لجريدة عمان:
2025-02-07@03:19:44 GMT

نوافذ... جدرانٌ مجازية لصدِّ عنف الوالدين!

تاريخ النشر: 27th, August 2023 GMT

حكت لي قريبتي عن الأمّ الغاضبة التي أهانت ابنتها أثناء حفل تكريمها أمام حشد من المعلمات والطالبات، لمجرد أنّ ترتيبها بين الأوائل قد تراجع قليلا. وحكى لي أبنائي عن طلبة يرتجفون خوفا فلا يقبضون دموعهم عند حدوث تراخٍ ضئيل في حصيلة درجاتهم، وربما أنهى بعضهم حيواتهم خشية إخفاق يُواجه بلومٍ حاد!

بصورة مؤسفة يظن بعض الآباء والأمهات أنّ الضرب أو الشتم نابع من محبة عارمة ورغبة في جعل الأبناء في صيغة أفضل باعتبارهم نُسخا مُحسنة أو أفرعا ممتدة لجذورنا، فلا يمكنُ لهؤلاء الأبناء أن يكونوا شيئا خارج أمانينا.

هذا هو تفسيري لموجات العنف التي يُمارسها بعض الأهالي لا سيما بعد صدور نتائج الدبلوم العام، مُدعين أنّ الحبّ والخوف على مستقبل الأبناء هو ما يجلب الصراخ وفوران الانفعالات اللامحدود. تلك المحاولة المستشرسة ليقدموا أنفسهم كمثال لا تشوبه شائبة، فكيف للأبناء أن يخذلوا أحلامهم، وكيف ينحدروا إلى القاع الأليم؟ وليس هم الآباء وحسب من يفعل ذلك بل يُعاضدهم المجتمع الذي يُعمل فضوله فيدخل في نسيج العائلة ثمّ يُصدر أحكامه ومفاضلاته.

من المخزي حقا أنّ الكثير من الأبناء غير مرئيين من قِبل ذويهم إلا باعتبارهم أرقاما ودرجات، ومن المحزن في تلك السن الغضة والهشة أن تكون أكبر مُعضلة تواجههم هي الأحكام الجاهزة بأنّهم عديمو القيمة والنفع، وهم الذين لا تعدو خبراتهم بعدُ حدود بيوتهم الصغيرة.

وبصورة مؤسفة لم ينجح التعليم في إضاءة الأبناء -إلا في حدود ضئيلة- من وجهات نظر أخرى باعتبارهم مخترعين وقارئين ورسامين وعازفين وممثلين ومصورين، فلم تُفتش المدرسة عن الأماكن الأكثر خصوبة لإعطائهم قيمة إضافية.

قد لا يُمارس البعض العنف بالمعنى الجسدي إلا أنّهم يُطفؤن روح الأبناء بتلك النبرة المُتعالية، بتلك الأوصاف القميئة التي يُلصقونها بهم مُتناسين الفروقات الفردية بين الأقران!

"يعرفُ دماغك وأنت صغير ما يجب أن يفعله لكي يحميك، يُشيد جدارا مجازيا لصد مشاعرك عن والديك". هذا ما تقوله الأخصائية النفسية جونيس ويب والتي نشرت كتابا بعنوان: "لا سير بلا وقود بعد اليوم". لكن وإن كانت هذه الحركة التلقائية تجدي ونحن صغارا، فقد تجعلنا نعاني كثيرا عندما نكبر!

وتؤكد جونيس ويب أن خبراتنا الأولى بالحبّ والتفهم والتعاطف تنبع من والدينا، وبغض النظر عن جودة هذه العواطف وثرائها أو اكتمالها إلا أنّها بطريقة أو بأخرى تنصهر فينا. فالأطفال الذين ينشأون في بيوت مُختلة عاطفيا يُعيدون إحداث ذلك في حياة أبنائهم مستقبلا، فيما لو لم ينتبهوا لأهمية أن ينقطعوا عن ذلك الماضي.

