سلطان الرحبي: البيانو لغتي للتعبير عن ذاتي وبه سأسرد قصة حياتي
تاريخ النشر: 27th, August 2023 GMT
ما إن حطت أنامل العازف سلطان بن مسلم الرحبي على آلة البيانو حتى بدأت الألحان العذبة تنساب إلى مسامعي في أحد المقاهي المميزة في مسقط، وعلى عكس العادة لم أطلب حينها قهوة أمريكية سوداء، بل شاي الأعشاب المطعم بالتوت، وعلى رشفات الشاي أبحرت مع العازف سلطان الرحبي في رحلات موسيقية عديدة، فتارة أخذني إلى موانئ عالمية كلاسيكية، محاكيا العازف العالمي الأسطوري «بيتهوفن»، عازفا من روائعه الفريدة مثل معزوفات «قصة الحب»، و«فرو أليز»، وتارة يحاكي العازف الإيطالي المعاصر «لودفيكو» بأسلوبه الفني الممزوج بين الحداثة والكلاسيكية، وتارة يستسلم لمزاجه الذي يأخذه نحو الأجواء الفرنسية الكلاسيكية فيعزف مقطوعة «مارياج دامور» التي ألفها الموسيقار الفرنسي «بول دي سينيفيل» في عام 1979، ثم انتقل بي إلى عوامل الكرتون الكلاسيكية، فأخذني بالذاكرة إلى أيام الطفولة حينما عزف مقطوعة المسلسل الكرتوني «سالي»، وهكذا انتقل من معزوفة رائعة إلى أخرى أكثر روعة.
يبحر سلطان الرحبي على البيانو بأداء متناغم مع الصوت العذب، بأنامله التي تنساب كعذوبة الماء في الجداول، تأخذه مفاتيح البيانو إلى مواضع عديدة فيها، قريبة وبعيدة في آن واحد، لتبدو حركة يديه على البيانو أشبه بحركات مايسترو رشيقة، فمهما ابتعدت المفاتيح حطت يده عليها بسرعة ورشاقة معا، فلا ينقطع في العزف ولو لجزء بسيط، ليختم كل معزوفة بحبكة فنان أداءً وشعورا وكأنه يُسدل ستار عمل أوبيريتي، ويفتتحه مرة أخرى على عمل آخر.
سلطان ذو العشرين ربعيا يصف ارتباطه بالبيانو بأنها كالدماء تجري في عروقه، هي مرآته التي تعكس مزاجه ووسيلته للتعبير عما في خاطره من مشاعر وأحاسيس، يقول سلطان: «البيانو هي لغتي التي استعملها للتعبير عن ذاتي ومشاعري، هي وسيلتي لسرد قصص كثيرة، وبها سأسرد قصة حياتي».
رغم عدم تخصص سلطان الرحبي بالموسيقى، إلا أنه يمتلك موهبة فذة جعلته قادرا على محاكاة أي معزوفة يسمعها، وذلك اعتمادا على الصوت وليس على قراءة «النوتة الموسيقية»، فخبرته الفنية نابعة من موهبة وليست دراسة متخصصة، إلا أنه مطلع ذاتيا على عالم البيانو وأبرز عازفيه، وعن سرد الحكايات بالبيانو يقول: «بيتهوفن تكاد تكون كل معزوفاته عبارة عن حكاية وقصة، المتذوق للموسيقى يستشعر تلك الحكاية، التي قد تبدأ بحكاية رومانسية، ثم تنتقل إلى حادثة سرقة، وربما تدخل في أحداث صراع وقتال، ثم يخيم الحزن، كل تلك الأحداث لها نغم وصوت».
لمعزوفات سلطان الرحبي بصمة فنية خاصة، فهو يعزف الكثير من الألحان ولكن بطريقته الخاصة وأسلوبه الفني المميز، خاصة الأعمال المعاصرة، أما الأعمال الكلاسيكية، كمعزوفات بيتهوفن فلا يغير بها شيء إنما يعزفها كما هي، وعلل ذلك بقوله: «تلك معزوفات لها حكاية، وأي تغيير فيها يعني تغييرا في تلك الحكاية الصوتية».
وبين الدراسة والهواية، يوزع الرحبي وقته، فهو طالب في كلية الدراسات المصرفية والمالية، وعاشق للبيانو الموجودة في منزله، فيقضي عليها الوقت الكثير دون إغفال الجانب العلمي والدراسة، إلا أن البيانو ينال نصيب الأسد من وقته، إذ يقول: «لا يوجد وقت محدد للبيانو، أقضي عليها الكثير من الوقت».
عزف سلطان الرحبي في العديد من المناسبات والفعاليات، منها فعاليات في جامعة السلطان قابوس وكلية الدراسات المالية والمصرفية التي يدرس فيها، والعديد من الأماكن، ومن أبرز الفعاليات التي شارك فيها الرحبي احتفال الإعلان عن مدينة السلطان هيثم، التي أقيمت في دار الأوبرا السلطانية، حيث شهد الاحتفال حضور العديد من الشخصيات البارزة، وعزف سلطان حينها العديد من المعزوفات منها معزوفة أغنية العندليب عبدالحليم حافظ «على حسب ودادك»، حيث غلبته الأحاسيس لينطلق بهذه المعزوفة ببراعة وقدرة فنية عالية ممزوجة بأنغام حماسية ليصنع للحضور لوحة موسيقية فريدة كانت مفاجأة بالنسبة لهم، وكانت المفاجأة بالنسبة له التصفيق الحار والمتواصل بعدما انتهى من المعزوفة، وعن تلك المشاركة أوضح: «كان تصفيق الحضور دافعا قويا لي، حقيقة لم أتوقع هذا التفاعل في محفل رسمي يعني لي الكثير، إذ ارتبط هذا المحفل باسم صاحب الجلالة السلطان هيثم -حفظه الله ورعاه- كما أنه مشروع مستقبلي انطلق بحفل كنت مشاركا فيه، إضافة إلى أنه في صرح ثقافي كبير وهو دار الأوبرا السلطانية، الدار التي تعد حلم أي عازف عماني أن يعزف على خشبتها».
