اختتمت دول "بريكس" أعمال القمة الـ15 في جنوب أفريقيا بعد اجتماعات امتدت بين يومي 22 و24 أغسطس/آب الجاري، وكان من المخرجات توجيه الدعوة إلى 6 دول للانضمام إلى التكتل ابتداء من عام 2024.

ودعا رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا -الخميس الماضي- كلاً من السعودية، والإمارات، ومصر، وإثيوبيا، وإيران، والأرجنتين، للانضمام إلى المجموعة.

وكان من اللافت أن 50% من الدول التي دعيت لعضوية بريكس كانت دولا عربية، ومن بينها السعودية والإمارات صاحبتا الملاءة المالية الواضحة عبر صناديقهما السيادية، فضلا عن أنهما دولتان نفطيتان.

وتشير أحدث الأرقام المنشورة عن أصول الصناديق السيادية عام 2023 إلى أن صندوق أبو ظبي يمتلك أصولا تقدر بـ853 مليار دولار ويحتل المرتبة الرابعة بين أكبر 10 صناديق على مستوى العالم، في حين يأتي الصندوق السعودي في المرتبة السادسة بالقائمة نفسها، بأصول مالية تبلغ 776 مليار دولار.

أما إثيوبيا والأرجنتين، فتتمتعان بمخزون من المواد الخام، وإن كانت الأرجنتين تعيش أزمة مالية واقتصادية منذ سنوات. في حين لا يحتاج وضع إيران على الصعيدين الإقليمي والدولي إلى توصيف، فالعقوبات الاقتصادية ترهق اقتصاد البلاد منذ عام 2018.

ويأتي الزخم الذي تكتسبه قمة وتكتل البريكس، من خلال الأجواء العالمية المشحونة بصراع غير خفي على الصعيد الاقتصادي بين الولايات المتحدة والصين، أو بين أميركا والغرب من جهة والعديد من الدول النامية والصاعدة من جهة أخرى، لشعور الأخيرة بأن العولمة التي انطلقت منذ ما يزيد على 3 عقود، كانت في مصلحة الغرب بشكل كبير.

أحداث متكررة

ثمة قراءات أولية لقرار بريكس بضم 6 دول، فالبعض يذهب إلى زيادة قدرة التكتل على التأثير في المحيط الدولي الاقتصادي، والبعض الآخر يقصر الأمر على طلب معرفة العوائد المتبادلة بين الأعضاء الجدد والتكتل.

وحينما ننظر إلى واقع الدول الـ6 الجديدة، نجد أنها انضمت من قبل إلى تجمعات وتكتلات إقليمية ودولية، وقد صاحب ذلك زخم إعلامي قوي، مثل عضويتها في منظمة التجارة العالمية، أو عضوية مصر في اتفاقية الشراكة الأوروبية، وكذلك اتفاقية الكوميسا.

تضاف إلى ذلك طبيعة العلاقات التجارية والاقتصادية التي تربط كلا من مصر والسعودية والإمارات بالصين والهند وروسيا، إذ تتمتع روسيا بحضور ملموس في الاقتصاديات العربية الثلاث.


المؤشرات الاقتصادية للأعضاء الجدد

كما هي الحال في الدول الخمس الأعضاء الحاليين بالبريكس، ثمة تفاوت واضح في الإمكانات والقدرات الاقتصادية، وفق المؤشرات الاقتصادية الكلية، ففي الدول الخمس المؤسسة، تتمتع الصين بناتج محلي عند 18 تريليون دولار، مقابل 480 مليار دولار لجنوب أفريقيا، وعلى الغرار نفسه هناك تفاوت بين الأعضاء الجدد، إذ يصل الناتج المحلي في السعودية إلى 1.18 تريليون دولار، بينما لا يتجاوز 126 مليار دولار في إثيوبيا.

ويفرض هذا الواقع القديم الجديد وجوب إحداث توازن اقتصادي بين أداء الأعضاء، كما يفرض تحدي الأخذ بيد الاقتصادات الضعيفة لتحسين أدائها الاقتصادي بشكل عام، حتى تصبح عضوا فاعلا في التكتل.

الفوائد الاقتصادية المنتظرة

عند تدشين منظمة التجارة العالمية عام 1995، وإلغاء بعض المزايا الخاصة بالدول النامية والأقل نموا، ووضعها على قدم المساواة مع الدول الصاعدة والمتقدمة، أطلق الخبراء الاقتصاديون على هذه المساواة "انتهاء ظاهرة الركوب مجانًا".

