تقرير: "بريكس" تكشف عهداً جديداً للجغرافيا السياسية
تاريخ النشر: 27th, August 2023 GMT
أظهرت قمة تجمع "بريكس" التي عقدت الأسبوع الماضي في جنوب إفريقيا، قبل أسابيع قليلة من الدورة الـ 78 للجمعية العامة للأمم المتحدة، بزوغ كتل جيوسياسية جديدة. ويطرح ذلك هذا السؤال المهم: ما هو الدور الذي يلعبه الجنوب العالمي، وما هي العوامل المحركة الرئيسية لسياسات المستقبل؟.
وتحدى الرئيسان الصيني شي جين بينغ، والروسي فلاديمير بوتين الغرب في قمة بريكس للاقتصادات الناشئة بمدينة جوهانسبرغ.
ولم يشارك بوتين في القمة بالحضور الشخصي، خشية أن يتم توقيفه استناداً لمذكرة من المحكمة الجنائية الدولية على خلفية ارتكاب جرائم حرب في أوكرانيا، وما من شك في أن قمة بريكس (24-22 أغسطس (آب) الجاري)، كانت التجمع الأكثر أهمية لروسيا والجنوب العالمي منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا قبل 18 شهراً.
#إنفوغراف24| من بينها الإمارات.. #بريكس تضم 6 دول جديدة https://t.co/bJjSu7eju0 pic.twitter.com/gfamHUbPjK
— 24.ae (@20fourMedia) August 24, 2023وقدمت القمة منصة للقاء بين روسيا و4 دول لا ترفض فحسب أن تأخذ جانب الغرب ضد موسكو، ولكنها تهدف أيضاً إلى إقامة "تعددية شاملة"، بحسب شعار القمة، وأعلن بريكس عن توسيع التجمع خلال عام 2024، ليشمل 6 أعضاء جدد- الأرجنتين ومصر وإثيوبيا وإيران والسعودية والإمارات. ويشكل ذلك، باختصار، تحدياً لهيمنة الغرب، حتى لو لم يكن الانفصال بشكل حقيقي ممكناً، في عالم تترابط فيه المصالح.
وبالتأكيد، انصب قدر واسع من الاهتمام على الرئيس الروسي، الذي أصدر أمره بشن واحدة من أكبر الحروب في أوروبا منذ عام 1945، ألا وهي حرب أوكرانيا، قبل 18 شهراً تقريباً، وتحدث بوتين أمام القمة من خلال رابط فيديو، وأدان الدول الغربية، بسبب ما وصفه بأنها "عقوبات غير مشروعة تسحق جميع قواعد التجارة الدولية"، وبسبب سياساتها التي رأي أنها تؤجج التضخم.
وبحسب الرئيس الروسي، فإن الخطوة الحاسمة صوب تحقيق عالم التعددية هي التخلص من الدولار، وهي عملية يراها "تترسخ بالفعل، وبشكل لا رجعة فيه"، وشدد بوتين على أن التعامل بالعملة الأمريكية شكل فقط 28.7% من إجمالي حجم التجارة بين دول بريكس الخمس في 2022.
روسيا تتأرجح بحثاً عن أصدقاءوتعتزم روسيا مواصلة نهج تقديم نفسها كبديل للدول الغربية، وتندد بما تصفه بالسياسة الاستعمارية الجديدة لهذه الدول تجاه بقية العالم، وأصر الرئيس بوتين في كلمته للقمة على أن بلاده ليست مسؤولة عن أزمات الغذاء في العالم.
وفي لفتة حسن النية، وإشارة للنصف الجنوبي من الكرة الأرضية، أعلن بوتين أن موسكو سوف توفر آلاف الأطنان من الحبوب لست دول أفريقية، مجاناً. وكانت روسيا أنهت الشهر الماضي اتفاقا كان تم التوصل إليه بوساطة من الأمم المتحدة وتركيا، لتصديرالحبوب الحيوية عبر الموانئ الأوكرانية المحاصرة على البحر الأسود. وترى تركيا نفسها أيضاً وسيطاً في الحرب.
