علماء وشخصيات ثقافية ودينية: مبادرات حاكم الشارقة أوجدت جسراً بين حضارات وأديان العالم
تاريخ النشر: 27th, August 2023 GMT
ريميني – إيطاليا في 27 أغسطس / وام / أشاد عدد من كبار الشخصيات الثقافية والدينية في لقاء "ريميني" للصداقة بين الشعوب 2023 في مدينة ريميني الإيطالية بالرؤية الثقافية والإنسانية لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة والتي تسعى إلى بناء جسور التواصل بين الشعوب والحضارات.
وحظي صاحب السمو حاكم الشارقة بتقدير وإشادة كبيرين من قبل المشاركين في اللقاء الذين أبرزوا مبادرات وإسهامات سموه في مجالات التنمية المستدامة والتعليم والتعاون الدولي والتي تعكس حرص سموه على خلق تفاعل حقيقي ومستدام بين الحضارات والأديان.
وشاركت إمارة الشارقة ممثلة في هيئة الشارقة للكتاب في "لقاء ريميني للصداقة بين الشعوب 2023" الذي يعد أكبر مهرجان ثقافي صيفي في أوروبا والعالم الغربي وبحضور أكثر من ألف مشارك من مختلف دول العالم الذين يمثلون المشهد الثقافي والديني العالمي.
واستضاف اللقاء ندوة حوارية بعنوان "الصداقة بين الثقافات" تحدث فيها كل من سعادة أحمد بن ركاض العامري الرئيس التنفيذي لهيئة الشارقة للكتاب وسعادة برنارد شولز رئيس مؤسسة "لقاء ريميني" والسيدة ماريا تريبودي نائب وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي في إيطاليا والسيدة أنطونيلا شاروني اليبراندي نائب وزير التعليم في الفاتيكان.
وأكد سعادة أحمد بن ركاض العامري خلال الندوة التزام إمارة الشارقة بالحوار والتعارف بين الشعوب والثقافات المختلفة ..مشيراً إلى أنها لا تقتصر على تعريف الغرب بثقافتها وإرثها، بل تسعى أيضاً إلى تعريف العرب بثقافة الغرب وإبداعاته وتنوعه واستشهد سعادته بمقولة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة "إن الثقافة هي الأساس في بناء الحوار الإنساني وخلق التفاهم والوئام بين شعوب العالم كافّة بِغَضّ النظر عن العرق أو الدين أو الجغرافيا".
وقال العامري إن التعرف على ثقافة الآخر يزيل الخوف والجهل ويفتح آفاق التفاهم والسلام وهذا يؤكد أهمية تقديم الوجه الإنساني للأمم من خلال أدبها وفنونها وعاداتها وليس فقط من خلال سلعها ومنتجاتها فالتاريخ يشير إلى أن العلاقات الثقافية تبني جسور التعارف وتساهم في تعزيز نقل المعارف والخبرات والأفكار مثلها مثل العلاقات التجارية التي كانت إحدى أفضل أدوات ترسيخ فرص التبادل الثقافي.
وأعرب عن فخره بدور "هيئة الشارقة للكتاب" في تعزيز الصداقة والتواصل مع ثقافات العالم المختلفة ..موضحاً أن مشاركاتها العالمية لا تنحصر في حضور معارض الكتب بل تقوم بمهمة أكبر وهي أن تكون جسراً يربط بين دولة الإمارات والمنطقة العربية مع العالم وأن استضافة بلدان العالم ضيوف شرف على معرض الشارقة الدولي للكتاب فرصة لبناء صداقات حية بين الثقافة العربية وغيرها من ثقافات العالم.
وأعرب برنارد شولز عن امتنانه لافتتاح هذه الندوة التي تتوافق مع رؤية وهدف اللقاء وهو تعزيز الصداقة بين الثقافات المختلفة ..مؤكداً أهمية هذا الموضوع في ظل التحديات والصراعات التي يواجهها العالم اليوم والتي تستدعي تضافر الجهود والتعاون بين الشعوب.
ورحب بالضيوف المشاركين في الندوة الذين يمثلون نماذج حية للتواصل والتفاهم بين الثقافات ..مختتما كلمته بتوجيه الشكر لإمارة الشارقة على حسن ضيافتها وكرمها خلال استضافة إيطاليا ضيف شرف على "معرض الشارقة الدولي للكتاب 2022" الذي يُعد أحد أبرز المحافل الثقافية في المنطقة.
