لم يكن يتوقع أكثر المتفائلين أن "موانئ دبي" العالمية، التي بدأت باكورة أعمالها عام 1999 لتشغيل وتطوير بعض اللوجستيات في ميناء جدة السعودي، ستصبح يومًا ما واحدة من أكبر مشغلي الموانئ في العالم.

الأمر لم يقتصر على ذلك فحسب، بل لحقتها في عام 2006، تجربة "موانئ أبوظبي"، التي أصبحت هي الأخرى مجموعة متكاملة تدير الموانئ والمدن الصناعية وسلاسل التوريد اللوجيستية ذات المستوى العالمي والتي تعمل على تغيير مستقبل المنطقة.

ويوما بعد آخر، توسع المجموعتان أنشطتها حول العالم، لاسيما عبر الاستحواذات واتفاقيات التعاون، في إطار أوسع تنافس بين الإماراتين على النفوذ والعوائد الاقتصادية.

مجموعة "موانئ دبي"، نجحت في غضون عقدين فقط أن تدير أكثر من 75 محطة بحرية موجودة في أكثر من 40 دولة حول العالم، ومتحكمة بـ10% من حركة الحاويات عالميًا، حيث تتعامل مع 70 مليون حاوية يتم جلبها من نحو 70 ألف سفينة سنويًا، لتتصدر قائمة مشغلي الموانئ في آسيا وإفريقيا والشرق الأوسط.

ومن المتوقع وفق التوسعات، الوصول إلى 93.6 مليون حاوية نمطية بنهاية العام الجاري، لتلبية الطلب المتزايد في الأسواق التجارية الرئيسية.

فبجانب مينائي جبل علي والفجيرة في الإمارات، تمتلك "موانئ دبي" العديد من المشروعات في المحيط الهادي الآسيوي، خاصة في الصين، وعلى رأسها محطة حاويات في ميناء "تشينغ داو"، ومحطة حاويات في ميناء "تيانجن"، ومحطة حاويات في ميناء "يانتاي"، بجانب محطة حاويات في "هونج كونج"، وأخرى في ميناء "صربيا" وميناء "البوسنة".

اقرأ أيضاً

للتوسع عالميا.. تعزيز التعاون بين موانئ أبوظبي وهندسة الماكينات الصينية

ومن المحيط الهادي الآسيوي إلى شبه القارة الهندية، حيث تشارك الشركة في أعمال تطوير 7 موانئ هندية وميناء باكستاني.

وكانت اتفاقية امتياز مع سلطة ميناء "ديندايال" لتطوير وتشغيل وصيانة محطة حاويات ضخمة جديدة بتكلفة 510 ملايين دولار، بسعة 2.19 مليون حاوية نمطية في منطقة كاندلا غوجارات، على الساحل الغربي من الهند، آخر صفقات "موانئ دبي" في المنطقة.

أما في الشرق الأوسط، لديها 3 موانئ رئيسية تستحوذ على نسب كبيرة من حصص التشغيل بها، 2 في مصر وواحد في جدة السعودية.

وفيما يتعلق بأمريكا الجنوبية، فهناك أكثر من 9 مشروعات في موانئ البرازيل والأرجنتين وكولومبيا، إضافة إلى 4 مواني في أستراليا، وما يزيد على 14 ميناءً ومحطةً في أفريقيا، إلى جانب 8 محطات في موانئ روسيا، مع احتمالية زيادة عددها خلال الآونة المقبلة، الأمر ذاته في أوروبا التي توجد الشركة الإماراتية في 6 موانئ بها.

وبلغت القيمة الاستثمارية لمشاريع المجموعة حول العالم، نحو 65 مليار دولار (239 مليار درهم) في نهاية العام الماضي.

وتمتلك المجموعة حالياً أكثر من 350 وحدة أعمال عبر 6 قارات، تغطي شبكتها العالمية المترابطة، جميع نقاط الربط لسلسلة التوريد المتكاملة، بدءاً من المحطات البحرية والبرية، وصولاً إلى الخدمات البحرية والمجمعات الصناعية، إضافة إلى الحلول التجارية القائمة على التكنولوجيا.

اقرأ أيضاً

عبر سلسة موانئ.. وجود إماراتي جيوستراتيجي متطور في أفريقيا

من جانبه، يقول رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لمجموعة "موانئ دبي" سلطان أحمد بن سليّم: "نحن ملتزمون بالاستثمار في بنيتنا التحتية لتلبية الطلب المتزايد على التجارة".

