عودة: ألا يوجد لبناني قادر على تسلم زمام الأمور؟
تاريخ النشر: 27th, August 2023 GMT
ترأس متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الارثوذكس المطران الياس عودة، خدمة القداس الإلهي في كاتدرائية القديس جاورجيوس. في عظته، قال عودة: "نسمع في إنجيل اليوم عن خبرة شاب غني يملك كل شيء لكنه يشعر بنقص، فجاء إلى الرب يسوع ليملأ هذا النقص، أعني عطشه لنوال الحياة الأبدية. لقد ظن هذا الشاب أن الحصول على الحياة الأبدية سهل كحصوله على المال، كما يظن بعض الأغنياء أن كل شيء بمتناول أيديهم، حتى ملكوت السماوات.
أضاف: "يمثل الشاب في إنجيل اليوم كل إنسان مؤمن تسلم من الآباء القديسين تقليد الكنيسة الشريف، ظانا أنه تقليد شكلي، فلا يجاهد من أجل الحفاظ عليه، حينئذ يأتي من يجعله يحيد عن إستقامة الطريق المؤدي إلى الملكوت، من بشر أشرار أو ماديات أو سلطة، فينزلق بسهولة، ويخسر خلاصه. يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: «يتهم البعض هذا الشاب بأنه منافق وشرير، إذ يقترب من الرب يسوع ليجربه. إنني واثق في قولي إنه كان محبا للمال وجشعا. فقد وبخه المسيح على ذلك. إن طغيان المال كبير كما هو واضح هنا. حب المال يخرب الفضائل الأخرى التي نمارسها». لقد حفظ الشاب الغني الوصايا وقرأ الأسفار المقدسة، إلا أنه توقف عند الحرف ولم يعش بحسب ما تعلم، لذلك حزن عندما دعاه الرب إلى ترك أمواله وممتلكاته ليكون مؤهلا للحصول على الحياة الأبدية".
وتابع: "كان الشاب من الشعب اليهودي، واليهود لا يسمون صالحا إلا الله. لذا أراد الرب يسوع أن يؤكد على معرفة الشاب بتقاليد شعبه، فسأله عن سبب دعوته بالمعلم الصالح. أظهر الشاب معرفته بالناموس إذ قد حفظ الوصايا منذ حداثته، وقد اعترف بصلاح الرب يسوع، أي بألوهيته. قال له يسوع: «إن كنت تريد أن تكون كاملا فاذهب وبع كل شيء وأعطه للمساكين، فيكون لك كنز في السماء، وتعال اتبعني». يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: «كان الشاب مستعدا للعمل بالوصايا، تاليا للقيام بما سيطلب منه. لو دنا الشاب من يسوع ليجربه لما انصرف حزينا بسبب ما سمعه منه. لم يغضب، بل استولت عليه الكآبة، ما يدل على أنه لم يأت بنية شريرة، بل بإرادة ضعيفة جدا. لقد رغب في الحياة، لكن تملكه هوى خطر». هذه حال بعض الشباب في أيامنا، يريدون الخلاص وينشدون الوصول إلى الملكوت، إلا أن ما في العالم يشدهم ليبقوا فيه. هذا التناقض يجعلهم حزانى، يائسين، تائهين، لا يعرفون تحديد أولوياتهم. لقد خلقهم الله أحرارا وعليهم تحمل مسؤولية خياراتهم. قد يفضل البعض مثلا حضور حفل فني عوض المشاركة في القداس الإلهي بخفر وهدوء، مرددين مع العشار: «يا الله، ارحمني»، ومشاركين بأهم عشاء على الإطلاق هو مائدة الرب".
