية للديمقراطية، لإن مشاركتهم سوف تؤدي إلى تمييع القضايا وتقويضها في خاتمة المطاف.
7. التأكيد على أن قضايا الحل السياسي لا تنفصل عن قضايا السلام المستدام، الأمر الذي يستلزم إيلاء مسألة إشراك جميع حركات الكفاح المسلح وأصحاب المصلحة من مناطق النزاع والحروب لاسيما النازحين واللاجئين والرحل والمراة والشباب، أهمية خاصة.
8. الإقرار بضرورة تأسيس وبناء جيش سوداني جديد من الجيوش المتعددة الحالية، وذلك بغرض بناء مؤسسة عسكرية قومية مهنية واحدة تنأى عن السياسة، وتعكس تنوع السودان في قيادتها وقاعدتها وفقاً للثقل السكاني، وتقوم بمهام حماية الدستور والنظام الديمقراطي، وتحترم المبدأ الثابت في المجتمع الديمقراطي القاضي بخضوع المؤسسة العسكرية للسيطرة والإشراف المدنيين. وفي هذا الصدد، ينبغي الإفادة من التجارب الإقليمية والدولية التي تم فيها بناء جيوش جديدة بهذه المواصفات والمعايير والأسس.
9. إن إقامة مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية على الأسس العالمية المعتمدة لقومية ومهنية المؤسسات البيروقراطية والأجهزة العسكرية والأمنية للدولة هو أمرٌ ضروري لتصفية الوجود الحزبي أو السياسي داخلها، ولفعالية هذه المؤسسات والأجهزة وقدرتها على خدمة المواطنين، وتجنيب البلاد الصراعات والحروب، التي ظلت السمة المائزة للسودان منذ الاستقلال.
10.الإقرار بضرورة احترام وتطبيق مبدأ محاربة خطاب الكراهية والاتفاق علي حزمة إصلاحات قانونية وتبنِّي سياسات تعزز التعايش السلمي وقبول واحترام الآخر.

قضايا التفاوض

تشمل قضايا التفاوض، من وجهة نظرنا، لكنها لا تنحصر في بناء جيش جديد قومي مهني واحد؛ الفترة الانتقالية والحكم المدني الانتقالي؛ السلام الشامل والعادل المستدام؛ النظام الفدرالي وهياكله ومستوياته وسلطاته وقسمة الموارد؛ العدالة الانتقالية؛ إجراءات وتدابير التحول الديمقراطي مثل الانتخابات وقضية التعداد السكاني؛ قومية ومهنية الخدمة المدنية والمؤسسات العامة؛ قضية الفصل بين الدولة والانتماءات الهوياتية الضيقة، سواء أكانت دينية، أو ثقافية، أو عرقية؛ قضية اللغات السودانية؛ وعملية صناعة الدستور.

الأطراف المشاركة

إن الحقيقة الكبرى في السودان منذ ديسمبر 2018 هي الثورة الظافرة، التي أزالت نظام البشير وعناصر النظام القديم من السلطة، وفتحت الباب واسعاً لبناء دولة جديدة ديمقراطية في السودان. هذه الثورة انفجرت في الأساس ضد المجموعة الأيدولوجية، التي كانت تهيمن على الدولة والأحزاب والشخصيات السياسية، التي كانت متحالفة معها. هذه الثورة قادتها قياداتُ ومنظمات سياسية ومدنية ومهنية ومسلحة معروفة بالتزامها الذي لا يتزحزح بقضية التغيير والتحول الديمقراطي. لذلك فإن المشاركة يجب أن تشمل في الأساس القوى التي تصدت لجبروت قادة نظام البشير الأيديولوجي وأسقطته، سواءً كانت هذه القوى في المركز أو الأطراف، وعلى رأسها المهنيين ولجان المقاومة والشباب والنساء. وفي هذا الخصوص، يجب أن يكون هنالك تمثيلاً عادلاً لأطراف السودان، لا سيما المناطق المهمشة، التي عانت كثيراً وطويلاً من ويلات الحروب. هذه المشاركة يجب ألا تشمل المؤتمر الوطني وعناصر النظام القديم، الذين ظلوا يعملون من أجل إعاقة التحول الديمقراطي، بما في ذلك عن طريق الحرب. هذه المشاركة يجب كذلك ألا تشمل المجموعات والشخصيات التي ظلت تعمل سراً أو علناً ضد التغيير والديمقراطية خلال السنوات التي أعقبت سقوط نظام البشير.

