المرأة بما تحظى به من حقوق معيار لتقدم المجتمعات
لن تكفَّ المرأة في مجتمعات العالم كافة عن أن تطالب بحقِّها في جودة الحياة المستقرّة والكريمة، ومن ثم تعزيز قدراتها، وشحذ طاقاتها بما يخدم التقدم والنهوض للوطني، والحقيقة أن النظرة الحضاريَّة التي تتبنّاها دولة الإمارات العربيَّة المتحدة للمرأة الإماراتيَّة في الرؤية التنمويَّة الشاملة تستند إلى ضرورة إعطائها هذه الحقوق مثلها في هذا مثل الرجل تمامًا.
وليس بعيدًا عن هذا المدخل أقول إن الإمارات على موعد لاستضافة أهم مؤتمر عالمي للمناخ COP28 في عام 2023، إذ إن هذا المؤتمر سيحمل رسائل وطنيَّة بالغة الأهميَّة، من أجل وضع التصور التنموي التصاعدي لدولتنا الغالية. سوف تتشكل فرق الاستضافة من كوادرنا النسائيَّة المتميزة، وسيمثل العنصر النسائي ثلثي الفريق القيادي للمؤتمر القادم، وأكثر من خمسين في المائة من الفريق الإداري.
فهل ينكر أحد أن المرأة الإماراتيَّة كانت ولا تزال شريكة في صناعة المستقبل والتنمية المستدامة، بل ومدافعة عن تقاليد مجتمعنا وموروثنا الحضاري، من خلال أدوارها العديدة ضمن المجتمع؛ مما سيُسهم في ترسيخ رؤية الإمارات، ونشر ثقافة إماراتيَّة خاصة تعلي من تقدير نجاح المرأة الإماراتيَّة، وتفوقها على كافة الأصعدة، بما ينعكس بالضرورة على إبراز ما لدينا من تراث أخلاقي وقيمي في المجتمع الإماراتي، ويعمل كذلك على ترسيخ ثقافة المساواة والتوازن والتمكين في جميع المجالات الحيويَّة.
والحقيقة أنّ نجاح المرأة وسعيها نحو التميز والتفرد، لا بدَّ له من آليات عمليَّة، لعل أهمها توفير الأمن الإنساني بمفهومه الشامل، وقد وعت الدولة ذلك منذ نشأتها على يد الأب المؤسس المغفور له- بإذن الله تعالى- الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيَّب الله ثراه. ففي ظلِّ الأمن يتمكَّن المواطن من الإبداع والعمل والبناء، ويسود الرّخاء، وتعمُّ التنمية.
ومن الإنصاف أن أشيد هنا بما حقَّقه الاتحاد النسائي العام والتنمية الأسريَّة، من إنجازات عظيمة لتعزيز دور المرأة خلال الخمسين عامًا المقبلةــ بتوجيهات ودعم سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك- حفظها الله-، وتفعيلها كلَّ الخطط بشأن تقدُّم المرأة ونهضتها. فهي- حفظها الله-، تترأس الاتحاد النسائي، وهي الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسريَّة، ورئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة؛ رغبةً في الارتقاء بأوضاع المرأة فى الإمارات.
وإنه بفضل هذا التوجُّه، لم يكن غريبًا أن تسبق المرأة الإماراتيَّة كثيرًا من نساء المنطقة والعالم، من حيث تحقيقها للعديد من المكاسب، مثل إقرار التشريعات التي تكفل حقوقها الدستوريَّة، وفي مقدمتها حقُّ العمل، والضمان الاجتماعي، والتملك، وإدارة الأعمال، والتمتع بخدمات التعليم، والرعاية الصحيَّة، والمساواة مع الرجل في الأجر والعمل.
كما أنشئت في الإمارات العديد من المنظمات والمؤسسات التي ترعى حقوق المرأة وتدافع عنها، مثل الاتحاد النسائي العام، والمجلس الأعلى للطفولة والأمومة، وغيرهما من الجمعيات النسائيَّة.
