هل تنهى «بريكس» هيمنة أمريكا على العالم؟
تاريخ النشر: 27th, August 2023 GMT
أعلن قادة بريكس، الخميس 24 أغسطس، عن انضمام 6 دول جديدة إلى التكتل الاقتصادى، هي: مصر، السعودية، الإمارات، الأرجنتين، إيران، إثيوبيا. وقد صرح وزير الخارجية الروسى سيرغى لافروف بأن المعايير التى أخذت فى الاعتبار لدى مناقشة توسع مجموعة «بريكس»، كانت تشمل وزن وهيبة الدولة ومواقفها فى الساحة الدولية، وبعد دعوة انضمام الدول الست أصبح عدد دول البريكس إحدى عشرة دولة تمثل 46% من سكان العالم و32% من مساحة اليابسة وما يقرب من 30% من اقتصاده وما يتخطى 60% من موارده وثرواته الطبيعية.
والسؤال المطروح هل تنهى مجموعة دول البريكس الهيمنة الأمريكية الغربية على العالم؟ ýيتوقع خبراء الاقتصاد أن اقتصادات هذه الدول ستهيمن مجتمعة على الاقتصاد العالمى بحلول عام 2050، فقوة أمريكا تتمثل فى الدولار كسيد العملات فى التعاملات التجارية العالمية، تلك القوة مرتكزها الأساسى هو علاقة «البترودولار»، وولد هذا المسمى عندما أبرمت المملكة العربية السعودية اتفاقية مع الولايات المتحدة لقبول الدولار الأمريكى كعملة الدفع الوحيدة للنفط مقابل التدريب العسكرى والتجارى، وبما أن الطاقة أصبحت المصدر شبه الوحيد لغذاء التواجد البشرى وبذلك أصبح الدولار هو الحاكم الأوحد لتلك الحياة، وهذا ما تستخدمه أمريكا سياسيًا واقتصاديًا لهيمنتها على القرار السياسى لحكومات العالم، وبعد انضمام الإمارات وإيران والسعودية للمجموعة أصبح إنتاج 80% من الطاقة داخل مجموعة بريكس وعند تطبيق التعامل بالعملات المحلية بين دول المجموعة حتما ستنهار علاقة «البترودولار» كليا.
وبالنظر إلى الدول الحالية الخمس لمجموعة بريكس والدول الست المدعوة للانضمام بداية عام 2024، سنجد أن حجم اقتصادات تلك المجموعة حوالى 29 تريليون دولار، بما يمثل حوالى 30 بالمئة من حجم الاقتصاد العالمى، وفى حال الإقرار بعملة موحدة أو العملات المحلية للتعاملات التجارية بين دول تلك المجموعة، بالطبع سيفقد الدولار تدريجيًا الكثير من مكانته ومعه ستفقد أمريكا أيضا الكثير من نفوذها، ومع اتجاه العالم إلى التبديل ما بين الطاقة التقليدية والاعتماد على الطاقة النظيفة سينفك تدريجيًا الارتباط «البترودولار» وستصبح الدول التى تمتلك موارد الطاقة النظيفة هى الأقوى تأثيرًا فى التواجد على الساحة العالمية، ومع الطاقة النظيفة هناك مكونات الذكاء الاصطناعى والثروات والموارد التى تدخل فى مكوناته وعلى الرأس الرقائق الإلكترونية.
ولا ننسى طريق الحرير الصينى الذى كان ذا تأثير كبير على ازدهار كثير من الحضارات القديمة مثل الصينيةý ýوالحضارة المصريةý ýوالهنديةý ýوالرومانيةý، وبالنظر إلى الدول المتواجدة والمدعوة لمجموعة بريكس نجد أن معظمها تمثل مرتكزا جغرافيا أو دروب عبور لذلك الطريق، ومنها مصر التى ستمثل مرتكز الطريق ومدخله إلى أفريقيا والشرق الأوسط، هكذا هو سر تفريعة قناة السويس الجديدة التى تم افتتاحها فى 6 أغسطس 2015ý، وعندها ستكون منطقة قناة السويس ليست مرتكزا بحريا فقط لنقاط وصول الطريق بل مركزا لوجستيا للملاحة العالمية التى ستتضاعف بعد تشغيل ذلك الطريق، ومع مركز مصر الجغرافى هناك الموارد والثروات التى تمتلكها لما هو قادم من موارد الطاقة النظيفة وثروات الذكاء الاصطناعى ومشتقاته الرقمية والإلكترونية، تلك هى المعايير التى دعت مصر إلى الانضمام لمجموعة دول البريكس.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: بريكس هيمنة أمريكا على العالم التكتل الاقتصادي السعودية الامارات وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الطاقة النظیفة
إقرأ أيضاً:
الرئيس المقاول
