عربي21:
2024-10-05@16:16:07 GMT

مأزق جماعة الحوثي في مواجهة شعبٍ غاضب

تاريخ النشر: 27th, August 2023 GMT

صنعاء العاصمة التاريخية لليمن؛ منذ أن سقطت بيد جماعة الحوثي الانقلابية في 21 أيلول/ سبتمبر 2014 لم تعد تَسعْ الهمجيةَ السلطوية التي تمارسها هذه الجماعة بحق الناس، إذ تستأثر بمليارات الريالات من مصادر الدخل المتعددة التي أتاحتها التنازلات المفروضة بقوة الضغط الأمريكي والانتهازية السعودية، في ظل حالة اللا سلم واللا حرب الراهنة، وفي الآن ذاته تستمر معاناة مئات آلاف الموظفين من كل القطاعات نتيجة عدم صرف مرتباتهم منذ سنوات مولدة حالة ضغط شديدة تضع الجماعة في مأزق حقيقي.



الخميس الماضي، تعرض الإعلامي مُجلي الصمدي، وهو مؤسس ورئيس إذاعة صوت اليمن الخاصة، لضرب مبرح من مسلحين تابعين لجماعة الحوثي في حي الصافية بوسط صنعاء، بسبب معارضته الشديدة للجماعة، ومطالباته المستمرة باستعادة الإذاعة، وتعبيره الصارخ عن معاناة انقطاع المرتبات، في مؤشر على أن هذه الجماعة ليست مستعدة أبداً لأن تنجز سلاماً فردياً مع من تضررت مصالحهم الخاصة بشكل مباشر، وليست مستعدة للإقرار بعدالة قضاياهم الخاصة، كمصادرة وسائل الإعلام الخاصة بهم والسطو على المنازل ومصادرة الممتلكات، والأهم من ذلك الاستمرار في حرمان الناس من مرتباتهم وأرزاقهم.

القسوة والقوة المفرطة أنتج ردةَ فعلٍ معاكسةً من النخبة التي تعيش في صنعاء، وهي خليط من ساسة وقضاة ومفكرين ووجهاء اجتماعيين وبيروقراطيين وكتاب رأي، وتتعالى أصواتها منذ سنوات ضداً على الممارسات التي تقوم بها جماعة الحوثي وتقود معها البلاد نحو ارتداد فظيع إلى الماضي المظلم البئيس وإلى الهيمنة الطائفية المقيتة
هذا النوع من القسوة والقوة المفرطة أنتج ردةَ فعلٍ معاكسةً من النخبة التي تعيش في صنعاء، وهي خليط من ساسة وقضاة ومفكرين ووجهاء اجتماعيين وبيروقراطيين وكتاب رأي، وتتعالى أصواتها منذ سنوات ضداً على الممارسات التي تقوم بها جماعة الحوثي وتقود معها البلاد نحو ارتداد فظيع إلى الماضي المظلم البئيس وإلى الهيمنة الطائفية المقيتة، وتكاد تقضي على النقاط المشتركة التي جمعت هذه النخبة مع الجماعة الانقلابية في صيف 2014.

لقد أظهرت نخبة صنعاء شجاعةً كبيرةً في مواجهة هذا الصلف والاستخدام المفرط للقوة، وباتت تمارس قيادة فعلية لحراك من المؤكد أنه سيأخذ أبعاده الميدانية قريباً، في ظل انسداد الأفق وحالة اليأس المتراكمة، وهو ما قد يغير المشهد اليمني برمته إذا ما تحرك الشارع تأسيساً على يقين ثوري جامع هذه المرة حيال التهديدات الوجودية للدولة والجمهورية والديمقراطية والكرامة الإنسانية.

واللافت من ردود الفعل على مستوى الشارع في صنعاء وعبر مواقع التواصل الاجتماعي؛ أن صفوة المجتمع كما القاعدة العريضة منه باتت أكثر استعداد لمواجهة القوة، التي أنتجت لا مبالاة حقيقية تجاه النتائج التي يمكن أن تسفر عن معاودة الجماعة الاستخدام المفرط لهذه القوة وللسلاح وممارسة الهيمنة الطائفية الصارخة، خصوصاً في تجلياتها المتمثلة في الترهيب الفكري والابتزاز العقائدي، وإظهار الصلف في التمثيل الحصري للإسلام وتكريس فئويته على النحو الذي نراه في صنعاء اليوم، ويُذكِّرُنا بالوصفة ذاتها المعتمدة في بيروت ودمشق وبغداد، حيث تهيمن المنظومة الإقليمية الأقلوية التابعة لإيران في منطقتنا، وتتجلى بسببها مظاهر البطش الطائفي في أبشع صورها في هذه البلدان.