كل هذا التطور والإنجاز التي تعيشه المراة في الإمارات هو ثمار قيم مجتمعيَّة عاشتها المراة الإماراتيَّة فى حقبة زمنيَّة تملؤها العدالة والمساواة والتكافل في المجتمع الواحد، وتجاوزت من مرحلة المطالبة بالحقوق إلى مرحلة التمكين، ولهذا أصبحت المرأه رقمًا صعبًا في معادلة التنمية والبناء والتحديث.
ثم دعونا ننظر إلى الأمور من زوايا أكثر اتساعًا وعمقًا، أول هذه الزوايا أنه ليس عبثًا أن تبدع المرأة وتشارك الرجل العطاء لصالح المجتمع؛ لأنها تستقي تعاليمها من هذا الوعي القيمي المتصالح مع الدين المعتدل، ولأن الاحترام والتقدير عندما يأتي من المجتمع، يؤكد أن هناك قيادة ملهمة للمسيرة، وتمتلك من الوعى واستشرف المستقبل، ما يرسخ مسيرة المرأة في الإمارات، تلك المسيرة التي أثمرت هذا الكم الهائل من الإنجازات والتقدير الكبير لدورها ومكانتها في المجتمع. كما أن مجتمعنا يشهد الكثير من الميراث الضخم من العادات والتقاليد المتسامحة، وذلك حين يمنح المرأة تقديرًا واحترامًا وثقة في قدرتها على العطاء.
لا أنكر أن هناك معوقات تحول أحيانًا دون تمكين المرأة، أبرزها عدم وعي المجتمع وما قد يطرأ عليه من مفاهيم قديمة حول قدرتها وكفاءتها؛ لهذا أسهمت ثقافتنا الشعبيَّة في خلق مناخ خصب، وفي تكريس قيم الوسطيَّة والاعتدال والتسامح مع المرأة، وتعميقها على الأصعدة كافّة، ومنها: الاجتماعيَّة، والمهنيَّة؛ إيمانًا بدورها المؤثر في بناء المستقبل.
والحمد لله أن من مميزات البيئة المحليَّة لشعبنا، أنّه لم تمرّ عليه رياح الغلوِّ والتشدُّد التي ضربت كثيرًا من المجتمعات، ولم يطغَ عليه إجحاف المرأة حقّها، فالتزمّت الدينيّ له أثر من موروث وعادات رجعيَّة في قمع النساء، وباسمه ترتكب أبشع الانتهاكات ضدهنّ، ويبقين بين مطرقة الانفتاح الكامل غير المراعي لقيم المجتمع وسندان التشدّد، في كلتا الحالتين ينتقص من إنسانيتهنَّ، ويحطّ من قيمة كرامتهنَّ، بما لا يجعلهنَّ قادرات على أن يحصلن على الاستحقاقات الكاملة؛ ليكُنَّ العمود الفقري للوطن.
ولعل المرأة بما تحظى به من حقوق تكون معيارًا يقاس عليه تقدم المجتمعات، فإذا أردت أن تنظر مدى إنسانيَّة وأخلاقيات المجتمعات المستنيرة؛ فلا بدَّ أن تنظر إلى مكانة المرأة في هذه المجتمعات، وإذا أردت أن تعرف النمط الصحي للتدين المعتدل المرتبط بمعانٍ إيجابيَّة ومشاعر إنسانيَّة عالية؛ فانظر إلى مدى التعامل الإنساني العادل مع المرأة.
هنيئًا للمرأة الإماراتيَّة بهذه القيادة الحكيمة الواعية، وبالثقافة المجتمعية حيث تحيا في بيئة تمكينية مقدِّرة للمرأة ودورها من أجل ارتقاء الوطن وبلوغه قمم المجد الشاهقة.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني يوم المرأة الإماراتية
إقرأ أيضاً:
"التعليم والتنمية البشرية والمجتمع" يدعو للاحتفاء باليوم الإماراتي للتعليم
وجّه مجلس التعليم والتنمية البشرية والمجتمع، دعوة للمؤسسات والأسر وجميع أفراد المجتمع من طلبة ومدرّسين وأولياء أمور وخريجين ومؤسسات تعليمية ومجتمعية ومدارس وجامعات وجهات حكومية وخاصة في قطاع التعليم، وفي جميع قطاعات الدولة، للمشاركة في الاحتفاء باليوم الإماراتي للتعليم الذي يصادف 28 فبراير(شباط) الجاري، لتسليط الضوء على القيم والمبادئ التي يمثلها التعليم، بصفته أداةً رئيسية لتحقيق التنمية والتقدم والنجاح على مستوى الفرد والمجتمع والوطن.