من جهتها أكدت السيدة ماريا تريبودي أن الثقافة تشكل أولوية في السياسة الخارجية لبلادها وأنها تعتبر وسيلة للحفاظ على التراث والهوية والسلام في زمن النزاعات ..مشيرة إلى أن إيطاليا تدعم وتروج لثقافتها ومواقعها السياحية وتراثها المادي واللامادي باعتبارها مصدراً رئيسياً للدخل والتنمية كما أثنت على وثيقة الأخوة الإنسانية مؤكدة أن كافة الحوارات التي قامت بها في العالم اعتمدت على الثقافة كأساس للتفاهم والصداقة بين الشعوب.
بدورها قالت أنطونيلا شاروني اليبراندي الثقافة والتعليم يشكلان ركيزتين أساسيتين لبناء الصداقة بين الشعوب وفي سبيل تحقيق هذه الصداقة نسعى في وزارة التعليم في الفاتيكان إلى ربط التعليم بالثقافة وفتح الحوار حولها في المدارس فنشر الوعي بذلك بين الطلاب يضمن تعليماً حقيقياً يحترم هوية وتاريخ كل ثقافة وقد أثمرت هذه السياسة الرائدة عن وجود أكثر من 1000 جامعة كاثوليكية في العالم تفتح أبوابها للثقافة دون خوف من تراجع هويتها الدينية بل على العكس فإنها تستفيد من الحوار مع الآخر لتنمية هذه الهوية.
بدوره، تناول الدكتور وائل فاروق أستاذ اللغة العربية في الجامعة الكاثوليكية مفهوم الصداقة من منظور لغوي وثقافي قائلاً تتمثل الصداقة في قبول البعد والاختلاف بين الأفراد والثقافات فهي تساعد على اكتشاف حقيقة الذات والآخر وهنا يبرز دور المؤسسات التي تسهم في بناء جسور التواصل والصداقة بين الثقافات مثل وزارات الخارجية والتعليم والمؤسسات التي تدعم الكتاب والثقافة وكذلك مثل هذا اللقاء الرائد الحافل بالقلوب التي تؤمن بالصداقة واللقاء في سبيل تحقيق رسالة سلام للعالم أجمع.
وشهد اللقاء -عقب انتهاء الندوة- مداخلة حية من إحدى المدرسات في مدرسة "فيكتوريا ماغنسيان" في أرمينيا التي تم ترميمها بأمر من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة كجزء من مشروعه الإنساني لإعادة إحياء التراث وعبّرت المدرّسة عن شكرها وامتنانها لسموه على ترميم كنيسة «دير هاغاردزين» وإصلاح الشارع المؤدي إليها والذي يعتبر رمزاً للهوية والانتماء للأرمن.
وأضافت أنها شخصياً استفادت من هذه المبادرة حيث تستطيع الآن زيارة الكنيسة بسهولة والصلاة فيها ..مشيرة إلى أن هذا التواصل الإنساني والثقافي بين الشارقة وأرمينيا يعكس روح التسامح والتعاون بين الشعوب وأنه لن يُنسى أبداً من قبل أبناء بلدها.
ويعد لقاء "ريميني" للصداقة بين الشعوب أكبر مهرجان ثقافي صيفي في أوروبا والعالم الغربي ويهدف إلى الجمع بين الأشخاص من مختلف الأديان والثقافات في جو من الصداقة والألفة والسلام ويضم العديد من الفعاليات والندوات والمحاضرات والعروض الفنية والمعارض كما يستضيف اللقاء كل عام شخصيات بارزة من مجالات السياسة والدين والثقافة والفن والإعلام ويناقش قضايا مهمة تخص الإنسانية والحضارة ويعتبر اللقاء فرصة لبناء صداقات حية بين الثقافة العربية وغيرها من ثقافات العالم كما يبرز دور المؤسسات التي تسهم في تعزيز التواصل والتفاهم بين الشعوب والحضارات.
رضا عبدالنور/ بتول كشواني
المصدر: وكالة أنباء الإمارات
كلمات دلالية: حاکم الشارقة بین الثقافات الصداقة بین بین الشعوب إلى أن
إقرأ أيضاً:
ترامب الذي انتصر أم هوليوود التي هزمت؟
ما دمنا لم نفارق بعد نظام القطب الواحد المهيمن على العالم تظل النظرية القديمة التي نقول إن الشعب الأمريكي عندما يختار رئيسه فهو يختار أيضا رئيسا للعالم نظرية صحيحة. ويصبح لتوجه هذا الرئيس في فترة حكمه تأثير حاسم على نظام العلاقات الدولية وحالة الحرب والسلم في العالم كله.
