خلصت دراسة أعدتها منظمة العمل الدولية مؤخرا إلى أن الذكاء الاصطناعي التوليدي لن يكون سببا في القضاء على الوظائف، بل سيكون أداة مكملة للكثير منها، وأشارت الدراسة إلى أن التغيير سيكون على صعيد جودة الأعمال والوظائف حيث سيكون هناك تركيز واستقلالية أكبر أثناء أدائها باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي.

وبحسب مركز إعلام الأمم المتحدة، زاد الحديث عن مزاحمة الذكاء الاصطناعي للبشر واستبدالهم في مجالات مختلفة، بصورة كبيرة في الفترة الماضية مع اتساع رقعة استخدام أدواته وخصوصا الذكاء الاصطناعي التوليدي الذي بدأ يبزغ نجمه منذ عام 2020.

وأوضح أستاذ علوم الكمبيوتر في كلية العلوم بجامعة حلوان في مصر والخبير في تقنيات الذكاء الاصطناعي، الدكتور أشرف درويش، أن هناك فارقا بين الذكاء الاصطناعي ومثيله التوليدي، فالأول يعتمد على "مجموعة من الخوارزميات لعمل عدد من المهام مثل التصنيف أو التوقع وبناء مصفوفات من البيانات".

أما الذكاء الاصطناعي التوليدي بحسب وصف الدكتور "درويش"، فيعتمد على "معالجة اللغات الطبيعية" حيث يتم تخزين مجموعة ضخمة من البيانات من مصادر كثيرة بما فيها مقالات وصفحات إنترنت ورسائل دكتوراه، ثم يتم تدريب نموذج الذكاء الاصطناعي التوليدي على الإجابة على أسئلة من المستخدم من خلال البيانات أو المعلومات المتوافرة لديه.

وذكر الدكتور "درويش" أن موضوع الذكاء الاصطناعي أصبح حاضرا بقوة في العديد من الفعاليات الدولية، ففي صيف 2023 خصص مجلس الأمن الدولي جلسة لبحث مسألة الذكاء الاصطناعي، شهدت مشاركة الأمين العام للأمم المتحدة، "أنطونيو جوتيريش" حيث أكد في رسالته للمجتمعين أن الذكاء الاصطناعي سيكون له تأثير على جميع مناحي الحياة، مضيفا أن هذه التقنية قادرة على تسريع التنمية العالمية بما في ذلك مراقبة أزمة المناخ وتحقيق طفرات في مجال الأبحاث الطبية.

وفي افتتاح تلك القمة شدد الأمين العام للأمم المتحدة على أن التطور المتسارع للذكاء الاصطناعي التوليدي، يجب ألا يغيّب الضرر الذي سببته التقنيات الرقمية قائلا "إن نشر الكراهية والأكاذيب عبر الفضاء الرقمي يسبب خطرا جسيما الآن، ويؤجج الصراع والموت والدمار الآن، ويهدد الديمقراطية وحقوق الإنسان الآن ويضر بالصحة العامة والجهود المناخية الآن".

وكان الأمين العام للأمم المتحدة قد حذر من أن أدوات الذكاء الاصطناعي يمكن استخدامها من قبل أصحاب النوايا الخبيثة، كما شدد على الحاجة الماسة للتوصل إلى إجماع بشأن ما يجب أن تكون عليه القواعد الإرشادية لاستخدام الذكاء الاصطناعي.

وقال الدكتور درويش إنه لا يمكن الاستغناء عن الذكاء الاصطناعي أو منع استخدامه، مؤكدا أن "الذكاء الاصطناعي جاء لتطوير الشعوب والبشرية"، لكنه نبه إلى "أهمية الاستخدام المسؤول" لأدواته لتحقيق أقصى استفادة ممكنة، واقترح وضع ميثاق دولي للتصدي لمخاطره واستخداماته الضارة.

وخلصت دراسة منظمة العمل الدولية إلى أن التأثيرات الاجتماعية والاقتصادية للذكاء الاصطناعي التوليدي ستعتمد إلى حد كبير على كيفية إدارة انتشاره، داعية إلى ضرورة صياغة سياسات تدعم عملية انتقالية منظمة ونزيهة وتشاورية.

كما شددت على أهمية التدريب على المهارات، والحماية الاجتماعية الكافية، وإسماع صوت العمال لإدارة عملية التحول نحو استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، وإلا فإن عددا قليلا من البلدان المستعدة جيدا والمشاركين في السوق سيحصدون ثمار تلك التقنيات الجديدة.

