تم ضبط أكثر من مليار حبة من مخدرات الكبتاجون، التي تعتمد على الأمفيتامين، في الدول العربية الآسيوية بين عامي 2019 و2022، وهو ما يكفي لتغطية 6 ملاعب كرة قدم.

يتناول كرم شعار بمقاله في "أتلانتك كاونسل"، الذي ترجمه "الخليج الجديد"، التأثيرات الأمنية والصحية والجيوسياسية لانتشار الكبتاجون، الذي دفع العديد من البلدان حول العالم إلى التحرك.

وتعمل البلدان المستهلكة وبلدان العبور في المنطقة على تعزيز قدرتها على الحظر والتلاعب بفكرة تطبيع العلاقات مع نظام بشار الأسد في سوريا، الذي يسيطر على المناطق التي ينبع منها معظم الكبتاجون.

ويضيف المقال أن إدارة جو بايدن أعلنت عن استراتيجية مشتركة بين الوكالات لمكافحة الكبتاجون وفرض عقوبات مشتركة مع المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي على الجهات الفاعلة السورية واللبنانية المشاركة في هذه الصناعة، بالإضافة إلى إدراج الكبتاجون في التحالف العالمي الذي تقوده الولايات المتحدة للتصدي للمخدرات الاصطناعية.

ومع ذلك، يرى المقال أن التأثير الإجمالي لهذه التدابير على توافر الكبتاجون سيكون محدودا.

الحلول الجزئية غير مجدية

كانت أغلب التصريحات حول مكافحة تدفق المخدرات تأتي من الدول الغربية التي تعارض نظام الأسد بشدة. وهذا أمر مفهوم؛ لأن النظام يرعى هذه الصناعة ويستفيد منها. وأكثر من 70% من مضبوطات المخدرات التي تم تحديدها جاءت من المناطق الخاضعة لسيطرته.

لكن لم يتم اتخاذ إجراءات تذكر باستثناء فرض عقوبات على الأفراد والكيانات المعروفة بإنتاج وتهريب المخدرات.

ووفقا للمقال، تشير مثل هذه العقوبات إلى موقف الغرب المبدئي بشأن هذه القضية وتسلط الضوء على الحاجة إلى المساءلة، ومع ذلك، فإن العقوبات ليس لها سوى تأثير هامشي على أرض الواقع؛ ومن غير المرجح أن يغير زعماء العصابات الإجراميون سلوكهم بالمعاقبة وحدها. ولا يرجح المقال أيضاً أن يكون للاستراتيجية الأمريكية المشتركة بين الوكالات تأثير ملموس.

ويبدو أن الدول المستهلكة الرئيسية في الخليج –السعودية والإمارات– تظهر عدم اهتمامها بالعمل مع الولايات المتحدة أو أي دولة غربية أخرى بشأن هذه القضية. وعلى هذا فإن الاستراتيجية المشتركة بين الوكالات تعطي حكومة واشنطن الأدوات اللازمة للتدخل، ولكنها لا تملك أي قوة في الدول المنتجة أو المستهلكة.

اقرأ أيضاً

ليس الكبتاجون فقط.. دوافع العرب للتطبيع مع النظام السوري

وعلى النقيض من استراتيجية الولايات المتحدة لمكافحة المخدرات، التي تركز على "تعطيل شبكات الكبتاجون غير المشروعة المرتبطة بنظام الأسد وإضعافها وتفكيكها"، فإن البلدان المستهلكة وبلدان العبور في المنطقة ترغب في اتخاذ موقف أقل مواجهة في التعامل مع النظام.

ويعتقدون أن بإمكانهم جذب الأسد إلى تعطيل الصناعة باستخدام الحزم المالية والاعتراف الدبلوماسي بعد سنوات من معاملتهم لبلاده كدولة منبوذة. ويرى الكاتب أن هذا أيضا لن يحل المشكلة - حتى لو وافق الأسد على الحظر في مناطق سيطرته.

ويشير المقال إلى أن الجهات الفاعلة الإقليمية الأخرى، بما في ذلك حزب الله وقوات الحشد الشعبي العراقية، تعرف كيفية إنتاج الكبتاجون وقد قامت بتزويد النظام به، وإن كان بكميات أقل. كما كانت هناك أيضًا إمدادات ضئيلة من المخدرات قادمة من المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في شمال غرب سوريا، وللمرة الأولى، من العراق.

