جريدة الوطن:
2025-03-28@17:46:47 GMT

هل الحرب العالمية الثالثة مستعرة الآن؟

تاريخ النشر: 27th, August 2023 GMT

هل الحرب العالمية الثالثة مستعرة الآن؟

«الحرب العالميَّة» هو تعبير يُطلق على الحروب التي تتورَّط بها أكثر من دولتيْنِ كبرييْنِ، وذلك بسبب المصالح المتقاطعة والتحالفات والتكتلات العابرة للحدود. لذا، فالمتورِّطون في الحروب العالميَّة غالبًا ما يكُونُونَ متحالفين مع دوَل أو كُتَل من الدوَل الأخرى. وهذا ما يحدو المرء للاعتقاد بأنَّ ما يجري الآن من ارتطامات واحتكاكات في عالَمنا اليوم إنَّما هو حرب عالميَّة، ولكنَّها حرب تختلف عن الحربَيْنِ العالميَّة الأولى والثانية في أنَّها تستعر حرب على نَحْوٍ تدريجي, أو في أنَّها تجري على نَحْوٍ بطيء (يعتمد تكتيكات الاستنزاف attrition)، بدليل أنَّ الصراع بَيْنَ موسكو وكييف هو جزء من ارتطام عسكري عالَمي ممكن أن تتورطَ به دوَل عديدة.

لذا تُهدِّد روسيا (بَيْنَ آنٍ وآخر) تحالف دوَل العالَم الغربي (ناتو) التي تدعم وتصطف مع أوكرانيا من خطورة التورُّط بدعم كييف أو مدِّ يد العون لها درجة تراكم الكراهية والضغائن عَبْرَ تواصل أوزار الحرب, الأمْرُ الذي قَدْ يَقُودُ إلى توسُّع الحرب وتورُّط دوَل أخرى وتكتلات أخرى شيئًا فشيئًا. ومن ناحية ثانية، للمرء أن يلاحظَ احتمالات تورُّط الصين باستعادة جمهوريَّة الصين الوطنيَّة، «تايوان» تتبعًا لخُطى موسكو في أوكرانيا، إذ يُمكِن أن يجرَّ ذلك إلى تكتُّل جديد روسي ـ صيني زيادة على احتمالات انضمام عددٍ من الدوَل الأخرى المتحالفة مع موسكو كإيران، الأمْرُ الذي قَدْ يَقُودُ إلى حرب أوسع جنوب شرق آسيا (في بحر الصين الجنوبي). وهذا ما تخشاه الكوريَّتان واليابان على نَحْوٍ خاصٍّ، مع إشارة خاصَّة إلى إمكان تورُّط الولايات المُتَّحدة، في مواجهة مع الصين، وهي مواجهة قَدْ لا تُبقي ولا تذر. لذا أفترض اليوم بأنَّ هناك حربًا عالميَّة ثالثة تستعر الآن، ولكن على نَحْوٍ بطيء وبالنيابة والإنابة، بمعنى أنَّ الحرب قَدْ لا تكُونُ مواجهة مباشرة بَيْنَ موسكو واشنطن، ولكن مواجهة بَيْنَ وكلاء لموسكو وآخرين لبكين مقابل واشنطن، ولكن على نَحْوٍ بطيء متجنِّبين بشكلٍ خاصٍّ استعمال السِّلاح النووي الكتلوي الذي يُمكِن أن يحطِّمَ الأرض، كوكبنا الجميل، وهذا ما يدفعنا إلى ملاحظة أهمِّية محاولة الحفاظ على الحياد تجنُّبًا إلى أيِّ توسُّع خطير قَدْ يؤدِّي إلى استعمال أسلحة نوويَّة أو أسلحة هيدروجينيَّة قادرة على قتل كُتَل هائلة من البَشَر.
والحقيقة المُهمَّة في هذا السياق، حسب ما أراها، هي أهمِّية أن تحاولَ دوَلنا في الشرق الأوسط، وخصوصًا الدوَل العربيَّة، تجنُّب التورُّط بتأييد كتلة معيَّنة أو دولة معيَّنة من الدوَل الأوروبيَّة في المعترك أعلاه؛ لأنَّها يُمكِن أن تطلقَ العنان لنَفْسِها في هذا الصراع الأوكراني الروسي (بَيْنَ الشيوعيِّين السابقين)، وهو الصراع الذي أخذ فعلًا يؤثِّر على مجريات الأحداث عَبْرَ العالَم عامَّة. بل إنِّي لأعتقد أنَّ تزويد إيران لموسكو أو لكييف بالطائرات المُسيَّرة يُمكِن أن يؤدِّيَ إلى تعقيدات وإشكاليَّات أخرى قَدْ توسِّع الحرب العالميَّة الجارية الآن وتحثُّ واشنطن على إطلاق هجمة تدميريَّة قويَّة على المشاريع النوويَّة الإيرانيَّة. هذا هو ما يؤدِّي إلى توسُّع الحرب إلى ما لا نهاية: فحذارِ هذا الخطر. أمَّا بالنسبة إلى التعاون الاقتصادي أو المعنوي مع الفرقاء أعلاه، الذي يبدو للمراقبين تعاونًا لا عسكريًّا فإنَّه يُمكِن أن يؤولَ ثم يسحب أقدامنا إلى تورُّط في حرب لا ناقة لنَا فيها ولا جَمل. لذا على المرء أن يحاولَ جاهدًا الابتعاد عن أيَّة ميولات أو انحيازات قابلة لسوء الفهم والتأويل إلى هذا الطرف أو ذاك، خصوصًا في مناطق ملتهبة مِثل أوروبا أو جنوب شرق آسيا؛ لأنَّ هذه الأقاليم سريعة الاشتعال الآن، ويُمكِن لأيِّ حركة أو إشارة عدائيَّة من قِبل دوَلنا العربيَّة أن تؤدِّيَ إلى خصومات واستعداء لا داعي له ولا مصلحة لنَا به ككتلة عربيَّة.

