هل الحرب العالمية الثالثة مستعرة الآن؟
تاريخ النشر: 27th, August 2023 GMT
«الحرب العالميَّة» هو تعبير يُطلق على الحروب التي تتورَّط بها أكثر من دولتيْنِ كبرييْنِ، وذلك بسبب المصالح المتقاطعة والتحالفات والتكتلات العابرة للحدود. لذا، فالمتورِّطون في الحروب العالميَّة غالبًا ما يكُونُونَ متحالفين مع دوَل أو كُتَل من الدوَل الأخرى. وهذا ما يحدو المرء للاعتقاد بأنَّ ما يجري الآن من ارتطامات واحتكاكات في عالَمنا اليوم إنَّما هو حرب عالميَّة، ولكنَّها حرب تختلف عن الحربَيْنِ العالميَّة الأولى والثانية في أنَّها تستعر حرب على نَحْوٍ تدريجي, أو في أنَّها تجري على نَحْوٍ بطيء (يعتمد تكتيكات الاستنزاف attrition)، بدليل أنَّ الصراع بَيْنَ موسكو وكييف هو جزء من ارتطام عسكري عالَمي ممكن أن تتورطَ به دوَل عديدة.
والحقيقة المُهمَّة في هذا السياق، حسب ما أراها، هي أهمِّية أن تحاولَ دوَلنا في الشرق الأوسط، وخصوصًا الدوَل العربيَّة، تجنُّب التورُّط بتأييد كتلة معيَّنة أو دولة معيَّنة من الدوَل الأوروبيَّة في المعترك أعلاه؛ لأنَّها يُمكِن أن تطلقَ العنان لنَفْسِها في هذا الصراع الأوكراني الروسي (بَيْنَ الشيوعيِّين السابقين)، وهو الصراع الذي أخذ فعلًا يؤثِّر على مجريات الأحداث عَبْرَ العالَم عامَّة. بل إنِّي لأعتقد أنَّ تزويد إيران لموسكو أو لكييف بالطائرات المُسيَّرة يُمكِن أن يؤدِّيَ إلى تعقيدات وإشكاليَّات أخرى قَدْ توسِّع الحرب العالميَّة الجارية الآن وتحثُّ واشنطن على إطلاق هجمة تدميريَّة قويَّة على المشاريع النوويَّة الإيرانيَّة. هذا هو ما يؤدِّي إلى توسُّع الحرب إلى ما لا نهاية: فحذارِ هذا الخطر. أمَّا بالنسبة إلى التعاون الاقتصادي أو المعنوي مع الفرقاء أعلاه، الذي يبدو للمراقبين تعاونًا لا عسكريًّا فإنَّه يُمكِن أن يؤولَ ثم يسحب أقدامنا إلى تورُّط في حرب لا ناقة لنَا فيها ولا جَمل. لذا على المرء أن يحاولَ جاهدًا الابتعاد عن أيَّة ميولات أو انحيازات قابلة لسوء الفهم والتأويل إلى هذا الطرف أو ذاك، خصوصًا في مناطق ملتهبة مِثل أوروبا أو جنوب شرق آسيا؛ لأنَّ هذه الأقاليم سريعة الاشتعال الآن، ويُمكِن لأيِّ حركة أو إشارة عدائيَّة من قِبل دوَلنا العربيَّة أن تؤدِّيَ إلى خصومات واستعداء لا داعي له ولا مصلحة لنَا به ككتلة عربيَّة.
أ.د. محمد الدعمي
كاتب وباحث أكاديمي عراقي
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
أوكرانيا تطرح مبادرة سلام جديدة: تنازلات محتملة وإشارات انفراج في الحرب مع موسكو
المبادرة جاءت بعد ساعات من تصريح الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن "يوم ناجح" في محادثات موسكو وكييف، مشيرًا إلى قرب التوصل لاتفاق.
ورغم رفض الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي علنًا اقتراحًا أميركيًا سابقًا يقضي بالتخلي عن أراضٍ تحتلها روسيا، إلا أن القيادة الأوكرانية بادرت بتقديم خطة بديلة أكثر مرونة.
ملامح الخطة الجديدة:
عدم المساس بقدرة الجيش الأوكراني:
لن يتم فرض قيود على حجم أو تسليح القوات المسلحة الأوكرانية.
ضمانات أمنية أوروبية - أميركية:
نشر قوة أمنية أوروبية مدعومة أميركيًا داخل أوكرانيا لضمان الاستقرار.
تعويضات عبر الأصول الروسية المجمدة: استخدام الأموال الروسية المحتجزة لإعادة إعمار أوكرانيا.
غير أن الخطة لم تتطرق لاستعادة جميع الأراضي الأوكرانية المحتلة، ولا إلى الانضمام للناتو، وهما مطلبان أثارا في السابق تعنتاً روسياً.
في السياق ذاته، لمح ترامب إلى إمكانية لقاء زيلينسكي خلال وجوده في روما للمشاركة في جنازة البابا فرنسيس، معتبرًا أن اللقاء "قد يحسم العديد من المسائل العالقة".
من جانبه، أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن موسكو تدرس بجدية مقترحات التسوية، لكنها تتحفظ عن كشف التفاصيل قبل إنضاج المفاوضات.
لقاء مرتقب:
إذا تحقق لقاء زيلينسكي وترامب، فسيكون أول اجتماع مباشر بينهما منذ المواجهة الشهيرة في البيت الأبيض قبل شهرين.
تتجه الأنظار الدولية نحو روما، حيث قد تحمل الساعات القادمة بارقة أمل نحو وقف الحرب الأكثر دموية في أوروبا منذ عقود.