كاتب بريطاني: 3 أسباب حولت محمد بن سلمان من أمير منبوذ إلى مركز العالم
تاريخ النشر: 27th, August 2023 GMT
"كيف تحول ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان من مسؤول معزول إلى مركز العالم؟".. يحاول الصحفي البريطاني الشهير بن جودا، مؤلف كتاب "هذه لندن" الإجابة على هذا السؤال، عبر مقال نشرته صحيفة "ذا تلجراف"، مستعرضا مسيرة الأمير السعودي منذ عدة سنوات خلت، وبالتحديد عام 2018 وهو العام الذي شهد ذروة أزماته ومحنته الدولية، وحتى اليوم.
ويقول بن جودا إنه يجري حاليا إعداد الحسابات حول من هو الأعلى ومن هو الأدنى قبل قمة مجموعة العشرين في الشهر المقبل في نيودلهي.
ويضيف: الخاسرون واضحون.. فلاديمير بوتين، الذي اعتاد السخرية من خصومه في جميع أنحاء الغرفة خلال مثل هذه الاجتماعات، لم يعد الآن قادرًا حتى على الحضور.
وأردف: ولكن يمكن القول إن الرابح الأكبر هو الشخص الذي لم يكن متوقعا على الإطلاق قبل بضع سنوات: ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
ويقارن الكاتب بين صورة ابن سلمان في اجتماع مجموعة العشرين في بوينس آيرس عام 2018، حيث بدا معزولا على طرف الصورة الجماعية للقادة الذين تجنبه معظمهم، فقد كانت القمة تأتي بعد حادثة الاغتيال الوحشي للصحفي السعودي جمال خاشقجي داخل القنصلية السعودية في إسطنبول، وهو الاغتيال الذي خلصت الاستخبارات الأمريكية إلى أن ولي العهد هو من أمر به.
اقرأ أيضاً
للتباحث حول صفقة ضخمة.. بايدن يدرس لقاء بن سلمان على هامش قمة العشرين
محنة كوروناوعندما بدأت جائحة "كوفيد-19"، زادت ورطة ولي العهد السعودي، كما يقول الكاتب، وكانت المملكة برمتها في حالة من الفوضى، ولم يكن شيء يجسد هذا الوضع أفضل من مشهد برج جدة غير المكتمل الذي يلوح في الأفق نصف مكتمل كهيكل عظمي فوق ثاني أكبر مدينة في المملكة.
وكان كل خط اتجاه اقتصادي سيئا، وكان انهيار أسعار النفط من أكثر من 130 دولارًا للبرميل في عام 2014 إلى أدنى مستوياته بما يزيد قليلاً عن 20 دولارًا قد أثر بشدة على الموارد المالية للدولة النفطية.
ونتيجة لذلك، ارتفع الدين الوطني من لا شيء عمليا في أوائل عام 2010 إلى أكثر من ثلث الناتج المحلي الإجمالي بحلول منتصف عام 2020.
وكانت هناك شائعات مفادها أن منصب محمد بن سلمان في التسلسل الهرمي السعودي قد يكون في خطر ما لم يقلب السفينة رأساً على عقب.
اقرأ أيضاً
«تحوّل الخارج» لا ينسحب على الداخل: بن سلمان ثابت على القمع
حرب اليمن وأزمة اغتيال خاشقجييقول بن جودا: كان رأسماله السياسي ينفد، وكان من الواضح للجميع أن الحرب التي شنها محمد بن سلمان في اليمن قد انتهت إلى نتائج كارثية، وقد شعر العديد من الأمراء بالرعب لأنه وضع أكثر من 200 من أغنى الأشخاص في المملكة تحت الإقامة الجبرية في فندق "ريتز كارلتون" في عام 2017، وقام رجاله بضرب العديد منهم.
علاوة على ذلك، مع مقتل خاشقجي، يمكن القول إن محمد بن سلمان قد أحدث عواقب أكبر على المملكة بجريمة قتل متهورة واحدة في إسطنبول مقارنة بما حدث في أعقاب هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001.
