الجزيرة:
2024-10-03@20:56:13 GMT

هل يتعلم الإسلاميون من تجاربهم؟

تاريخ النشر: 27th, August 2023 GMT

هل يتعلم الإسلاميون من تجاربهم؟

شكل "الربيع العربي" اختبارا عسيرا للقوى والحركات والتيارات الإسلامية، سواء تلك التي وصلت إلى السلطة عبر الانتخابات أو التي ظلت في المعارضة كما كان حالها منذ عقود. وفي الوقت الذي نجحت فيه بعض هذه القوى في التكيف مع تقلبات "الربيع العربي"، كما في تونس والمغرب والكويت واليمن، بقيت قوى أخرى على حالها ولم تتمكن من التأقلم مع الأوضاع الجديدة، كما في مصر والأردن وليبيا.

وبينما لا يزال بعض الإسلاميين يتعامل مع ما جرى خلال السنوات الماضية كأن شيئا لم يتغير، سعى آخرون إلى إحداث تحولات هيكلية في خطابهم أو في بنيتهم التنظيمية والأيديولوجية، من أجل البقاء والاستمرار.

وقد كشفت تجربة الأعوام الماضية مدى تنوع استجابة الإسلاميين للتغيرات المحلية والإقليمية والدولية، وأنه من الصعوبة بمكان إطلاق حكم تعميمي على هذه الاستجابة، أو اعتبارها أمرا متشابها في جميع الحالات. بل على العكس، فإن ثمة فروقا واسعة في ردود فعل الإسلاميين على هذه التغيرات، شأنهم في ذلك شأن بقية التيارات والأحزاب السياسية في العالم العربي. وهو ما ينفي عنهم صفة التطابق أو التشابه التام، وكأنهم استنساخ لبعضهم البعض.

كشفت تجارب الإسلاميين أن مسألة الخلط بين النشاطين الدعوي والسياسي لا تضر بهم فقط وبتنظيماتهم وقواعدهم وأدائهم فحسب، بل تؤثر أيضا على الحالة السياسية في بلدانهم ككل.

ومن بين ما كشفته تجارب الأعوام الماضية أيضا هو صعوبة تحويل الشعارات إلى واقع، خاصة في ظل عالم متغير يسير باطراد نحو الضبابية واللايقين. فالشعارات التي صدّرتها تلك الحركات مثل "الإسلام هو الحل" وإقامة "الدولة الإسلامية" و"تطبيق الشريعة"… إلخ، ظلت جميعها حبرا على ورق بعد وصول بعضهم للسلطة أو مشاركته فيها. والأمر هنا لا يتعلق بالتخلي عن الشعارات كنوع من التنازل من باب الخداع لجماهيرهم، بقدر ما كان الاصطدام بواقع مختلف وأكثر تعقيدا عن ذلك "الحلم" الذي عاش فيه الإسلاميون حين كانوا في المعارضة. وكادت الفجوة بين الشعار والواقع أن تُفقد هذه الحركات جمهورها، خاصة في ظل حالة الخصام والعند التي مارستها -ولا تزال- الأنظمة والمؤسسات السلطوية تجاهها.

كذلك، كشفت التجربة أن ثمة فارقا كبيرا بين إدارة شؤون الحكم والمعارضة. فانعدام خبرة الكثير من الإسلاميين في إدارة الشأن اليومي، بسبب عدم مشاركتهم في السلطة لفترات طويلة، جعلهم الأقل كفاءة وقدرة على تلبية طموحات شعوبهم ودوائرهم المؤيدة. وهو أمر، بقدر ما قد تُلام عليه الأنظمة السلطوية التي لم تسمح لهؤلاء بالمشاركة في إدارة الشأن العام، فإنه لا ينفي افتقاد الإسلاميين لبرامج عمل محددة يمكنها أن تعالج قضايا حياتية مثل الفقر، والبطالة، وإدارة الدولة… إلخ. وإذا كان يُحسب للكثير من الإسلاميين عدم وقوعهم في الفساد الحكومي والمؤسسي والخاص، فإنه يؤخذ عليهم التركيز على مسألة الطاعة والثقة على حساب الكفاءة والمهارة فيما يخص اختيار قياداتهم وطرق تأهيلهم وتصعيدهم. كما بدا واضحا، بعد مرور هذه السنوات، أن إدارة الشأن السياسي لا يجب أن تكون من خلال الوعظ وإبداء حسن النية أو نظافة اليد فحسب، بل عبر الممارسة والقدرة على الكر والفر والتفاوض مع الخصوم قبل الحلفاء.