ولهذا فإن فوز دونالد ترامب اليميني الإنجيلي القومي المتشدد يتجاوز مغزاه الساحة الداخلية الأمريكي وحصره في أنه يمثل هزيمة تاريخية للحزب الديمقراطي أمام الحزب الجمهوري تجعله عاجزا تقريبا لمدة ٤ أعوام قادمة عن منع ترامب من تمرير أي سياسة في كونجرس يسيطر تماما على مجلسيه.
هذا المقال يتفق بالتالي مع وجهة النظر التي تقول إن اختيار الشعب الأمريكي لدونالد ترامب رئيسا للمرة الثانية ـ رغم خطابه السياسي المتطرف ـ هو دليل على أن التيار الذي يعبر عنه هو تيار رئيسي متجذر متنامٍ في المجتمع الأمريكي وليس تيارا هامشيا.
فكرة الصدفة أو الخروج عن المألوف التي روج لها الديمقراطيون عن فوز ترامب في المرة الأولى ٢٠١٦ ثبت خطأها الفادح بعد أن حصل في ٢٠٢٤ على تفويض سلطة شبه مطلق واستثنائي في الانتخابات الأخيرة بعد فوزه بالتصويت الشعبي وتصويت المجمع الانتخابي وبفارق مخيف.
لكن الذي يطرح الأسئلة الكبرى عن أمريكا والعالم هو ليس بأي فارق من الأصوات فاز ترامب ولكن كيف فاز ترامب؟ بعبارة أوضح أن الأهم من الـ٧٥ مليون صوت الشعبية والـ٣١٢ التي حصل عليها في المجمع الانتخابي هو السياق الاجتماعي الثقافي الذي أعاد ترامب إلى البيت الأبيض في واقعة لم تتكرر كثيرا في التاريخ الأمريكي.
أهم شيء في هذا السياق هو أن ترامب لم يخض الانتخابات ضد هاريس والحزب الديمقراطي فقط بل خاضه ضد قوة أمريكا الناعمة بأكملها.. فلقد وقفت ضد ترامب أهم مؤسستين للقوة الناعمة في أمريكا بل وفي العالم كله وهما مؤسستا الإعلام ومؤسسة هوليوود لصناعة السينما. كل نجوم هوليوود الكبار، تقريبا، من الممثلين الحائزين على الأوسكار وكبار مخرجيها ومنتجيها العظام، وأساطير الغناء والحاصلين على جوائز جرامي وبروداوي وأغلبية الفائزين ببوليتزر ومعظم الأمريكيين الحائزين على نوبل كل هؤلاء كانوا ضده ومع منافسته هاريس... يمكن القول باختصار إن نحو ٩٠٪ من النخبة الأمريكية وقفت ضد ترامب واعتبرته خطرا على الديمقراطية وعنصريا وفاشيا ومستبدا سيعصف بمنجز النظام السياسي الأمريكي منذ جورج واشنطن. الأغلبية الساحقة من وسائل الإعلام الرئيسية التي شكلت عقل الأمريكيين من محطات التلفزة الكبرى إلي الصحف والمجلات والدوريات الرصينة كلها وقفت ضد ترامب وحتى وسائل التواصل الاجتماعي لم ينحز منها صراحة لترامب غير موقع إكس «تويتر سابقا». هذه القوة الناعمة ذات السحر الأسطوري عجزت عن أن تقنع الشعب الأمريكي بإسقاط ترامب. صحيح أن ترامب فاز ولكن من انهزم ليس هاريس. أتذكر إن أول تعبير قفز إلى ذهني بعد إعلان نتائج الانتخابات هو أن ترامب انتصر على هوليوود. من انهزم هم هوليوود والثقافة وصناعة الإعلام في الولايات المتحدة. لم يكن البروفيسور جوزيف ناي أحد أهم منظري القوة الناعمة في العلوم السياسية مخطئا منذ أن دق أجراس الخطر منذ ٢٠١٦ بأن نجاح ترامب في الولاية الأولى هو مؤشر خطير على تآكل حاد في القوة الناعمة الأمريكية. وعاد بعد فوزه هذا الشهر ليؤكد أنه تآكل مرشح للاستمرار بسرعة في ولايته الثانية التي تبدأ بعد سبعة أسابيع تقريبا وتستمر تقريبا حتى نهاية العقد الحالي.