وكان أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي قد اتهموا ولي العهد بأنه "كرة مدمرة" و"رجل عصابة كامل". وقد وصفه الرئيس بايدن بأنه "منبوذ" في حملته الانتخابية.
وفي أوروبا، جمدت ألمانيا والنرويج والدنمارك جميع مبيعات الأسلحة للسعودية.
وخارج الغرب، أدت مكالمة هاتفية كارثية مع فلاديمير بوتين إلى إشعال شرارة حرب أسعار النفط التي دمرت الميزانية الوطنية.
اقرأ أيضاً
البديل قد يكون أسوأ.. تليغراف: لهذه الأسباب أعيد بن سلمان للساحة الدولية
انقلاب رأسا على عقببالنسبة لمحمد بن سلمان، بدت الأمور قاتمة، يقول الكاتب، لكنه يستدرك: "لقد انقلب كل هذا رأساً على عقب. وبدلاً من أن يكون محمد بن سلمان معزولاً، فهو الآن في مركز العالم".
وبعد أن وصفه بأنه منبوذ، اضطر بايدن إلى مقابلة ولي العهد في عام 2022، وتعرض للسخرية عندما حاول الرئيس الأمريكي إقناعه بخفض أسعار النفط والانضمام إلى العقوبات الأمريكية على روسيا.
وفي استعراض للقوة، رفض محمد بن سلمان ذلك.
ويقول الكاتب إنه على المستوى الدولي، كان ابن سلمان يحرز إنجازات دبلوماسية.
فقد حصلت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة على الفضل في المساعدة في التفاوض على إطلاق سراح لاعبة كرة السلة الأمريكية بريتني جرينر بعد احتجازها في روسيا.
واستضاف محمد بن سلمان الرئيس الصيني شي جين بينج في الرياض في ديسمبر/كانون الأول الماضي لتعزيز العلاقات بين المملكة العربية السعودية والصين.
وقد أحضر دبلوماسيين صينيين إلى الشرق الأوسط في وقت سابق من هذا العام للتوسط بنجاح في استعادة العلاقات بين الرياض وطهران.
اقرأ أيضاً
صفقة التطبيع السعودي الإسرائيلي.. مسار محفوف بالمخاطر لبن سلمان
واستضاف ابن سلمان أيضا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لحضور قمة الجامعة العربية في مايو/أيار، قبل عقد قمة في جدة في وقت سابق من هذا الشهر جمعت كبار المسؤولين الأمنيين من 42 دولة - بما في ذلك عبر الغرب والصين والهند وأوكرانيا ولكن ليس روسيا - لمناقشة الصراع الأوكراني.
وفي الأسبوع الماضي، وفي خطوة من شأنها أن تثير قلق القادة الغربيين، أشرف محمد بن سلمان على انضمام السعودية إلى مجموعة دول "بريكس"، وهي كتلة متزايدة القوة.
ويمضى بن جودا بالقول:" انسوا وصف محمد بن سلمان بالمنبوذ. لقد أصبح مركز العالم الدبلوماسي".
لم ينته الأمر بعد، حيث تجري حاليا مناقشة اتفاق للشرق الأوسط أطلق عليه اسم "الصفقة الكبرى"، وهذا من شأنه أن يؤدي إلى قيام السعودية، الدولة التي يوجه إليها ربع سكان العالم صلواتهم في مكة، وأقوى زعيم في العالم السني، بتطبيع العلاقات مع إسرائيل، وهي نفس المملكة التي فرضت الحظر النفطي على الغرب عام 1973 لدعمها القدس في حرب "يوم الغفران" (حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973).
ومن شأن التوصل إلى اتفاق أن يعزز، بضربة واحدة، شرعية إسرائيل في المنطقة. لن تكون المقاطعة العربية السنية المتبقية قابلة للتطبيق ومن المرجح أن تنهار.
