تعزيز العدالة البيئية باستخدام الذكاء الاصطناعي
تاريخ النشر: 27th, August 2023 GMT
إن مما لا شك فيه أن تغير المناخ يشكل التحدي الأكبر في عصرنا، ولكن تأثيراته ليست موزعة بالتساوي، وفي كل من البلدان المتقدمة والنامية، يؤثر التدهور البيئي بشكل غير متناسب على المجتمعات التي تعاني من التهميش بسبب العرق والدين والفقر، وفي أغلب الأحيان، تواجه هذه المجتمعات بالفعل أوجه عدم المساواة المرتبطة بالنظام المتبع مثل ندرة المياه وزيادة التعرض للتلوث والأنواء المناخية الشديدة- وكلها تتفاقم بسبب أزمة المناخ.
إنها حقيقة أعرفها عن كثب. عندما كنت طفلة، كانت عائلتي تمتلك مزرعة في دومينيكا، وهي واحدة من دول الجزر الصغيرة في منطقة الكاريبي التي تواجه خطر الأعاصير كل عام حيث يمكن لعاصفة استوائية واحدة أن تدمر شبكات الكهرباء وتقضي على محاصيل بأكملها مما يؤدي إلى تدمير سبل العيش.
وفقا للبنك الدولي، تدفع الكوارث المرتبطة بالمناخ 26 مليون شخص للوقوع في براثن الفقر سنويا. ونظرًا لأن أفقر سكان العالم يعتمدون في كثير من الأحيان على الزراعة ــ وهو القطاع الذي يعتمد بشكل كبير على الظروف المناخية المواتية ــ من أجل إعالة أنفسهم، فإنهم في حاجة ماسة إلى الوصول إلى الموارد التقنية والمالية والمؤسسية للاستعداد والاستجابة للأنواء المناخية التي أصبحت متكررة وأكثر حدة.
ونظراً لقدرة القطاع التقني على ابتكار الحلول المناخية، يستطيع هذا القطاع أن يوفر الأدوات التي نحتاجها لفهم التأثيرات الضارة الناجمة عن الاحتباس الحراري العالمي، وتخفيفها، بل وحتى عكس اتجاهها، وفي واقع الأمر تتطلب معالجة الظلم البيئي الذي طال أمده أن تضع هذه الشركات أحدث التقنيات وأكثرها فعالية في أيدي أولئك الموجودين في الخطوط الأمامية لأزمة المناخ.
إن من الممكن أن تعطينا الأدوات التي تستفيد من قوة الذكاء الاصطناعي، على وجه الخصوص، قدرة غير مسبوقة على الوصول إلى المعلومات والتنبؤ بشكل دقيق مما يمكّن المجتمعات من التعلم من التحديات المناخية والتكيف معها بشكل فوري، ويأتي مسرع أي بي م للاستدامة والذي أطلقناه في عام 2022، في طليعة هذه الجهود حيث يدعم تطوير وتوسيع نطاق المشاريع مثل تطبيق ديلتاريس أكويلتي وهو أداة مدعومة بالذكاء الاصطناعي تساعد المزارعين على تقييم جودة المياه وتحسينها، ونتيجة لذلك، أصبح بإمكان المزارعين زراعة المحاصيل بشكل أكثر استدامة، ومنع التلوث الناتج عن جريان المياه، وحماية التنوع البيولوجي.
أنظر كذلك الى التحديات التي يواجهها المزارعون أصحاب الحيازات الصغيرة، مثل ارتفاع التكاليف وصعوبة التنافس مع كبار المنتجين الذين يمتلكون أدوات وتكنولوجيا أفضل وبالطبع التأثيرات المدمرة لتغير المناخ على التنوع البيولوجي وأنماط الطقس. يمكن أن تساعدهم المعلومات الدقيقة وخاصة فيما يتعلق بظروف التربة وتوافر المياه في معالجة هذه المشكلات علمًا أنه عادة ما كان يصعب عليهم الحصول على مثل تلك المعلومات.