المصدر: تاق برس

كلمات دلالية: قوات الدعم السریع فی السودان أن یکون یجب أن

إقرأ أيضاً:

“السنوار 2”.. من هو الأسير الذي يخشى الاحتلال إطلاق سراحه؟

#سواليف

تبدي أوساط في #حكومة #الاحتلال تخوفها من إطلاق سراح عدد من #قادة #الأسرى #الفلسطينيين، في إطار #صفقة مرتقبة لتبادل الأسرى، خشية أن يتحول أحدهم إلى ” #سنوار_جديد “.

وفي الوقت الذي تتصدر فيه #صفقة_تبادل #المحتجزين الإسرائيليين مقابل أسرى فلسطينيين، النقاش العام في “إسرائيل”، فقد طرح مسؤول إسرائيلي اسما من بين الأسرى الأمنيين الذين يقضون أحكامًا طويلة في السجن، وحذر من أنه يمكن أن يتحول إلى قائد جديد، كبديل لرئيس حركة #حماس في غزة، يحيي السنوار.

ونقلت صحيفة “معاريف” عن اللواء دوفيدو هراري، رئيس قسم جمع المعلومات في وحدة الاستخبارات بمصلحة السجون، قوله، إن “بين الشخصيات البارزة من حركة حماس، #الأسير_إبراهيم_حامد، رئيس الجناح العسكري لحماس في الضفة الغربية في الانتفاضة الثانية، والمُدان بعشرات أحكام بالسجن المؤبد”.
ويشير هراري إلى الأسير “عباس السيد من طولكرم، الذي قاد الهجوم على فندق بارك في نتانيا، والأسير حسن سلامة من غزة، المسؤول عن الهجمات الكبرى في القدس في التسعينيات، إضافة إلى محمد عرمان، الذي كان وراء الهجوم في مقهى مومنت في القدس”.

مقالات ذات صلة إخلاء جنود إسرائيليين أصيبوا في غزة  2024/12/22

ومن جانب حركة فتح، يبقى مروان البرغوثي الشخصية الرمزية الأكثر أهمية في الشارع الفلسطيني، وإلى جانبه يُذكر ناصر عوف من نابلس، الذي كان شخصية قيادية في فترة الانتفاضة الثانية، وفق الجنرال الإسرائيلي.

ووفقًا لبيانات مصلحة السجون، فإنه يوجد حاليًا نحو 10 آلاف أسير “أمني” فلسطيني، 40% منهم ينتمون إلى حركة فتح، و40% آخرين إلى حركة حماس، وحوالي 10% إلى حركة الجهاد الإسلامي، والبقية ينتمون إلى الجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية.

ولفت هراري إلى التغيير داخل السجون والتشديد الكبير على الأسرى قائلا: “منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر حدث تغيير دراماتيكي، فلقد فصلنا بين الأسرى، وقطعنا كل قدرتهم على إدارة أي نوع من بناء القوة في السجون، وكل قدرة نقل الرسائل، والهواتف، والزيارات، وكل قدرة لتوجيه أسرى آخرين، وإدارة عمليات القيادة والانتخابات داخل السجن”.

مقالات مشابهة

  • التأمين الصحي الشامل.. رؤية مصرية لتحقيق العدالة الصحية بحلول 2030
  • الموسوي من حورتعلا: ثبات المقاومة مع الجيش والشعب هو الذي يقدم الحماية
  • “السنوار 2”.. من هو الأسير الذي يخشى الاحتلال إطلاق سراحه؟
  • وفد التفاوض الإسرائيلي في الدوحة لإيجاد مخرج لصفقة غزة
  • في اشارة إلى الحزب الديمقراطي.. الجعيدي: “المتأسلمون” أشد ضرراً من العلمانيين في المشهد السياسي
  • هل صارت الخدمات من أدوات الصراع السياسي في السودان؟
  • اليوم نرفع راية استقلالنا (1)
  • الجيل الديمقراطي : أعداء الوطن يتربصون بمقدرات الدولة
  • السفير الزين إبراهيم يقدم أوراق اعتماده مندوبا دائماً للسودان لدى الإتحاد الإفريقي
  • بايدن يقدم تقريرا للكونغرس بشأن تأكيدات الإمارات بأنها لا ترسل أسلحة للسودان