اقرأ أيضاً
وساطة السلام بحرب أوكرانيا.. هكذا عزز بن سلمان المكانة الدولية للسعودية
ثلاثة اتجاهاتويخلص الكاتب إلى أن هناك ثلاثة اتجاهات كبرى دفعت زعماء العالم إلى مغازلة الرجل الذي كان بالأمس فقط موضعاً للازدراء والتجاهل على الساحة الدولية.
الأول، هو حرب أوكرانيا، فلم يحقق أحد نتائج أفضل من العقوبات والعقوبات المضادة بين روسيا والغرب أكثر من دول الخليج. وأدى ارتفاع أسعار النفط والغاز إلى تضخم الخزانة السعودية.
الثاني، يتلخص في تنامي المنافسة بين الولايات المتحدة والصين.
ومع انقسام العالم بشكل متزايد إلى مناطق النفوذ الأمريكية أو الصينية، فإن القوى المتوسطة مثل المملكة العربية السعودية والهند وإندونيسيا تتعرض للتودد بقوة من قبل أي من الجانبين.
لقد نجح محمد بن سلمان في استمالة الجانبين بذكاء دون الالتزام بأي منهما، مما منحه القدرة على التحدث مع بايدن وشي بشروطه الخاصة، وكذلك مع فلاديمير بوتين، يقول الكاتب.
الثالث، ويتمثل في تحول الطاقة، الذي بدأ الآن ينطلق أخيرا.
وفي كثير من الأحيان يساء فهمها، فإن التوجه نحو صافي الصفر هو أمر جيد على نحو غير متوقع بالنسبة للمملكة العربية السعودية - على الأقل في الوقت الحالي. ومع انخفاض تكلفة مصادر الطاقة المتجددة، سيتم إغلاق عدد متزايد من آبار النفط غير الفعالة من حيث التكلفة أو نفادها أو التوقف عن التنقيب عنها.
اقرأ أيضاً
قمة السلام الأوكرانية بالسعودية.. انقلاب دبلوماسي لبن سلمان يبرز ملامح استراتيجيته العالمية
ونتيجة لذلك فإن عدداً صغيراً من شركات النفط المملوكة وطنياً في البلدان حيث لا يزال الحفر فعالاً من حيث التكلفة سوف يسيطر على حصة أكبر من السوق.
وتوقعت وكالة الطاقة الدولية أن ترتفع الحصة العالمية من النفط الذي يأتي من منتجي "أوبك" من الثلث اليوم إلى حوالي النصف بحلول عام 2050، في حين تقدر شركة "برييتش بتروليم" أن المجموعة يمكن أن تمثل ما يصل إلى ثلثي إمدادات النفط العالمية في العالم.
ويختم بن جودا مقاله بالقول: "كل هذا يجتمع ليخلق طفرة في السلطة لرجل واحد: محمد بن سلمان".
المصدر | بن جودا / ذا تلجراف - ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: محمد بن سلمان ولي العهد السعودي منبوذ قمة العشرين رؤية 2030 السعودية العربیة السعودیة محمد بن سلمان مرکز العالم أسعار النفط بن سلمان فی اقرأ أیضا ولی العهد أکثر من
إقرأ أيضاً:
الرجل الذي اشترى كل شيء.. ابن سلمان وانتهاكات الصندوق السيادي السعودي
نشرت منظمة هيومن رايتس ووتش تقريرا مطولا عن صندوق الاستثمارات العامة السعودية، وكيف استخدمه ولي العهد محمد بن سلمان لتعزيز سطوته على الدولة، بالإضافة للانتهاكات العديدة لحقوق الإنسان التي رافقت إنشاءه.
وقالت المنظمة، إنه في غضون سنوات قليلة، تحول "صندوق الاستثمارات السعودي من صندوق ثروة سيادي غامض ومدار بشكل محافظ إلى أحد أكبر الصناديق وأكثرها شراسة في العالم، حيث تقدر قيمته بأكثر من 925 مليار دولار.