ومع ثبات الطلب في الأسواق الاستهلاكية في الخليج، فإن ضغط العرض خارج المناطق التي يسيطر عليها النظام في سوريا لن يؤدي إلا إلى دفعه إلى مناطق سورية أخرى أو إلى دول مجاورة، وأبرزها لبنان والعراق.

وتُعرف هذه الظاهرة الراسخة المتمثلة في الحد من إمدادات المخدرات في بلد ما ثم ظهور الموردين في بلد آخر؛ باسم "تأثير البالون".

ويعتقد الكاتب أنه مع انتشار مرافق إنتاج الكبتاجون المؤقتة على الحدود بين سوريا ولبنان، يستطيع المنتجون نقل مجموعة أدوات الإنتاج الخاصة بهم عبر الحدود غير الموجودة فعليًا بين عشية وضحاها.

وعلى المنوال نفسه، يمكن أن ينتقل الإنتاج المزدهر في شرق سوريا إلى العراق، حيث تشارك قوات الحشد الشعبي وغيرها من الجهات الفاعلة المدعومة من إيران بشكل كبير في هذا القطاع وتسيطر على أجزاء كبيرة من الحدود بين البلدين. ويعتقد الكاتب أنه بالنسبة لهذه الأزمة المتعددة الجوانب، سيكون للحلول الجزئية تأثيرات جزئية.

اقرأ أيضاً

وقف الكبتاجون مقابل المال.. الصفقة التي مهدت طريق الأسد للقمة العربية

الحلول القصيرة الأمد لن تنجح أيضاً

يعتقد الكاتب أيضا أن التركيز على العقوبات الآن لقمع الطلب على المخدرات لن يجدي نفعاً، لا في الشرق الأوسط ولا في أي مكان آخر؛ حيث يظل تعاطي المخدرات جريمة جنائية. ففي المملكة العربية السعودية، على سبيل المثال، يؤدي الإبلاغ عن مدمن مراهق إلى السلطات إلى دخوله السجن لمدة تصل لـ3 أشهر.

ولهذا فإن عقوبة السجن لا تضر برفاهية المراهق ولا تميل إلى زيادة احتمال ارتكاب جرائم في المستقبل فحسب، بل إنها تعيق أيضاً تبادل المعلومات والبلاغات لأن المخاطر كبيرة للغاية.

ومع محدودية مصادر الإيرادات البديلة لكثير من الناس في بلاد الشام وبعض الفوضى في المنطقة، فإن تقييد إمدادات المخدرات على المدى القريب هو أمر أقرب إلى المستحيل.

كما أن تصعيد الرد الأمني على الموزعين في الأسواق الاستهلاكية أو تبني سياسة إطلاق النار بقصد القتل على الحدود السورية الأردنية قد يزيد من المخاطر التي يواجهها المتاجرون. ومع ذلك، سيكون له تأثير ضئيل على الشباب الذين يتطلعون إلى الحصول على الحبوب التي يبحثون عنها.

في نهاية المطاف، إذا لم تكن هناك حبوب للاستهلاك، فلا بد أن يتوقف الطلب، لكن في الممارسة العملية، نادراً ما تسير الأمور على هذا النحو. وطالما أن الطلب يزدهر، فإن العرض سوف يجد وسيلة (إذا تم وقف الكبتاجون بطريقة أو بأخرى، سيكون هناك عقار آخر ينتظر في الهوامش).

اقرأ أيضاً

بينها الكبتاجون.. 4 قضايا ثنائية تناولها الاجتماع العربي مع سوريا

ويرى الكاتب أنه من أجل التوصل إلى حل مستدام للأزمة، يتعين على الأسواق الاستهلاكية أن تركز المزيد من طاقتها على خفض الطلب من خلال التعليم، ورفع الوعي، ومعالجة الدوافع الاجتماعية والاقتصادية الأساسية للاستهلاك، وهذه هي المساعي طويلة الأجل.

ويرى أن الحلول يجب أن تكون ذكية، وحتى الحلول الشاملة وطويلة الأمد قد لا تكون كافية إذا لم تكن ذكية. وينتظر معظم المراقبين في المنطقة بفارغ الصبر رؤية الخطوة التالية للأسد؛ فهل يقبل عروض إعادة التأهيل السياسي والدعم الاقتصادي المحدودة مقابل وقف تدفق المخدرات؟، أم أنه سيستمر في رعاية الصناعة والتخلي عن تحسين العلاقات مع دول الخليج؟.