ويضيف: "ستدعم إضافات الطاقة الاستيعابية مكانتنا كمزوّد عالمي لحلول سلاسل التوريد، يربط الاقتصادات والأعمال والمستهلكين حول العالم".

أما مدير العمليات للموانئ ومحطات الحاويات في المجموعة تيمن ميستر، فيقول إن "هدفنا على المدى المتوسط هو الوصول إلى 100 مليون حاوية نمطية سنوياً، اعتماداً على الطلب".

وأمام ذلك، سجلت مجموعة "موانئ دبي" أداء قوياً في قطاع الخدمات اللوجستية، الذي بلغت عائداته 3.9 مليارات دولار (نحو 14.3 مليار درهم) خلال النصف الأول من العام الجاري، مقارنة مع 2.9 مليار دولار (10.5 مليارات درهم) في الفترة ذاتها من العام الماضي، وبنسبة نمو بلغت أكثر من 36%.

ورغم الكثير من الانتقادات التي وجهت للشركة الإماراتية، والخاصة بتورطها في قضايا فساد ورشى لتمرير أجندتها، مستخدمة استراتيجية الأبواب الخلفية لتعزيز تمددها في معظم دول العالم، فإنها تحولت إلى رقم صعب في خريطة الملاحة البحرية العالمية، وما لذلك من مكاسب قوية على المستويين السياسي والاقتصادي للدولة الخليجية الصغيرة.

اقرأ أيضاً

الإمارات تدعم تطوير الموانئ المصرية.. من المستفيد؟

وليس بعيدا عنها، تأتي مجموعة "موانئ أبوظبي" التي تأسست في 2006، وتعرف نفسها بأنها أحد المحركات الرئيسية للتجارة والصناعة والخدمات اللوجستية في المنطقة، وتشكل حلقة ربط بين أبوظبي وجميع أنحاء العالم، وفقا لموقعها الإلكتروني.

وتضم المجموعة عددا من قطاعات الأعمال الرئيسية وهي: قطاع الموانئ، وقطاع المدن الصناعية والمنطقة الحرة، والقطاع البحري، والقطاع اللوجستي، والقطاع الرقمي، وتشمل محفظتها على 10 موانئ ومحطات في الإمارات، بالإضافة إلى أكثر من 550 كيلومترًا مربعًا من المناطق الصناعية ضمن كل من مدينة خليفة الصناعية وزونزكورب اللتين تشكلان معًا أكبر مجمع تجاري ولوجستي وصناعي في منطقة الشرق الأوسط.

وتقول المجموعة إنها تحرص على لعب دور حيوي في تعزيز النمو الاقتصادي لإمارة أبوظبي، إذ تساهم في 13.6% من إجمالي الناتج المحلي غير النفطي للإمارة.

وبفضل توسيع وتعزيز أنشطتها ولا سيما عبر الاستحواذات، حققت مجموعة موانئ أبوظبي  على مدار العام الماضي صافي أرباح بنسبة زيادة  50% إلى 1.27 مليار درهم (345.8 مليون دولار) ارتفاعا من 854 مليون درهم في 2021، بحسب بيان للمجموعة.

كما حققت "موانئ أبوظبي" نموا في الإيرادات خلال الربع الثاني من العام الجاري، بنسبة 66% مقارنةً بنفس الفترة من العام الماضي، لتصل إلى 2.1 مليار درهم (571.7 مليون دولار)، مدفوعةً بالأداء القوي للقطاع البحري وقطاع الموانئ والقطاع الرقمي، علاوة على عمليات الاستحواذ (وبنسبة تزيد على 44% على أساس مقارنة المثل بالمثل على أساس سنوي)

كما ارتفع حجم مناولة الحاويات بنسبة تزيد على 10% مقارنةً بنفس الفترة من العام الماضي، والبضائع العامة بنسبة تزيد على 40% مقارنةً بنفس الفترة من العام الماضي، وسفن الدحرجة بنسبة تزيد على 64% مقارنةً بنفس الفترة من العام الماضي، وعدد ركاب السفن السياحية بنسبة تزيد على 152%، وعمليات الشحن الإقليمي للحاويات بنسبة تزيد على 27% مقارنةً بنفس الفترة من العام الماضي، ونقل اللدائن البلاستيكية بنسبة تزيد على 8% مقارنةً بنفس الفترة من العام الماضي.

