بريكس.. ماذا ستكسب الست دول الجديدة من انضمامها للتكتل؟
تاريخ النشر: 27th, August 2023 GMT
اختتمت دول "بريكس" أعمال القمة الـ15 في جنوب أفريقيا بعد اجتماعات امتدت بين يومي 22 و24 أغسطس/آب الجاري، وكان من المخرجات توجيه الدعوة إلى 6 دول للانضمام إلى التكتل ابتداء من عام 2024.
ودعا رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا -الخميس الماضي- كلاً من السعودية، والإمارات، ومصر، وإثيوبيا، وإيران، والأرجنتين، للانضمام إلى المجموعة.
وتشير أحدث الأرقام المنشورة عن أصول الصناديق السيادية عام 2023 إلى أن صندوق أبو ظبي يمتلك أصولا تقدر بـ853 مليار دولار ويحتل المرتبة الرابعة بين أكبر 10 صناديق على مستوى العالم، في حين يأتي الصندوق السعودي في المرتبة السادسة بالقائمة نفسها، بأصول مالية تبلغ 776 مليار دولار.
أما إثيوبيا والأرجنتين، فتتمتعان بمخزون من المواد الخام، وإن كانت الأرجنتين تعيش أزمة مالية واقتصادية منذ سنوات. في حين لا يحتاج وضع إيران على الصعيدين الإقليمي والدولي إلى توصيف، فالعقوبات الاقتصادية ترهق اقتصاد البلاد منذ عام 2018.
ويأتي الزخم الذي تكتسبه قمة وتكتل البريكس، من خلال الأجواء العالمية المشحونة بصراع غير خفي على الصعيد الاقتصادي بين الولايات المتحدة والصين، أو بين أميركا والغرب من جهة والعديد من الدول النامية والصاعدة من جهة أخرى، لشعور الأخيرة بأن العولمة التي انطلقت منذ ما يزيد على 3 عقود، كانت في مصلحة الغرب بشكل كبير.
أحداث متكررةثمة قراءات أولية لقرار بريكس بضم 6 دول، فالبعض يذهب إلى زيادة قدرة التكتل على التأثير في المحيط الدولي الاقتصادي، والبعض الآخر يقصر الأمر على طلب معرفة العوائد المتبادلة بين الأعضاء الجدد والتكتل.
وحينما ننظر إلى واقع الدول الـ6 الجديدة، نجد أنها انضمت من قبل إلى تجمعات وتكتلات إقليمية ودولية، وقد صاحب ذلك زخم إعلامي قوي، مثل عضويتها في منظمة التجارة العالمية، أو عضوية مصر في اتفاقية الشراكة الأوروبية، وكذلك اتفاقية الكوميسا.
تضاف إلى ذلك طبيعة العلاقات التجارية والاقتصادية التي تربط كلا من مصر والسعودية والإمارات بالصين والهند وروسيا، إذ تتمتع روسيا بحضور ملموس في الاقتصاديات العربية الثلاث.
المؤشرات الاقتصادية للأعضاء الجدد
كما هي الحال في الدول الخمس الأعضاء الحاليين بالبريكس، ثمة تفاوت واضح في الإمكانات والقدرات الاقتصادية، وفق المؤشرات الاقتصادية الكلية، ففي الدول الخمس المؤسسة، تتمتع الصين بناتج محلي عند 18 تريليون دولار، مقابل 480 مليار دولار لجنوب أفريقيا، وعلى الغرار نفسه هناك تفاوت بين الأعضاء الجدد، إذ يصل الناتج المحلي في السعودية إلى 1.18 تريليون دولار، بينما لا يتجاوز 126 مليار دولار في إثيوبيا.
ويفرض هذا الواقع القديم الجديد وجوب إحداث توازن اقتصادي بين أداء الأعضاء، كما يفرض تحدي الأخذ بيد الاقتصادات الضعيفة لتحسين أدائها الاقتصادي بشكل عام، حتى تصبح عضوا فاعلا في التكتل.
الفوائد الاقتصادية المنتظرةعند تدشين منظمة التجارة العالمية عام 1995، وإلغاء بعض المزايا الخاصة بالدول النامية والأقل نموا، ووضعها على قدم المساواة مع الدول الصاعدة والمتقدمة، أطلق الخبراء الاقتصاديون على هذه المساواة "انتهاء ظاهرة الركوب مجانًا".
وينطبق الأمر نفسه الآن على الأعضاء الجدد في علاقتهم بتكتل البريكس، فليست هناك مزايا ممنوحة للدول الأضعف، أو ميزات خاصة لمجرد اكتساب العضوية، بل ستكون هذه الدول الجديدة على قدم المساواة في التنافس الاقتصادي مع الأعضاء القدامى.
