برقصة العقوبات مع روسيا.. الإمارات تخاطر وأمريكا تراقب وتضغط
تاريخ النشر: 27th, August 2023 GMT
تواصل أبوظبي اختبارها للخطوط الأمريكية الحمراء في العلاقات بين الإمارات روسيا، فيما تراقب الولايات المتحدة عن كثب التطورات بين البلدين في ظل عقوبات أمريكية وأوروبية على موسكو جراء حرب تشنها على أوكرانيا منذ 24 فبراير/ شباط 2022، بحسب جوناثان هارفي في تحليل بموقع "وورلد بوليتيكس ريفيو" (WPR).
هارفي تابع، في التحليل الذي ترجمه "الخليج الجديد"، أنه "منذ بداية الصراع الأوكراني، أصبحت الإمارات مركزا مهما للتجارة الروسية، وبعيدا عن مجرد العمل كقناة للذهب الروسي، اشترت الإمارات والسعودية النفط الروسي بأسعار مخفضة، بينما باعتا نفطهما بالقيمة السوقية.
وأردف: "وفي خطوة أثارت الدهشة، شاركت الإمارات في تسهيل نقل الطائرات الإيرانية بدون طيار إلى موسكو، مما ساعد بشكل غير مباشر الجهود العسكرية الروسية، كما يمكن رؤية يخوت القلة الروسية في دبي والازدهار في قطاع العقارات في الدولة الخليجية، مدفوعا جزئيا برجال الأعمال الروس، الذين انتقلوا إلى الإمارات لتجنب العقوبات الغربية ومواصلة عملياتهم العالمية".
وتنفي أبوظبي أي دور لها في تزويد إيران المزعوم لروسيا بطائرات بدون طيار تستخدمها في الهجوم على أهداف أوكرانية، ضمن حرب تبررها موسكو بأن خطط كييف للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، بقيادة الولايات المتحدة، تهدد الأمن القومي الروسي.
وقال هارفي إنه "بصرف النظر عن التمتع بطفرة في الأعمال التجارية، فقد شهدت أبوظبي منذ فترة طويلة فوائد من مواءمة نفسها مع سياسات موسكو الحازمة في شمال أفريقيا والشرق الأوسط، وخاصة في ليبيا وسوريا".
وأضاف أن "أبوظبي تابعت علاقاتها مع موسكو بشكل أكثر استباقية من الرياض، وبشكل عام، تسعى الإمارات إلى التصرف بشكل مستقل، وغالبا ما تجد نفسها على خلاف مع القيود التي تفرضها الولايات المتحدة، مثل محاولات واشنطن قمع الدول التي تتعامل مع نظام بشار الأسد في سوريا".
اقرأ أيضاً
الشراكة الأمريكية على المحك.. لماذا توطد الإمارات علاقاتها مع روسيا والصين؟
القائمة الرمادية
و"وسط العقوبات الغربية على روسيا، لم تكن الولايات المتحدة غافلة عن مناورات أبوظبي، وقد تم تسليط الضوء على المخاطر عندما أضافت فرقة العمل المعنية بالإجراءات المالية، وهي هيئة مراقبة عالمية لغسل الأموال وتمويل الإرهاب، أبوظبي إلى "القائمة الرمادية" في مارس/ آذار 2022، وهو ما قامت به واشنطن والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي في العام الجاري"، كما تابع هارفي.
وزاد بأن "الضغوط تصاعدت تدريجيا على الإمارات، مع القلق من دورها في مساعدة روسيا على تخفيف أثر العقوبات".
هارفي مضى قائلا إنه "في مارس/آذار الماضي، صنفت واشنطن الإمارات "دولة محط اهتمام"، مما يعكس الإحباط المتزايد من تعاملات أبوظبي مع موسكو، بينما كانت واشنطن تتطلع إلى زيادة خنق علاقات روسيا الاقتصادية الخارجية".