أ.د. محمد الدعمي
كاتب وباحث أكاديمي عراقي

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: على ن ح الدو ل

إقرأ أيضاً:

إيران تفتح باب التفاوض مع أمريكا.. ولكن!

27 مارس، 2025

بغداد/المسلة:

محمد صالح صدقيان

تترقب الأوساط الإقليمية والدولية باهتمام كبير ما ستؤول إليه العلاقة بين الإدارة الأمريكية الجديدة والقيادة الإيرانية علی خلفية البرنامج النووي الإيراني وذلك في أعقاب الرسالة التي وجّهها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى إيران وتولى نقلها إلى طهران المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الامارات العربية المتحدة أنور قرقاش.

تقول مصادر إيرانية إنّ الرد الإيراني علی رسالة ترامب أصبح جاهزاً وأنه يتناول أربعة مجالات تطرقت إليها رسالة ترامب وهي الآتية:

الأول؛ المسألة النووية الإيرانية:

تُبدي إيران استعدادها للجلوس مع الجانب الأمريكي أو مع مجموعة 4+1 إذا وافق الأمريكيون على مبدأ العودة إلی هذه المجموعة لمناقشة الملف النووي الإيراني استناداً للتطورات التي حقّقها هذا البرنامج في السنوات الماضية، وبما يُساهم في إزالة قلق الدول الغربية حيال احتمال انتاج أو حيازة إيران للسلاح النووي.

الثاني؛ البرنامج الصاروخي الإيراني:

تقول إيران إنها لا يُمكن أن تناقش قوتها الدفاعية مع أي جهة أجنبية وأن هذه القوة سواء أكانت في إطار البرنامج الصاروخي أو الطائرات المُسيرة أو غيرها إنما هي قضية قومية إيرانية خصوصاً في ظل تحقُق الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشكل دوري من عدم عسكرة البرنامج النووي الإيراني.

الثالث؛ النفوذ الإيراني إقليمياً:

تتمسك إيران بمقولة عدم تدخلها في قرارات أصدقائها في “محور المقاومة” وأنها تحترم خصوصيات كل حليف.. وبالتالي لكل حليف من الدوافع ما يضعه في مواجهة المشروع الإسرائيلي التوسعي وأيضاً التواجد الأجنبي في المنطقة، إضافة إلی أنها لا تريد ولا تسمح لنفسها أن تتفاوض نيابة عن هؤلاء الحلفاء، وهي لا تحتاج إلى أذرع في المنطقة ولا إلى من يُحارب بالنيابة عنها!