وفقا للمقال، يشير تاريخ الأسد إلى أنه سيهدف إلى تحقيق الأمرين معًا: إعطاء الانطباع بمحاولة قمع الصناعة للحصول على فوائد من دول الخليج مع الاستمرار في رعاية التجارة.

وبالنظر إلى تاريخه، فإن الافتراض بأن الأسد سوف يتخذ إجراءات صارمة ضد الصناعة مقابل الدعم الاقتصادي المشروط والاعتراف السياسي هو افتراض مضلل.

وفي أعقاب غزو العراق عام 2003، ساعد الأسد في تحويل الوضع إلى مستنقع للولايات المتحدة وحلفائها، كل ذلك في حين ادعى أن عبور المقاتلين الأجانب لجارته كان ببساطة بسبب الحدود التي يصعب اختراقها. حتى أنه قارن ذلك بالصعوبة التي تواجهها أمريكا في محاولتها السيطرة على تدفق المهاجرين من المكسيك.

يعتقد المقال أنه لا توجد سياسة مقاومة مضمونة، ولكن بعضها أكثر ذكاءً من غيرها. إذا كان مقياس النجاح هو تقليل عدد المدمنين في الشوارع، فإن اعتقال أي شخص يبدو وكأنه مدمن قد يبدو سياسة مناسبة؛ وتُستخدم مثل هذه الإجراءات حاليًا في الفلبين والسلفادور. ومع ذلك، فإن السياسات غير العادلة والمتطرفة تؤدي في نهاية المطاف إلى ضرر أكثر من نفعها.

ولكن لنفترض أن مقياس النجاح يتلخص في القضاء على الطلب على المخدرات، بحيث يصبح توفيرها من سوريا أو أي مكان آخر غير مربح؟، وفي هذه الحالة، ينبغي للسياسات أن تتطلع إلى الأمام وبشكل أعمق في أسباب الطلب بالمقام الأول. ولهذا يختم الكاتب المقال بقوله: "أصلحوا الأسباب، والباقي سيكون تحصيل حاصل".

اقرأ أيضاً

بريطانيا: 57 مليار دولار سنويا أرباح النظام السوري من الكبتاجون

المصدر | كرم شعار/ أتلانتك كاونسل - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: الشرق الأوسط الكبتاجون سوريا الخليج التطبيع مع الأسد نظام الأسد

إقرأ أيضاً:

WSJ: الأقليات الدينية تتأرجح بين الأمل والخوف في سوريا الجديدة

توجه العراقي علي رشيد، إلى مقام السيدة زينب في سوريا، وهو مكان مقدس لدى الشيعة، من أجل  وضع راية دينية حمراء فوق الضريح المذهب، وهو الذي كان في وقت من الأوقات بمثابة مركز العصب للقوة الإيرانية في سوريا.

ونقل تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال" عن رشيد قوله إن "عائلته أصيبت بالفزع عندما أخبرهم أنه يخطط لزيارة الضريح بعد أن أطاحت المعارضة السنية رئيس النظام السوري المخلوع بشار الأسد في كانون الأول/ ديسمبر الماضي.

ومع ذلك، بعد هبوطه في دمشق في كانون الثاني/ يناير الماضي، يكشف رشيد وزملاؤه العراقيون إنهم لم يجدوا سوى ترحيبا حارا من القيادة السورية الجديدة، التي تضم "رجالاً متورطين في بعض أعنف أعمال العنف الطائفي في سوريا والعراق قبل عقد من الزمان"، على حد وصف الصحيفة.

وقال رشيد وهو "يلمس قبر حفيدة النبي محمد وابنة الصحابي علي الكبرى، الذي يعتبره الشيعة أول إمام: كنا خائفين ومترددين في البداية، لكننا كسرنا الخوف، وعندما وصلنا إلى المزار، أدركنا مدى حسن ضيافة ولطف الناس هنا، ولم يوقفنا أحد، ولم يوجه إلينا أحد أسئلة، بل على العكس من ذلك، حظينا باحترام كبير". 