وأضاف أن "هذه المشاعر تفاقمت في يونيو/حزيران بعد محاولة التمرد القصيرة (على الكرملين) التي قامت بها مجموعة فاجنر، المنظمة شبه العسكرية الروسية، مما سلط الضوء بشكل أكبر على تعاون الإمارات وروسيا في الشؤون الإقليمية".
و"تلا ذلك سلسلة من العقوبات الأمريكية استهدفت شركة مقرها دبي مرتبطة بعمليات تهريب الذهب والماس التي تقوم بها فاجنر، مما يوضح كيف ساعد النظام المالي في الإمارات فاجنر في إجراء عمليات"، وفقا لهارفي.
واستطرد: "كما طاردت واشنطن شركات أخرى تعمل داخل الإمارات، ففي جولة من العقوبات ضد أكثر من 120 شركة وفردا في يوليو/تموز الماضي، تم استهداف شركة هندسية إماراتية بارزة بسبب مزاعم بأنها زودت روسيا بعشرات الشحنات من الإلكترونيات. ومع استشعارها للضغوط المتزايدة، قطعت الإمارات علاقاتها مع شركات مصرفية روسية مثل "أم تي إس" (MTS)".
اقرأ أيضاً
لماذا دعمت روسيا الإمارات في مسألة الجزر الثلاث وأغضبت إيران.. 3 أسباب
الأمن الأمريكي
ومن المؤكد، بحسب هارفي، أن "العلاقات الاقتصادية بين الخليج وروسيا عميقة وتستمر حتى وسط الحرب في أوكرانيا. لكن مع مراقبة واشنطن لتلك العلاقات عن كثب، بدأت الإمارات تدرك أن رقصتها الدقيقة ليست خالية من المخاطر".
وتابع: "وفي حين سعت أبوظبي إلى تنويع شراكاتها العالمية والإقليمية، فإنها تدرك بلا شك أنه لا يوجد شريك آخر يمكنه أن يضاهي مستوى الأمن الذي توفره واشنطن حاليا. وفي حين أنها تختبر باستمرار استقلالية السياسة الخارجية، فإنها حريصة على تجنب تجاوز خطوط واشنطن الحمراء".
وأردف أن "جهود الإمارات للالتفاف على العقوبات وإعطاء الأولوية للأعمال التي يُنظر إليها على أنها تضر بالمصالح الأمريكية، من المرجح أن تؤدي إلى استمرار الضغط من واشنطن".
و"على الرغم من أن علاقة الإمارات بنظام (الرئيس الروسي) فلاديمير بوتين سوف تتكيف مع تقدم الحرب، فمن المرجح أن تكون العقوبات الأمريكية عاملا مؤثرا، وقد يدفع الضغط المتزايد الإمارات إلى أن تصبح أكثر حذرا وانتقائية في تعاملاتها مع موسكو. وحتى لو كانت ترغب في تعزيز هذه العلاقات، فلا يزال يتعين عليها اجتياز بيئة تنظيمية أكثر صعوبة للقيام بذلك".
اقرأ أيضاً
هكذا قد تخسر الولايات المتحدة الإمارات لصالح روسيا والصين
المصدر | جوناثان هارفي/ وورلد بوليتيكس ريفيو- ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: الإمارات روسيا عقوبات علاقات الولايات المتحدة حرب أوكرانيا الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
مفاوضات موسكو ودمشق.. كيف تسعى روسيا لتعزيز نفوذها في سوريا؟
مع تزايد رغبة روسيا في إعادة بناء نفوذها في سوريا، يتوقع أن تكون المفاوضات بين البلدين بداية لمرحلة جديدة من العلاقات، حيث قد تجد دمشق في موسكو حليفا قادرا على مواجهة التحديات الإقليمية.
وتمثل المصالحة السياسية بين موسكو ودمشق تحولا لافتا في مواقف روسيا، التي لعبت دورا حاسما في الحفاظ على النظام السوري خلال الحرب مع الفصائل المسلحة منذ أكثر من عقد.
