سودانايل:
2025-04-26@23:38:30 GMT

تخليص الإبريز من ليث باريز

تاريخ النشر: 27th, August 2023 GMT

m.elgizouli@gmail.com

مع كتاب دانييل بن سعيد "ماركس لزماننا" (دار فيرسو، ٢٠٠٩)، الفصل الرابع: "الطبقات أو الفاعل المفقود”

١
يشغل الصراع الطبقي موقعا مركزيا في فكر ماركس، لكن ما هي هذه الطبقة؟ ستجد قارئة ماركس "الطبقة" مبثوثة في نصوصه الكثيرة، ويمكن جمع مادة حول الطبقة من هذا الاقتباس أو ذلك، لكن لا تجد علما نصيا مانعا بالطبقة.

وما يمكن جمعه من صفحات "رأس المال" يشي لكن لا يشفي، يقدم مؤشرات ربما لدراسة قادمة، وهي ما لم يحققه ماركس في حياته وإن طرح السؤال بالبنط العريض في الصفحة الأخيرة من الجزء الثالث من رأس المال، ثم انقطعت المخطوطة. يتساءل ماركس: "ما الذي يؤلف طبقة؟" ويقول: "الجواب عن ذلك يأتي تلقائيا من الإجابة عن السؤال لآخر: ما الذي يجعل العمال المأجورين والرأسماليين والملاك العقاريين يؤلفون الطبقات الاجتماعية الكبرى الثلاث؟" ثم يضيف: "إن ذلك، من النظرة الأولى، تماثل الإيرادات مع مصادر الإيرادات. فهناك ثلاث مجموعات اجتماعية كبرى تعيش عناصرها، أي الأفراد الذين يؤلفونها، من الأجور والربح والريع العقاري على التوالي، أي من استخدام قوة عملهم ورأسمالهم وملكيتهم العقارية."
وماركس عدو النظرة الأولى إذ يحيط نفسه بالنقد مباشرة: "ولكن، ومن وجهة النظر هذه، سيؤلف الأطباء والموظفون، على سبيل المثال، أيضا طبقتين، لأنهم ينتمون إلى مجموعتين اجتماعيتين متمايزتين، فيلما يتلقى أعضاء كل واحدة من هاتين المجموعتين إيراداتهم من المصدر الواحد نفسه. ولسوف ينطبق نفس الشئ ذاته على تشعب لا نهائي في المصالح والمراتب يؤلفه تقسيم العمل الاجتماعي بين العمال وكذلك بين الرأسماليين والملاك العقاريين – فالأخيرون مثلا ينقسمون إلى مالكي مزارع كروم، مالكي حقول زراعية، مالكي غابات، مالكي مناجم، مالكي مصائد أسماك." وهنا تنقطع المخطوطة(كارل ماركس ١٨٩٤. رأس المال المجلد الثالث. ترجمة فالح عبد الجبار. دار الفارابي. ص ١٠٨١)، تسكت شهرزاد، بنت البلد، عن الكلام المباح.
لا يبدو إذن من النظرة الأولى أن ماركس أفصح عن مفهوم حسن التطويق للطبقة، والمسألة عماد في فكره، وربما أجل هذه المهمة أو لم تتضح جوانبها في ذهنه. لكن مثل هذا النقد لشغل ماركس قد يصح على مسائل أخرى لم يفصح فيها ماركس عن تصورات متكاملة، فهو لم يتطرق بتفصيل لمفهوم الأزمة عنده أو لمفهوم الزمان وهو مدار التاريخ. ففيما كان يزجي ماركس وقته إذن؟ كان يعالج قروحه المتكررة، ويصد عن رقبته الدائنين وهو الفقير إلى الله حقا، ويسعى رزقا قليلا بوسيلة مقالاته الصحفية، ويحلحل مشاكل أسرته ويكتب سيلا من الخطابات يبثها عبر العالم، ويتآمر لنصرة الطبقة العاملة، وقبل كل شيء يكتب ويعيد كتابة وينقح ويحرر ويجلي كتابه "رأس المال".
وما النظرة الأولى؟ أسراب يحسبه الظمآن ماء؟ فعلم ماركس عن الطبقة ببسطامه السياسي. الثابت أن ماركس لم يركن إلى التبسيط في شأن الطبقة ولم يجمد مفهومها بتجريد صوري تصبح به كما في البدعة السوفييتية أو بهذا القياس في فقه العوضرازقية، قديمة أو جديدة، جدول تصنيف. تستفيد قارئة أعمال ماركس السياسية ("الصراعات الطبقية في فرنسا"، "الثامن عشر من برومير"، "الحرب الأهلية في فرنسا") مفهوما شبكيا للطبقة كنظام من العلاقات قوامه الصراع، وليس جدولا لعناصر ذات جوهر ثابت. الطبقة عند ماركس علاقات اجتماعية وليست هدية، وشرط المفهوم أن تدرك المتأملة دلالة "علاقة" في إعلان المغنية ندى القلعة الوقائي: "اللكزس هدية ما علاقة شخصية". أحلت المغنية صنف الهدية وحرمت العلاقة التي قد تحيط به، والطبقة كذلك علاقة صراعية تنشأ عنها مفردات مادية. لا يصح إذن ابتسار مفهوم ماركس للطبقة إلى جملة خصال تسم الوحدات المكونة للطبقة أو إلى جملة هذه الوحدات، فهي كل علائقى، وليس حساب إجمالي.