كذلك، كشفت تجارب الإسلاميين أن مسألة الخلط بين النشاطين الدعوي والسياسي لا تضر بهم فقط وبتنظيماتهم وقواعدهم وأدائهم فحسب، بل تؤثر أيضا على الحالة السياسية في بلدانهم ككل. وفي الوقت الذي حسمت فيه بعض القوى الإسلامية هذه المسألة، كما هو الحال في تونس والمغرب، لا يزال أقرانهم في المشرق العربي متمسكين بمواقفهم. ورغم بداهة وأهمية هذه المسألة، فهي لا تزال محل نقاش وجذب داخل بعض الحركات، وهو ما يعكس عدم نضوجهم وافتقادهم للقدرة على التعلم من التجربة.

كما كشفت التجربة أن تماسك الإسلاميين له حدود، وأن مسألة الانتماء الحزبي والتنظيمي مرتبطة بالقدرة على الإنجاز، وليس فقط بالإخلاص والالتزام الديني. وبيّنت التجربة أيضا أن الصمت على أخطاء وتهور القيادات في إدارة الملفات السياسية والتنظيمية قد يودي بالحركة كلها ويزيد من كلفة ممارسة العمل العام على أعضائها. وأوضحت التجربة أن مبدأ الطاعة والولاء والتسليم للقيادات بحجة شرعيتها التاريخية والتنظيمية لم يعد كافيا لمنحها بيان بكل حرية لتفعل ما تشاء بدون مساءلة. إضافة إلى ذلك، أصبحت الشراكة في إدارة شؤون الحركة وصنع القرارات ليست مسألة شكلية فقط، بل أصبحت ضرورة. ولهذا السبب، شهدنا تشققات وانقسامات غير مسبوقة في العديد من الجماعات والحركات، كما هو الحال مع الإخوان في مصر والأردن والجزائر.

ومن بين ما كشفته التجربة أيضا، أنه بدون أن يحسم الإسلاميون مواقفهم من قضايا أصبحت بديهية كالمواطنة والحريات الفردية والدولة الوطنية والديمقراطية، فلا مستقبل لهم ولأفكارهم وشعاراتهم. نقول ذلك ونحن على وعي بأن كثيرا من أقرانهم في التيارات المدنية ليسوا أفضل حالا منهم. ولكن يبدو الأمر مختلفا مع الإسلاميين ليس لحجم تأثيرهم السياسي والمجتمعي فحسب، وإنما أيضا بسبب تصدرهم للمشهد السياسي في أكثر من بلد عربي ووقوعهم تحت ضغوط دوائر داخلية وخارجية تتربص بهم.

ما سُبق يطرح تحديات عديدة أمام الإسلاميين، وذلك في ظل مناخ محلي وإقليمي ودولي متغير، يحمل من الغموض والضبابية ما لم يشهده العالم من قبل. بحيث أصبحت قواعد السياسة ليست ثابتة، وأصبح الأمر مفتوحا على جميع الاحتمالات. وتزداد الصعوبة مع صعود التيارات الراديكالية والمتطرفة شرقا وغربا. فظهور تنظيمات مثل "داعش" و"القاعدة" وضع الإسلاميين في مأزق دفاعي غير مسبوق. كما أن ظهور اليمين المتطرف في الغرب وجهله بالفروق الشاسعة بين الإسلاميين حوّلهم إلى "عدو" يُبذل جهدٌ لمحاصرته وتفكيكه.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معناأعلن معناوظائف شاغرةترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinerssجميع الحقوق محفوظة © 2023 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: فی إدارة

إقرأ أيضاً:

إجازة المصيف كشفت ألاعيب الزوج.. «رجاء» تطلب الطلاق بعد 20 عاما

20 عامًا عاشتها رجاء وهي تحلم أن تعيش حياة مرفهة مع زوجها بعد أن تزوجته بأمر من عائلتها خوفًا من أن تكمل حياتها «عانس» على حد تعبيرها لتنقلب بها الحياة من العيش كفتاة مدللة لأخرى بالكاد تكفي احتياجاتها الشخصية حتى لا تشكي لأحد من ضيق حال زوجها أمام الآخرين، على أمل أن تجني ثمرة صبرها على ضيق العيش؛ فما قصتها التي جعلتها تطلب الطلاق بشكل فاجأ الجميع؟

زواج في عمر الـ30

فتاة في مقتبل الـ 30 من عمرها؛ كانت تعيش مدللة من والدتها لأنها وحيدة، بدأت الجميع ينغص حياتها لأنها لم تتزوج مثل الأخريات، وبعد أن عرض خالها على والداها الزواج من ابنه، وافق على الفور على الرغم من أنه ليس له وظيفة وشاب ليس له طموح، وفي البداية كانت والدته ترحب بالموضوع لأنه مثل ابنها، وبعد الجلوس سويًا لمعرفة تجهيزات الزواج عرفت أنه لا يملك شيئا، وليس لديه نية لفعل أي شيء من أجل البحث عن وظيفة، وبعد الشكوى لعائلتها اكتشفت الصدمة، وفقًا لحديث رجاء صاحبة الـ49 عامًا لـ «الوطن».

