عاجل.. حميدتي يشترط حكمًا ديمقراطياً وجيشاً واحداً كأساس للحل
تاريخ النشر: 27th, August 2023 GMT
عاجل.. حميدتي يشترط حكمًا ديمقراطياً وجيشاً واحداً كأساس للحل.
المصدر: نبض السودان
كلمات دلالية: حكما حميدتي ديمقراطيا عاجل يشترط
إقرأ أيضاً:
مبادرات إدارة ترامب للحل الدبلوماسي على المحك: ضرب العمق الروسي بصواريخ غربية.. توسيع للحرب أم نهاية للأزمة؟
في أجواء توتر غير مسبوقة تنتظر عواصم العالم بقلق تداعيات الضربات الصاروخية المتكررة التي يشنها الجيش الأوكراني على العمق الروسي باستخدام صواريخ أميركية وغربية بعيدة المدى، في أخطر تطور تشهده الحرب الأوكرانية منذ اندلاعها قبل 3 سنوت وأشاع مخاوف من أن يقود إلى مواجهة مباشرة بين روسيا ودول حلف “الناتو” في حرب عالمية صارت وشيكة أكثر من أي وقت مضى.
الثورة / أبو بكر عبدالله
لم يسبق للدول الغربية أن شرعت بإجراءات احترازية على سفاراتها ومصالحها في أوكرانيا وحتى على مستوى ترتيباتها الأمنية والعسكرية الداخلية، كتلك التي أعلنتها مؤخرا بعيد استهداف الجيش الأوكراني العمق الروسي بصواريخ أميركية وغربية بعيدة المدى، بعد ضوء اخضر أميركي أشعل أزمة عميقة مع روسيا التي اعتبرت الهجمات استخداما لأسلحة الدمار الشامل وحرب مباشرة على الاتحاد الروسي.
استخدمت أوكرانيا في ضربتين متتاليتين بالصواريخ الغربية على العمق الروسي، صواريخ من طراز (ATACMS) كانت واشنطن سملتها سرا إلى كييف في وقت سابق وأخرى غربية من طراز (GMLRS) و»STORM SHADOW» وأنظمة HIMARS الأمريكية لضرب مواقع استراتيجية داخل العمق الروسي في مناطق بريانسك وكورسك.
تلى الضربات الأوكرانية ترتيبات أمنية وعسكرية واسعة في العديد من العواصم الأوروبية التي سارعت على إغلاق سفاراتها في كييف بما فيها سفارة الولايات المتحدة بسبب مخاوفها من “هجوم واسع النطاق” فيما دعت بعض العواصم مواطنيها في أوكرانيا إلى مغادرة البلاد في تداعيات اثارت قلق الأمم المتحدة التي دعت أطراف النزاع إلى اتخاذ خطوات عاجلة لمنع التصعيد، كما اثارت قلق الصين التي دعت إلى “الهدوء” ولا سيما بعد أن المحت روسيا إلى احتمال استخدم أسلحة فتاكة ونووية ضمن خياراتها للرد.
لكن موسكو اكتفت هذه المرة برسائل تحذير إلى حلفاء أوكرانيا الغربيين من خلال استخدامها لأول مرة أحدث صواريخها الباليستية العابرة للقارات والفرط صوتية التي يصعب اعتراضها من أنظمة الدفاع الجوي بالستية في قصف مجمع للصناعات العسكرية في دينيبرو الأوكرانية، وهي رسائل كانت واضحة بأن الاستمرار بتجاوز الخطوط الحمراء الروسية سيكون له عواقب وخيمة.
لم تكن رسالة التحذير هذه هي الوحيدة فالرئيس بوتين أصدر تحذيرا مماثل أكد فيه أن لبلاده الحق في استخدام الصواريخ الروسية الجديدة ضد المنشآت العسكرية للدول التي تستخدم أسلحتها ضد الاتحاد الروسي فضلا عن إعلانه أن موسكو ستخطر المدنيين الأوكرانيين ومواطني الدول الأوروبية الأخرى مسبقا مغادرة المناطق العسكرية التي يحتمل أن تتعرض للدمار بهذا النوع من الصواريخ، فيما أعلنت موسكو أن القاعدة الأميركية في بولندا ستكون هدفا ذو أولوية.
والصاروخ الروسي أوريشنيك” الذي استخدمته موسكو في الرد كان واحدا من أحدث أنظمة الصواريخ الباليستية الروسية ويصل مداه إلى أكثر من 5 آلاف كيلومترا، وبسرعة 10 ماخ في الثانية ما يعادل 2-3 كيلومترات في الثانية، ويحمل 6 رؤوس حربية ويصعب اعتراضه من انظمة الدفاع الصاروخي الغربية.
