باحثون يحذرون من أضرار محتملة لشفاطات الشرب الورقية
تاريخ النشر: 27th, August 2023 GMT
خلصت دراسة جديدة إلى أن شفاطات الشرب الورقية "الصديقة للبيئة" تحتوي على مواد كيميائية طويلة الأمد من المحتمل أن تكون سامة.
ووفقا للتحليل الأول من نوعه في أوروبا، والثاني فقط في العالم، اختبر باحثون بلجيكيون 39 علامة تجارية من الشفاطات للتحقق من وجود مجموعة المواد الكيميائية الاصطناعية المعروفة باسم المواد المتعددة والبيرفلوروألكيل (PFAS).
وكما يشير البيان الصحفي المنشور على موقع "فيز دوت أورغ"، تم العثور على تلك المواد الكيميائية في غالبية الشفاطات التي تم فحصها، وكانت أكثر شيوعا في تلك المصنوعة من الورق والخيزران.
وتُستخدم مجموعة المواد المعروفة باسم المواد المتعددة والبيرفلوروألكيل في صناعة المنتجات اليومية، بدءا من الملابس وحتى المقالي غير اللاصقة المقاومة للماء والحرارة والبقع. ومع ذلك، فهي قد تكون ضارة بالناس والحياة البرية والبيئة. وهي تتحلل ببطء شديد مع مرور الوقت ويمكن أن تستمر لآلاف السنين في البيئة، وهي خصيصة أدت إلى تسميتها باسم "المواد الكيميائية الأبدية".
وقد ارتبطت تلك المواد الكيميائية بعدد من المشاكل الصحية، بما في ذلك انخفاض الاستجابة للقاحات، وانخفاض الوزن عند الولادة، وأمراض الغدة الدرقية، وزيادة مستويات الكولسترول، وتلف الكبد، وسرطان الكلى وسرطان الخصية.
يقول الدكتور ثيمو غروفن، عالم البيئة في جامعة أنتويرب، الذي قام بدراسة هذه المشكلة "غالبا ما يتم الإعلان عن الشفاطات المصنوعة من مواد نباتية، مثل الورق والخيزران، على أنها أكثر استدامة وصديقة للبيئة من تلك المصنوعة من البلاستيك، مع ذلك، فإن وجود المواد المتعددة والبيرفلوروألكيل في هذه الشفاطات يعني أن هذا ليس صحيحا بالضرورة".
وحظرت عدة بلدان، بما فيها المملكة المتحدة وبلجيكا، بيع المنتجات البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد، بما في ذلك شفاطات الشرب، وأصبحت الإصدارات النباتية بدائل شعبية.
ووجدت دراسة حديثة "المواد الكيميائية الأبدية" في شفاطات الشرب النباتية في الولايات المتحدة، وأراد الدكتور غروفن وزملاؤه معرفة ما إذا كان الأمر نفسه ينطبق على تلك المعروضة للبيع في بلجيكا، ولاستكشاف هذا الأمر، اشترى فريق البحث 39 علامة تجارية مختلفة من قش الشرب المصنوع من خمس مواد: الورق والخيزران والزجاج والفولاذ المقاوم للصدأ والبلاستيك.
وخضعت الشفاطات، التي تم الحصول عليها بشكل رئيسي من المتاجر ومحلات السوبر ماركت ومطاعم الوجبات السريعة، لجولتين من اختبارات فحص وجود "المواد الكيميائية الأبدية". وأظهرت النتائج أن 27 علامة تجارية -بما يوازي 69% من العينة- وجدت فيها تلك المواد الكيميائية، مع اكتشاف 18 نوعا مختلفا من تلك المواد في المجموع.
وتم اكتشاف المواد الكيميائية في 18 من 20 نوعا من الشفاطات الورقية بما يمثل (90%) من العلامات التجارية التي تم اختبارها، كما تم اكتشاف تلك المواد أيضا في 4 من 5 أنواع من ماركات شفاطات الخيزران بما يمثل (80%)، و3 من بين 4 أنواع من ماركات الشفاطات البلاستيكية بما يمثل (75%)، و2 من 5 أنواع من الشفاطات الزجاجية بما يمثل (40%)، ولم يتم اكتشاف تلك المواد في أي من الأنواع الخمسة من الشفاطات الفولاذية التي تم اختبارها.