وأكدت الصحيفة أن "المعارضة السابقة التي تقود حاليا الحكومة الجديدة تعهدت باحترام الأقليات الدينية والعرقية في سوريا، وهم يتعرضون لضغوط دولية شديدة للوفاء بوعودهم، بما في ذلك من الولايات المتحدة والدول الأوروبية، التي لا تزال تفرض عقوبات على سوريا كدولة وتحافظ على تدابير منفصلة ضد الجماعات الإسلامية التي تهيمن على الحكومة الجديدة، بينما تدرك السلطات السورية الجديدة أن اتساع الانقسامات الدينية والعرقية قد يدفع البلاد إلى حرب أهلية مرة أخرى".

وقال "أبو مريم"، أحد القادة في الحكومة الجديدة الذي يشرف على الأمن في المقام، إن نحو مائة من المصلين حضروا للصلاة في السيدة زينب في الأسابيع الأولى بعد انهيار نظام الأسد في الثامن من كانون الأول/ ديسمبر مع فرار الكوادر الإيرانية والميليشيات الشيعية من لبنان والعراق وأفغانستان.

ولكن بحلول أواخر كانون الثاني/ يناير تجمع نحو 9000 مؤمن للصلاة يوم الجمعة، مع ارتفاع العدد كل أسبوع، وقال أبو مريم: "لقد عملنا بجد على إرسال التطمينات. وبالتدريج، أصبح الناس أكثر ثقة".


وأضافت الصحيفة أنه "في المناطق ذات الأغلبية المسيحية في دمشق القديمة، تستمر الحياة أيضًا في حالة طبيعية نسبيا، وتكتظ الكنائس أثناء القداس وتزدحم الحانات في المساء، وتقدم البيرة المحلية والويسكي المستورد، لكن هذا لا يعني أن القلق قد اختفى".

ونقلت عن "الشماس عطا الله وهو يبدأ قداس الأحد في الكنيسة الكاثوليكية في حي باب توما بدمشق قوله: الأمور هادئة الآن، لكن لا أحد يعرف ماذا سيحدث غدًا"، بينما قال كاهن كبير آخر في كنيسة قريبة: "ربما يكون هذا الهدوء في عين العاصفة".

وأشار البطريرك مار إغناطيوس أفرام الثاني، رئيس الكنيسة السريانية الأرثوذكسية العالمية، إلى أن "بعض المجموعات التي تشكل التحالف المتمرد الذي استولى على الحكومة السورية كان لها تاريخ دموي من العنف ضد المسيحيين وغيرهم من الأقليات في السنوات الأولى من الحرب الأهلية الطويلة".

 ومع ذلك، قال، عندما أبلغ القادة المسيحيون عن مشاكل - مثل ظهور بعض الدعاة الإسلاميين الذين حاولوا تحويل المسيحيين في مدينة دمشق القديمة - سارعت الإدارة الجديدة إلى اتخاذ إجراءات لاستعادة الهدوء.

وقال البطريرك: "يبدو أن هناك تغييرًا في القلب والعقل، ونحن سعداء بذلك، ونأمل أن يكون هذا تغييرًا حقيقيًا وأن يستمر، لأنه الآن بعد أن أصبحوا في القيادة، وانتقلوا من كونهم مجموعة مقاتلة إلى حكومة بلد كبير، سيتعين عليهم أيضًا تغيير رؤيتهم".

وأضاف "لكننا بحاجة إلى أكثر من الوعود الشفهية، لا يزال هناك خوف الآن، لأننا يجب أن نرى الدستور الجديد الذي يضمن حقوق جميع السوريين".

وتولى أحمد الشرع زعيم القيادة الجديدة منصب سوريا بشكل رسمي، وعلق العمل بالدستور الذي يعود إلى عهد الأسد، قائلاً إن دستورًا جديدًا يمكن صياغته في غضون ثلاثة أشهر.

واعتبرت الصحيفة أن "الشرع، المعروف في شبابه باسم أبو محمد الجولاني، كان قائدًا كبيرًا في تنظيم الدولة الإسلامية - الذي اعتاد تنفيذ عمليات إعدام جماعية للشيعة - ثم تنظيم القاعدة قبل الانفصال عن كلتا المجموعتين المتطرفتين وتبني نهج أكثر اعتدالًا في عام 2016".