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قال في وقت سابق، إنه يتوقع أن يتمكن من إقناع نظيره الروسي بتجديد اتفاق تصدير الحبوب، غير أن موسكو لم تؤكد أي خطة في هذا الاتجاه، حتى الآن. يشار إلى أن خطاب بوتين صار يتسم بالعدوانية والتهديد، على نحو متزايد، منذ بدء الغزو الشامل لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022.
وردت الولايات المتحدة والدول الأوروبية بفرض شبكة من العقوبات المالية والتجارية. وقال المستشار الألماني أولاف شولتس العام الماضي إن "رؤية بوتين للعالم مشوهة بسبب هوس القوة العظمى والإمبريالية".
واستغل بوتين أيضاً افتتاح "مؤتمر موسكو الـ 11 للأمن الدولي"، منتصف الشهر الجاري، ووجه انتقادات حادة للقوى الغربية، وألقى باللوم عليها في تأجيج الاضطرابات بأنحاء العالم، وقال في رسالة عبر تقنية الفيديو إن "السبب الوحيد وراء الصراعات في أنحاء واسعة من العالم، هو المغامرات الجيوسياسية والسلوك الأناني والاستعماري الجديد للغرب".
ولطالما اتهم الغرب بالتآمر ضد أي شيء، وكل شيء، ينتمي لروسيا، وبدا كذلك أن روسيا سعت إلى استغلال مؤتمر موسكو الأمني لتعزيز تحالفاتها. وكان وزير الدفاع الصيني الجديد لي شانغ فو، ضمن المشاركين في المؤتمر.
شراكة بين روسيا والصين "بلا حدود"والصين هي أكبر شريك تجاري لروسيا، وأحجمت بكين عن فرض عقوبات على موسكو على خلفية غزو أوكرانيا، وأعلنت الدولتان شراكة "بلا حدود" قبل فترة وجيزة من إطلاق روسيا غزوها لأراضي جارتها أوكرانيا. ولم تصدر القيادة في الصين إدانة علنية للغزو، بل ركزت، عوضاً عن ذلك، على محاولة لعب دور الوسيط في الحرب.
ولكن العملاق الصيني يصارع حالياً أزمة ربما تنجم عن الركود العقاري، وتشكل دول بريكس الخمس حوالي 26% من إجمالي الناتج المحلي العالمي، ولكنها تظل بعيدة عن القوة الاقتصادية المشتركة التي تمثلها مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى، أو دول الاتحاد الأوروبي الأخرى.
وأما فيما يتعلق بالصراع في أوكرانيا، فموقف بكين ثابت لا يتغير، وقام وزير الدفاع الصيني بزيارة بيلاروسيا، حليفة روسيا القوية في 17 من الشهر الجاري.
"أصدقاء" ضد هيمنة أمريكاووجه وزير التجاري الصيني وانغ وينتاو انتقادات لأمريكا خلال قمة بريكس، دون أن يذكرها صراحة بالاسم، حيث قال: "ثمة دولة تسعى إلى الحفاظ على هيمنتها، وقامت بما في وسعها كي تكبل الدول الناشئة، والنامية"، وأضاف "يجرى احتواء هؤلاء الذين يتطورون بسرعة، وإعاقة من يلحقون بالركب".
وأشار رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو مؤخراً إلى التوافق بين بلاده والصين عندما يتعلق الأمر بإقامة عالم متعدد الأقطاب، وفي أحيان كثيرة يتحدث لوكاشينكو، مثله في ذلك مثل بوتين، ضد ما يصفه بـ "الهيمنة الأمريكية". وقد أشاد لي ولوكاشينكو بخطط تعزيز التعاون العسكري بين بلديهما، في مينسك يوم 17 أغسطس (آب) الجاري.
وقال رئيس بيلاروسيا إن "من المتوقع أن تجري الدولتان تدريبات عسكرية مشتركة في عام 2024"، كما شدد "الزعيم الاستبدادي" على أن بلاده تعتمد في المقام الأول على "صديقيها"، روسيا والصين، في الحصول على المساعدات العسكرية.