وينطبق الأمر نفسه الآن على الأعضاء الجدد في علاقتهم بتكتل البريكس، فليست هناك مزايا ممنوحة للدول الأضعف، أو ميزات خاصة لمجرد اكتساب العضوية، بل ستكون هذه الدول الجديدة على قدم المساواة في التنافس الاقتصادي مع الأعضاء القدامى.

وفي وقت لم يطلق فيه تجمع البريكس آليات للتكامل الاقتصادي -منطقة تجارة تفضيلية أو منطقة تجارة حرة- ونظرا لأن غالبية الأعضاء القدامى والجدد أعضاء أيضا في منظمة التجارة العالمية، فإن العلاقة التي ستنظم العلاقة بين الجميع في تكتل بريكس هي قواعد منظمة التجارة.

وسيتوقف تطوير العلاقات التجارية والاقتصادية للأعضاء الجدد مع بريكس على قدرتها على اقتناص الفرص، والدخول في شراكات حقيقية، بعيدًا عن طلب المساعدات أو المنح.

مع ذلك، تبدو الفرصة البارزة للأعضاء الجدد هي الاستفادة من استخدام العملات المحلية في التسويات التجارية، وهو ما يعني تخفيف الطلب على الدولار بالنسبة لبعض الدول التي تعاني أزمات مالية، مثل الأرجنتين ومصر وإيران وإثيوبيا.

ومن الفرص المتاحة للأعضاء الجدد أيضا ذلك التمويل الذي يتيحه بنك البنية الأساسية لتكتل بريكس، وإن ظلت قدرته التمويلية محدودة حتى الآن مقارنة بالمؤسسات المالية الدولية (البنك والصندوق الدوليين). فما تم منحه من قروض من بنك البنية الأساسية منذ إنشائه عام 2015 لم يتجاوز 40 مليار دولار.

وتبقى أداة التمويل هذه مفيدة لدعم مشروعات الدول المدينة -مثل مصر والأرجنتين وإثيوبيا- إذا ما تمتعت بمزايا وشروط أفضل من تلك التي تفرضها المؤسسات المالية الدولية.

وعلى الجانب الآخر، فإن وجود السعودية والإمارات -بوصفهما دولتين تتمتعان بفوائض مالية وأرصدة جيدة بصناديقهما السيادية- قد يشكل فرصة لإفادة الدول التي تعاني عجزًا في التمويل، وزيادة الاستثمارات المباشرة.


دعم مفتقد

إذا كانت تجربة الاتحاد الأوروبي -بوصفه نموذجا للتكتلات الاقتصادية الناجحة- تمنح لأعضائها فترة تأهيل للعضوية من خلال تحسين بيئة ومناخ الاستثمار، أو تطوير البنى التشريعية، أو الأوضاع المالية والنقدية، فإن في حالة بريكس لم نجد مثل هذه البرامج، كما لم يعلن عنها حتى الآن، مما يجعل تقييم مدى الإفادة التنموية والاقتصادية التي ستجنيها الدول بانضمامها لعضوية التكتل غير واضح.

ختاما، ستكون التجربة برمتها محل مراقبة خلال السنوات القادمة، لتقييم الأثار الإيجابية المترتبة على عضوية بريكس، وماذا قدم التجمع لهذه الدول؟ وماذا قدمت الدول للتجمع؟ وهل سيكون التجمع مجرد عدد في مواجهة المشروع الأميركي والغربي، أم بالفعل ستكون هناك مزايا اقتصادية ستعود على من انضم للبريكس، ولمن يرغب في الانضمام لاحقا.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: منظمة التجارة للأعضاء الجدد ملیار دولار

إقرأ أيضاً:

مؤتمر المناخ في باكو 2024: تعهدات بتقديم المساعدة للدول الأكثر تضرراً

تُكثّف الدول المشاركة في مؤتمر الأمم المتحدة الخاص بالاتفاقية الإطارية بشأن تغير المناخ في دورته التاسعة والعشرين من جهودها، حيث من المقرر أن تضع التفاصيل الدقيقة لصندوق الخسائر والأضرار في باكو الشهر المقبل.

اعلان

وقد تتلقى البلدان المتضررة مناخياً الأموال من صندوق الخسائر والأضرار الذي طال انتظاره في وقت مبكر من عام 2025. وتهدف الخطوة إلى المساعدة في تعويض البلدان منخفضة الدخل عن الأضرار التي حصلت نتيجة الكوارث الطبيعية المرتبطة بالمناخ.