وقالت "تظل مجموعته (الشرع)، هيئة تحرير الشام، منظمة إرهابية مصنفة من قبل الولايات المتحدة، ولسنوات أدارت حكومة إسلامية محافظة في محافظة إدلب الشمالية، لكن الشرع لم يتخذ أي خطوات لفرض قواعد إسلامية متشددة على الأقليات الدينية أو السوريين العلمانيين في دمشق أو المناطق الأخرى التي تم الاستيلاء عليها من نظام الأسد في نهاية العام الماضي".

وقال أحمد سلقيني، وهو رجل أعمال وسياسي سوري عمل دبلوماسيا في واشنطن وانفصل عن الأسد بمجرد اندلاع الثورة ضد نظامه في عام 2011: "أعتقد حقا أن القيادة العليا تدرك النسيج الاجتماعي في سوريا، وتريد حمايته.. إنهم لا يفعلون ذلك لإرضاء المجتمع الدولي، إنهم يعتقدون حقاً أن هذه هي الطريقة الوحيدة التي لا تنهار بها سوريا أو تتفكك".


وأكدت الصحيفة أن "القضايا الطائفية والعرقية كانت تشكل محورا رئيسيا للسياسة في سوريا والعراق منذ تولى حزب البعث القومي العربي ــ أيديولوجيته التي صاغها المفكر المسيحي السوري ميشيل عفلق ــ السلطة في كل من البلدين في الستينيات، زوفي العراق، انتهى الأمر بنظام صدام حسين البعثي إلى تفضيل الأقلية العربية السنية على حساب الشيعة والأكراد، وفي سوريا، حيث يشكل العرب السنة الأغلبية، اعتمد نظام البعث بشكل غير متناسب على الطائفة العلوية التي ينتمي إليها الأسد".

وأضافت لا تزال المناطق العلوية في سوريا مضطربة، وقد وقعت سلسلة من عمليات القتل في القرى العلوية، يقول الأب فايز محفوض، وهو قس كاثوليكي ماروني في مدينة طرطوس الساحلية، في قلب المنطقة العلوية: الوضع هناك مروع. لا يوجد أمن، وهناك ثأر - ضد العلويين، وضد كل من خدم في الجيش السابق".

وذكرت الصحيفة أنه "ليس من الواضح من الذي يقوم بعمليات القتل، قال المسؤولون في دمشق إنهم يحققون في بعض الحوادث ولا يتسامحون مع عمليات الإعدام خارج نطاق القضاء، كما شنت قوات الأمن التابعة للحكومة الجديدة غارات على القرى العلوية، بعضها انتهى بإطلاق نار مميت، ويقولون إنها تهدف إلى قمع محاولات التمرد من قبل أفراد النظام السابق الموالين للأسد".

في خطاب تنصيبه، قال الشرع إن الأولوية الرئيسية لإدارته المؤقتة هي "الحفاظ على السلم الأهلي من خلال السعي إلى تحقيق العدالة الانتقالية ومنع أعمال الانتقام".

ويقول دبلوماسيون غربيون هنا إن "أغلب أعمال العنف تبدو وكأنها نتيجة لأفعال فردية في عملية الانتقال الفوضوية من حكم الأسد، وإن الشرع يعني ما يقوله عندما يقول إنه يدافع عن سوريا الشاملة، ومن المؤكد أن هناك أيضا متشددين إسلاميين عنيفين داخل سوريا ــ بما في ذلك أولئك الموالون لتنظيم الدولة الإسلامية ــ يعارضون نهج الشرع".

 وقالت السلطات الجديدة إنها اعتقلت بالفعل خلية تابعة لتنظيم الدولة الإسلامية بالقرب من دمشق كانت تخطط لشن هجوم على مزار السيدة زينب.

وأكد خالد قرنفل، وهو قائد شاركت وحدته في الهجوم الذي استولى على ثاني أكبر مدينة في سوريا حلب والذي فقد شقيقه في تلك العملية: "إن التحدي الأكبر بالنسبة لنا هو منع اندلاع الصراع الطائفي، هذا الخوف من حرب أهلية جديدة يرجع إلى إرث النظام السابق، الذي غذى الانقسامات من خلال تمكين بعض الطوائف على حساب أخرى".

وقال قرنفل إنه بمجرد دخول رجاله إلى الأحياء المسيحية والشيعية والدرزية والعلوية في حلب، فقد ضمنوا أن حرية العبادة للسكان ظلت دون مساس، مضيفا "نحن جميعا وطن واحد. لسنا هنا لقمع معتقداتهم".