ورغم تكرار أوكرانيا استخدام الصواريخ الغربية في ضرب العمق الروسي مرتين، أن موسكو اختارت الرد الدبلوماسي ورسائل التحذير ربما بانتظار التغييرات المنتظرة في إدارة ترامب التي يتوقع أن تكبح طموحات كييف باستخدام الصواريخ البعيدة المدى، وربما بهدف التريث ما يمنح موسكو الوقت الكافي لتعبئة الشارع الداخلي ورفع حالة استعداده لخوض حرب واسعة مع دول “الناتو” وهي السياسة التي غالبا ما يتبعها الرئيس بوتين عند التعاطي مع التهديدات الغربية الكبيرة.
ومع ذلك يمكن القول إن البيان الذي أصدره الرئيس بوتين بهذا الشأن حمل رسالة بأنه حسم امره بقرار مهاجمة الأهداف الغربية، بعد تأكيده أن الصراع في أوكرانيا اكتسب عناصر ذات طابع عالمي وأن روسيا سترد بحزم على التصعيد، فضلا عن تلميحه بأن لدى روسيا خيارات أخرى بنشر المزيد من الصواريخ المتوسطة والقصيرة المدى اعتمادا على تصرفات العدو.
تصعيد مرتفع
هذه التفاعلات لم تكن الوحيدة التي طغت على مشهد الأزمة بين موسكو والغرب، فقد وافق الرئيس الروسي بالتزامن على أساسيات محدثة لسياسة الدولة الروسية في مجال الردع النووي، شملت السماح بتنفيذ الردع النووي ضد عدو محتمل سواء كان دولة أو تحالفات تعتبر روسيا عدوا، بما في ذلك الدول التي توفر الأراضي أو المجال الجوي أو البحري الخاضع لسيطرتها للتحضير للعدوان على روسيا الاتحادية، وتنفيذ سياسة الردع النووي بشكل مستمر في وقت السلم وخلال فترة التهديد المباشر بالعدوان وفي زمن الحرب.
ذهبت التحديثات في العقيدة النووية الروسية إلى اعتبار عدوان أي دولة من التحالف العسكري على روسيا الاتحادية وحلفائها عدواناً من هذا التحالف ككل، واعتبار العدوان على روسيا وحلفائها من قبل أي دولة غير نووية بمشاركة أو دعم دولة نووية هجوماً مشتركاً لهم، وأكثر من ذلك اعتبار إطلاق الصواريخ الباليستية على الأراضي الروسية شرطا لاستخدام الأسلحة النووية.
ورغم مسارعة موسكو لإنجاز خطوة تعديلات عقيدة الردع النووي، إلا أن هناك معطيات عدة تشير إلى أن روسيا ليست بصدد استخدام أسلحتها النووية في هذه الجولة من التوتر، وهو امر أعلنه الرئيس بوتين بوضوح في بيانه الأخير إذ أكد أنه وفي حالة تصعيد الأعمال العدوانية، سنرد بنفس القدر من الحسم وبنفس الطريقة.
وطبيعة الرد الروسي العسكري غير النووي لا شك ستتوقف على مدى الأثر الذي يمكن أن تحدثه الضربات الأوكرانية بالصواريخ الغربية البعيدة المدى، ومدى قدرة روسيا على تحييد مثل هذا التهديد على المدى القصير، ومدى مبادرة الحلفاء الغربيين لفرض قيود على استخدام أسلحتها في شن هجمات على العمق الروسي.
مع ذلك يمكن القول إن لدى روسيا الكثير من الخيارات لتفعلها في المرحلة القادمة، كشن عمليات عسكرية على بعض الدول مشاركة في التحالف الغربي الداعم لأوكرانيا سواء برد تقليدي يشمل عمليات عسكرية مباشرة أو رد غير التقليدي على شاكلة شن هجمات الكترونية على البنى التحتية الحيوية في الدول الغربية لحشرها في فوضى اقتصادية وسياسية.
غير بعيد عن ذلك استهداف موسكو منشآت غربية تعمل في مناطق النزاعات في العالم عن طريق دعم أطراف دولية بالأسلحة الروسية لشن هجمات على المصالح الأميركية والغربية، أو توسيع روسيا النزاع لدول أخرى قريبة منها وأعضاء في حلف “الناتو” أو تفعيل مواجهات جديدة في مناطق توتر قائمة او دعم حركات تمرد في دول غربية أو دول حليفة لموسكو.
أهداف غربية
لنحو ثلاث سنوات من الحرب، لم تتوقف مراكز القرار الغربية ومراكز الأبحاث الدولية عن التحذير من مخاطر توسعها في حال سمحت واشنطن وحلفائها الغربيين لكييف باستخدام الأسلحة الغربية التي يمكنها الوصول إلى العمق الروسي غير أن هذه الخشية تحولت اليوم إلى واقع بعد استخدام الجيش الأوكراني صواريخ أميركية وغربية استهدفت مناطق العمق الروسي.