وأضافت أن هذا الارتفاع الصاروخي الذي حققه الصندوق يعود إلى ولي العهد، ورئيس الوزراء، ورئيس الصندوق، والحاكم الفعلي والمستبد محمد بن سلمان، حيث عزز من خلال الصندوق تفرده بالقرار؛ إذ تكاد تنعدم القيود على تصرفه بثروة البلاد، التي من المفترض أن يستفيد منها الشعب السعودي بأكمله.
وأوضحت رايتس ووتش، أن ابن سلمان أشرف على أسوأ فترة لحقوق الإنسان في تاريخ البلاد، بعد أن شن قمعا واسعا وعنيفا على المجتمع المدني، والمعارضين والمحافظين الدينيين، ومنافسي النظام، ورجال الأعمال البارزين. ما منحه سلطة مطلقة على أجهزة الدولة ساعدته على إعادة هيكلة الصندوق.
وأشارت إلى أن الصندوق السيادي السعودي استفاد مباشرة من انتهاكات حقوقية مرتبطة برئيسه محمد بن سلمان، بما يشمل حملة مكافحة فساد عام 2017 تضمنت اعتقالات تعسفية، وانتهاكات بحق المحتجزين، وابتزاز ممتلكات النخبة السعودية.
وتحدثت المنظمة عن تسهيل الصندوق من خلال الشركات التي يملكها انتهاكات لحقوق الإنسان، بما في ذلك قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي عام 2018، حيث استقل المتورطون بالعملية طائرتين تعودان لشركة "سكاي برايم للخدمات الجوية" التي يمتلكها الصندوق السيادي السعودي.
كما ارتبطت انتهاكات حقوق الإنسان ببعض المشاريع التي يديرها الصندوق، وعلى رأسها مشروع مدينة "نيوم"، حيث طردت السلطات السعودية عشرات الأسر من قبيلة الحويطات التي تسكن قرب المشروع.
وأردفت بأن محمد بن سلمان، مدعوما بمجموعة صغيرة من النخبة السعودية غير الخاضعة للمحاسبة، يسيطر على الدعامات الأساسية لاقتصاد البلاد، موظفا المال العام لخدمة مصالحه على حساب الصالح العام بشكل تعسفي.
ولفتت المنظمة إلى أن استثمارات الصندوق تستخدم لغسيل الانتهاكات الحكومية السعودية، إذ يعمد الصندوق لجعل استثماراته في الولايات المتحدة وبريطانيا وغيره قوة داعمة للسعودية تهدف لحشد دعم أجنبي غير ناقد لأجندة محمد بن سلمان، وإسكات المنتقدين لسياساته وسجل حقوق الإنسان في المملكة.
كما توفر استثمارات الصندوق في البلدان حوافز للسكون عن وصرف الاهتمام عن انتهاكات حقوق الإنسان في السعودية، ونشر روايات مزيفة عن الإصلاح، ودعم ابن سلمان، رغم مسؤوليته المباشرة عن تلك الانتهاكات.
وذكر التقرير أن الصندوق يلعب لعبة مزدوجة، فقد أظهرت وثائق محاكمات، أن الصندوق زعم أن استثماراته في الخارج تتعلق بالأمن القومي السعودي، لكن حيث ما كان ذلك ملائما سياسيا، يزعم حينها أن استثماراته تستند إلى المنطق الاقتصادي فقط.
بعد عرضه الوساطة في الحرب الأوكرانية.. ابن سلمان يهاتف بوتين لبحث مستجدات الأزمة
وتحدثت هيومن رايتس ووتش، أن ابن سلمان يحاول تلميع صورته، وجذب المستثمرين الأجانب، عبر حفلات تستضيف كبار النجوم في العالم.
كما أشارت المنظمة إلى "الغسيل الرياضي" الذي يعمل على تلميع صورة الحكومة السعودية، عبر استضافة أحداث كبرى، في حين يتم صرف النظر عن الانتهاكات الحقوقية الكبيرة في السعودية.
وبحسب المنظمة، فإنه على الرغم من مزاعم الرياض دعم الاستثمار في الطاقة النظيفة، فإن الصندوق يعتمد بشكل كلي على الوقود الأحفوري.