ويأتي الاحتفال باليوم الإماراتي للتعليم بعد إعلان الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، يوم 28 فبراير من كل عام "اليوم الإماراتي للتعليم" تخليداً لليوم الذي شهد فيه المغفور له الوالد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، وإخوانه حكام الإمارات تخريج أول دفعة من المعلمين من جامعة الإمارات عام 1982، وترسيخاً لإيمان القيادة بالقيمة الجوهرية للتعليم في بناء الأجيال، ودفع عجلة التقدم والنمو.
ودعا المجلس مؤسسات المجتمع والأفراد كباراً وصغاراً إلى الاحتفاء باليوم الإماراتي للتعليم خلال الأسبوع الأخير من شهر فبراير؛ تحت شعار "كلنا نعلّم، وكلنا نتعلّم"، عبر المشاركة بالقصص والأنشطة والحوارات التعليمية والتوعوية والتثقيفية، بما يسهم في تعزيز الوعي بأهمية التعليم وترسيخ دوره المحوري في بناء المستقبل، وذلك تماشياً مع مضامين العام الحالي "عام المجتمع" وشعاره "يداً بيد" وما يحمله من رسالة مجتمعية سامية تعكس قيم الترابط والتعاون بين كافة أفراد المجتمع، لتحقيق الأهداف المشتركة في التقدم والتطور والتنمية.
وبهذه المناسبة، يعقد المجلس ورشة حول السرد الإستراتيجي للقطاع، وينظم مع الجهات التعليمية والمجتمعية خلال هذا الأسبوع عدداً من الأنشطة والفعاليات التي تتضمن محاضرات ونقاشات ومعارض تعليمية، ومسابقات ثقافية ومعرفية على مستوى المدارس والمؤسسات التعليمية لإبراز دور التعليم في توسيع المدركات وتنمية المهارات وبناء الشخصية، بالإضافة إلى تكريم المدرسين الذين قدموا إسهامات بارزة في مجال التعليم، والطلبة المتميزين الذي حققوا نتائج متفوقة.
ودعا المجلس أفراد الأسر والمجتمع إلى مشاركة قصصهم وتجاربهم التعليمية الملهمة بين الآباء والأمهات والأبناء والبنات، سواء أكانت عن معلمين أحدثوا فرقاً في حياتهم، أو تحديات واجهوها وتغلبوا عليها، أو لحظات تعلّم مميزة غيرت مسار حياتهم، أو عن تاريخ التعليم في دولة الإمارات والقيم والهوية والوطنية، وذلك حبر حوارات بنّاءة وتداول لهذه القصص ونشرها عبر مختلف المنصات لترسيخ ثقافة التعلم المستمر، وتحفيز الأجيال القادمة للمضي قدماً في مسيرتهم التعليمية.
وانطلاقاً من كون التعليم عملية متواصلة تمتد عبر جميع جوانب الحياة، شجّع المجلس أفراد المجتمع على اغتنام هذا اليوم من أجل اتّباع نهج حياتي يعزز الفضول الفكري والإلهام المتبادل والتخيل المبتكر، وذلك عبر تبنّي نهج قائم على 3 محاور رئيسية: اسأل. أَلهِم. تخيّل، واعتماد هذا النهج أسلوبَ حياة داخل الأسر والمدارس والجامعات وأماكن العمل والمجتمع ككل، بهدف تطوير عقلية البحث والاكتشاف، والاستفادة من التجارب السابقة لإلهام الآخرين وتحفيزهم على الإبداع والابتكار وحثهم على تشكيل تصوّر مشترك حول مستقبل المجتمع.