الرابع؛ التهديدات الأمريكية:

تعتبر إيران أن ما ورد من تهديدات في رسالة ترامب للقيادة الإيرانية إنما يُعطي مؤشراً إلی أن الجانب الأمريكي ما يزال يُراهن علی الخيارات العسكرية، وبالتالي، فإن إيران “مستعدة لمواجهة مصادر التهديد بقوة تجعل هؤلاء يندمون على فعلتهم”.

الرد الإيراني ربما يكون حاداً من حيث الشكل ولا يفتح باب المفاوضات، ذلك أن طهران قرأت الرسالة الأمريكية علی أنها “رسالة تهديدية”، كما قال وزير الخارجية عباس عراقجي، لكنها، وبرغم ذلك، تعاملت معها بإيجابية لأجل عدم إغلاق هذا المسار؛ بمعنی أنها قرّرت الرد علی الرسالة خلافاً لتعامل المرشد الإيراني السيد علي الخامنئي عندما رفض استلام رسالة ترامب إبّان ولايته الرئاسية الأولی.

وفي خضم هذه التطورات، كانت طهران ترصد صدور تصريحات متناقضة لشخصيات في الادارة الأمريكية، فمبعوث الرئيس ترامب للشرق الأوسط ستيف ويتكوف قال إن ترامب لا يريد الحرب مع إيران ولا يری مبرراً للجوء إلى الخيار العسكري معها، في الوقت الذي قال مستشار الأمن القومي الأمريكي مايك والتز في مقابلة تلفزيونية بعد 24 ساعة من تصريحات فيتكوف إن الولايات المتحدة ستُفكك برنامج إيران النووي كاملًا، “وعلى إيران أن تتخلى عن برنامجها النووي بطريقة يراها العالم أجمع. وإذا لم يفعلوا، فإن الوضع يتجه نحو التصعيد. جميع الخيارات مطروحة، وقد حان الوقت لإيران للتخلي تمامًا عن رغبتها في امتلاك سلاح نووي”. وفي هذا الإطار، كشفت تقارير أمريكية أن الكيان الاسرائيلي يسعی لانتزاع موافقة أمريكية لشن هجوم جوي يستهدف المنشأت النووية الإيرانية.

في ظل هذه الأجواء، تسعى طهران إلى تقييم ما يخرج عن واشنطن من مواقف، وهل يُمكن الارتكاز إلى تصريحات ويتكوف أم والتز أم يجب ان ننتظر لرؤية أي دخان سيخرج من مدخنة البيت الأبيض؟ ولسان حال طهران أن دبلوماسية الصبر هي ألفباء الفهم العميق للسيكولوجية السياسية للطرف الآخر، وهنا تكمن إشكالية فشل ترامب في التعامل مع إيران، على الرغم من براعته المزعومة في عقد الصفقات الكبری. زدْ على ذلك أن إيران ليست المكسيك وبالتالي لن تنجح استراتيجية الضغوط القصوى عليها.

إن تجاهل الثقافة السياسية الإيرانية التي تُقدّس مقاومة الهيمنة الأجنبية يُقوّض أي مسار للتقدم إلى الأمام، كما أن الإصرار الأمريكي على تبني سردية فوقية في التحدث مع إيران هو أمرٌ لا ينسجم مع السياق الإيراني، كما تحدث مستشار الأمن القومي الأمريكي مايك والتز. ‏ولطالما تمحورت السردية الإيرانية حول عناوين الفخر الوطني والاقتدار الوطني والمقاومة والكرامة. ومن غير المرجح أن تنجح أية استراتيجية دبلوماسية أمريكية طالما أنها تغفل هذه الروح الوطنية عند الشعب الإيراني. ‏

إن أمريكا تميل إلى التعامل مع الدبلوماسية من منظور إكراهيّ وتعامليّ – مع التركيز على “المكاسب” السريعة والتنازلات الواضحة – وغالبًا ما يتعارض هذا الأمر مع رؤية إيران الأكثر رمزيةً وتنوعًا للمشاركة.