وقال: "رأينا أن من شاركوا في الحفل غادروا المكان تاركين قاذوراتهم أرضا، لينظفها آخرون. هذا الأمر يعكس حياة مليئة بالضياع واللامسؤولية، حياة عبثية قائمة على فرح وقتي وسعادة أنانية لا تأبه لتعب الآخرين. هكذا تكون حياة المسيحي الذي يحفظ بعض الآيات، ويأتي إلى الكنيسة عند الحاجة، أي عندما يمرض أو قبل الإمتحانات أو قبل عملية جراحية.. ينسى هذا النوع من المسيحيين أن السعادة الحقيقية هي في أحضان الرب، وأن كل الأشياء الأخرى زائلة. حتى البشر سيزولون عاجلا أم آجلا. قد يقول شباب اليوم إنهم يتعبون ويكدون لكي يجنوا المال بغية إسعاد أنفسهم، لأن الحياة قصيرة ويجب أن يعيشوها بملئها. هل من فرح يسمو على فرح القيامة وخلاصنا من خطايانا؟ ألم يجذب المسيح العشارين والخطأة والفريسيين وكل شرائح المجتمع قديما؟ ماذا نحتاج أكثر من المسيح عنصرا جاذبا إلى الكنيسة؟"
أضاف: "لا تدعوا أحدا يشدكم إلى القعر بعد أن رفعكم المسيح وجعلكم أبناء لله وألهكم. لا تعيروا آذانكم لمن يشوهون صورة الكنيسة. ولا تنسوا مثل الغني الغبي الذي بنى الأهراء ووسعها ليجمع فيها محاصيله، ثم قال لنفسه: «يا نفس، لك خيرات كثيرة موضوعة لسنين كثيرة، استريحي وكلي واشربي وافرحي» (لو 12: 19)، وفي النهاية أسلم روحه في الليلة ذاتها".
وسأل: "هنا نسأل من ملأوا خزناتهم من خيرات البلد وأموال الشعب، ألا يخشون حكم ربهم؟ ألا يخافون من عاقبة ما جنت أيديهم؟ أليس عليهم أن يتوبوا وأن يتنحوا تاركين المجال لمن يستطيع عملا أفضل؟ لبنان غني بالطاقات البشرية التي، للأسف، لا تجد فرصة لخدمة وطنها. فهل يكون بلدنا بحاجة إلى يد أجنبية لإنقاذه؟ ألا يوجد لبناني قادر على تسلم زمام الأمور، يكون قائدا وقدوة؟ وهل يحتمل البلد الإستمرار في الحالة الحاضرة طويلا؟ وهل اعتاد الجميع على عدم وجود رئيس؟ أسئلة أطرحها على من بيدهم القرار علهم يصغون، وعلهم يدركون أن انتخاب رئيس هو الخطوة الأولى الضرورية في مسيرة إنقاذ البلد وتسيير إداراته".
وقال: "يكررون الحديث عن الحوار. الحوار أمر محمود ومبارك، لكن في ما خص انتخاب الرئيس هل يتوافق الحوار مع بنود الدستور؟ هل نص الدستور على حوار يسبق انتخاب الرئيس، أم أن على مجلس النواب أن يلتئم في دورات متتالية لانتخاب رئيس، كما قلنا وكررنا منذ بداية شغور كرسي الرئاسة؟ نحن في بلد ديموقراطي لكنه لم يصل بعد إلى الممارسة الديمقراطية الصحيحة، ولم يع المسؤولون فيه أن الإصلاح الحقيقي يبدأ من هنا، من احترام الدستور وتطبيقه. في ظل السواد المخيم على بلدنا بدأت أعمال التنقيب عن الغاز في بحرنا. أملنا أن يشكل هذا الأمر بصيص أمل، وأن ينعم الله على لبنان بثروة تديرها أيد أمينة تحسن استثمارها، فتكون خميرة صالحة لأجيال الغد، ولا تمسها أيد ملوثة أساءت استخدام السلطة وإدارة البلد، واستنزفت طاقاته لغايات شخصية".
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
ما هي البركة في الرزق مالا كان أو أولاد؟.. احذر هذه الخرافة
لاشك أن معرفة ما هي البركة في الرزق ؟، لها أهمية كبيرة، حيث إن من شأنها تغيير حياة العبد من الضيق إلى السعة والسخط إلى الرضا ، فرغم أن البركة من المفردات الدارجة على ألسنة الناس، إلا أن قليلين أولئك الذين يعرفون ما هي البركة في الرزق ؟.