مساعدات إلى الدول المتضررة

تم تعيين مجلس إدارة للإشراف على الصندوق وسيكون البنك الدولي المقر المؤسسي له، ووقع الاختيار على الفلبين ليكون البلد المضيف. وقد عين مجلس الإدارة رسميًا إبراهيما شيخ ديونج، وهو مواطن أمريكي من أصل سنغالي عمل في بنوك حكومية وخاصة، مديرًا تنفيذيًا للصندوق في اجتماع سابق لاجتماع مجلس الإدارة في أواخر أيلول/ سبتمبر.

خلال اجتماع في أذربيجان، سوف يستكمل مجلس إدارة الصندوق العمل الأساسي الحاسم الذي يأمل أن يشهد صرف التمويل لأول مرة في عام 2025. وقال مختار باباييف الرئيس المعين لمؤتمر الأطراف التاسع والعشرين في بيان: ”يمثل هذا الإنجاز في باكو خطوة حاسمة في تمكين العمل بشأن تغير المناخ".

احتجاج في COP26 في غلاسكو، 2021.AP Photo/Scott Heppell, File

وأضاف: ”هذا يوم تاريخي حقًا، استغرق التخطيط له سنوات طويلة، وتطلب إصرارًا من الكثيرين وتركيزًا ثابتًا على احتياجات أولئك الذين يقفون في الخطوط الأمامية لأزمة المناخ".

وأشارت رئاسة المؤتمر إلى أنها تأمل في العمل مع البلدان التي تعهدت بالفعل بتقديم الأموال بشكل ملموس للمجتمعات التي تحتاجها.

معركة استمرّت 30 عامًا

لقد كان الكفاح من أجل إنشاء صندوق تشغيلي للخسائر والأضرار طويل الأمد. وكانت الدول الجزرية الصغيرة والبلدان الأفريقية والناشطون في مجال العدالة المناخية من بين أقوى المدافعين عنه على مدى العقود الثلاثة الماضية.

وقادت الدول الأقل نمواً الدعوة إلى تقديم المساعدة للبلدان التي تعرضت لخسائر كارثية بسبب تغير المناخ. ولطالما شعرت الدول الأكثر ثراءً بالقلق من أن يشكل ذلك نوعًا من ”التعويض“ أو ”جبر الضرر“ عن تأثير انبعاثات غازات الاحتباس الحراري التاريخية.

تم وضع حجر الأساس خلال مؤتمر الأطراف السابع والعشرين في مصر في عام 2022، حيث تم الاتفاق على إنشاء صندوق لمساعدة البلدان النامية منخفضة الدخل لتعويض الأضرار الناجمة عن الكوارث الطبيعية.

أشخاص يستعيدون ممتلكاتهم من تحت أنقاض منازلهم المدمرة، في أعقاب إعصار دوريان في أباكو، جزر البهاما في عام 2019.AP Photo/Ramon Espinosa, File

ثم احتفلت البلدان المعرضة للتغير المناخي بعد ذلك بفوزها، بعد إعلان مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين في دبي العام الماضي قراراً تاريخياً بشأن إنشاء الصندوق المذكور.

وقد تلقى الصندوق في المجمل أكثر من 700 مليون دولار أمريكي من التعهدات بالمساهمات بحلول نهاية مؤتمر المناخ، ولقي ترحيبا كبيرا باعتباره التزامًا كبيرًا بالعدالة المناخية.

الأموال أقل بكثير من المطلوب

كان المناصرون للصندوق يأملون في أن تقدم الدول الغنية مزيدا من المساعدات في غضون 12 شهرًا قبل مؤتمر الأطراف القادم بشأن المناخ.

ولكن منذ ذلك الحين، لم يرتفع مجموع الأموال عن 800 مليون دولار. ويبدو أن الزخم قد توقف مع التزام الدول الغنية بالصمت بشأن تقديم المزيد من المساهمات للصندوق.

Relatedتغير المناخ أحدث موجات تسونامي هزت الأرض 9 أيام التغير المناخي يهدّد وجود 17 موقعًا للتراث العالمي في أوروباتغير المناخ يتصدر عناوين الحملة الانتخابية للرئاسيات الأمريكية بسبب إعصار هيلين

وقد أكدت الدول النامية الـ14 الأعضاء في مجلس إدارة الصندوق بأن الأخير يحتاج إلى 100 مليار دولار إضافية كل عام بحلول عام 2030، ولكن حتى هذا المبلغ قد يكون أقل من المبلغ المطلوب.