كان من بين أكثر أنواع مجموعة المواد الكيميائية الاصطناعية تواجدا في الشفاطات حمض البيرفلوروكتانويك، وهو نوع تم حظره عالميا منذ عام 2020. كما تم اكتشاف حمض ثلاثي فلورو أسيتيك، وحمض ثلاثي فلورو ميثان سلفونيك، وهما من الأنواع ذات السلاسل الكيميائية القصيرة جدا شديدة الذوبان في الماء، وبالتالي قد تتسرب من الشفاطات إلى المشروبات.
كانت تركيزات المواد الكيميائية الاصطناعية منخفضة، ومع الأخذ في الاعتبار أن معظم الناس يميلون إلى استخدام الشفاطات فقط في بعض الأحيان، فإن ذلك يشكل خطرا محدودا على صحة الإنسان. مع ذلك، يمكن أن تبقى تلك المجموعة من المواد الكيميائية الاصطناعية في الجسم لسنوات عديدة ويمكن أن تتراكم التركيزات بمرور الوقت.
يقول الدكتور غروفن "إن الكميات الصغيرة من المواد الكيميائية الصناعية، رغم أنها ليست ضارة في حد ذاتها، إلا أنها يمكن أن تضيف إلى الحمل الكيميائي الموجود بالفعل في الجسم".
ومن غير المعروف ما إذا كان المصنعون قد أضافوا تلك المواد إلى الشفاطات من أجل العزل المائي أو ما إذا كان ذلك نتيجة للتلوث. مع ذلك، فإن وجود المواد الكيميائية في كل علامة تجارية تقريبا من الشفاطات الورقية يعني أنه من المحتمل أنه تم استخدامها، في بعض الحالات، كطلاء طارد للماء، كما يقول الباحثون.
ويخلص الدكتور غروفين إلى أن "وجود المواد الكيميائية الاصطناعية في الشفاطات الورقية وشفاطات الخيزران يدل على أنها ليست بالضرورة قابلة للتحلل بيولوجيا. ولم نكتشف أي مواد كيميائية اصطناعية في الشفاطات المصنوعة من الفولاذ المقاوم للصدأ، لذا أنصح المستهلكين باستخدام هذا النوع من الشفاطات، أو تجنب استخدام الشفاطات على الإطلاق".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: مواد کیمیائیة علامة تجاریة تلک المواد التی تم مع ذلک
إقرأ أيضاً:
دمج المليشيات في الجيش الصومالي.. إصلاح أمني ومخاطر محتملة
سعيا إلى تعزيز قدرات الجيش الصومالي من حيث التعداد وإضافة خبرات قتالية، برزت فكرة دمج المليشيات المسلحة في الجيش لما لها من دور بارز في المكاسب الأمنية الأخيرة التي حققها الجيش الصومالي على مقاتلي حركة الشباب جنوب ووسط الصومال.
وقد استعاد الجيش بدعم من المليشيات المحلية في المرحلة الأولى من العمليات العسكرية التي انتهت أواخر العام الماضي أكثر من 70 منطقة بين مدينة وقرى وبلدات منها مناطق إستراتيجية كانت تحت سيطرة حركة الشباب.
وأعلن وزير الدولة بوزارة الدفاع الصومالية عمر علي عبدي، بدء عمليات دمج المليشيات المحلية المعروفة بـ "معويسلي" في المؤسسة العسكرية نظرا لما قال إنها تقدير لتضحيات أفرادها الذين قاتلوا مع الجيش لدحر حركة الشباب التي تنشط جنوب ووسط البلاد.
وقد تباينت الآراء بشأن خطة وزارة الدفاع الصومالية لدمج المليشيات المحلية في الجيش، حيث يرى بعضهم أنها خطوة إستراتيجية يمكن أن تسهم في توحيد القوى المسلحة تحت مظلة الدولة تعزيزا للجيش، ويرى آخرون أنها خطة غير مدروسة وقد تؤدي إلى اختراق عسكري للمؤسسة العسكرية بسبب أن هذه العناصر ذات ولاءات متعددة.
