تحديات تواجه تأمين الملاحة البحرية في اليمن
تاريخ النشر: 27th, August 2023 GMT
تضخمت التحديات التي يواجها قطاع النقل في اليمن، مع تركز جزء كبير منها في الملاحة البحرية، التي أخذت حيزاً واسعاً من الاهتمام الحكومي والإقليمي والدولي منذ مارس/ آذار الماضي 2023.
انعكس هذا الاهتمام والضغط الدولي المتواصل في التوافق على حزمة من الإجراءات التي ستدرج عملية تنفيذها إلى لجنة وطنية خاصة بالأمن البحري، إضافة إلى إنشاء مركز إقليمي لتبادل المعلومات بالهيئة العامة للشؤون البحرية التابعة لوزارة النقل اليمنية، وكذا تفعيل المركز الوطني للمعلومات، وتوفير كل ما يلزم للنهوض بإجراءات السلامة البحرية لطرق الملاحة.
وأكد مصدر حكومي مسؤول، فضل عدم الإشارة لهويته، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن هذه التحركات والجهود التي سيرتفع نسقها خلال الفترة القادمة، تهدف إلى استغلال موقع اليمن الاستراتيجي الذي يرتبط بالبحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن والبحر العربي كممرات لحركة النقل الدولية للسفن والبضائع، حيث ستعمل اللجنة، وفق مهام وواجبات محددة من اختصاصات وصلاحيات، وفق القوانين المنظمة للقطاع البحري في اليمن.
يعتبر اليمن من الدول الموقعة على الاتفاقيات البحرية الدولية، ومنها اتفاقية "سولاس" عام 1974، إذ تلزم هذه الاتفاقيات الدول الموقعة عليها بتشكيل لجنة وطنية للأمن البحري، لمجابهة التحديات والمخاطر التي تهدد حركة الملاحة البحرية.
الخبير اليمني في الملاحة البحرية، وهيب شمسان، يشرح لـ"العربي الجديد"، أسباب هذا الاهتمام بالملاحة البحرية والذي يصل إلى مستوى الاستنفار، بأن له علاقة بالتطورات الأخيرة بتخفيف القيود على الشحن التجاري إلى اليمن، ومراجعة نقاط التفتيش، وإعادة تشغيل ميناء الحديدة الخاضع لسيطرة الحوثيين، وميناء المخا في تعز، والخطط الهادفة لإنشاء ميناء بروم بمحافظة حضرموت، التابعة لإدارة الحكومة اليمنية.
ويلفت إلى أن الوضع في اليمن في ظل هذه التطورات والتغييرات والتشتت الحاصل، وتعدد السلطات المتحكمة بالموانئ والمنافذ والممرات البحرية اليمنية يثير قلق وحفيظة المجتمع الدولي الذي تضاعف منذ منتصف العام الماضي، بعد استهداف الحوثيين موانئ خاصة بتصدير النفط في حضرموت وشبوة جنوب البلاد.
يرصد "العربي الجديد"، تحركات واسعة في اليمن على وقع التطورات التي شهدتها البلاد خلال إبريل/ نيسان الماضي، على المستويين السياسي والاقتصادي، والانفراجة التي نجحت في اختراق نسبي لهذه الملفات المعقدة بين أطراف الحرب المختلفة. ومن هذه التحركات ما يتعلق بالجانب الاقتصادي، خصوصاً في النقل البحري التجاري والجوي، وبدء تشكّل حلول مقترحة متعددة مطروحة للنقاش والتوافق عليها حول الموارد العامة، وتصدير النفط والغاز، ورواتب الموظفين المدنيين.
وتواصل شركات الملاحة الإعلان عن عودة عملها إلى الشحن التجاري، عبر ميناء الحديدة شمال غرب اليمن، في حين حصرت الحكومة اليمنية اهتمامها منذ مطلع عام 2023 بدرجة رئيسية في استعادة وتأهيل بعض منشآت قطاع النقل من موانئ ومطارات ومنافذ برية.