ويمكن للمرء أن يتخيل المسؤولين الإقليميين في دولة نامية وهم يستفيدون من خوارزمية التعلم الآلي للتنبؤ بالنمو السكاني في المستقبل وما يتبع ذلك من تغير في الطلب على الطاقة وذلك باستخدام البيانات الزمنية والمكانية علمًا أنه باستخدام نموذج التنبؤ هذا، يستطيع صناع السياسات تحسين شبكة الطاقة في البلاد وإعادة توجيه العرض إلى حيث تشتد الحاجة إليه وهذا أيضًا من الأشياء التي ندعمها حاليًا.
إن تطوير تطبيقات الهاتف المحمول والمساعدين الافتراضيين الذين يعملون بالذكاء الاصطناعي وتوفيرها على نطاق واسع يعزز الوصول العادل إلى البيانات والرؤى التقنية علمًا أنه بفضل التنبؤات الجوية الدقيقة للغاية وتقنيات الهندسة الزراعية المتقدمة وحسابات البصمة الكربونية، بالإضافة إلى التنبؤات الأخرى المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، يمكن للمزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة تعزيز مرونتهم وصلابتهم المناخية بالإضافة إلى تعزيز الإنتاج والدخل من خلال التكيف مع الظروف المتغيرة بسرعة أكبر وإدارة المحاصيل بشكل أكثر استدامة.
وفي الوقت نفسه، فإن مجرد تقديم هذه الأدوات إلى المجتمعات المحرومة لن يحل المشكلة فالتطبيقات وحدها ليست الحل للظلم المناخي علمًا أنه من أجل تنفيذ التكنولوجيا القائمة على الذكاء الاصطناعي بنجاح، يجب أن تكون شركات التكنولوجيا على استعداد لتبادل المعرفة مع المستخدمين بما في ذلك تعليمات حول كيفية أخذ القياسات التي من شأنها أن تؤدي إلى جمع البيانات، ويجب عليها بناء قدرة المستخدمين على التعاون بشكل مستقل مع بعضهم البعض، وطلب التعليقات من المزارعين والمستخدمين الآخرين، ومن أجل تحقيق هذه الغاية، يمكن لروبوت المحادثة "شات بوت" الذي يعمل بالذكاء الاصطناعي ويقوم بأتمتة عمليات تبادل الأسئلة والأجوبة أن يساعد في تقليل تحديات تدريب المستخدم مع إضفاء الطابع الديمقراطي على القدرة على الوصول إلى المعلومات. بينما تقوم الشركات بتطوير حلول الذكاء الاصطناعي، نحتاج أيضًا إلى دعم شركات التكنولوجيا المحلية ومطوري التطبيقات حيث أنهم يعتبرون الأنسب فيما يتعلق بتفعيل استخدام تلك الأدوات.
يستطيع مجتمع التكنولوجيا الذهاب الى أبعد من مجرد زيادة القدرة على الوصول إلى الأدوات الجديدة التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي حيث يستطيع هذا المجتمع وبالتعاون مع المنظمات غير الحكومية والحكومات والوكالات الدولية أن يساعد في بناء مستقبل منصف ومرن للمجتمعات المحرومة وذلك من خلال توفير التدريب على المهارات الفنية والمعرفة المطلوبة للوظائف الخضراء. ومع تسارع التحول إلى اقتصاد عالمي منخفض الكربون، فمن المتوقع أن يتجاوز الطلب على ما يسمى "المهارات الخضراء" العرض. إن إعداد العمال لوظائف المستقبل والذي يتزامن مع اعتماد التكنولوجيات الجديدة على نطاق واسع من شأنه أن يعزز القدرة على التكيف مع تغير المناخ، وخاصة في الاقتصادات النامية.
نحن جميعا - أفراد وشركات ومنظمات وحكومات - نتقاسم المسؤولية عن التصدي للتهديدات البيئية المتزايدة، ويتعين على شركات التكنولوجيا، على وجه الخصوص، توجيه المزيد من الموارد لمكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري العالمي، وهذا يعني الاستثمار في تطوير وتنفيذ أدوات الذكاء الاصطناعي والتحقق من إمكانية وصول الناس الأكثر حاجة الى تلك الأدوات. إن إيجاد الحلول المناخية ــ وتحقيق العدالة البيئية ــ يعتمد على قيام القطاع الخاص بحشد خبراته من أجل الصالح العام.