وفي وقت لم يطلق فيه تجمع البريكس آليات للتكامل الاقتصادي -منطقة تجارة تفضيلية أو منطقة تجارة حرة- ونظرا لأن غالبية الأعضاء القدامى والجدد أعضاء أيضا في منظمة التجارة العالمية، فإن العلاقة التي ستنظم العلاقة بين الجميع في تكتل بريكس هي قواعد منظمة التجارة.
وسيتوقف تطوير العلاقات التجارية والاقتصادية للأعضاء الجدد مع بريكس على قدرتها على اقتناص الفرص، والدخول في شراكات حقيقية، بعيدًا عن طلب المساعدات أو المنح.
مع ذلك، تبدو الفرصة البارزة للأعضاء الجدد هي الاستفادة من استخدام العملات المحلية في التسويات التجارية، وهو ما يعني تخفيف الطلب على الدولار بالنسبة لبعض الدول التي تعاني أزمات مالية، مثل الأرجنتين ومصر وإيران وإثيوبيا.
ومن الفرص المتاحة للأعضاء الجدد أيضا ذلك التمويل الذي يتيحه بنك البنية الأساسية لتكتل بريكس، وإن ظلت قدرته التمويلية محدودة حتى الآن مقارنة بالمؤسسات المالية الدولية (البنك والصندوق الدوليين). فما تم منحه من قروض من بنك البنية الأساسية منذ إنشائه عام 2015 لم يتجاوز 40 مليار دولار.
وتبقى أداة التمويل هذه مفيدة لدعم مشروعات الدول المدينة -مثل مصر والأرجنتين وإثيوبيا- إذا ما تمتعت بمزايا وشروط أفضل من تلك التي تفرضها المؤسسات المالية الدولية.
وعلى الجانب الآخر، فإن وجود السعودية والإمارات -بوصفهما دولتين تتمتعان بفوائض مالية وأرصدة جيدة بصناديقهما السيادية- قد يشكل فرصة لإفادة الدول التي تعاني عجزًا في التمويل، وزيادة الاستثمارات المباشرة.
دعم مفتقد
إذا كانت تجربة الاتحاد الأوروبي -بوصفه نموذجا للتكتلات الاقتصادية الناجحة- تمنح لأعضائها فترة تأهيل للعضوية من خلال تحسين بيئة ومناخ الاستثمار، أو تطوير البنى التشريعية، أو الأوضاع المالية والنقدية، فإن في حالة بريكس لم نجد مثل هذه البرامج، كما لم يعلن عنها حتى الآن، مما يجعل تقييم مدى الإفادة التنموية والاقتصادية التي ستجنيها الدول بانضمامها لعضوية التكتل غير واضح.
ختاما، ستكون التجربة برمتها محل مراقبة خلال السنوات القادمة، لتقييم الأثار الإيجابية المترتبة على عضوية بريكس، وماذا قدم التجمع لهذه الدول؟ وماذا قدمت الدول للتجمع؟ وهل سيكون التجمع مجرد عدد في مواجهة المشروع الأميركي والغربي، أم بالفعل ستكون هناك مزايا اقتصادية ستعود على من انضم للبريكس، ولمن يرغب في الانضمام لاحقا.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: منظمة التجارة للأعضاء الجدد ملیار دولار
إقرأ أيضاً:
ضعف التمويل وعدم الإيفاء بالالتزامات يعرقلان حماية المحيطات
أفاد تقرير أصدره مركز الموارد العالمي إلى أن عدم الإيفاء بالتعهدات الدولية بمليارات الدولارات -خلال العقد الماضي لحماية المحيطات- يعرقل العمل، ولا يزال التنوع البيولوجي البحري على المحك.
ويشير التقرير -الصادر في 29 أبريل/نيسان 2025 خلال مؤتمر "محيطنا" المنعقد في بوسان بكوريا الجنوبية- إلى أنه تم التعهد بأكثر من 2600 التزام بين عامي 2014 و2024 لحماية الحياة البحرية ومكافحة تلوث المحيطات. ولم يُنجز منها سوى 43%. ولا يزال نحو 38% منها قيد التنفيذ، بينما لم يبدأ 18% منها بعد.
اقرأ أيضا list of 3 itemslist 1 of 3تعدين قاع البحر.. طموح ترامب يهدد أعمق النظم البيئية على الأرضlist 2 of 3الحيتان.. عمالقة المحيط وسلاحه ضد تغير المناخlist 3 of 3بالفيديو.. جولة وسط جبال الجليد الزرقاء في غرينلاندend of listوحسب مؤلفي التقرير، لا تتناسب وتيرة العمل مع إلحاح التهديدات التي تواجهها المحيطات من النفايات البلاستيكية والصيد غير المشروع إلى تبييض المرجان وفقدان الموائل.
