هل تستطيع مجموعة «البريكس» التخلص من هيمنة الدولار وزعزعة عرشه؟، الإجابة الشافية القاطعة عن هذا السؤال لن تجدها وسط عالم مضطرب متغير، وسياسات أكثر اضطرابًا وتغيرًا، فجميع الإجابات عن هذا السؤال لديها من الأسانيد والحجج والبراهين ما يثبت صحتها.. وفى السطور القادمة مجموعة من البيانات والأرقام قد تساعدنا على تكوين رؤية بخصوص هذا الموضوع.
الفكرة الأساسية التى قامت عليها مجموعة «البريك»، وهى الحروف الأولى للدول المؤسسة لهذا التكتل ، وهى روسيا، البرازيل، الهند، الصين، قبل أن تنضم إليها دولة جنوب أفريقيا، ويُضاف لها حرف الـ «s» وتصبح «البريكس»، هي خلق وإقامة نظام عالمى متعدد الأقطاب لا تهيمن عليه قوة واحدة، وبمعنى أكثر دقة، خلق نظام عالمى لا يهيمن عليه الدولار وحده، ثم تطور هذا التكتل مع رغبة عدد من الدول فى الانضمام إلى مجموعة «البريكس» ليصبح اسمها «البريكس بلس».
من الناحية النظرية والأرقام، وحسب التقارير، إذا حدث التوسع المستهدف لمجموعة «البريكس بلس»، وتم قبول انضمام الدول المرشحة والمقترحة لهذا التكتل، فسوف تمتلك المجموعة نحو 45% من احتياطيات النفط وأكثر من 60% من جميع احتياطيات الغاز العالمية، وسيكون «البريكس بلس» كيانًا يبلغ ناتجه المحلى الإجمالى أكبر بنسبة 30٪ من الولايات المتحدة، وضِعف اقتصاد الاتحاد الأوروبي، ومن شأن الأعضاء الجدد أن يضيفوا مليار مستهلك تقريبًا إلى مجموعة «البريكس بلس» ليكون العدد تقريبًا 4.257 مليار مستهلك أى أكثر من 50٪ من سكان العالم.
كما أن الدول المرشحة والمحتمل انضمامها إلى هذا التكتل تمتلك كميات كبيرة من الموارد الطبيعية، بما فى ذلك المعادن الثمينة والنادرة وموارد الطاقة والأراضى الزراعية ومصايد الأسماك والمياه العذبة، ويضيف هذا التنوع الجغرافى لهذه الدول الأعضاء قوة «جيوسياسية» كبيرة لمجموعة «البريكس»، «الجيوسياسية» مصطلح يشير إلى تأثير قوة جغرافية الأرض على السياسة.
هذا الثقل الذى قرأته فى الأرقام السابقة لمجموعة «البريكس الموسعة» سيتضاعف فى حالة وجود عملة موحدة للتعامل بين الدول الأعضاء، ويمكن لهذه العملة أن تهز عرش الدولار، كما قال جوزيف دبليو سوليفان، الخبير الاقتصادى فى مجلس المستشارين الاقتصاديين في البيت الأبيض خلال إدارة ترامب.
وعلى الجانب الآخر يرى البعض أن هناك صعوبات عملية وواقعية لإنشاء عملة موحدة لهذا التكتل، ومن غير المرجح أن تحل عملة «البريكس» محل الدولار فى أى وقت قريب، وأن المسار الأكثر طموحًا لتلك العملة- إن وجدت- سيكون أقرب إلى اليورو، العملة الموحدة التى تبنتها 11 دولة فى الاتحاد الأوروبى عام 1999، كما أن التفاوض على عملة موحدة سيكون صعبًا نظرًا لعدم تناسق القوة الاقتصادية والمتغيرات السياسية المعقدة داخل مجموعة البريكس، وتعتقد وزيرة الخزانة الأمريكية «جانيت يلين» أن الدولار سيظل مهيمنًا حيث إن معظم الدول ليس لديها بديل.
فى النهاية.. الولايات المتحدة فرضت هيمنتها على العالم بعد خروجها منتصرة فى الحرب العالمية الثانية، وسقوط الاتحاد السوفيتي، وفرضت هيمنتها الاقتصادية والسياسية والثقافية بفضل تلك القوة، والتاريخ يقول إن المنتصر يفرض شروطه ويضع قوانينه؛ لذلك السؤال المنطقى هنا هو: هل سينجح هذا التكتل فى هزيمة الولايات المتحدة والقضاء على الدولار؟ والسؤال الأهم: هل ستقف الولايات المتحدة مكتوفة الأيدى دون رد فعل لدفع تلك المخاطر التى تهدد عرشها؟، والسؤال الأكثر أهمية : ما نتائج هذا الصراع وتلك الحرب على الدول الفقيرة؟ أسئلة كثيرة، فقط الأحداث والمتغيرات السياسية وحدها سوف تحدد مسار ومصير الإجابة عنها.
أخيرًا.. ما نريد التأكيد عليه، خاصة بعد انضمام مصر رسميًا إلى «البريكس»، أن سياسات الدول لا تعرف لغة المشاعر، سياسات الدول لا تحب ولا تكره، الدول تحكمها فقط لغة المصالح، ويجب أن يكون ميزان المصلحة والفوائد والمكاسب الآنية والمستقبلية لنا هى المعيار الأوحد لهذا الانضمام.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: البريكس البيانات روسيا البرازيل الولایات المتحدة هذا التکتل
إقرأ أيضاً:
إيران: لم نتلق حتى الآن رداً من الولايات المتحدة
أكدت وزارة الخارجية الإيرانية اليوم الإثنين أنه لم يتم تلقي أي رد من الولايات المتحدة بشأن دعوة إيران لإجراء مفاوضات غير مباشرة.
جاء ذلك على لسان المتحدث الرسمي باسم الوزارة، إسماعيل بقائي، خلال مؤتمر صحفي عقده في طهران.
وأوضح بقائي أن إيران قدمت "مقترحاً سخياً" للتفاوض غير المباشر مع الولايات المتحدة، معتبراً أن هذا العرض يمثل فرصة للطرفين للتوصل إلى حل دون الحاجة إلى التفاوض المباشر.
وأكد أن سلطنة عمان تظل من أبرز الخيارات المطروحة لاستضافة جولة جديدة من المفاوضات غير المباشرة.
وفي سياق متصل، رفض وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي يوم الأحد الفائت فكرة التفاوض المباشر مع الولايات المتحدة، معتبراً أن "التفاوض المباشر مع طرف يهدد باستخدام القوة باستمرار ويتبنى مواقف متناقضة لا فائدة منه".
كما أضاف أن الرد الإيراني على رسالة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في وقت سابق قد فتح المجال أمام الدبلوماسية، لكنه شدد على أن بلاده مستعدة لتجربة مسار المفاوضات غير المباشرة.
وفيما يخص الأوضاع الإقليمية، وجه المتحدث باسم الخارجية الإيرانية انتقادات شديدة لإسرائيل، مشيراً إلى أن الجرائم في غزة والضفة الغربية تدل على أن إسرائيل تتبع سياسة "محو فلسطين وتهجير أهلها" بدعم من الولايات المتحدة.
كما أشار إلى أن المنطقة تواجه منذ عامين تهديدات جادة للسلم والأمن، مؤكداً أن التداعيات لن تقتصر على المنطقة فقط، بل ستكون لها آثار عالمية. ولفت إلى أن الغرب إذا كان جاداً في احترام القانون الدولي، فعليه أن يتخذ إجراءات لمنع المسؤولين الإسرائيليين من التحرك بحرية في أوروبا.