اقرأ أيضاً

بالاستحواذ والتشغيل.. أبوظبي تنافس دبي للسيطرة على الموانئ العالمية

بذلك تصعد إمارة أبوظبي عبر ذراعها مجموعة "موانئ أبوظبي"، من منافستها لإمارة دبي عبر ذراعها مجموعة "موانئ دبي"، في صفقات الاستحواذ على الموانئ ضمن صراع على النفوذ والعوائد الاقتصادي بين الإماراتين.

وتحدث موقع "إنتليجنس أونلاين" عن صراع بين إمارتي أبوظبي ودبي بشأن مَن يستحوذ على الموانئ الاستراتيجية في أرجاء العالم، بعدما كان هذا الأمر من اختصاص مجموعة "موانئ دبي" التي تدير موانئ في كل القارات.

وتخوض إمارة أبوظبي، حسب الموقع، معركة شرسة لتخطي موانئ دبي العالمية، التي كانت رأس الحربة الإماراتية في هذا القطاع؛ ما يعني أنه لم يعد بمقدور المجموعة الاعتماد على دعم أبوظبي الدبلوماسي والمالي للظفر بموانئ جديدة.

في ضوء المعطيات السابقة، تحاول الإمارات تأمين نفوذها الإقليمي والدولي من خلال توسعة رقعة هيمنتها على قطاع النقل البحري في العالم، وذلك عبر ساعديها الأبرز، مجموعة أبوظبي ومجموعة دبي العالمية، وسط توقعات بزيادة نشاطهما وتوسعاتهما خلال المرحلة المقبلة.

وإن كان ثقل دبي كمركز تجاري بات مهددًا بعد دخول الرياض كمنافس قوي، فإن ترسيخ أركانها كرائد لهذا القطاع البحري اللوجستي المهم قد يكون البديل الذي يبقي الدولة النفطية الصغيرة على خريطة الوجود العالمي.

اقرأ أيضاً

أرباح موانئ أبوظبي تنمو 59% وتتجاوز 81 مليون دولار في 3 شهور

المصدر | الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: الإمارات موانئ دبي أبوظبي موانئ دبي موانئ أبوظبي استحواذات امتيازات موانئ أبوظبی ملیون حاویة حول العالم ملیار درهم اقرأ أیضا موانئ دبی فی میناء أکثر من

إقرأ أيضاً:

بحضور نهيان بن مبارك.. “بولينوم” و “أبوظبي للإدارة” تطلقان أكاديمية الذكاء الاصطناعي

 