البرجوازية والبروليتاريا طبقتان اجتماعيتان، نعم، لكن الطبقة ليست صنفا وليست سمة، ومن ثم فمن التزوير تصوير البرجوازية أو البروليتارية كأنها سمة لشخص بعينه. البروليتاريا مجموعة من الناس، كينونة مركبة، البروليتاري الفرد فيها وحدة تكوينية لنظام شمسي، كما أفراد النحل وحدات تكوينية لخلية النحل. لكن تربط الناس الذين يكونون طبقة اجتماعية بعينها ببعضهم البعض علاقات اعتماد متبادل على خلاف الوحدات غير الحية أو حتى الحيوانات، علاقات اعتماد ذات طابع اجتماعي، علاقات إنس. والعلاقة بين الطبقة الاجتماعية وبين أعضاء هذه الطبقة علاقة بين كينونة مركبة والعناصر المكونة لها. فهل الطبقة إذن حقيقة عليا عابرة لأفراد هذه الطبقة؟ أذا صح ذلك، فهي فاعل أسطوري أو تكاد. يتهم ماركس غريمه برودون صراحة بهذه الدروشة ويقول خطأه أنه "شخصن الموضوع"، اتخذ من المجتمع أو من الطبقة شخصا، ويتذمر شديد التذمر من كل من "يجعل من الكلمات أشياء". يرفض ماركس تصوير الطبقة كشخص أو فاعل واعي موحد الذات على طراز الفاعل العاقل في علم النفس. وأفرد لذلك نقدا في هوامش كتابه "الآيديولوجيا الألمانية". وقال عيب الفلاسفة الألمان الذين وجه إليهم نقده أنهم اتخذوا مفهوما صوريا للطبقة، أي جعلوا محل المفهوم شيئا، كأنهم قوم موسى اتخذوا العجل إلها وقت أعجزهم مفهوم الإله. قال ماركس ابتسروا الأفراد إلى عينات حية للمفهوم المجرد، جنس دروشة! من ذلك توبيخ ماركس لماكس شتيرنر الذي أكد في أكثر من موقع أن كل فرد هو ما هو عليه بعلة الدولة، كما أن البرجوازي هو عينة من البرجوازية، فكأنما البرجوازية كانت موجودة قبل وجود الأفراد المكونين لها. الطبقة عند ماركس توجد فقط في إطار العلاقة الصراعية مع الطبقات الأخرى، علاقة وليست هدية، وتماسك الطبقة كمفهوم لا يمكن رده إلى إجمالي الأفراد، فالطبقة لا هي فاعل فوق الفاعلين، سوبر مان اجتماعي، ولا هي علاقات بينية، حيته ما حياني!
ومن هذا التخليط الذي بهدل بعلته ماركس غريمه برودون يتسرب التصور الفاشي الذي يوحد بين الفرد والمفهوم، بين عجل قوم موسى والإله. وترجمة ذلك على سبيل المثال التوحيد بين الرأسمالية بنت الكلب واليهود الأفراد في دعاية الاشتراكية القومية، النازية الألمانية، وهو توحيد دعائي انتهى إلى المقتلة المعلومة. ومن ذلك أيضا ما تسرب إلى وجدان مقاتلي مليشيا الدعم السريع في رد مظلمة اجتماعية الخصم فيها طبقة "الكيزان" أو "الجلابة"، وهي طبقة اجتماعية، إلى أفراد. من ثم، جاز بهذا التصور هدم دارهم وسلب مالهم وإهدار دمهم ولو كان نصيبهم من عز الجلابة بيت جالوص بالإيجار في أم بدة كرور. هذا بينما فلتت "العلاقة" من هذا الإعدام الميداني، وتجددت، كما نشأت أول مرة في حزام الاسترقاق على يد مثل الزبير باشا رحمة الجلابي الكبير صاحب المليشيا التي فتكت بسلطنة دارفور، في هيئة شركة الجنيد وغيرها لصاحبها محمد حمدان دقلو، أكبر جلابي فيك يا بلد.  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: رأس المال