فمهما تبدت النوايا الطيبة إلا أن الأفعال والكلمات ستترك أثرا لا يُمحى بل قد ينتقل من جيل لآخر.

يُشير الكتاب إلى أنّ أدمغتنا مُصممة منذ الولادة على انتظار اهتمام والدينا وتفهمهما. وتُميز جونيس الآباء والأمهات الأسوياء باعتبارهم أولئك الذين يشعرون بمشاعر ابنهم، الأمر الذي يجعلهم يضعون أنفسهم مكانه في أي ظرف ليتمكنوا من إعطائه ما يحتاجه من الدعم. فحتى وإن رافقهم الخذلان وارتكبوا بعض الأخطاء، فالأبناء يُدركون عاطفة الآباء بحدسهم، فيكبر هذا الطفل متمتعا بأحاسيس عميقة مُتعاطفا مع ذاته. هنالك من يقلل من أهمية هذا المطلب، لكن لا أحد ينجو من هذا الاحتياج، فقد يتبنى الأبناء الذين يُكابدون الإهمال العاطفي أو التعنيف استراتيجية التأقلم أو إخفاء احتياجاتهم أو حتى إنكارها ولكن الأمر لا يتعدى الخدعة.

وباعتبار أنّ الآباء والأمهات شئنا أم أبينا يتركون بصماتهم علينا، فماذا سيرثُ الأبناء المعنفين عدا شعور مريع بالذنب والخذلان. فالابن قد يبدو أحيانا عاجزا عن فهم توقعات العائلة منه!

"تتطلبُ العلاقة إدراكا عاطفيا مُتبادلا وكافيا لجعل الطرفين يشعران بأنّهما مفهومان ويحظيان بالتقدير والقبول".

وفي الحقيقة، لا ندري كيف ستبرأ جراح التعنيف،"فتلك المشاعر المكبوتة ستظهر في وقت قد لا نتوقع ظهورها". وبما أنّ الوالدين أو أحدهما "يُربكان علاقة الابن بالعالم بشكل مُبكر"، فتضميد الحزن سيحتاج أوقاتا متفاوتة من سنوات العمر، وربما تحتاج إلى رقم خط ساخن للإبلاغ عمن يمثلون مصدر الحماية الأول، قبل أن تقذف بهم الظنون والحسرة إلى تخوم لا عودة منها!

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

داليا الحزاوي: تحدثوا مع أبنائكم عن تاريخ بلدنا واغرسوا فيهم قيم الولاء

أكدت الخبيرة الأسرية داليا الحزاوي، مؤسس ائتلاف أولياء أمور مصر، أن مصر تواجه تحديات لم تمر بها عبر تاريخها الحديث، الأمر الذي يتطلب منا أن نكون جميعا كتلة واحدة لنعبر تلك الأزمات، وذلك من خلال غرس قيم الولاء والانتماء في نفوس أبنائنا، فحب الوطن لا يُزرع بين يوم وليلة، فهي عملية تحتاج مجهودا من الأسرة أولًا، ثم باقي المجتمع سواء المدرسة أو وسائل الإعلام المختلفة.

وأضافت داليا الحزاوي: «تحدثوا مع أبنائكم عن تاريخ بلدنا وعن قصص الأبطال الذين قدموا الغالي والنفيس من أجل الحفاظ على الأرض، ويمكن الاستعانة بالقصص التي تعرض ذلك بشكل شيق وممتع، كما يجب الحرص على زيارة الأماكن التاريخية والمتاحف حتى يشعروا بالفخر والعزة والاعتزاز بهوايتهم».

واستكملت: «تحدثوا مع أولادكم عن أهمية المؤسسات الوطنية الجيش والشرطة في حفظ الأمن والأمان واستقرار الوطن مما يتطلب منا جميعا دعمهم، واحترامهم، حيث أن بذرة المواطن الصالح تأتي من الأسرة».