وتغطي المحيطات أكثر من 70% من سطح الأرض، وهي معرضة لضغط شديد بسبب الصيد الجائر والتلوث وارتفاع درجة حرارة المياه. ويحتاج إنقاذ محيطات العالم إلى تمويلٍ ضخم، يقدر بنحو 175 مليار دولار سنويا بحلول عام 2030، وفقا للخبراء.
وتُعد هذه الفترة حاسمة لتحقيق الهدف الثالث المحدد في إطار كونمينغ-مونتريال العالمي للتنوع البيولوجي التابع لاتفاقية التنوع البيولوجي. كما تُصادق الدول ببطء على معاهدة أعالي البحار التي تهدف إلى حماية التنوع البيولوجي خارج نطاق الولاية الوطنية، وسيتطلب تنفيذها أيضا تمويلا.
إعلانويُظهر التقرير أنه رغم تزايد التعهدات، لا تزال حماية التنوع البيولوجي البحري مهمشة. فقد تلقت المناطق البحرية المحمية الضرورية لإنقاذ الأنواع 6.7 مليارات دولار فقط، مقارنةً بـ86.6 مليارا لمشاريع مناخ المحيطات.
وبدون حماية قوية، قد تفقد المحيطات أنظمة بيئية مهمة مثل الشعاب المرجانية ومروج الأعشاب البحرية وأشجار المانغروف.
وغالبا ما تُهمَل الدول الصغيرة والمناطق الضعيفة بشكل خاص. فقد التزمت الدول الجزرية الصغيرة النامية، وأقل الدول نموا، بنسبة 13% و7% فقط من الالتزامات، على التوالي.
ولا يمثل السكان الأصليون والمجتمعات المحلية إلا 5% فقط من التعهدات، وحتى في الحالات التي وُعِد فيها بتمويل، لم يُنفق بالضرورة، إذ لا يزال حوالي 25 مليار دولار من التمويل المُتعهَد به غير مُنفق.
وتستحوذ المناطق الغنية مثل أوروبا وأميركا الشمالية على معظم الالتزامات والإجراءات المنجزة، في حين تتخلف مناطق مثل المحيط الهندي والمناطق القطبية عن الركب.
ومع ذلك، يُشير التقرير إلى بعض النجاحات. فقد أُنجز أكثر من ألف التزام، مما أتاح 23.8 مليار دولار للأعمال البحرية. وقد حققت مشاريع الحفاظ على السواحل، ومصائد الأسماك المستدامة، وقوانين مكافحة التلوث، نتائج ملموسة في بعض المجالات.
ولكن التعهدات الطوعية وحدها لا تكفي، إذ يدعو التقرير إلى قوانين أقوى، ورصد أفضل للتقدم، وإشراك أكبر للشعوب الأصلية والنساء في حوكمة المحيطات.
وقد أطلقت منظمة "تحالف الطموح العالي من أجل الطبيعة والبشر" خلال المؤتمر مبادرة جديدة ستعالج هذه المسألة إلى حدٍّ ما. وأعلنت المنظمة عن "مبادرة النشر السريع".
وهذه المبادرة تقدم منحا صغيرة وسريعة تتراوح قيمتها بين 25 ألفا و50 ألف دولار. ويهدف إلى مساعدة الدول النامية على اتخاذ خطوات فورية لتحقيق هدف 30×30، والذي يعني إلزام دول العالم بحماية وتخصيص نسبة 30% من أراضي وبحار الكوكب لتكون مناطق طبيعية بحلول عام 2030.
إعلانوستدعم الآلية الجديدة إجراءات مثل التدريب على حوكمة التنوع البيولوجي والسكان الأصليين، ورسم خرائط للمناطق للحماية المستقبلية، وصياغة سياسات الحفاظ على البيئة وعقد ورش العمل. وسيتم تمويل 10 دول في الجولة الأولى، مع خطط للتوسع إلى 30 دولة على مدى 5 سنوات.
كما سيتم توجيه المنح عبر منظمات غير ربحية محلية تعمل مع الحكومات الوطنية. وستتولى مجموعة استشارية متخصصة توجيه قرارات التمويل، مع التركيز على التوازن البيئي والجغرافي.
وتشكل مبادرة النشر السريع جزءا من إستراتيجية أوسع نطاقًا لتسريع العمل في مجال التنوع البيولوجي، إلى جانب منصة التوفيق التابعة لتحالف الطموح العالمي "إتش إيه سي" (HAC) والتي تربط البلدان بالتمويل الطويل الأجل.
ويشير التقرير إلى أن 8.4% فقط من المحيطات و17.6% من الأراضي والمياه الداخلية هي المناطق المحمية حاليا، وهو ما يتطلب جهدا أكبر والتزامات دولية أكثر لحماية المحيطات والتنوع البيولوجي فيها.