لغم داخل جسم المجلس الإنتقالي الجنوبي!
تاريخ النشر: 27th, August 2023 GMT
ثمانية شهداء وعديد من الجرحى في جبهة الحد يافع، في معارك مع الحوثي ولازالت على أشدها.
وجود هدنة في الشمال وغيابها في الجنوب، يعني أن إستخدام مفردة هدنة مع كل هذه التنازلات الترضوية للحوثي، بأن في اليمن وطنين ودولتين: الشمال المشمول بالهدنة، والجنوب النازف دماً على طول الحدود، والواقع برضا كل الأطراف خارج الهدنة .
مايحدث من تصعيد هو سياسة بلغة البنادق، المطلوب من الجنوب أن يقفز على كل التضحيات، ويقبل بصفقة حل منقوص منه القضية الجنوبية.
القبول بمثل هكذا حل لغم داخل جسم الإنتقالي.
المصدر: المشهد اليمني
إقرأ أيضاً:
لماذا ولّت الحركة الإسلامية الأدبار شرقاً؟
منذ سطو الحركة الإسلامية على السلطة، لم تواجه تمرداً أثار حفيظتها كتمرد دارفور وكردفان، فلم تحسب له الحسبان الكافي، ظناً منها أنه مجرد صداع يزول بتناول حبّة البندول، كما قال الطيب مصطفى مهندس كراهية الجنوبيين الذي فصل الجنوب أرضاً وشعباً، حينما عقد المقارنة بين تمرد قرنق وتمرد دارفور، فلم يدري استراتيجيو المركز المتجلي في الحركة الإسلامية، بأن التحدي الأكبر هو الغرب الكبير مصدر البترول والصمغ العربي، قبل أن يكون مصدراً للرجال الأشداء، فمن لا يقرأ التاريخ لا يهتدي إلى سواء السبيل، وإهمال الكيانين الغربي والجنوبي في معادلة الثروة والحكم، ينسف أي أطروحة سياسية تستهدف المحافظة على سلطة أصحاب الامتيازات التاريخية، وكثير من منظري المركز لا يعيرون بالاً للثورة الوطنية الأولى، فيركنونها في زاوية الدروشة، وفي الواقع هي غير ذلك تماماً، لقد كانت الأساس الذي أمّن الحاضر الجامع لشتاتنا، وهذه الصخرة الصماء المرتكز عليها إرث الوطن، ما تزال ترفد نار الثورة في كردفان ودارفور بالحطب والقش، وهذا الصمود هو الذي حطّم صنم المركز في الخامس عشر من أبريل قبل سنتين، لذا يكون من المستحيل استتباع هذه الكيانات الاجتماعية والاقتصادية، للمنهاج المركزي القديم الضارب بعرض الحائط قدر إنسانها وقيمة موردها الاقتصادي، والحريص على تكريسها لتكون مزرعة خلفية يرعاها المالكون – نفس منهاجية الجار الشمالي في التعامل معنا، وذات الملامح الاستعمارية التي رفضها المهمشون فثارت ثائرة المركزيين.
الشرق متنازع الأطماع والهوية بين السودان وإرتريا، وكونه محتضناً لميناء السودان يفرض عليه ذلك أن يكون منتقصاً في سيادته على أرضه، بحكم خضوع المنافذ البحرية لرادار الملاحة الدولية، لذلك حرصت الحركة الإسلامية وقائدها علي كرتي، على أن تجلي قيادة جيشها وسكرتارية إدارة شئونها إلى بورتسودان أولاً بأول، ولم يكن الإجلاء لعطبرة أو الدامر، للحسابات الاستراتيجية والأمنية والعسكرية الصرفة، وشرق البلاد لم يشهد تمرداً عسكرياً عنيفاً يجبر السكان على توحيد الجبهة الداخلية، لذا استمرت به الدعاية القديمة (جيش واحد شعب واحد)، أما الشمال فيفتقر إلى الثقل السكاني والمورد الاقتصادي، وهذان عنصران لا فكاك منهما في الحرب، فعلى الرغم من تمدد الشمال كنخبة سياسية مثّلت عمق مركز السلطة لسنين، إلّا أن للحروب تدابيرها، هذا فضلاً عن ضعف الشمال وعدم جرأته على إبداء أي نوع من الامتعاض، الذي لا يسمح به الجار الشمالي، فانخفاض مستوى الديموغرافيا وانكشاف التضاريس ومجاورة دولة (لئيمة)، جميع هذه الأسباب كانت وما تزال تمثل دافعاً للغزوين الخشن والناعم لأرض النيلين، كل هذا وذاك لا يترك للشمال درباً غير دروب السير تحت ظلال الأسوار، ومن هنا وجد أنصار الحركة الإسلامية ضالتهم في الإقليمين، باعتبارهما مهيئين لممارسة نشاطها الهادف لاستعادة ملكها المنزوع، لذلك تراها الأكثر انزعاجاً من أي وقت مضى لانتقال الحرب إلى مروي.
الحركة الإسلامية من أكثر التنظيمات السياسية حظاً في السودان، كونها حصلت على امتياز حكم البلاد شرقاً وغرباً وجنوباً وشمالاً بلا منازع، فامتلكت كل قواعد البيانات وكذا القواعد العسكرية، وعرفت كيف تؤكل الكتف، لكن خطأها الاستراتيجي القاتل، هو أنها أكلت كتف الخروف لوحدها، ولم تترك حتى العظام اليابسة لفقراء السودان، فبدلاً من أن تحافظ على كل شيء، فقدت كل شيء، وآخر مراحل التفاف ساقها بساقها ستكون على فراش الموت ببورتسودان، أو على السرير الأبيض في مروي، وسوف يتم إخراجها من هذين الإقليمين، ليس بقوة غريمها العسكرية الغاشمة، وإنّما باتفاق أصحاب المصلحة الدوليين، الناصبين لراداراتهم بميناء بورتسودان، الحاشدين لمراكز مخابراتهم على حدودنا المتاخمة، فالحركة هربت شمالاً وشرقاً لعلمها التام بأماكن الحظر، ومواضع الخطوط الحمراء المرسومة من قبل الدوليين، ومن ظن أن جغرافيا كوكب الأرض مثل الفلاة، أو كصحراء بيوضة يسدر فيها الراعي كما يشاء، فهو جاهل، فلم تكن سطوة الحركة الإسلامية على السودان إلّا بمباركة دولية، أما الآن، فقد تغيّرت الأحوال كثيراً، كالأحوال المترتبة على قرارات أجهزة المخابرات بحق العميل الذي انتهت صلاحيته، فلقد استنفذت الحركة الإسلامية غرضها في البقاء داخلياً وخارجياً، ولم يتبقى سوى تشييعها في مراسم احتفالية، يشرف عليها سكان الشمال والشرق، حينها ترحل السحابة الداكنة، وتنقشع الغشاوة من أعين الذين ضللتهم الدعاية الكذوب (جيش واحد شعب واحد).
إسماعيل عبد الله
ismeel1@hotmail.com