ويأتي ذلك، فضلاً عن تدشين خطط متعددة في هذا الخصوص، منها خطة مشاريع محافظة حضرموت المتضمنة إجراءات استكمال الدراسات الخاصة بإنشاء ميناء بروم كميناء متعدد الأغراض، ومشروع نقل المنشآت النفطية التي تتبع شركة النفط في ميناء المكلا إلى منطقة بروم، حيث موقع مشروع الميناء المستقبلي لمؤسسة موانئ البحر العربي، ولإعطاء مجال للتوسعة الحالية لميناء المكلا الذي تؤكد المحافظة أنها تسلمته من التحالف، إلى جانب مطار الريان نهاية إبريل، فضلاً عن التوافق الأخير حول منفذ الوديعة البري، والذي جرى الإعلان عن تسليمه من قبل القوة العسكرية التي تديره للسلطة المحلية بمحافظة حضرموت.
ووجهت الحكومة اليمنية وزارة النقل بمتابعة تنفيذ خطط رفع جاهزية الموانئ البرية والبحرية والجوية، وتطويرها، وتشغيلها بطاقتها الكاملة، إلى جانب التسريع بتنفيذ خطط إعادة تشغيل مطار الريان الدولي بجاهزيته الكاملة، وإنجاز المشاريع المتعلقة بتطوير النقل البري والبحري والجوي في مختلف المنافذ بالمحافظات الواقعة تحت إدارتها.
كما طالبت الحكومة بإعادة تأهيل ميناء ومطار المخا غرب تعز، بينما يرتبط ملف ميناء بلحاف بمحافظة شبوة جنوب شرق اليمن الخاص بتصدير الغاز الطبيعي المسال بما ستسفر عنه الجهود والتحركات المستقبلية بين جميع الأطراف في البلاد.
يأتي ذلك، في ظل اضطراب متواصل يشهده قطاع النقل البحري في اليمن، كما تعكسه البيانات الرسمية التي تؤكد تراجع أعداد السفن وناقلات النفط الواصلة إلى الموانئ اليمنية من حوالي 1794 سفينة وناقلة في عام 2014 إلى أقل من 800 سفينة وناقلة فقط في المتوسط عام 2022.
كما تراجعت كمية الحمولة الصافية للسفن والناقلات من 17.7 مليون طن عام 2014 إلى حوالي 7.9 ملايين طن كمتوسط، وبنسبة تراجع بلغت 55.1%.
ويفسر خبير ملاحي، رفض ذكر اسمه، أن هذه المؤشرات توضح انكماش القدرة التشغيلية للموانئ اليمنية بصورة كبيرة خلال سنوات الحرب، ولا تتعدى في الوقت الراهن 49% من قدرتها التشغيلية عام 2014.
في حين يرى المحلل الاقتصادي، مبارك الصبري، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن اليمن قادم على صراع اقتصادي تنافسي من نوع مختلف خلال الفترة القادمة، للسيطرة على أحد أهم الموارد المتنامية خلال سنوات الحرب في البلاد، إذ يرتكز الاقتصاد الموازي الذي نشأ وتشكل خلال السنوات الثمانية الماضية لمختلف الأطراف، على الجبايات والإيرادات المحصّلة من الموانئ، والاستيراد والشحن التجاري للسلع والوقود، ومنافذ النقل التجاري المتعددة والمنتشرة على الطرقات ومداخل المناطق والمدن، بحسب تبعية الطرف الذي يتحكّم بالسيطرة عليها وإدارتها.
واتسم نشاط النقل البحري في اليمن خلال الفترة 2015–2022، ولا سيما في ما يخص ناقلات النفط وناقلات الحاويات والبضائع غير السائبة، بالتحول من موانئ البحر الأحمر إلى موانئ خليج عدن والبحر العربي، وأهمها عدن والمكلا ونشطون، حيث تشير مصادر ملاحية إلى أن عدد الحاويات التي كان يجري تحويلها شهرياً من ميناء الحديدة إلى ميناء عدن يصل إلى حوالي 15 ألف حاوية في الشهر.
