لجريدة عمان:
2024-12-23@08:28:04 GMT

مداهمة جريدة أمريكية

تاريخ النشر: 27th, August 2023 GMT

نحن أمام قصة مثيرة، لم تحدث في الوطن العربي أو في القارة الأفريقية أو في آسيا أو في أمريكا الجنوبية، وإنما وقعت في الولايات المتحدة الأمريكية التي "تسعى" لنشر وفرض ديمقراطيتها على العالم، عندما داهمت شرطة مقاطعة "ماريون" الأمريكية يوم الجمعة الحادي عشر من أغسطس 2023، مقر صحيفة "ماريون كاونتي ريكورد" المحلية، وصادرت أجهزة الحاسوب والهواتف المحمولة الشخصية للصحفيين، وكذلك داهمت منازل عدد منهم كجزء من تحقيق في سرقة هوية مزعومة لمدير مطعم، كان على خلاف مع الصحيفة، كما داهم الضباط منزل مالك الصحيفة إريك ماير، الذي كان يعيش مع والدته جوان ماير البالغة من العمر ثمانية وتسعين عامًا، التي توفيت من رعب المداهمة في اليوم التالي للحادثة.

وبداية الأزمة كانت يوم الأربعاء التاسع من أغسطس، عندما نشرت الصحيفة تقريرًا عن المطعم المذكور وصاحبه، وذكرت شرطة المدينة أنّ سبب المداهمة والمصادرة "تسريب ونشر وثائق حساسة عن نشاط إجرامي"، وهي الاتهامات التي نفاها إريك ماير، موضحًا أنّ مصدرًا سريًّا قدّم وثائق تفيد بأنّ كاري نيويل صاحب المطعم - وهو من رجال الأعمال في المدينة - أدين بالقيادة تحت تأثير الكحول، وأنه كان يقود سيارته بدون رخصة، واستخدم أحد المراسلين موقعًا للتحقق من صحة المعلومات حول رخصة القيادة، لكن الصحيفة قررت عدم نشر خبر عن المعلومة التي حصلت عليها، وبدلًا من ذلك - كما أوضح إريك ماير - أبلغ الشرطة المحلية بالحادثة، وفتحت تحقيقًا بذلك بالتنسيق مع سلطات الولاية.

أثارت الواقعة موجة غضب حقوقية، واعتُبرت المداهمة، الانتهاك الأكبر بحق حرية الصحافة منذ عقود في أمريكا، وأنها عمل غير قانوني، وانتهاك للقانون الفيدرالي الذي يحمي الصحفيين من هذا النوع من الإجراءات، حيث يحظر قانون حماية الخصوصية لعام 1980 - على نطاق واسع - مسؤولي إنفاذ القانون من البحث عن المعلومات أو مصادرتها من المراسلين، خاصة أنّ مذكرة التفتيش التي وقعتها لورا فيار قاضية المقاطعة، سمحت للضباط بمصادرة مجموعة واسعة من الأجهزة، في خطوة اعتبرها كثير من الحقوقيين "إساءة استخدام للسلطة من قبل الشرطة وإخلال خطير بالواجب من قبل القاضية التي وقعت عليها".

وبما أنّ المداهمة كانت غريبة على القوانين الأمريكية، فقد أدانتها العشرات من المؤسسات الإخبارية، وأرسلت رسالة إلى رئيس إدارة الشرطة المحلية تحثه على إعادة جميع المواد المضبوطة على الفور، وُقِّعتْ هذه الرسالة من قبل أربع وثلاثين منظمة إخبارية وذات علاقة بحرية الصحافة؛ وجاء في الرسالة أنّ "عمليات البحث والمصادرة في غرفة الأخبار، من بين الإجراءات الأكثر تدخلًا وقمعًا لحرية التعبير".

جوان ماير المرأة العجوز التي توفيتْ إثر المداهمة كانت تشارك ابنها في ملكية الصحيفة، توفيت إثر ارتفاع شديد في الضغط، "متوترة بما يتجاوز حدودها، وغارقة في ساعات من الصدمة والحزن" حسب صحيفة "نيويورك بوست" التي نشرت التفاصيل، موضّحة أنّ الشرطة لم تكتفِ بسحب جهاز الكمبيوتر الخاص بالمرأة وجهاز التوجيه الذي يستخدمه مكبر صوت ذكي، بل عمدتْ أيضًا إلى البحث في بيانات البنك والاستثمارات الشخصية لابنها إريك لتصويرها. وتقول الصحيفة إنّ جوان ماير لم تستطع تناول الطعام أو النوم بعد أن ظهرت الشرطة عند باب منزلها حتى توفيت.