إقرأ أيضاً:

الخيل العربية.. علاقة أصيلة وجمال خالد يتجلى في بطولة القصيم

المناطق_واس

منذ القِدم شكّلت الخيل ركنًا أصيلًا في حياة الإنسان العربي، فكانت السند في الحرب، والوسيلة في السفر، وعونًا في طلب الرزق، ولم تكن الخيول مجرد وسيلة، بل حظيت بمعاملة خاصة لدى العرب في المأكل والمشرب، وكانت ولا تزال رمزًا للفخر والكرامة بمكانة رفيعة في ثقافة العرب، لا سيما في المملكة، وتُعد الخيل العربية الأصيلة جزءًا لا يتجزأ من الموروث الشعبي العريق.

وتبوأت الخيل مكانةً بارزةً في النصوص الدينية؛ إذ ورد ذكرها في القرآن الكريم والسنة النبوية وتغنى بها الشعراء واستشهد بها الحكماء, حتى غدت رمزًا للأصالة والفروسية والفخر والاعتزاز.

أخبار قد تهمك ديوان المحاسبة يُشارك في اجتماعات المنظمة الآسيوية للأجهزة العليا للرقابة المالية العامة والمحاسبة “الآسوساي” في بكين 26 أبريل 2025 - 7:28 مساءً هيئة الموسيقى تنظّم حفل روائع الأوركسترا السعودية في سيدني 26 أبريل 2025 - 6:53 مساءً

وامتازت الخيل العربية الأصيلة بجمال فريد؛ فالرأس الصغير المتناسق، والعينان الواسعتان اللامعتان، والعنق المقوس، والذيل المرتفع، تمنحها مظهرًا يميزها عن غيرها من سلالات الخيول، ولا يقتصر تميزها على الجمال فقط، بل يمتد إلى وفائها لصاحبها، وذكائها، وسرعتها، وقدرتها العالية على التحمل، وتكيّفها التام مع مربيها.

ومع مرور الزمن، لم يخفت بريق الخيل العربية، فهي اليوم، تشارك في السباقات المحلية والعالمية، وتُربى في أرقى المزارع والإسطبلات، وتحظى باهتمام وعشق من قِبل محبي الخيل والمُلّاك، حيث إن علاقة الإنسان والخيل علاقة حب وارتباط، سطّرها التاريخ عبر الزمن، ولا تزال حاضرة بقوة في قلوب عشّاق الخيل حول العالم.

وفي هذا السياق، تُقام للمرة الثالثة بطولة جمال الخيل العربية الأصيلة في منطقة القصيم، التي انطلقت الخميس الماضي، وتستمر ثلاثة أيام، بمشاركة 260 خيلًا عربيًا أصيلًا، وسط حضور لافت من المشاركين والهواة ومحبي الخيل.