ويقول مسؤول شركة متخصصة في الشحن البحري والاستيراد، توفيق حرمل، لـ"العربي الجديد"، إن ميناء الحديدة شمال غربي اليمن يتفوق على الموانئ الأخرى الحكومية، من حيث الموقع في البحر الأحمر، والتجهيزات، والقدرة الاستيعابية، وهو ما يجعله المفضل للتجار والمستوردين، وشركات الشحن والتأمين.
الجدير بالذكر أن المنافذ البحرية، والتي كانت تمثل الشريان الأساسي لوصول البضائع والسلع المختلفة إلى اليمن، وبنسبة 81% من إجمالي السلع المستوردة في عام 2016 قد تراجع دورها إلى نحو 59% من إجمالي الواردات، وفق بيانات رسمية.
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: اليمن اقتصاد الحكومة الملاحة البحریة العربی الجدید میناء الحدیدة فی الیمن
إقرأ أيضاً:
برلمانية: قانون السفن البحرية يعكس رؤية مصر في تعزيز دورها التجاري الإقليمي
قالت النائبة رحاب موسى، عضو مجلس النواب، إن قانون تسجيل السفن البحرية يُعد نقلة نوعية في تنظيم قطاع الملاحة والتجارة البحرية في مصر.
وأوضحت موسى، خلال كلمتها بالجلسة العامة للنواب، أنه يهدف القانون إلى تعزيز أسطول السفن التجارية البحرية المصرية، عبر وضع إطار قانوني إجرائي مُنظم لتسجيل السفن المستأجرة غير المجهزة تحت العلم المصري، مما يسهم في دعم التنمية الاقتصادية وزيادة الاستثمار البحري.
وأشارت عضو مجلس النواب، إلى أن القانون يُوسع أسباب اكتساب السفن للجنسية المصرية، ليشمل إيجار السفن غير المجهزة، سواء كانت عارية أو تم تأجيرها تمويليًا لشخص طبيعي أو اعتباري مصري، إضافة إلى التملك كسبب لاكتساب الجنسية.
وأضافت النائبة رحاب موسى، أن هذه التعديلات تفتح آفاقًا جديدة أمام قطاع الملاحة البحرية المصري، وتتيح فرصًا أكبر لتسجيل السفن تحت العلم المصري، ما يعزز من حجم الأسطول التجاري البحري ويزيد من تنافسيته على الساحة الدولية.
وتابعت عضو مجلس النواب، أن القانون الجديد يمثل خطوة مهمة نحو تنمية قطاع الملاحة البحرية، حيث يوفر بيئة قانونية أكثر جاذبية للاستثمارات البحرية، ويشجع على جذب المزيد من السفن للعمل تحت العلم المصري.
وأضافت النائبة رحاب موسى، أن هذا سيعود بالنفع على الاقتصاد المصري من خلال تنشيط حركة التجارة البحرية، وزيادة الإيرادات الحكومية الناتجة عن رسوم تسجيل السفن والمساهمات الاقتصادية الأخرى.
وأكدت عضو مجلس النواب، أن هذا القانون يعكس رؤية مصر في تعزيز دورها كمركز تجاري وبحري إقليمي، ويُسهم في تطوير وتحديث قطاع الملاحة بما يواكب التطورات العالمية في هذا المجال.
واختتمت النائبة رحاب موسى كلمتها بالتأكيد أن القانون سيُسهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة لمصر من خلال تعزيز قطاع النقل البحري كركيزة أساسية للتجارة الخارجية، مشيدة بالجهود التي تبذلها الحكومة في تطوير البنية التشريعية لدعم القطاعات الحيوية في البلاد.