في السياق الإيراني، لا تقل أهمية نبرة الدبلوماسية وإطارها وافتراضاتها الأساسية عن جوهرها. أي نهج يتجاهل هذه الأبعاد قد يُنظر إليه على أنه يفتقر إلى الاحترام أو الصدق.

و‏بدلاً من إضعاف عزيمة إيران بأشكال مختلفة، فإن حملة “الضغوط القصوی” التي وقّع عليها الرئيس ترامب تجعل من المستحيل سياسياً على أي زعيم إيراني – إصلاحي كان أم أصولي – قبول مبدأ التفاوض بهذه الطريقة المُهينة. وكما أوردنا أعلاه فإن أي نظام يستمد شرعيته من خلال الدفاع عن مشاعر الكرامة الوطنية ومقاومة التدخلات الخارجية.

ولا يمكن لأي شخصية سياسية إيرانية أن تبدو وكأنها تستسلم للتهديدات. صحيح أن “الضغوط القصوى” ولّدت صعوبات اقتصادية، لكنها رفعت أيضاً التكلفة السياسية للتنازلات.

وبالنسبة إلى طهران، فإن الكيان الإسرائيلي الذي يُمارس قادته أقصى الضغوط على ترامب من أجل اعتماد الخيار العسكري في مواجهة إيران، لم يعد مجرد منافس إقليمي، بل عدوٌّ وجوديٌ. وأيُّ مؤشر على أن المفاوضات تُنسَّق مع إسرائيل أو تتأثر بها يُعزّز الاعتقاد بأن دبلوماسية المفاوضات فخٌّ مُصمَّم لإضعاف إيران من الداخل، ولذلك فان مثل هذه المفاوضات لا تعتبرها طهران فرصةً، بل تهديدًا لها. ‏

وإذا كان ترامب يرغب في فتح باب المفاوضات مع إيران عليه التخلي عن القوالب القسرية واعتماد استراتيجية دبلوماسية متجذرة في التفاهم الثقافي، والاحترام المتبادل، والمصالح المشتركة. وهذا يعني فصل عملية التفاوض عن نفوذ وتأثير اي طرف ثالث وبخاصة كيان الاحتلال، فكلما زاد وتيرة تدخله وعلت نبرته ازدادت شكوك طهران وتعمّقت أكثر فأكثر.

في الخلاصة، بات الجانبان الإيراني والأمريكي أمام تحدٍ صعبٍ، وتستطيع واشنطن ادارة مقاربة ناجعة لدفع عجلة المفاوضات وإلا ستبقى العملية الدبلوماسية مهمشة، وستظل المواجهة تُشكل سمة بارزة في العلاقات الثنائية بين واشنطن وطهران، حالياً ومستقبلاً، وكما كانت على مدى العقود الأربعة الماضية.

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author زين

See author's posts

مقالات مشابهة

  • يوم القدس العالميّ هذا العام... أوضاع جديدة تفرضها الحرب الاقليميّة المستمرّة
  • مصطفى بكري: يجب على حماس أن تحتوي الموقف الآن لتجنب الحرب الداخلية
  • المشاعر واحدة ولكن كل يغني على ليلاه بقلم
  • إيران تفتح باب التفاوض مع أمريكا.. ولكن!
  • كوريا الشمالية ترسل 3 آلاف جندي إضافي إلى موسكو
  • شاهد| حركة حماس تنشر: نتنياهو مجرم الحرب الذي لا يشبع من الدماء وأول الضحايا أسراه
  • هدنة برعاية أمريكية.. اتفاق بين موسكو وكييف بشأن أمن الطاقة والملاحة البحرية
  • لا وقت في الحرب لمشاهدة النجوم
  • فى مؤشر الإرهاب العالمي 2025| تحول جذري في خارطة الإرهاب العالمية.. ومنطقة الساحل الإفريقي أصبحت البؤرة الأكثر دموية
  • تأثرت بالتحرك العالمي .. أسعار الذهب في مصر اليوم