نسخ الرابط تم نسخ الرابط 26 أبريل 2025 - 7:30 مساءً شاركها فيسبوك ‫X لينكدإن ماسنجر ماسنجر أقرأ التالي أبرز المواد26 أبريل 2025 - 6:51 مساءًالمركز الوطني للعمليات الأمنية يتلقى أكثر من 32 مليون مكالمة خلال عام 2024 أبرز المواد26 أبريل 2025 - 6:48 مساءًدوريات الأفواج الأمنية بمنطقة جازان تحبط تهريب 65,250 قرصًا خاضعًا لتنظيم التداول الطبي أبرز المواد26 أبريل 2025 - 6:38 مساءًتنفيذ حكم القتل تعزيرًا بأحد الجناة في المنطقة الشرقية أبرز المواد26 أبريل 2025 - 6:31 مساءًحرس الحدود يختتم معرض “وطن بلا مخالف” بمنطقة مكة المكرمة أبرز المواد26 أبريل 2025 - 6:25 مساءًالندوة العالمية: المملكة تتصدر المؤشرات العالمية في تعزيز بيئة الملكية الفكرية26 أبريل 2025 - 6:51 مساءًالمركز الوطني للعمليات الأمنية يتلقى أكثر من 32 مليون مكالمة خلال عام 202426 أبريل 2025 - 6:48 مساءًدوريات الأفواج الأمنية بمنطقة جازان تحبط تهريب 65,250 قرصًا خاضعًا لتنظيم التداول الطبي26 أبريل 2025 - 6:38 مساءًتنفيذ حكم القتل تعزيرًا بأحد الجناة في المنطقة الشرقية26 أبريل 2025 - 6:31 مساءًحرس الحدود يختتم معرض “وطن بلا مخالف” بمنطقة مكة المكرمة26 أبريل 2025 - 6:25 مساءًالندوة العالمية: المملكة تتصدر المؤشرات العالمية في تعزيز بيئة الملكية الفكرية ديوان المحاسبة يُشارك في اجتماعات المنظمة الآسيوية للأجهزة العليا للرقابة المالية العامة والمحاسبة "الآسوساي" في بكين ديوان المحاسبة يُشارك في اجتماعات المنظمة الآسيوية للأجهزة العليا للرقابة المالية العامة والمحاسبة "الآسوساي" في بكين تابعنا على تويتـــــرTweets by AlMnatiq تابعنا على فيسبوك تابعنا على فيسبوكالأكثر مشاهدة الفوائد الاجتماعية للإسكان التعاوني 4 أغسطس 2022 - 11:10 مساءً بث مباشر مباراة الهلال وريال مدريد بكأس العالم للأندية 11 فبراير 2023 - 1:45 مساءً أجمل رسائل وعبارات صباح الخير وأدعية صباحية للإهداء 24 أبريل 2022 - 9:35 صباحًا جميع الحقوق محفوظة لجوال وصحيفة المناطق © حقوق النشر 2025   |   تطوير سيكيور هوست | مُستضاف بفخر لدى سيكيورهوستفيسبوك‫X‫YouTubeانستقرامواتساب فيسبوك ‫X ماسنجر ماسنجر واتساب تيلقرام زر الذهاب إلى الأعلى إغلاق فيسبوك‫X‫YouTubeانستقرامواتساب إغلاق بحث عن إغلاق بحث عن

مقالات مشابهة

  • النمر: ليس هناك علاقة بين أدوية الكولسترول ومرض الزهايمر
  • الخيل العربية.. علاقة أصيلة وجمال خالد يتجلى في بطولة القصيم
  • ‏"معاريف" الإسرائيلية نقلًا عن مسؤولين عسكريين: لا علاقة للجيش الإسرائيلي بالانفجار الذي وقع في إيران
  • مستقبل علاقة دمشق بالفصائل والحركات الفلسطينية
  • بدقيق البسبوسة .. طريقة عمل تشيز كيك
  • ركود يخيّم على العتبات المقدسة في العراق.. ما علاقة التومان ولبنان؟
  • ساعر يطالب بسحب ورقة نقدية فئة 200 شيكل من غزة.. ما علاقة حماس؟
  • واتساب فضحها.. سقوط الإعلامية سارة خليفة في علاقة رومنسية مع شخصية شهيرة
  • قصة حب بين كريم محمود عبد العزيز ودينا الشربيني| هل سيتزوجان قريبا؟.. شاهد
  • مفاجأة في حفل زفاف ليلى زاهر وهشام جمال.. ما علاقة حسين الجسمي؟ (فيديو)