يعزف سلطان الرحبي 3 أيام في الأسبوع في مقهى فندق «كومبنسكي» أمام الحضور الذين يقصدون المقهى في كثير من الأحيان للاستمتاع بالعزف الموسيقي، تارة مع الفنان سلطان الرحبي، وتارة مع زميلته الفنانة غدير البلوشية، وقد شكل له العزف في الفندق نقطة تحول، فهو مقصد لكثير من رجال الأعمال وأصحاب الشركات والزوار الذين يقومون بالفعل بدعوته للمشاركة في العديد من المناسبات.
وللبيانو تفاصيل معقدة، فرغم صوتها العالي نسبيا، الذي ينتشر في محيط كبير، إلا أنها آلة غير كهربائية، تعتمد على الأوتار والمفاتيح لينبعث منها صوت يملأ المكان، إلا أنها كبيرة الحجم ويصعب نقلها من مكان إلى آخر، وإذا ما تم نقلها يتطلب الأمر إعادة ضبط الأوتار، وهي مسألة معقدة وتأخذ الكثير من الجهد والوقت، لذلك يملك الرحبي آلتي بيانو في منزله، الأولى كلاسيكية يصعب نقلها، والأخرى كهربائية أشبه بآلة «الأورج»، وهي التي يستعملها في المحافل الخارجية التي يتم استدعاؤه فيها للمشاركة.
ولا يتوقف طموح سلطان، فهو الطامح إلى أن يصل إلى العالمية بمعزوفاته التي ألفها بنفسه، ويقول: «بدأت العزف على البيانو منذ خمس سنوات، وقريبا أدخل العام السادس، لدي بالفعل معزوفات ألفتها بنفسي وقد سمعها الكثير من الموسيقيين، البعض كان يسأل عن مؤلف تلك المقطوعات ويستغرب أنني قد ألفتها بنفسي دون توثيقها بنوتة موسيقية، إنما بالسماع فقط، وأحد مؤلفاتي مدتها 40 دقيقة، وأعيدها مرارا كما هي من خلال الحفظ المعتمد على السماع، وفي الفترة القادمة لدي خطة لتعلم كتابة النوتات الموسيقية، وتوثيق أعمالي، لأقدمها أمام العالم في سبيل تحقيق طموحي أن أكون من أفضل عازفي البيانو، وأن تصل مؤلفاتي إلى كل العالم».
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الکثیر من العدید من إلا أنه إلا أن
إقرأ أيضاً:
الفنان شريف دسوقي: 60 يومًا غيرت حياتي وصحيت من النوم لقيت رجلي مقطوعة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
روى الفنان شريف الدسوقي، تفاصيل معاناته ومأساته التى مر بها قبل شهور، عقب إصابة قدمه بـ«غرغرينا» وتعرضه للبتر دون علمه داخل المستشفي ، بعد أن استنفذ كل مراحل العلاج.
وقال «الدسوقي»، فى حوار إنساني مع برنامج «كلّم ربنا»، الذي يُقدمه الكاتب الصحفي أحمد الخطيب، علي راديو 9090، إن «الإصابة بدأت بنقطة حمراء صغيرة في قصبة رجلي، وكل الدكاترة الجادين قالوا إن اللي حصل حالة نادرة، وفي ظرف شهرين بس (60 يوما)، رجلي تدهورت ووصلت لحالة غرغرينا، وكل طبيب كان عنده تشخيص مختلف، (واحد يقول بكتيريا، واللي يقول حساسية)، وخلال شهر، النقطة الصغيرة دي بقت جرح غائر طوله أكتر من 30 سم». واستطرد فى شرح المأساة، قائلاً: «الدكاترة الكبار لما كانوا يشوفوا الجرح، كنت بصعب عليهم لأن المنظر كان صعب جدًا، أنا كنت شايف عضم رجلي من جوة، وحالتي النفسية تدهورت مشيرا إلى أن «ربنا أكرمني بالنجمة بدرية طلبة، والدكتور أشرف زكي، وزمايلي في مسلسل بـ100 وش وقفوا جنبي وحاولوا يقنعوني أروح للدكتور، لكن (بدرية) عملت حيلة نفسية لما الدكتور قال لها: (إحنا وصلنا لمرحلة البتر)، لكنها ما قالتليش، وقالت لي:(بكرة ناخد حقنة ورجلنا هتخف)، وما كنتش عارف إن دي حقنة البنج عشان البتر
». وعن لحظة اكتشافه «بتر قدمه»، قال: «بعد الإفاقة من البنج اكتشفت إن رجلي مش موجودة، قطعوها، وكان ممكن انهار، لكن علاقتي بربنا اللي كانت ممتدة خصوصًا عبر البحر في الإسكندرية، خلتني استقبل الموقف بهدوء، وجاتني رسالة داخلية كأنها خاطر: (متتكلمش خالص عن قطع رجلك )، وتجاوزت المحنة دي بفضل الطبطبة الإلهية، وخلتنى قدرت أواجه الموقف بابتسامة».
وأكد «الدسوقي» أن علاقته بالله قائمة على عمق روحاني وخاصة جدًا، وأن إحساسه وعلاقته بالله تعكس قناعة قوية بأن أي موهوب لا بد أن تكون له علاقة وثيقة بالله بشكل لحظي، مشيرًا إلى أن المُقصر في علاقته بربه، يخسر الكثير ولا يعيش طويلًا في قلوب الناس.