جريدة الوطن:
2025-04-26@07:54:00 GMT

هل الحرب العالمية الثالثة مستعرة الآن؟

تاريخ النشر: 27th, August 2023 GMT

هل الحرب العالمية الثالثة مستعرة الآن؟

«الحرب العالميَّة» هو تعبير يُطلق على الحروب التي تتورَّط بها أكثر من دولتيْنِ كبرييْنِ، وذلك بسبب المصالح المتقاطعة والتحالفات والتكتلات العابرة للحدود. لذا، فالمتورِّطون في الحروب العالميَّة غالبًا ما يكُونُونَ متحالفين مع دوَل أو كُتَل من الدوَل الأخرى. وهذا ما يحدو المرء للاعتقاد بأنَّ ما يجري الآن من ارتطامات واحتكاكات في عالَمنا اليوم إنَّما هو حرب عالميَّة، ولكنَّها حرب تختلف عن الحربَيْنِ العالميَّة الأولى والثانية في أنَّها تستعر حرب على نَحْوٍ تدريجي, أو في أنَّها تجري على نَحْوٍ بطيء (يعتمد تكتيكات الاستنزاف attrition)، بدليل أنَّ الصراع بَيْنَ موسكو وكييف هو جزء من ارتطام عسكري عالَمي ممكن أن تتورطَ به دوَل عديدة.

لذا تُهدِّد روسيا (بَيْنَ آنٍ وآخر) تحالف دوَل العالَم الغربي (ناتو) التي تدعم وتصطف مع أوكرانيا من خطورة التورُّط بدعم كييف أو مدِّ يد العون لها درجة تراكم الكراهية والضغائن عَبْرَ تواصل أوزار الحرب, الأمْرُ الذي قَدْ يَقُودُ إلى توسُّع الحرب وتورُّط دوَل أخرى وتكتلات أخرى شيئًا فشيئًا. ومن ناحية ثانية، للمرء أن يلاحظَ احتمالات تورُّط الصين باستعادة جمهوريَّة الصين الوطنيَّة، «تايوان» تتبعًا لخُطى موسكو في أوكرانيا، إذ يُمكِن أن يجرَّ ذلك إلى تكتُّل جديد روسي ـ صيني زيادة على احتمالات انضمام عددٍ من الدوَل الأخرى المتحالفة مع موسكو كإيران، الأمْرُ الذي قَدْ يَقُودُ إلى حرب أوسع جنوب شرق آسيا (في بحر الصين الجنوبي). وهذا ما تخشاه الكوريَّتان واليابان على نَحْوٍ خاصٍّ، مع إشارة خاصَّة إلى إمكان تورُّط الولايات المُتَّحدة، في مواجهة مع الصين، وهي مواجهة قَدْ لا تُبقي ولا تذر. لذا أفترض اليوم بأنَّ هناك حربًا عالميَّة ثالثة تستعر الآن، ولكن على نَحْوٍ بطيء وبالنيابة والإنابة، بمعنى أنَّ الحرب قَدْ لا تكُونُ مواجهة مباشرة بَيْنَ موسكو واشنطن، ولكن مواجهة بَيْنَ وكلاء لموسكو وآخرين لبكين مقابل واشنطن، ولكن على نَحْوٍ بطيء متجنِّبين بشكلٍ خاصٍّ استعمال السِّلاح النووي الكتلوي الذي يُمكِن أن يحطِّمَ الأرض، كوكبنا الجميل، وهذا ما يدفعنا إلى ملاحظة أهمِّية محاولة الحفاظ على الحياد تجنُّبًا إلى أيِّ توسُّع خطير قَدْ يؤدِّي إلى استعمال أسلحة نوويَّة أو أسلحة هيدروجينيَّة قادرة على قتل كُتَل هائلة من البَشَر.
والحقيقة المُهمَّة في هذا السياق، حسب ما أراها، هي أهمِّية أن تحاولَ دوَلنا في الشرق الأوسط، وخصوصًا الدوَل العربيَّة، تجنُّب التورُّط بتأييد كتلة معيَّنة أو دولة معيَّنة من الدوَل الأوروبيَّة في المعترك أعلاه؛ لأنَّها يُمكِن أن تطلقَ العنان لنَفْسِها في هذا الصراع الأوكراني الروسي (بَيْنَ الشيوعيِّين السابقين)، وهو الصراع الذي أخذ فعلًا يؤثِّر على مجريات الأحداث عَبْرَ العالَم عامَّة. بل إنِّي لأعتقد أنَّ تزويد إيران لموسكو أو لكييف بالطائرات المُسيَّرة يُمكِن أن يؤدِّيَ إلى تعقيدات وإشكاليَّات أخرى قَدْ توسِّع الحرب العالميَّة الجارية الآن وتحثُّ واشنطن على إطلاق هجمة تدميريَّة قويَّة على المشاريع النوويَّة الإيرانيَّة. هذا هو ما يؤدِّي إلى توسُّع الحرب إلى ما لا نهاية: فحذارِ هذا الخطر. أمَّا بالنسبة إلى التعاون الاقتصادي أو المعنوي مع الفرقاء أعلاه، الذي يبدو للمراقبين تعاونًا لا عسكريًّا فإنَّه يُمكِن أن يؤولَ ثم يسحب أقدامنا إلى تورُّط في حرب لا ناقة لنَا فيها ولا جَمل. لذا على المرء أن يحاولَ جاهدًا الابتعاد عن أيَّة ميولات أو انحيازات قابلة لسوء الفهم والتأويل إلى هذا الطرف أو ذاك، خصوصًا في مناطق ملتهبة مِثل أوروبا أو جنوب شرق آسيا؛ لأنَّ هذه الأقاليم سريعة الاشتعال الآن، ويُمكِن لأيِّ حركة أو إشارة عدائيَّة من قِبل دوَلنا العربيَّة أن تؤدِّيَ إلى خصومات واستعداء لا داعي له ولا مصلحة لنَا به ككتلة عربيَّة.