وفي هذا التقرير ترصد الجزيرة نت من خلال سؤال وجواب كافة وجهات النظر بشأن هذه الخطوة التي بدأ تنفيذها فعلا.
يقول وزير الدولة بوزارة الدفاع الصومالي، عمر علي عبدي، في تصريح خاص للجزيرة نت، إن الخطة الحكومية لدمج المليشيات المحلية في الجيش الصومالي من شأنها توحيد القوة القتالية تحت قيادة واحدة، ما يمهد الطريق لجهود الحكومة الصومالية لتجاوز مرحلة الأمن الهجين التي قد تخلق إشكالية لتعدد الجهات الأمنية الفاعلة في البلاد.
إعلانوأضاف وزير الدولة، أن دمج المليشيات يعزز قدرات الجيش الصومالي وتموضعه في جميع المناطق المحررة التي كانت شبه خالية من الوجود الأمني الحكومي نظرا لقلة أفراد الجيش، كما أن هذه الخطوة ستساهم في الحد من تدخل الجهات غير الرسمية من ممارسة أدوار أمنية خارج سلطة الدولة.
ويوضح أن دمج المليشيات تحت مظلة المؤسسة العسكرية، وتلقي الأوامر من مصدر واحد، يساهم في تعزيز قوة الجيش في حربه مقاتلي حركة الشباب، الذين يعتمدون على إستراتيجية الكر والفر، كما أن نشر نفوذ الجيش في المناطق المحررة سيقلص سياسة الحكم المؤقتة للشباب في المناطق الريفية.
كيف يمكن للدولة ضمان نجاح هذه الخطة دون تعريض الجيش لخطر الاختراق؟وفقا لوزير الدولة بوزارة الدفاع الصومالية، فإن آلية توظيف ودمج المليشيات المسلحة ستحد من مخاطر تسلل واختراق منتمين لحركة الشباب، لأن الوزارة اتخذت جميع الإجراءات المطلوبة لضبط سلوكيات العناصر الجديدة وبناء عقيدتها الوطنية.
وأوضح الوزير أن العناصر الجديدة ستخضع لفحوصات أمنية دقيقة كما ستتلقى تدريبات مكثفة داخل البلاد وخارجها بطريقة تجردها من أي انتماءات أو ولاءات أخرى، بهدف تسليحها بعقيدة وطنية موحدة تضمن تحقيق وحدة القيادة والتحكم داخل الجيش.
يقول عبد الفتاح حسن القيادي الميداني لإحدى فصائل المليشيات المسلحة التي تقاتل في إقليم هيران للجزيرة نت، إن المليشيات المسلحة هي عناصر مسلحة تنتمي إلى قبائل صومالية مختلفة وقد ظهرت في القرى والبوادي، لا سيما في المناطق الخاضعة لسيطرة "الشباب"، وسميت بـ"معويسلي" نظرا لارتدائها الإزار التقليدي.
وقد تشكلت هذه المليشيات كرد فعل على الضرائب التي تفرضها حركة الشباب، حيث يدفع السكان القرويون نسبة معينة من أموالهم ومحاصيلهم بزعم أنها "زكاة" ويعاقب الممتنعون بعقوبات قاسية تصل إلى حد الإعدام أو الضرب المبرح أو التهجير القسري، وقد حملت هذه العناصر السلاح في وجه الشباب بدعم من المجتمعات المحلية، وتطور الأمر لاحقا إلى التنسيق مع الحكومة الصومالية ليتم تحرير مناطق شاسعة كانت في قبضة "الشباب" جنوب ووسط البلاد.
إعلانوأبرز فصائلها هي المليشيات، الفصائل المسلحة بإقليم هيران وإقليم جلمدغ وإقليم شبيلي الوسطى وإقليم جنوب غربي الصومال.