«أهي جوازه بدل قعدة الندامة».. هكذا بررت والدتها وخالتها سبب موافقتهما عليه، على الرغم من معرفتهما بشخصيته المستهترة، شعرت بإهانة كبيرة، ولم تستطع التحدث وقتها، ولا تزال تذكر تلك المشاعر حتى اليوم، وتزوجت منه بعد أن تكفل والدها بكل شيء، وعاشت وهي تحاول أن ترضي بقليلها، ولم تخبر أحدا عما تعانيه من عدم توافر احتياجاتها الشخصية واليومية، حتي لا يجرحها أحد بالكلام مرة أخرى.

 

رجاء: بداية الزواج كانت كابوسا

وبصوت طغت عليه نبرة الحزن، واصلت رجاء روايتها، مشيرة إلى أن بداية الزواج مثلت أسوأ فترات حياتها، واصفة حالها بأنه قضت الأسبوع الأول وهي تبكي على حالها بسبب طريقة تعامله معها، لكن والدتها نصحتها بأنه سيعتاد عليها، ومضت أسابيع على هذا الحال حتى علمت بحملها الأول، واعتقدت أن الطفل سيجعله يتحمل المسؤولية ويجدد الحياة بينهما، إلا أن الأمر زاد سوءًا، وقررت أن تسانده توسطت له للحصول على وظيفة وخلال الـ10 سنوات الأولى أنجبت منه 3 أبناء، جميعهم أصبحوا في كليات عليا، ولم تقصر معه أو معهم.

«كان موظف والجاي على قد الرايح، وطول عمره بيعايرني إني كنت عانس وإنه هو اللي خلاني ست وبقى ليا بيت، ومش من حقي إني أشتكي لحد ، وكنت بسكت عشان ولادي، وبعد ما الولاد  كبروا بدأ يكون ليهم متطلبات لكنه كان أبا سيئا وبيرفض كل شيء، وبعدها فوجئت أنه داخل في كذا مشروع وأنه القرش جري في إيده، وعلى الرغم من كده بخيل علينا»، وفقًا لروايتها.

صيف 2023 وكشف ألاعيب الزوج

في صيف 2023 قررت أن تأخذ أولادها لرحلة مصيف لمدة أسبوع لأول مرة في حياتها، لكنه اعترض بشكل كبير لضيق الحال، لكنها أخبرته بأنها وفرت من مصروف المنزل والأولاد لتحقق لهم رغبتهم، ورفض السفر معهم لمحافظة الإسكندرية وتحجج بالعمل، فسافرت بأولادها، وبعد 3 أيام تفاجأت باتصال من جارتها بأنه توجد سيدة أخرى في شقتها، فعادت على الفور دون أن تخبر أولادها، لتكتشف الحقيقة المرة.

«متجوز من 4 سنين وكله فلوسه رايحة على جوازته التانية، ولما سافرت جابها مكاني البيت»، وأنهت رجاء حديثها، بأنها واجهته ولم ينكر، بل عنقها بأبشع الألفاظ، وطردها من المنزل، ولجأت لمحكمة الأسرة بالجيزة، وأقامت ضده دعوى طلاق للضرر حملت رقم 1780.  

مقالات مشابهة

  • وزير الصحة الروماني يشيد بتجربة مصر في تطوير صناعة الأدوية
  • خلية في وزارة الخارجية تتابع عن كثب أوضاع الجالية المغربية في لبنان في ظل الحرب
  • الأنفاق ظهرت.. ماذا كشفت كمائن حزب الله؟
  • تغيير عادات الأكل للأطفال أسهل من الكبار
  • ماذا كشفت صور حطام صواريخ الهجوم الإيراني على إسرائيل؟
  • التحالف الوطني يوقّع بروتوكولات تعاون مع عمان في الأنشطة المجتمعية والخيرية
  • المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي: قواتنا كشفت أنفاقا وأسلحة تابعة لحزب الله
  • سفير إسرائيلي يكشف هدف عمليات لبنان.. وخطأ 1982
  • العلمانيون و الإسلاميون والدوران في الحلقة الإستعمارية المفرغة كأداة لتفتيت الأمة
  • إجازة المصيف كشفت ألاعيب الزوج.. «رجاء» تطلب الطلاق بعد 20 عاما