أ.د. محمد الدعمي
كاتب وباحث أكاديمي عراقي

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: على ن ح الدو ل

إقرأ أيضاً:

أوكرانيا تطرح مبادرة سلام جديدة: تنازلات محتملة وإشارات انفراج في الحرب مع موسكو

المبادرة جاءت بعد ساعات من تصريح الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن "يوم ناجح" في محادثات موسكو وكييف، مشيرًا إلى قرب التوصل لاتفاق.

ورغم رفض الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي علنًا اقتراحًا أميركيًا سابقًا يقضي بالتخلي عن أراضٍ تحتلها روسيا، إلا أن القيادة الأوكرانية بادرت بتقديم خطة بديلة أكثر مرونة.

ملامح الخطة الجديدة:

عدم المساس بقدرة الجيش الأوكراني:

لن يتم فرض قيود على حجم أو تسليح القوات المسلحة الأوكرانية.

ضمانات أمنية أوروبية - أميركية:

نشر قوة أمنية أوروبية مدعومة أميركيًا داخل أوكرانيا لضمان الاستقرار.

تعويضات عبر الأصول الروسية المجمدة: استخدام الأموال الروسية المحتجزة لإعادة إعمار أوكرانيا.

غير أن الخطة لم تتطرق لاستعادة جميع الأراضي الأوكرانية المحتلة، ولا إلى الانضمام للناتو، وهما مطلبان أثارا في السابق تعنتاً روسياً.

في السياق ذاته، لمح ترامب إلى إمكانية لقاء زيلينسكي خلال وجوده في روما للمشاركة في جنازة البابا فرنسيس، معتبرًا أن اللقاء "قد يحسم العديد من المسائل العالقة".

من جانبه، أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن موسكو تدرس بجدية مقترحات التسوية، لكنها تتحفظ عن كشف التفاصيل قبل إنضاج المفاوضات.

لقاء مرتقب:

إذا تحقق لقاء زيلينسكي وترامب، فسيكون أول اجتماع مباشر بينهما منذ المواجهة الشهيرة في البيت الأبيض قبل شهرين.

تتجه الأنظار الدولية نحو روما، حيث قد تحمل الساعات القادمة بارقة أمل نحو وقف الحرب الأكثر دموية في أوروبا منذ عقود. 

مقالات مشابهة

  • أوكرانيا تطرح مبادرة سلام جديدة: تنازلات محتملة وإشارات انفراج في الحرب مع موسكو
  • برنامج الأغذية العالمي يعلن نفاد مخزونه الغذائي بالكامل في القطاع.. من يُطعم غزة الآن؟
  • ترامب: أوكرانيا هي المسؤولة عن بدء الحرب ضد روسيا والقرم ستبقي مع موسكو
  • مواقع عسكرية روسية تكشف اسم المسئول الذي قتل في انفجار موسكو
  • السيسي: السلام العادل الخيار الذي ينبغي أن يسعى إليه الجميع
  • لافروف : موسكو مستعدة للتوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب في أوكرانيا
  • الإمارات تُطلق الدورة الثالثة من “جائزة محمد بن راشد العالمية للطيران”
  • منظمة التجارة العالمية:العراق بالمرتبة الثالثة كأكبر مصدر للسلع في 2024
  • شويجو: نشر قوات حفظ السلام في أوكرانيا يشعل الحرب العالمية الثالثة
  • الإمارات تُطلق الدورة الثالثة من جائزة محمد بن راشد العالمية للطيران