وأوضح عبد الفتاح حسن القيادي الميداني، أن الدور الذي تلعبه المليشيات المسلحة على أرض الواقع ضد حركة الشباب يختلف تماما عند دمجها في الجيش الصومالي، نظرا للبيئة العسكرية التي سينضمون إليها، والتي تختلف كليا عن النمط والعقيدة القتالية التي اعتادوا عليها، لأن المؤسسات العسكرية الرسمية تلتزم بضوابط وسلوكيات وأوامر صارمة موحدة، وبعد تلقي أفراد المليشيات التدريبات العسكرية سينخرطون ضمن صفوف المؤسسة، وقد يرسلون إلى مناطق أخرى غير مناطقهم، ما قد يقلل من تأثير دورهم داخل الجيش.
أما عن مدى فاعليتهم القتالية، فإن معظم هذه المليشيات إما جنود سابقون متقاعدون أو جنود حكوميون تخلوا عن الخدمة العسكرية، إضافة إلى قلة من الشباب ذوي الخبرات القتالية، ما يعني أن لديهم مستوى جيد من الفاعلية.
ويضيف حسن أن الفارق الأساسي بين الجيش والمليشيات يكمن في أن هذه الأخيرة تشكلت كرد فعل على تهديدات حركة الشباب، بهدف الدفاع عن قراهم وأهلهم وأموالهم وكرامتهم، ما يجعل دافعهم للقتال أكثر تجذرا مقارنة بأفراد الجيش الذين يقاتلون انطلاقا من عقيدة وطنية شاملة، والتي تبدو أقل ارتباطا بالعاطفة مقارنة بدوافع القبيلة لدى أفراد المليشيات المسلحة.
ما أبرز التحديات والعقبات التي تواجه عمليه دمج المليشيات في الجيش الوطني؟يقول محمد الشيخ الخبير الأمني في المعهد العالي للدراسات الأمنية "حكومي" للجزيرة نت، إن فكرة دمج المليشيات المسلحة ليست خالية من المخاطر فإن لم تطبق بشكل مخطط ومدروس قد تعرض المؤسسة العسكرية للاختراق ما قد يؤثر على فاعليتها.
ولخّص الخبير الأمني مجموعة من العقبات التي قد تحول دون نجاح فكرة دمج المليشيات في الجيش الصومالي منها:
إعلان إتمام عملية دمج المليشيات على أساس جماعات وليس أفرادا مما قد يؤدي إلى وجود ولاءات مزدوجة داخل المؤسسة العسكرية. عدم وجود مراكز تدريب خاصة للمليشيات وفق معايير الجيش قبل انضمامهم إليه، ما يعزز مخاوف عدم الانضباط وهي إحدى الإشكاليات التي قد تواجه عملية الدمج. مخاوف من عدم قدرة الحكومة الصومالية على تحمُّل الأعباء المالية الإضافية للعناصر الجديدة ما قد يؤدي إلى فشل العملية. غياب التوافق السياسي وعدم تحقيق تطور في الجوانب التنموية والاقتصادية وهي عوامل إن لم تتحقق ستُحول عملية الدمج إلى عائق أمني. إلى أي مدى يمكن أن يؤثر تعدد الولاءات داخل الجيش على تماسكه وعقيدته العسكرية؟وبحسب الخبير الصومالي محمد شيخ فإن تعدد الولاءات داخل المؤسسة العسكرية، مهما كان نوعها يشكل تهديدا مباشرا لتماسك الجيش وعقيدته العسكرية، لأن غياب عقيدة وطنية موحدة لأفراد الجيش سيكون نقطة ضعف يمكن أن تستغلها الجهات الخارجية أو الجماعات الإرهابية.
وأضاف شيخ أن أي انقسامات في الولاء داخل الجيش تجعل الأوامر موضع جدل وليس ملزمة، مما يؤثر سلبا على فعالية الجيش في مواجهة الأزمات الأمنية، ولا سيما خلال الأزمات السياسية التي تثار مع اقتراب الانتخابات العامة في البلاد، كما حدث في مرات سابقة.
وتابع إن تعدد الولاءات قد يؤدي إلى اختراقات أمنية، حيث يمكن للجماعات الإرهابية استغلال ذلك لتحقيق إستراتيجيتها وضرب مصالح الوطن.