هل الذنوب تنقص الرزق وتسبب الفقر؟.. 10 أمور تنغص حياتك فاجتنبهادعاء الصباح في آخر السنة للرزق.. 5 كلمات تصب عليك الخير صباما هي البركة في الرزققال الدكتور عمرو مهران، الداعية الإسلامي، إن الكثيرين يظنون أن البركة مجرد خرافات أو أفكار قديمة، وأن الرزق مقترن فقط بالعدد والحسابات، لكن الحقيقة أن البركة هي أمر من الله سبحانه وتعالى.
وأوضح " مهران " في إجابته عن سؤال : ما هي البركة في الرزق ؟ ، أن البركة هي التي تغير قيمة الأشياء وتزيد من تأثيرها في حياتنا، لافتا إلى أن الإيمان بأن الرزق من الله هو ما يغير المنظور بشكل كامل، سواء كان هذا الرزق قليلاً أو كثيراً.
وأضاف أن البركة ليست مرتبطة بكثرة المال أو الأشياء المادية، بل هي نعمة من الله تُضاف إلى ما نملك، موضحًا أن النبي صلى الله عليه وسلم قد علمنا في العديد من المواقف أن البركة النبوية هي أغلى ما في الدنيا، وهي التي تَجعل القليل يكفي وتزيد من تأثيره.
وتابع : الفرق بين شخص يرى البركة في القليل وبين آخر يظن أن الكثير يكفيه حتى دون بركة، هو أن الأول يثق في رزقه ويشكر الله عليه، بينما الثاني يغفل عن تأثير المعاصي والذنوب في تقليل البركة.
وأفاد بأن الله عز وجل في سورة الأنعام ذكر كيف أهلك الأمم السابقة رغم أن لديهم نعماً عظيمة، بسبب ذنوبهم وكفرهم، لذا يجب على الإنسان أن يحرص على الإيمان بالله، وأن يطلب البركة في رزقه، سواء كان قليلاً أو كثيراً، لأن البركة هي التي تضمن له القناعة والطمأنينة.
وأكد على ضرورة الابتعاد عن عقليات الخرافة التي تؤمن أن الرزق فقط مرتبط بالحسابات المادية، مؤكدًا أن الإيمان بالرزاق هو ما يفتح أبواب البركة في حياة المؤمن.
هل المعاصي تؤثر على البركة في الرزقونبه إلى أن هناك نقطة مهمة جدًا يجب أن نوضحها، وهي أن الرزق لا يتأثر مباشرة بالذنب من حيث توقفه أو تعطل مجيئه، فالله سبحانه وتعالى لا يعاملنا برد فعل مباشر.
وأردف: بمعنى أنه لا يوقف الرزق مباشرة إذا ارتكبنا ذنبًا، لكن المعصية تؤثر في التوفيق والبركة في الرزق، قد يحصل الإنسان على الرزق، لكنه لن يشعر ببركته ولن يكون لديه توفيق في استخدامه.
وأشار إلى أن الذنب قد يسبب أن يصبح الرزق غير مُبارك، حتى وإن كنت تكسب المال بطرق حلال، فإن المعاصي قد تؤثر في شعورك بالبركة فيه، وقد تشعر أن هذا المال لا قيمة له، أو أن توجيهه في أماكنه الصحيحة يصبح صعبًا، والرزق قد يكون موجودًا، لكن مع الذنوب، قد لا تشعر بقيمته، وقد لا تستخدمه بشكل صحيح.
ولفت إلى أن التوفيق والبركة هما من أهم النعم التي يرزقنا بها الله، وهما لا يقتصران على كم المال الذي نكسبه، بل يتعلقان أيضًا كيف نشعر بهذا المال وكيف نستخدمه في حياتنا.
ونوه بأن البركة تجعلنا نشعر بأن ما نملكه كافٍ، حتى وإن كان قليلًا، بينما دون البركة قد لا نشعر بالرضا ولو كان لدينا الكثير، فالرزق المبارك يجعل الإنسان يشعر بالقناعة والطمأنينة، ويشعر أن المال الذي في يده يباركه الله سبحانه وتعالى ويجعله يستخدمه في ما يرضي الله.. أما إذا كانت البركة مفقودة، فقد يشعر الإنسان أنه لا يمتلك شيئًا، رغم أنه يملك المال، وقد لا يكون لهذا المال أي تأثير إيجابي في حياته.