على أن كل شيء يبدو أنه يعاكس ما خطط له الحوثيون وما أَمِلَتْ إيرانُ في تحقيقه عبر نفوذ لا محدود لها في اليمن من خلال الحوثيين. فهذه الجماعة تكاد تفقد نفوذها السياسي والسلطوي أمام ردة فعل المجتمع الساخط والغاضب نتيجة الأنانية التي أظهرتها وأظهرها قادتها الفئويون تجاه الناس وصلفهم في التلذذ بمعاناة الناس وإيذائهم، وفوق هذا وذاك استمرار الجماعة في عدم صرف المرتبات رغم الفرص السانحة التي توفرت بعد إعادة فتح ميناء الحديدة كمنفذ شبه حصري لاستيراد السلع الأساسية لمناطق الكثافة السكانية الأكبر في اليمن، وحصولها على منح نفطية وغازية كبيرة تقوم بإعادة بيعها في السوق بأسعار باهظة، ومع ذلك تمتنع عن إعادة توجيه جزء من هذه العائدات لصرف المرتبات.

الحرب التي عرفها العالم في اليمن قد توقفت، رغم أن مظاهرها الكارثية لم تختف في ظل استمرار المواجهات اليومية بين الجيش الوطني والمقاومة الشعبية من جهة وجماعة الحوثي من جهة أخرى، حيث تستمر أعمال القنص والتحشيد من جانب مقاتلي الحوثي، وتواصل الألغام التي زرعتها الجماعة حصد الأرواح، في الوقت الذي تستمر فيه الآلة الدبلوماسية متعددة الأطراف في التحرك لدفع اليمنيين إلى التسليم بنتائج الحرب كما خطط لها الخارج
تصر الجماعة على تسلم موازنة المرتبات من الحكومة الشرعية كما كانت عليه عام 2014 وليس طبقاً لكشوفات الموظفين في ذلك العام، بما خالف ما تم الاتفاق عليه في ستوكهولم وما نصت عليه تفاهمات الهدنة، والتي تشير بوضوح إلى أن المرتبات سوف تسلم للموظفين بشكل مباشر وفقاً لكشوفات العام 2014، أي السنة التي انقلب فيها الحوثيون على السلطة الانتقالية.

ذلك يعني أن الجماعة تريد أموالاً تستخدمها في بناء منظومتها الوظيفية الولائية والطائفية، وتصريف الجزء المتبقي من المبلغ في تعزيز إمبراطوريتها المالية، وتأمين الموارد العسكرية لحرب من المؤكد أنها ستبقى خيار الجماعة للإبقاء على نفوذها وربما تعزيز هذ النفوذ خارج مناطق سيطرتها، خصوصاً إذا تأكدت أن السعودية ماضية في تحقيق أهدافها الجيوسياسية، التي تتقاطع بالتأكيد مع الأهداف السيئة للانقلابيين والانفصاليين، بل وتستند إلى المشهد الفوضوي الراهن، الذي تتآكل فيه القيمة السيادية للشرعية بشكل مخيف.

مما لا يختلف عليه اثنان أن الحرب التي عرفها العالم في اليمن قد توقفت، رغم أن مظاهرها الكارثية لم تختف في ظل استمرار المواجهات اليومية بين الجيش الوطني والمقاومة الشعبية من جهة وجماعة الحوثي من جهة أخرى، حيث تستمر أعمال القنص والتحشيد من جانب مقاتلي الحوثي، وتواصل الألغام التي زرعتها الجماعة حصد الأرواح، في الوقت الذي تستمر فيه الآلة الدبلوماسية متعددة الأطراف في التحرك لدفع اليمنيين إلى التسليم بنتائج الحرب كما خطط لها الخارج، والمضي في النقاشات المستفزة حول صرف المرتبات وإنقاذ جماعة الحوثي من مأزقها الراهن، دون النظر في الكوارث التي يعد بها استمرار وجود هذه الجماعة مهيمنة ومتحكمة سياسياً وعسكرياً بالجزء الشمالي والمفيد من البلاد.

twitter.com/yaseentamimi68

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه اليمن الطائفية الحوثيين اليمن الحوثيين حريات الطائفية القمع مقالات سياسة سياسة اقتصاد سياسة تفاعلي سياسة اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة جماعة الحوثی هذه الجماعة فی صنعاء فی الیمن من جهة

إقرأ أيضاً:

صراعات داخلية تعجل باستمرار تصدع أغلبية الأحرار في جماعة تغازوت

يبدو أن قيادات حزب التجمع الوطني للأحرار قد فشلت في نزع فتيل الانقلاب الذي شنه أعضاء منتمون للحزب نفسه ضد رئيسهم التجمعي محمد بوهرست، إثر استمرار مقاطعة 09 أعضاء (من بينهم ثلاثة نواب للرئيس) لدورات المجلس للمرة الثانية، رغم وساطة عدد من القيادات المحلية والوطنية، وعقد جلسة صلح بين الرئيس والأعضاء.