وقد سمحت القواعد العسكرية الروسية على سواحل سوريا لموسكو بتعزيز وجودها العسكري في البحر المتوسط وشمال إفريقيا، بينما كانت تدير ضربات ضد الفصائل المسلحة، بمن فيها هيئة تحرير الشام، التي أسقطت نظلم بشار الأسد وأجبرت الرئيس المعزول على المغادرة إلى موسكو.
دعم مالي روسي
ومن أبرز مؤشرات تعزيز العلاقات بين روسيا وسوريا، وفق تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، تقديم موسكو نحو 23 مليون دولار للعملة السورية إلى البنك المركزي في دمشق الشهر الماضي، وهي خطوة أثارت قلق بعض الدول الغربية التي تتجنب دعم الاقتصاد السوري بسبب المخاوف من العقوبات.
وقالت الزميلة في معهد واشنطن آنا بورتشيفسكايا، إن "ميزة روسيا في التعامل مع سوريا تكمن في أنها غير مقيدة بأي اعتبارات أخلاقية، مما يتيح لها تنفيذ قراراتها بحرية من دون الحاجة إلى إجماع".
واعتبرت أن "السؤال الأكبر هو كيفية تعامل الغرب مع الوضع في سوريا لتقليل تبعيتها لروسيا".
مفاوضات روسية سورية
يتمثل الهدف الرئيسي لروسيا من مفاوضاتها مع سوريا في الحفاظ على قواعدها العسكرية هناك، وهي خطوة تعزز من نفوذها الاستراتيجي بينما تواجه تحديات في أوكرانيا.
وقد تناولت المفاوضات الروسية السورية العديد من المواضيع، من بينها مليارات الدولارات من الاستثمارات في حقول الغاز والموانئ، مع طرح إمكانية اعتذار من موسكو عن دورها في قصف المدنيين أثناء حملات دعم نظام الأسد.
من جهة أخرى، رفضت موسكو مناقشة تسليم الأسد، وهو طلب طرحتته الحكومة السورية في الفترة الانتقالية.
وفي وقت كان به المسؤولون الأميركيون يترددون في تقديم خطة واضحة للمستقبل السوري، قال الدبلوماسي الأميركي السابق دافيد شنكر، إن "قلة تفاعل واشنطن في سوريا يجعل من الصعب عليها معارضة عودة روسيا إلى الساحة".
دعم الاقتصاد
لم يقتصر الروس والسوريون على مناقشة القضايا العسكرية فقط، بل امتدت المحادثات لتشمل تعزيز الروابط الاقتصادية بين البلدين.
وقد بدأت المفاوضات بين روسيا وسوريا في يناير الماضي، بعد وصول نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف ومبعوثها الخاص إلى سوريا ألكسندر لافرينتيف، حيث ناقشا مستقبل القواعد العسكرية الروسية في حميميم وطرطوس، إلى جانب فرص الاستثمار في حقول الغاز والموانئ السورية.
وبالتزامن مع ذلك، سعت دمشق لتوسيع دائرة تحالفاتها بعيدا عن تركيا، التي كان لها دور في دعم هيئة تحرير الشام.
في المقابل، أبدت سوريا استعدادا للتفاوض مع روسيا في محاولة لتعويض الخسائر التي تكبدتها جراء الحروب الروسية ضد المدنيين السوريين، خصوصا في مجالات إعادة البناء والاستثمارات.
وقد تضمنت المفاوضات أيضا مطالبات بتعويضات عن الأموال التي حولها النظام السابق إلى روسيا، ومن بينها 250 مليون دولار أرسلها البنك المركزي السوري إلى موسكو عامي 2018 و2019.
وكانت روسيا تشارك في مشاريع استثمارية ضخمة في سوريا قبل اندلاع الحرب، بما في ذلك مشروعات النفط والغاز.
وبعد المكالمة الهاتفية بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس السوري في الفترة الانتقالية أحمد الشرع، سافر وزير الخارجية السوري إلى موسكو لمناقشة إعادة النظر في الاتفاقيات الموقعة بين البلدين في عهد الأسد، بما في ذلك المشاريع التي تم تعليقها مثل بناء ميناء طرطوس وتطوير امتيازات الغاز الطبيعي في سوريا.