وذكرت الصحيفة أن مثل هذه اللغة بعيدة كل البعد عن الطريقة التي صور بها نظام الأسد وداعموه في طهران وموسكو المتمردين بقيادة الشرع.

ونقلت عن حسن حسين حسن، صاحب متجر يبيع لافتات دينية شيعية وغيرها من المستلزمات في السوق المجاور لمقام السيدة زينب، قوله: "قبل الانهيار، كنا خائفين من أن يقوموا بذبح الشيعة بمجرد دخولهم إلى هنا.. لقد فر نصف الأشخاص الذين أعرفهم ـ أصدقائي وأقاربي ـ إلى لبنان، وما زالوا هناك، خائفين من العودة".

وأكد الصحيفة أنه "لم يحدث شيء لحسن أو لمحله، ويصر على أن رجال النظام الجديد أكثر احتراما من مقاتلي حزب الله الذين خيموا ذات يوم في الحي وسيطروا على المنطقة التي تضم المقام".


وأشار إلى أن "مدخل المسجد لا يزال يحمل شعار الميليشيا اللبنانية المنقوش، ولا تزال مقبرة مقاتلي حزب الله وغيرهم من أعضاء الميليشيات الشيعية المجاورة للمقام كما هي، ولا تزال اللافتات التي تحمل أسماء شهداء الجماعة معلقة عند مدخل المقبرة وفي الساحة".

وكانت هناك حالة من الاضطراب في محيط الضريح في الساعات الأولى من يوم 8 كانون الأول/ ديسمبر، بعد فرار الأسد وقبل أن تسيطر وحدات هيئة تحرير الشام على المدينة، وكانت ساحة انتظار السيارات مليئة بالسيارات المتفحمة وبقايا محترقة من حصص الطعام التي كانت تقدمها الميليشيات الشيعية العراقية. 

وكان مقاتلو هيئة تحرير الشام الذين يتولون حاليا مسؤولية المنطقة يبذلون قصارى جهدهم لشرح للصحفيين أنه ليس لهم أي علاقة بإحراق هذه المركبات.

وقال ديب كريّم، مدير مقام السيدة زينب الذي شغل نفس المنصب في ظل نظام الأسد، إنه في اليوم التالي لسقوط دمشق، اتفق مع السلطات الجديدة على تشكيل قوة مشتركة لحماية المجمع مع حراس شيعة يقومون بعمليات تفتيش عند أجهزة الكشف عن المعادن على طول المحيط.

وقال كريّم: "أخبرناهم أنه لكي تنجحوا في سوريا، يجب أن تنجحوا في السيدة زينب.. سوريا عبارة عن مزيج من الطوائف والأعراق، وإذا تمكنتم من إدارة هذا المكان، فيمكنكم إدارة سوريا بأكملها".

وحتى الآن، كانت التجربة مطمئنة، وقال كريّم "لقد واجهنا في البداية حالة من عدم اليقين، ولكن الآن تم بناء الثقة بيننا وبين الدولة الجديدة".

مقالات مشابهة

  • المتحدث باسم وزارة الأوقاف أحمد الحلاق لـ سانا: نسعى مع الشركاء الكرام من الجمعيات والمنظمات وأصحاب الخير للبدء بعملية إعادة إعمار المساجد والمؤسسات التعليمية التي تعتبر من أهم الأسباب المشجعة على عودة المهجرين واللاجئين لمدنهم وبلداتهم
  • أكاديمي فرنسي: الأمل أيضا قد يقتل في غزة
  • في مقابلة مع تلفزيون سوريا.. الشرع يكشف تفاصيل معركة إسقاط نظام الأسد
  • نيويورك تايمز: روسيا تحاول إنقاذ قواعدها في سوريا
  • إيران تحذر قيادة سوريا الجديدة: الوضع لن يبقى هكذا
  • WSJ: الأقليات الدينية تتأرجح بين الأمل والخوف في سوريا الجديدة
  • القناة 12 الإسرائيلية: نتنياهو أعاد تشكيل فريق المفاوضات لهذه الأسباب
  • أفضل 3 زيوت لإنبات الشعر وتكثيفه .. «حلول سريعة وغير مكلفة»
  • إندبندنت: لهذه الأسباب شباب الروهينغا مجبرون على القتال
  • كيف ستعيد روسيا ترتيب أوراقها مع إدارة الشرع في سوريا؟