دونالد ترامب اكثر رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية إثارة للجدل لا يكاد يمر يوم واحد دونما ان يصدر قرارا او تصريحا يشعل ضجيجا اعلاميا ينتهى بتوجيه سهام النقد الحاد بسبب سلوكه الطائش فهذا الرجل كسر الرقم القياسى فى فترة وجيزة بتوقيع 350 امرا تنفيذيا طبقا لما تعهد به فى حملته الانتخابية، شملت هذه الأوامر قضايا الهجرة والاقتصاد والمساواة والعفو الجنائى وغيرها، وألغى أيضا قرارات تنفيذية كان اتخذها سلفه جو بايدن لذا ثمة تساؤلات مشروعة عن هوية ترامب السياسية بسبب خطابه الشعبوى المقلق وسياسته الهوجاء فتوجهاته الصادمة تبث الرعب والهلع بين الاصدقاء قبل الأعداء فهل هو مجرد رئيس جمهوري بالمفهوم الكلاسيكى أم انه يشكل ظاهرة سياسية قائمة بذاتها لذا يعد التحليل السيكولوجى لشخصية أقوى رئيس فى العالم فرض عين وقد خلص مجموعة مرموقة من أساتذة علم النفس الأمريكيين بعدما قاموا باجراء أبحاث علمية حول شخصيته استندت إلى نظريات عالم النفس الشهير سيجموند فرويد بأنه شخص لديه الكثير من العقد النفسية التى تجعله غير لائق أو مؤهل ليكون على رأس السلطة وخرجت تلك التحليلات بنتيجة مثيرة تفيد بأنه مريض بالنرجسية الخبيثة فهو كما يصفونه سياسى ميكافيلى غشاش سادى عنصرى محتال معتل اجتماعيا مجرد من الانسانية مؤمن ايمانا عميقا بفلسفة القوة على غرار هتلر وموسولينى قد يظن البعض ان ذلك من قبيل المبالغة ولكن بنظرة متعمقة لتاريخه المشبوه كرجل أعمال فى مجال التطوير العقارى الذى جعل منه نجما لامعا فى محيط الصفوة المدهش انه اقر بنفسه بكل هذه الصفات المشينة فى كتابه The art of deal فن الصفقة والذى نشر فى عام 1987 بمشاركة الصحفى تونى شوارتز وحصل على المركز الأول فى الأكثر مبيعا فى قائمة نيويورك تايمز فهو يعده من اعظم انجازاته الفكرية وانه كتابه المفضل بعد الكتاب المقدس!! يسعى بشكل حثيث فى هذا العمل الركيك إلى سرد سيرته الذاتية منذ الطفولة وتوضيح تجربته الشخصية واسلوبه ونجاحه فى مجال الأعمال، حيث يشارك استراتيجياته ومبادئه التى اعتمد عليها خلال صفقاته الكبرى من خلال 11 خطوة للنجاح فى الأعمال مستوحاة من كتاب «قوة التفكير الإيجابي» لنورمان فينسنت بيل. يذكر ترامب مراحل تعليمه المتواضعة فقد قضى سنتين فى جامعة فوردهام فى عام 1964، انتقل بعدها إلى مدرسة وارتون للأعمال بجامعة بنسلفانيا لكن التأثير الاكبر يعود إلى والده فريد ترامب المطور العقارى الذى كون ثروته الطائلة عن طريق بناء الشقق السكنية فى نيويورك وتشييد مساكن للعسكريين الأمريكيين. وكان يرفض بعنصرية مقيتة بيع الوحدات السكنية الى الملونين وخاصة السود وسار الابن على نفس نهج أبيه ولا يستحى من ان يقدم نصائحه للجمهور عن فن عقد الصفقات حيث يعتقد أن الصفقة الناجحة تعتمد على مهارات التفاوض والإقناع، واختيار التوقيت السليم، والقدرة على التحكم فى الرأى العام ويعتبر استراتيجيته التضخيم الصادق جزءا مهما من فلسفته، حيث يمزج بين المبالغة والتفاؤل ما يمكنه من خلق اهتمام زائف بمشروعاته، فمن خلال هذا النهج الملتوى ، يستطيع تشكيل تصورات إيجابية عن مشاريعه، وزيادة قيمتها، وتحقيق زخم يعزز النجاح.
مفتاح فهم سياسات الرئيس ترامب هى كونه يفكر كمقاول بناء وليس كقائد لدولة عظمى فهو مصاب بتضخم الأنا فكل افكاره السياسية غير عقلانية أو واقعية ولأنه يتصف بالعناد والحماقة معا فهو يرى فى معتقداته غير العقلانية حقائق مطلقة يستطيع اجبار الآخرين على تنفيذها. ومثل هذه الأوهام لها سوابق مثل جعل كندا الولاية 51 وسرقة جزيرة جرينلاند من الدانمارك والاستيلاء على قناة بنما وجوب تنظيف غزة بتهجير قسم كبير من سكانها الى مصر أو الأردن أو حتى ألبانيا أو إندونيسيا ومن هنا كان خوف العالم الذى أصبح يدرك مخاطر حكم هذا الامبراطور الشعبوى واعتقد ان البداية الحقيقية كانت من ردة فعل الأبطال الغزاويين الذين قاموا بمشهد أسطورى اذهل العالم اجمع بالسير عشرات الكيلومترات على الأقدام الى ارضهم التى دمرها النازيون الجدد على أمل جعلها خرابات غير قابلة للحياة الادمية لكنهم خالفوا كل توقعات اعدائهم وقرروا التشبث بأرضهم وهم يعلمون أن لا ضمانة لهم ولا مكانة ولا احترام ولا وعد ولا عهد فى أى مكان آخر اعتقد أن بهكذا ارادة فولاذية وعزيمة انسانية عظيمة قادرة على تحدى جبروت عقلية الرئيس المقاول الذى يريد ان يغير العالم باتجاه معاكس لدوران عقارب الساعة بالقضاء على العولمة بالخروج من التجارة العالمية واتفاقية باريس للمناخ التى تعنى انفلات الاحتباس الحرارى وتغيير تقاليد الناتو بالحصول على أجور نقدية لحماية أوروبا وحلفائها فى جنوب اسيا والخليج العربى إلغاء اتفاقية البرنامج النووى مع ايران إنهاء رؤية حل الدولتين.
دونالد ترامب هو خليط مدهش من رؤية توفيق عكاشة وذكاء رضا عبالعال وفهلوة حمو بيكا وقد قال الروائى الامريكى جوزيف هيلر مقولة عظيمة عن جنون العظمة «مجرد أنك تعانى جنون العظمة لا يعنى أنهم لا يطاردونك».