ومن أجل تنظيم عمل الذكاء الاصطناعي، رحب الأمين العام للأمم المتحدة بدعوات بعض الدول الأعضاء لتأسيس كيان دولي لمراقبة عمل تلك التقنية الجديدة، مؤكدا أن الهدف الرئيسي لهذا الكيان هو "دعم الدول لتحقيق الاستفادة القصوى من الذكاء الاصطناعي من أجل المنفعة العامة، والتقليل من المخاطر الحالية والمحتملة، وتأسيس وإدارة آليات متفق عليها دوليا للرقابة والحوكمة".

وأعرب "درويش" عن أمله في أن تكون قمة أهداف التنمية المستدامة في سبتمبر والاجتماعات التحضيرية لقمة المستقبل التي ستنعقد العام القادم، فرصة لوضع أطر أكثر وضوحا للتحكم في تقنيات الذكاء الاصطناعي، موضحا أنه شارك في عدد من النقاشات مؤخرا بشأن استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي لتحقيق أهداف التنمية المستدامة الـ17.

وقال درويش "الذكاء الاصطناعي له دور في التعليم والقضاء على الأمية والوصول إلى المناطق النائية، ويمكن أيضا ربطه بتقنية الميتافيرس في مجال التعليم، كما أن للذكاء الاصطناعي دورا في الصحة واكتشاف الأمراض وتطوير الأدوية".

وأشار أيضا إلى أهمية الذكاء الاصطناعي في قطاع الزراعة ومواجهة التغيرات المناخية، مضيفا أن قمة التنمية يجب أن تكون فرصة لإلقاء الضوء على الدور الإيجابي للذكاء الاصطناعي في تحقيق تلك الأهداف.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: التغيرات المناخية الذكاء الاصطناعي الوظائف العمل الدولية الأمین العام للأمم المتحدة الذکاء الاصطناعی التولیدی للذکاء الاصطناعی

إقرأ أيضاً:

الذكاء الاصطناعي.. مستقبل الاستدامة

أبوظبي (الاتحاد)

أخبار ذات صلة الطاقة والاحتباس والمناخ ضمن مؤلفات أصدرتها «محمد بن راشد للمعرفة» «كهرباء دبي» تفوز بجائزتين من «جوائز الابتكار العالمية 2024»

«الذكاء الاصطناعي في تكنولوجيا المناخ: معالجة الانبعاثات الكربونية، من خلال الحلول التنبئية والتكييفية»، دراسة جديدة أصدرها مركز تريندز للبحوث والاستشارات، وتتناول الدور المتنامي للذكاء الاصطناعي في الحد من الانبعاثات الكربونية، وتعزيز كفاءة استخدام الطاقة المتجددة.
وتخلص الدراسة التي أعدتها الباحثة نور المزروعي، رئيسة برنامج الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدمة في «تريندز»، إلى أن الذكاء الاصطناعي يمثل حجر الزاوية في التحول نحو مستقبل منخفض الكربون ومستدام، من خلال تقديم حلول مبتكرة تساهم في تقليل الانبعاثات، وتعزيز كفاءة الطاقة، مع ضرورة الالتزام بالممارسات الأخلاقية، وضمان توافق هذه التقنيات مع القوانين والتشريعات.
وتستعرض الدراسة، الصادرة باللغة الإنجليزية، استثمارات الشركات التقنية الكبرى في تطوير حلول الذكاء الاصطناعي المستدامة، مثل خوارزميات تحسين كفاءة الأنظمة واستخدامات الطاقة المتجددة، التي تهدف إلى تقليل الفاقد، وتحقيق استقرار أكبر لشبكات الطاقة.
كما تتناول تحديات تطبيق هذه الحلول، مثل قيود السياسات وقضايا الخصوصية، مشددة على أهمية التعاون بين الحكومات والمؤسسات البحثية لضمان تحقيق الأهداف المناخية.

مقالات مشابهة

  • حجم سوق الذكاء الاصطناعي خليجياً.. 15 مليار دولار
  • تعزيز الذكاء الاصطناعي في القطاع الصحي
  • هكذا واجهت المقاومة أنظمة الذكاء الاصطناعي المعادية؟
  • هل الذكاء الاصطناعي قادر على الإبداع؟
  • "Deep Seek".. الذكاء الاصطناعي الصيني وصل وينافس!
  • أوبن إيه آي.. من الذكاء الاصطناعي إلى الذكاء الفائق
  • الذكاء الاصطناعي.. مستقبل الاستدامة
  • المشرف العام على مركز الملك سلمان للإغاثة يلتقي وزير التنمية الدولية الكندي
  • الذكاء الاصطناعي.. توقعات بتأثير أكبر في 2025
  • هل سيقضي الذكاء الاصطناعي على الغواصات النووية ؟