ونظرا لتواتر مخاوف القيادات الحزبية التجمعية من فقدان الحزب لمعقله الانتخابي بشمال أكادير، خصوصا بعد فقدان التجمع لرئاسة جماعة أورير قبل مدة ليست بالقصيرة، حاول كل من مصطفى بايتاس ورشيد الطالبي العلمي، رأب الصدع الحاصل بين الرئيس وأعضائه الغاضبين في يوليوز الماضي، ومحاولة عقد صلح وتفاهم بين الأطراف .

غير أن اللقاء وحسب مصادر « اليوم24″، لم يخرج بأي نتيجة تذكر، بعد مقاطعة بعض من الأعضاء الغاضبين له وعدم تفهم الحاضرين لردود الرئيس، ليستمر مسلسل مقاطعة الأغلبية لدورات المجلس للمرة الثانية، وعدم تحقق النصاب القانوني لعقد دورة المجلس صبيحة الخميس، حيث حضر سبعة أعضاء فقط، بينما غاب تسعة آخرون.

وبينما يستمر رئيس الجماعة في رفضه الحديث عن الموضوع لوسائل الإعلام، خرج الأعضاء الغاضبون ببيان للرأي العام، يتهمون من خلاله الرئيس بمسؤوليته على ما آلت إليه الأوضاع في جماعة تغازوت باعتباره المسؤول الأول عن السير العادي لشؤون الجماعة.

وأشار الأعضاء الغاضبون لمرور ثلاث سنوات من ولاية المجلس دون تنزيل برنامج عمل الجماعة الذي لم ير النور بعد، واستمرار الرئيس في خرق القانون، على سبيل المثال توقيع اتفاقية شراكة دون الرجوع لمقرر المجلس، وتماطله في تنفيذ مقررات المجلس رغم وجود اعتمادات مالية مهمة، وعدم صرف منح الجمعيات وغيرها من الاعتبارات.

من جانب آخر، قالت مصادر « اليوم24″، إن فتيل الصراع الخفي بين الأعضاء والرئيس جاء مباشرة بعد سحب هذا الأخير لتفويضات وامتيازات سابقة لأحد النواب، من بينها سحب استغلال سيارة الجماعة، حيث امتد الصراع إلى مقاطعة النواب لأشغال الدورات التي ينتظر من خلالها المصادقة على عدة نقاط مهمة، من بينها اقتناء ثلاث سيارات للنقل المدرسي، وتعميم شبكة الماء الصالح للشرب على مختلف دواوير الجماعة، والدراسة، والمصادقة على مشروع ميزانية الجماعة برسم سنة 2025.

 

 

 

 

كلمات دلالية الأحرار التجمع الوطني للأحرار المغرب اورير تغازوت جماعات سياسة شمال اكادير محمد بوهريست

مقالات مشابهة

  • جماعة تطوان تصادق على ميزانية 2025.. والبكوري: تنتظرنا تحديات وستنطلق إنجازات
  • الحوثيون: 18 غارة أميركية بريطانية على اليمن
  • جماعة الحوثي تعلن عن وقوع ضحايا جراء الغارات الأمريكية على صنعاء ومحافظات أخرى
  • القيادة المركزية الأمريكية: نفذنا ضربات ضد 15 هدفا في المناطق التي تسيطر عليها مليشيا الحوثي الإرهابية في اليمن
  • عقب غارات أمريكية بريطانية.. الحوثيون: الهجمات الجوية لن تثنينا عن مساندة غزة ولبنان
  • صراعات داخلية تعجل باستمرار تصدع أغلبية الأحرار في جماعة تغازوت
  • خيارات جماعة الحوثي بعد اغتيال نصرالله
  • اليمن يحتفل ويضرب: «قدس 5» يدخل الخدمة في مواجهة الكيان الإسرائيلي
  • الحوثي يتحسس رأسه بعد تمكن إسرائيل من تصفية «نصر الله»
  • معظمهم ضباط.. جماعة الحوثي تقر بمصرع العشرات من عناصرها في مواجهات مع قوات الجيش