أطلقت مجموعة بولينوم، بالتعاون مع كلية أبوظبي للإدارة، أكاديمية الذكاء الاصطناعي، وهي مبادرة تعليمية تركز على الذكاء الاصطناعي، وتهدف إلى تطوير جيل جديد من قادة الذكاء الاصطناعي من خلال دمج الأبحاث المتقدمة مع رؤى واقعية من الصناعة، مما يعزز مكانة منطقة الشرق الأوسط في مجال الابتكار العالمي في الذكاء الاصطناعي.
وتم توقيع اتفاقية الشراكة الإستراتيجية رسميًا، بحضور معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير التسامح والتعايش، وذلك خلال القمة المهنية السنوية للذكاء الاصطناعي “قمة الآلات يمكنها أن ترى”.
وتقدم أكاديمية الذكاء الاصطناعي، سلسلة من البرامج القصيرة المصممة خصيصًا للمديرين التنفيذيين، وكبار المسؤولين الحكوميين، والمتخصصين الفنيين، والتي ستتناول المفاهيم الأساسية للذكاء الاصطناعي، والإستراتيجيات الوطنية المتعلقة به، وأدوات الذكاء الاصطناعي التوليدية، بالإضافة إلى التطبيقات على المستوى التنفيذي التي تسهل على القادة الوصول إلى مختلف القطاعات، وستكون هذه العروض القصيرة متاحة بعدة لغات، وستشكل أساسا لجهود بناء قدرات أوسع في مجال الذكاء الاصطناعي.
وبعد الطرح الأولي، تطلق الأكاديمية برنامج المدير التنفيذي للذكاء الاصطناعي (CAIO)، وهو برنامج قيادي رائد يمتد من 3-4 أشهر، مصمم لتمكين جيل جديد من صانعي القرار في مجال الذكاء الاصطناعي، ويتألف من 8 وحدات متقدمة، ويقدم للمشاركين أساسًا شاملاً في إستراتيجيات الذكاء الاصطناعي، والحوكمة، وانتشاره في مجالات متعددة مثل التمويل، والرعاية الصحية، والإدارة العامة.
ويحضر المشاركون ندوات حصرية يديرها كبار العلماء والقادة العالميون في هذه الصناعة، مما يتيح لهم الاطلاع المباشر على أحدث الأبحاث والابتكارات في مجالات مثل الرؤية الحاسوبية، ونماذج اللغة الكبيرة، والذكاء الاصطناعي السيادي، وأخلاقيات الذكاء الاصطناعي، وستعزز هذه الجلسات الحوار المثمر، وتقدم رؤى عملية وإستراتيجية لأولئك الذين يسهمون في تشكيل مستقبل الذكاء الاصطناعي في المنطقة.
وفي إطار التزامها المستمر بتعزيز التعليم العملي في مجال الذكاء الاصطناعي، أعلنت مجموعة بولونيوم تعاونها مع شركة NVIDIA، بهدف دعم رؤية الأكاديمية من خلال دمج خبرات وتقنيات NVIDIA في برامج مختارة، مما يسهم في تحقيق المهمة المشتركة في تسريع جاهزية الذكاء الاصطناعي وتطبيقه في العالم الواقعي عبر المنطقة.
وأكد ألكسندر خانين مؤسس مجموعة بولينوم، التزم المجموعة بسد الفجوة بين الاكتشافات العلمية والتطبيقات التجارية للذكاء الاصطناعي، مشيرا إلى أنه من خلال التعاون مع كلية أبوظبي للإدارة وشركة NVIDIA، فإن المجموعة على استعداد لتقديم تجربة تعليمية فريدة تعزز الابتكار والقيادة التقنية المسؤولة.
من جهته أكد الدكتور طيب كمالي، رئيس مجلس إدارة كلية أبوظبي للإدارة أن إطلاق أكاديمية الذكاء الاصطناعي، التي تركز على تزويد القادة في المنطقة بالأدوات والرؤى اللازمة للاستفادة من الإمكانات التحويلية للذكاء الاصطناعي، تعكس الالتزام المستمر بالابتكار في مجال تعليم الإدارة، ووضع دولة الإمارات مركزا عالميا للقيادة في مجال الذكاء الاصطناعي في قطاع الأعمال.
وأوضح أن الهدف من هذه الشراكة، هو تمكين الجيل القادم من صانعي التغيير ليقوموا بقيادة التوجهات المستقبلية في عالم يتزايد فيه الاعتماد على التكنولوجيا والبيانات.
وتعمل أكاديمية الذكاء الاصطناعي كمحفز لمشاريع البحث التعاوني، وفرص الشبكات، واحتضان الشركات الناشئة.
ويؤكد هذا البرنامج رؤية مجموعة بولينوم الأوسع الهادفة إلى تعزيز تقدم الذكاء الاصطناعي الأخلاقي، وتمكين رواد الأعمال، وتحفيز النمو المستدام في الصناعات المعتمدة على الذكاء الاصطناعي داخل دولة الإمارات وخارجها.وام


مقالات مشابهة

  • بحضور نهيان بن مبارك.. “بولينوم” و “أبوظبي للإدارة” تطلقان أكاديمية الذكاء الاصطناعي
  • محمد بن راشد: جناح الإمارات في «إكسبو أوساكا» يمثل تمسكنا بأصالة الماضي وشغفنا بالمستقبل
  • كنيسة القديس فرنسيس في أبوظبي تقيم قداساً تذكارياً للبابا فرنسيس
  • وفد اقتصادية قناة السويس يختتم زيارة أبوظبي بتفقد موانئها.. شراكة لوجستية واعدة
  • مصير طائرة طيران الهند التي بيعت العام الماضي بعد تلويحة الوداع.. فيديو
  • ما تعرضت له الموانئ اليمنية من استهداف وتدمير ممنهج منذ العام 2015م يندرج في إطار جرائم الحرب الكبرى
  • وفد اقتصادية قناة السويس يلتقي رئيس مجموعة موانئ أبو ظبي لبحث تعزيز التعاون
  • ميناء صلالة يستقبل أولى سفن الحاويات الصديقة للبيئة
  • رئيس اقتصادية قناة السويس: نحرص على تعميق الشراكة مع موانئ أبو ظبي
  • 920 مليون ريال إيرادات قطاع الاتصالات العام الماضي.. ونسب التعمين تصل إلى 93%