واختتمت: «الوطن يبنى على سواعد أبنائه المخلصين المحبين فكل شخص يسهم كلا في مجاله على رفعة الوطن وتقدمه، وأبناؤنا سوف يحملون الراية، فهم أمل مصر ومستقبلها، لذلك يجب أن نهتم بغرس حب الوطن و قيم الولاء والانتماء».

جدير بالذكر، أنه قد تم تفعيل مبادرة «ادعم أخوك في غزة» مجددًا عبر ائتلاف أولياء أمور مصر، لحث المجتمع المدني وخاصة الأبناء لتقديم الدعم للشعب الفلسطيني، مع تصاعد الأحداث بين الاحتلال الإسرائيلي والشعب الفلسطيني.

وقالت داليا الحزاوي: سيتم تفعيل المبادرة عن طريق المداومة على نشر أرقام الحسابات للمؤسسات الرسمية الموثوق فيها التي تتلقي التبرعات عبر الجروب».

وناشدت في المبادرة، أن يحرص الآباء علي الإلمام بالقضية الفلسطينية بشكل مناسب حتى يستطيع مناقشتها مع الأبناء والرد على أسئلتهم و يجب ألا نغفل دورنا في تصحيح المعلومات الخاطئة التي قد يحصل عليها الأبناء من السوشيال ميديا أو القنوات المأجورة التي تبث الشائعات والمعلومات المغلوطة.

وناشدت مؤسس ائتلاف أولياء أمور مصر، المدارس بتنظيم فاعليات تثقيفية وتوعوية للطلاب بالقضية الفلسطينية فقد آن الأوان لمعرفة هذا الجيل بالقضية الفلسطينية وما قدمة الشعب الفلسطيني من تضحيات للدفاع عن أرضه، مؤكدة على ضرورة تعريف الطلاب بحق الشعب الفلسطيني في وطن يسوده السلام والأمان وإقامة دولة مستقلة لها سيادة وعاصمتها القدس، وكذلك شرح دور مصر الكبير في رفض تهجير القسري للشعب الفلسطيني ومساعدته بقوافل المعونات، وفي نفس الوقت الحفاظ على السيادة المصرية وسلامة أراضيها.

وأضافت: «ويمكن في هذه الفاعليات السماح للطلاب بارتداء الزي الفلسطيني والوشاح الفلسطيني المميز وإتاحة الفرصة للطلاب للتعبير عن آرائهم ومناصرة إخوانهم في فلسطين»، متابعة: «سواء كان هذا التعبير من خلال الرسم أو كتابة الشعر أو القصة ويمكن تجميع تلك الأعمال وعمل معرض فني».

اقرأ أيضاًاللهم رب الناس أذهب البأس.. دعاء الشفاء للأطفال والمرضى

مصر ولاباز تبحثان تعزيز التعاون في قطاع الطاقة والهيدروجين الأخضر

«متطلبات التوظيف في الشركات العالمية».. ندوة نقاشية بنقابة المهندسين بالإسكندرية

مقالات مشابهة

  • إدارة تعليم الجوف تنظم ملتقى نوافذ حوارية للموجهين الطلابيين
  • «الإفتاء» توضح حكم إعطاء الابن من زكاة المال (فيديو)
  • عقوق الوالدين .. بسمة وهبة متأثرة: مش مصدقة إن دا بيحصل
  • استخدام الآباء المفرط للشاشة يدفع الطفل إلى محتوى غير ملائم
  • المطارنة الموارنة تمنوا على سلام الالتزام بما أعلنه وتأليف الحكومة بأسرع وقت ممكن
  • داليا الحزاوي: تحدثوا مع أبنائكم عن تاريخ بلدنا واغرسوا فيهم قيم الولاء
  • هل الحلف الكثير لعقاب الأبناء يُعد يمينًا وله كفارة؟.. أمين الفتوى يجيب
  • دراسة جديدة تكشف: القلق من الرياضيات عند الآباء يؤثر سلباً على أداء الأطفال
  • الطلاق يزيد فرص إصابة الأبناء بالسكتة
  • العنف ضد الأطفال داخل الأسرة: معاناة في صمت