وهذا هو مربط الفرس في السؤال الكبير الأول هل يدعم هذا المؤشر الخطير التيار المتزايد حتى داخل بعض دوائر الفكر والأكاديميا الأمريكية نفسها الذي يرى أن الإمبراطورية ومعها الغرب كله هو في حالة أفول تدريجي؟
في أي تقدير منصف فإن هذا التآكل في قوة أمريكا الناعمة يدعم التيار الذي يؤكد أن الامبراطورية الأمريكية وربما معها الحضارة الغربية المهيمنة منذ نحو٤ قرون على البشرية هي في حالة انحدار نحو الأفول. الإمبراطورية الأمريكية تختلف عن إمبراطوريات الاستعمار القديم الأوروبية فبينما كان نفوذ الأولى (خاصة الإمبراطوريتين البريطانية والفرنسية) على العالم يبدأ بالقوة الخشنة وبالتحديد الغزو والاحتلال العسكري وبعدها يأتي وعلى المدى الطويل تأثير قوتها الناعمة ولغتها وثقافتها ونظمها الإدارية والتعليمية على شعوب المستعمرات فإن أمريكا كاستعمار إمبريالي جديد بدأ وتسلل أولا بالقوة الناعمة عبر تقدم علمي وتكنولوجي انتزع من أوروبا سبق الاختراعات الكبرى التي أفادت البشرية ومن أفلام هوليوود عرف العالم أمريكا في البداية بحريات ويلسون الأربع الديمقراطية وأفلام هوليوود وجامعات هارفارد و برينستون ومؤسسات فولبرايت وفورد التي تطبع الكتب الرخيصة وتقدم المنح وعلى عكس صورة المستعمر القبيح الأوروبي في أفريقيا وآسيا ظلت نخب وشعوب العالم الثالث حتى أوائل الخمسينات تعتقد أن أمريكا بلد تقدمي يدعم التحرر والاستقلال وتبارى بعض نخبها في تسويق الحلم الأمريكي منذ الأربعينيات مثل كتاب مصطفى أمين الشهير «أمريكا الضاحكة». وهناك اتفاق شبه عام على أن نمط الحياة الأمريكي والصورة الذهنية عن أمريكا أرض الأحلام وما تقدمه من فنون في هوليوود وبروداوي وغيرها هي شاركت في سقوط الاتحاد السوفييتي والمعسكر الشيوعي بنفس القدر الذي ساهمت به القوة العسكرية الأمريكية. إذا وضعنا الانهيار الأخلاقي والمستوى المخجل من المعايير المزدوجة في دعم حرب الإبادة الإسرائيلية الجارية للفلسطينيين واللبنانيين والاستخدام المفرط للقوة العسكرية والعقوبات الاقتصادية كأدوات قوة خشنة للإمبراطورية الأمريكية فإن واشنطن تدمر القوة الناعمة وجاذبية الحياة والنظام الأمريكيين للشعوب الأخرى وهي واحدة من أهم القواعد الأساسية التي قامت عليها إمبراطورتيها.
إضافة إلى دعم مسار الأفول للإمبراطورية وبالتالي تأكيد أن العالم آجلا أو عاجلا متجه نحو نظام متعدد الأقطاب مهما بلغت وحشية القوة العسكرية الأمريكية الساعية لمنع حدوثه.. فإن تطورا دوليا خطيرا يحمله في ثناياه فوز ترامب وتياره. خاصة عندما تلقفه الغرب ودول غنية في المنطقة. يمكن معرفة حجم خطر انتشار اليمين المتطرف ذي الجذر الديني إذا كان المجتمع الذي يصدره هو المجتمع الذي تقود دولته العالم. المسألة ليست تقديرات وتخمينات يري الجميع بأم أعينهم كيف أدي وصول ترامب في ولايته الأولى إلى صعود اليمين المتطرف في أوروبا وتمكنه في الوقت الراهن من السيطرة على حكومات العديد من الدول الأوروبية بعضها دول كبيرة مثل إيطاليا.
لهذا الصعود المحتمل لتيارات اليمين المسيحي المرتبط بالصهيونية العالمية مخاطر على السلم الدولي منها عودة سيناريوهات صراع الحضارات وتذكية نيران الحروب والصراعات الثقافية وربما العسكرية بين الحضارة الغربية وحضارات أخرى مثل الحضارة الإسلامية والصينية والروسية.. إلخ كل أطرافها تقريبا يمتلكون الأسلحة النووية!!
حسين عبد الغني كاتب وإعلامي مصري