• جوستينا نيكسون-سينتيل هي نائب الرئيس والمدير التنفيذي للتأثير في شركة IBM.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: بالذکاء الاصطناعی الذکاء الاصطناعی الوصول إلى علم ا أنه من أجل
إقرأ أيضاً:
الذكاء الاصطناعي يكشف سر الحفاظ على شباب الدماغ
في دراسة حديثة تربط بين الذكاء الاصطناعي وعلم الأعصاب، اكتشف باحثون في معهد كارولينسكا بالسويد، رؤى مهمة حول شيخوخة الدماغ، وتوصلوا إلى نتائج يمكنها التصدي لتحديات الأمراض المرتبطة بالخرف.
ووفق الدراسة، التي نشرتها مجلة "Alzheimer's & Dementia: The Journal of the Alzheimer's Association"، فقد اُستخدم الذكاء الاصطناعي لتحليل صور الدماغ من 739 شخصاً يتمتعون بصحة جيدة معرفياً بمدينة غوتنبرج، ويبلغون من العمر 70 عاماً، وشكلت النساء ما يزيد قليلاً على نصف مجموعة المشاركين.
وتسلط الدراسة الضوء على المصابين بالخرف، لافتةً إلى أن أكثر من 20 ألف شخص في السويد يصابون بأنواع مُختلفة منه سنوياً، حيث يمثل مرض الزهايمر نحو ثُلثي هذه الحالات.
ولاحظ الفريق البحثي أن من بين التغيرات التي تحدث: تقلص حجم الدماغ، وضعف كفاءة الاتصال بين الخلايا العصبية، مما يؤدي إلى تدهور القدرات المعرفية مثل الذاكرة والتركيز.
وكشفت النتائج أن عوامل مثل الالتهابات، وارتفاع مستويات السكر في الدم، وأمراض الأوعية الدموية، يمكنها أن تساهم في تسارع شيخوخة الدماغ، في المقابل فإن اتباع عادات صحية كالحفاظ على مستويات مستقرة للسكر في الدم وممارسة الرياضة بانتظام، يمكنها أن تساعد في الحفاظ على شباب الدماغ لأطول فترة ممكنة.
عمل الباحثون على تحليل نتائج التصوير بالرنين المغناطيسي لأدمغة المشاركين باستخدام خوارزمية ذكاء اصطناعي متطورة طوروها لتقدير العمر البيولوجي للدماغ، مع أُخذ عينات دم لقياس مستويات الدهون، والسكر، ومؤشرات الالتهابات، بجانب القيام باختبارات معرفية لقياس الأداء العقلي لهؤلاء الأشخاص.
ولادة أول طفل في العالم بتقنية "Fertilo" خارج جسد الأم - موقع 24أدت تقنية خصوبة جديدة طورتها شركة "Gameto" للتكنولجيا البيولوجية، ومقرها نيويورك، باستخدام الخلايا الجذعية لمساعدة الأجنة على الاكتمال خارج الجسم، إلى أول ولادة بشرية حية في العالم.وأظهرت النتائج أن المصابين بالسكري، والسكتات الدماغية، وأمراض الأوعية الدموية الدقيقة في الدماغ، كان لديهم أدمغة تبدو أكبر سناً من أعمارهم الحقيقية، بينما أظهرت أدمغة الأشخاص الذين يتبعون نمط حياة صحياً مظاهر أكثر شباباً مقارنة بأعمارهم.
أهمية الأداة المُطورةوشدد الباحثون، على أن الأداة التي طوروها تُقدم نتائج دقيقة إلى حد كبير، ويمكن استخدامها كوسيلة بحثية مهمة، مع إمكانية توسيع تطبيقاتها لتشمل الدراسات السريرية المستقبلية، مثل أبحاث الخرف.
وأشارت النتائج أيضاً إلى وجود اختلافات بين الرجال والنساء في العوامل التي تؤثر على شيخوخة الدماغ، مما يعني أن الجنس قد يلعب دوراً في كيفية بناء المرونة الدماغية، وهو ما دفعهم للتأكيد على أهمية دراسة هذه الفروقات بين الجنسين بشكل كخطوة تالية وأعمق، عبر التركيز عوامل بيولوجية مثل الهرمونات، والتأثيرات الاجتماعية والثقافية، مع التركيز بشكل خاص على صحة الدماغ لدى المرأة.