بعد هذه الحادثة نتساءل: ماذا تركت أمريكا للآخرين؟! وماذا لو كانت مثل هذه المداهمة في دولة أخرى غير أمريكا؟! وماذا لو توفي شخص مسن بسبب رعب المداهمة كما حدث للعجوز جوان ماير؟! وأين منظمات حقوق الإنسان العالمية ممّا حدث؟! ألم تتصرف الشرطة الأمريكية مثل عناصر "الأمن السري" في الأنظمة التي تصفها أمريكا بأنها استبدادية؟! وتقودنا هذه الأسئلة إلى سؤال مهم: ما هو نفوذ صاحب المطعم ذاك، الذي يقود سيارته مخمورًا، ثم يتسبب في اقتحام موقع صحيفة محلية ومداهمة منازل الصحفيين ووفاة سيدة مسنة، حتى قبل أن ينشر الموضوع؟! ألسنا أمام قصة من قصص العالم الثالث أو الرابع؟!

فتحت مداهمة مكاتب ومنزل إريك ماير من قبل ضباط الشرطة الأمريكية نقاشًا حول مستقبل حرية الصحافة في أمريكا، ولا عجب أن يقول إريك إنه خلال العشرين عامًا التي قضاها في صحيفة "ميلووكي جورنال" وستة وعشرين عامًا في تدريس الصحافة في جامعة "إلينوي"، لم يسمع مطلقًا عن قيام الشرطة بمداهمة إحدى الصحف، وأنّ ما حصل سيكون له تأثير مخيف على الصحفيين في أداء عملهم، وسيمتد هذا التأثير على المصادر التي تزوّد هؤلاء الصحفيين بالمعلومات.

فإذا كان هذا حدث في الولايات المتحدة التي تتمتع حرية التعبير فيها بحماية شديدة من القيود الحكومية، بموجب التعديل الأول للدستور الأمريكي، والعديد من قوانين ودساتير الولايات والقوانين الفيدرالية، فماذا نقول عن الوطن العربي ودول العالم الثالث؟.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: من قبل

إقرأ أيضاً:

السيسي يثمن التضحيات الكبيرة التي قدمها أبناء الشرطة وعائلاتهم في مواجهة الإرهاب

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

ثمن الرئيس السيسي، التضحيات الكبيرة التي قدمها أبناء جهاز الشرطة وعائلاتهم على مدار الأعوام الماضية في مواجهة الإرهاب، مما يُظهر المعدن الأصيل للمواطن المصري في مواجهة التحديات.

وأجرى الرئيس عبد الفتاح السيسى، اليوم، زيارة تفقدية إلى مقر أكاديمية الشرطة، حيث كان فى استقبال الرئيس اللواء محمود توفيق وزير الداخلية وعدد من قيادات أكاديمية الشرطة ووزارة الداخلية.

وصرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية بأن الرئيس تابع خلال الزيارة اختبارات كشف الهيئة للطلبة والطالبات المتقدمين للالتحاق بكلية الشرطة، وذلك من خلال منظومة تسجيل نتائج الاختبارات الإلكترونية.

واطلع الرئيس السيسي على كافة البيانات الخاصة بكل طالب والدرجات التي تحصل عليها أثناء تأدية مراحل الاختبارات المختلفة وصولاً إلى كشف الهيئة، والتي تعكس الشفافية التامة في نتائج الاختبارات.

ووجه الرئيس السيسي بالاستمرار في تطبيق المعايير الموضوعية، بما يضمن انتقاء العناصر الأكثر تميزاً، مما يساهم في تعزيز جهود الارتقاء بأداء جهاز الشرطة ودوره المحوري في ترسيخ دعائم  الأمن والاستقرار فى البلاد، من خلال إعداد أجيال جديدة من العناصر الشرطية المميزة.

مقالات مشابهة

  • فيديو| الشرطة الأمريكية تعتقل مهاجرا مشتبها في إشعاله النار بامرأة
  • الشرطة الأمريكية تعتقل مهاجرا بتهمة إشعال النار في إمرأة
  • الشعب الجمهوري: رسائل الرئيس بأكاديمية الشرطة أكدت حجم المخاطر التي تُحاك ضد الوطن
  • خبير عسكري يكشف عن الجهة الحقيقية التي أسقطت الطائرة الأمريكية إف18
  • الحروب وتغير المناخ خلال 2024| الأوزون تتضرر من حرب الإبادة في غزة.. الولايات المتحدة الأمريكية الملوث الأكبر على مدى التاريخ.. أمريكا الشمالية سبب الإشعاع الحرارى المؤخر على الكوكب
  • رشحتها جريدة "إندبندنت" لجائزة أفضل رواية!
  • السيسي يثمن التضحيات الكبيرة التي قدمها أبناء الشرطة وعائلاتهم في مواجهة الإرهاب
  • الداخلية تواصل مداهمة شركات السياحة غير المرخصة
  • عاجل: الخارجية الأمريكية تعلن عن هدية خاصة لأحمد الشرع عقب لقاء شخصيات أمريكية رفيعه به في دمشق
  • أسماء قيادات حوثية وشركات صرافة شملتها عقوبات الخزانة الأمريكية الأخيرة.. من هو المسئول الأول عن الأموال التي تصل الحوثيين من إيران