كيف تنظر الأمم المتحدة إلى التغيير الجيوسياسي؟ودعت الجمعية العامة للأمم المتحدة في شهر فبراير (شباط) 2023، أي بعد عام من إطلاق الغزو الروسي لأراضي أوكرانيا، إلى نهاية فورية للحرب، وصوتت 141 من الدول الأعضاء لصالح ذلك، في حين عارضت الدعوة 7 دول- بيلاروسيا وكوريا الشمالية وإريتريا ومالي ونيكاراغوا وروسيا وإيطاليا وسوريا. وكانت الصين والهند وباكستان ضمن 32 دولة امتنعت عن التصويت.
وشارك الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في قمة بريكس بجوهانسبرغ، للدعوة إلى التعاون في مواجهة الأزمات، وقال: "حضرت إلى جوهانسبرغ أحمل رسالة بسيطة: في عالم منقسم، تجتاحه أزمات طاحنة، لا يوجد ببساطة بديل عن التعاون. علينا أن نستعيد الثقة، وأن نعيد الحياة للتعددية، على نحو عاجل، في القرن الـ 21".
ودعا الأمين العام إلى إصلاح هياكل الحوكمة العالمية حيث إنها "تعكس عالم الماضي"، مباشرة عقب الحرب العالمية الثانية، وحذر من أنه "بدون هذا الإصلاح، يصبح التشرذم حتمياً"، وأضاف "هذا صحيح، على نحو خاص، في حالة مجلس الأمن الدولي، ومؤسسات بريتون وودز"، في إشارة لصندوق النقد والبنك الدوليين، اللذين يهيمن عليهما الغرب.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني الأمم المتحدة قمة بريكس جنوب إفريقيا روسيا الصين قمة بریکس من الدول على أن
إقرأ أيضاً:
موسكو: هناك القليل من التفاصيل بشأن تسوية الصراع في أوكرانيا
الجديد برس|
قررت روسيا والولايات المتحدة المضي في استئناف الحوار في “كل المجالات” حسبما أعلن الناطق باسم الكرملين الخميس، مشيرا إلى احتمال حصول عملية تبادل أسرى جديدة بين البلدين.
يأتي هذا فيما يتعزز التقارب بين موسكو وواشنطن مع رغبة ثنائية معلنة في إنهاء الحرب في أوكرانيا.
إلا ان المتحدث باسم الكرملين اكد ان موسكو تسجل تباينا في الآراء بين واشنطن وكييف، مشيراً الى ان النظام الأوكراني اعتاد على التبعية غير المنضبطة، على حد وصفه.
وفيما يخص ملف الحرب في أوكرانيا، أشار بيسكوف إلى أن الكرملين “يتفق تماما” مع موقف إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن ضرورة وضع حد سريع للنزاع غداة انتقادات لاذعة متبادلة بين كييف وواشنطن.
وصرّح في هذا الشأن: “يتحدثون عن ضرورة إحلال السلام في أسرع وقت ممكن والقيام بذلك عبر التفاوض. وقد لاحظنا أيضا أن هذا الموقف مؤات لنا أكثر من موقف الإدارة السابقة. ونحن نتفق كليا مع الإدارة الأمريكية” الحالية.
واعتبر الناطق باسم الكرملين أن الولايات المتحدة “كانت ولا تزال… المحرك الرئيسي” الذي يقدم “أكبر مساهمة مالية في تأجيج” الصراع في أوكرانيا.
وجدد نفس المصدر اتهاماته لإدارة جو بايدن السابقة بالرغبة في “مواصلة الحرب حتى (القضاء على) آخر أوكراني” وإنفاق أموال دافعي الضرائب الأمريكيين للقيام بذلك. إلا أنه لفت إلى أنه في الوقت الحالي، هناك “قليل من الأشياء الملموسة” للتوصل إلى تسوية للصراع، ويعود ذلك خصوصا إلى “خلافات بين واشنطن وكييف”.