كما تشير بعض التقديرات إلى أن الخسائر والأضرار السنوية الناجمة عن تغير المناخ في البلدان النامية تبلغ حوالي 400 مليار دولار سنويًا بحلول عام 2030 مع توقعات بارتفاع هذا الرقم.

شارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية جثث تحت الأنقاض ونازحون بلا مأوى ودمار هائل وأوبئة تفتك بأهل القطاع.. قصة غزة بعد عام من الخراب "نحن أول المتضررين من تغير المناخ".. لماذا يدعم المزارعون الريفيون في أوروبا السياسات الخضراء؟ مناعة ضد المبيدات.. ما علاقة انتشار الصراصير المتحورة في إسبانيا بتغير المناخ؟ كوارث طبيعية تمويل كوب 29 تغير المناخ مؤتمر أذربيجان اعلاناخترنا لك يعرض الآن Next عاجل. صبيحة 7 أكتوبر.. القسام تقصف تل أبيب وخامنئي: عملية "طوفان الأقصى أعادت الكيان 70 سنة إلى الوراء" يعرض الآن Next جثث تحت الأنقاض ونازحون بلا مأوى ودمار هائل وأوبئة تفتك بأهل القطاع.. قصة غزة بعد عام من الخراب يعرض الآن Next متفوقة على ريهانا.. تايلور سويفت تصبح أغنى مؤلفة وعازفة في العالم بثروة 1.6 مليار دولار يعرض الآن Next في ذكرى طوفان الأقصى.. مظاهرة في برلين تأييدا لإسرائيل وتنديدا بمعاداة السامية يعرض الآن Next يتامى غزة.. سرق القصف أحبتهم وأحلامهم فذاقوا وجع الفراق وكبروا قبل الأوان اعلانالاكثر قراءة تونس: الملايين ينتخبون رئيسا للبلاد وسط انتقادات المعارضة وقمع المنافسين وخشية العزوف عن التصويت حب وجنس في فيلم" لوف" بين الشيعة والسنة :الفروق و المحددات حسب المصادر اغتيال السادات.. من هم القادة العرب الذين دفعوا حياتهم ثمنا للتقرب من إسرائيل ومن يخشى ذات المصير؟ تفاصيل جديدة حول عملية الموساد الإسرائيلي في اختراق أجهزة الاتصال 'البيجر' التابعة لحزب الله اعلان

LoaderSearchابحث مفاتيح اليومطوفان الأقصىالصراع الإسرائيلي الفلسطيني حركة حماسإسرائيلغزةحزب اللهفولوديمير زيلينسكيضحاياقصفروسياقطاع غزةأوكرانيا Themes My Europeالعالمالأعمالالسياسة الأوروبيةGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامج Services مباشرنشرة الأخبارالطقسجدول زمنيتابعوناAppsMessaging appsWidgets & ServicesAfricanews Job offers from Amply عرض المزيد About EuronewsCommercial Servicesتقارير أوروبيةTerms and ConditionsCookie Policyتعديل خيارات ملفات الارتباطسياسة الخصوصيةContactPress OfficeWork at Euronewsتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2024

مقالات مشابهة

  • الخسائر التي لحقت بالقطاع الصحي في السودان وصلت لأكثر من 10 مليار دولار
  • ماذا نريد من مؤتمر المناخ في باكو بأذربيجان؟
  • إسرائيل أكثر الدول تلقيًا للمساعدات العسكرية الأمريكية على الإطلاق
  • مؤتمر المناخ في باكو 2024: تعهدات بتقديم المساعدة للدول الأكثر تضرراً
  • بعد عام على الحرب.. خسائر غزة الاقتصادية المباشرة 33 مليار دولار
  • "الدولية للفرانكوفونية": ارتفاع الدول الأعضاء بالمنظمة إلى 93 دولة وحكومة
  • ماذا وراء إنشاءات الاحتلال الإسرائيلي الجديدة على محور فيلادلفيا؟
  • عدد الجرحى تجاوز الـ 10 آلاف.. ماذا عن المستشفيات التي خرجت عن الخدمة؟
  • من هي الدول التي أجلت رعاياها من لبنان؟
  • كتاب شاي الست