ومنح واشنطن الضوء الأخضر لأوكرانيا استخدام الصواريخ الغربية لضرب العمق الروسي بدا وكأنه إجراء اضطراري، فالرئيس بايدن اتخذ القرار في نهاية فترة ولايته الرئاسية، في ظل تراجع القدرات البشرية والعسكرية الأوكرانية، ولزيادة الضغط على روسيا من اجل مراجعة موقفها السياسي والعسكري وتقديم تنازلات في أي جولة مفاوضات قادمة.
اما أوكرانيا فالواضح أنها جازفت بهذه الخطوة قبل تسليم الإدارة الأميركية الجديدة زمام السلطة أملا في تحقيق أهداف سياسية وعسكرية، وفي المقدمة تعزيز الموقف التفاوضي لأوكرانيا وإرغام موسكو على إعادة توزيع مواردها العسكرية بما يخفف الضغط على الجبهات الأوكرانية ولمنح القوات الأوكرانية ميزة تكتيكية واستراتيجية عبر استهداف مناطق القوة الروسية أو مراكزها خلف خطوط القتال.
والمُرجح أن واشنطن تنبهت إلى ثغرات يمكن التسلل منها وتحقيق إنجازات ميدانية على شاكلة العملية الأوكرانية التي استطاعت التوغل في منطقة كروسك الروسية، من أجل إعادة تشكيل المشهد الميداني لصالح كييف، في ظل التقديرات التي تحدثت عن احتمال أن يقود ذلك إلى إحداث تأثير داخلي وضغوط على القيادة الروسية للجلوس على مائدة التفاوض دون شروط مسبقة.
من ذلك شن هجمات يمكنها أن تعطل الإنتاج العسكري الروسي باستهداف مصانع الأسلحة والذخائر أو المنشآت التي توفر الدعم اللوجستي للجيش الروسي، أو حتى استهداف بنى تحتية حيوية في روسيا كمحطات توليد الطاقة والتي ستؤدي بلا شك إلى أضعاف الروح المعنوية للجيش وللشعب الروسي، الذي بدأ يطالب حكومته بتوجيه الأسلحة النووية صوب المدن الغربية والأميركية.
سيناريوهات التسوية
كل التوقعات تشير إلى أن إدارة ترامب ستتبنى موقفًا أكثر حذرا تجاه استخدام أوكرانيا للصواريخ الأمريكية بعيدة المدى، مع الاستمرار في سياسة واشنطن بدعم أوكرانيا للدفاع عن نفسها بالأسلحة التقليدية دون الانزلاق نحو تصعيد عسكري واسع مع روسيا مع السعي لإنتاج حلول سياسية للنزاع.
يعزز ذلك موقف ترامب المعلن سابقا من الحرب في أوكرانيا، ورغبته في تخفيف التوترات مع روسيا، ورؤيته العامة حول تدخل الولايات المتحدة في النزاعات الدولية، حيث أعلن ترامب سابقا عن تحفظه تجاه الإنفاق العسكري الأمريكي الكبير لدعم أوكرانيا، ما يعني أن إدارته لن تسمح لأوكرانيا باستخدام الأسلحة الأمريكية في عمليات تصعيدية لضرب العمق الروسي.
وفقا لذلك فإن المحتمل كثيرا أن تفرض إدارة ترامب قيودا صارمة على استخدام أوكرانيا للصواريخ الأميركية بعيدة المدى، أو على الأقل حظر استخدامها لضرب أهداف داخل الأراضي الروسية، مع تحريك عجلة المفاوضات الدبلوماسية لإيجاد تسوية نهائية للحرب.
وهذا الخيار على أنه الأكثر ترجيحا من إدارة ترامب، إلا أنه يبقى مرهونا بطبيعة التطورات الميدانية والآثار التي يمكن أن تحدثها الهجمات الأوكرانية على الداخل الروسي، كما تبقى مرهونة بمستوى ضغوط الحلفاء على موسكو وأكثر من ذلك الأولويات التي ستركز عليها إدارة ترامب في سياستها الداخلية والخارجية.
وعلى أن الحلفاء الغربيين لن يستطيعوا التأثير على أي سياسات ودية تبديها إدارة ترامب تجاه روسيا إلا أن أكثر ما يخشونه هو أن تقود إدارة ترامب مبادرات للتسوية الدبلوماسية تلبي مطالب موسكو في الخطوط الحمراء لأمنها القومي والتعامل مع الأمر الواقع في المناطق التي ضمتها روسيا إلى أراضيها ووضع أوكرانيا المحايد في المستقبل، كون ذلك سيعني انتصارا لروسيا في الحرب وهزيمة للدول الأوروبية التي انخرطت في التحالف الأميركي لدعم أوكرانيا وأضعاف روسيا.