لبنان ٢٤:
2025-03-01@04:00:40 GMT

نعم للمداورة

تاريخ النشر: 27th, August 2023 GMT

نعم للمداورة

صدقوني القول إن الشعب اللبناني تعب كثيرًا وشبع قرفًا. فبعد كل الذي مرّ عليه من مصائب وويلات وأزمات لم تعد "تفرق" معه إذا كان النظام القائم حاليًا هو الأصلح للبلد، أو أن الإصلاحات التي يطالب بها المجتمع الدولي ستشكّل له الضمانة بأن وضعه المعيشي سيتحسّن، وسيكون أفضل مما عليه اليوم، أو ما يهّوَل به عليه مما يُسمّى "مؤتمرًا تأسيسيًا" أو ما شابه، أو حتى التلويح باعتماد الفيديرالية كصيغة متقدمة للبنان الغد.

  جلّ ما يهمه هو أن يكون أمنه الاجتماعي مضمونًا بالفعل وليس بالقول، وألا يكتنف مستقبل أولاده الغموض، وألا تتكرّر مآسي الحروب كل عشر سنوات، أو أن يموت مريضه على أبواب المستشفيات، أو أن يضطرّ لـ "تبويس" أيدي الزعماء لتأمين وظيفة لولده، الذي يحمل شهادات أطول من ذاك الزعيم أو المتزعم، سواء أطُبقت اللامركزية الإدارية والمالية الموسعة، التي يطالب بها رئيس "التيار الوطني الحر" كشرط لكي يقبل بأن يضحي بـ "بالسنوات الست المقبلة"، أو في حال اعتماد الفيديرالية، أو حتى إذا فُرضت المثالثة ضمن المناصفة.     ماذا تغيّر بالنسبة إلى وضعية الطائفة الشيعية عندما تسّلم العميد الياس البيسري مديرة الأمن العام بعد إحالة المدير السابق اللواء عباس إبراهيم على التقاعد، وماذا تغيّر بالنسبة إلى وضعية الطائفة المارونية عندما تسّلم وسيم منصوري مسؤولية حاكمية مصرف لبنان بعد انتهاء ولاية رياض سلامة، التي امتدت لثلاثين سنة من دون توقف؟    قد يقول البعض إن في هذا الكلام إخلالًا بالتوازنات القائمة على تبادل الخدمات في السلطة. ولهؤلاء نقول إن أموال المودعين وتعب السنين ليسا ملكًا لهذه الطائفة أو تلك. فهذه المدخّرات، وأصحابها ينتمون إلى كل الطوائف، ومن بينهم موارنة، فماذا قدّم لهم سلامة من ضمانات، وهو ماروني أبًا عن جدّ؟    بالطبع لست في وارد تحميل كامل المسؤولية للحاكم السابق المتواري عن الأنظار. فهو جزء من تركيبة أدّى أداؤها إلى ما وصلت إليه البلاد من حال هريان ما بعده هريان. المسؤولية الجزائية مشتركة بين جميع الذين وافقوا على مدى ثلاثين سنة على هندسات غير واقعية، وبين جميع الذين ساهموا في التجديد له مرّة واثنتين وثلاثة. وهي مسؤولية السلطة التشريعية، التي لم تراقب ولم تحاسب، ولم تضرب يدها على الطاولة، ولم تتدّخل لإصلاح ما كان يجب إصلاحه، وأن تستبق مفاعيل هذا الانهيار، خصوصًا أن جميع الأحزاب اللبنانية كانت ممثلة في شكل أو في آخر في الندوة البرلمانية، وبالأخصّ في السنوات الأخيرة، التي بدأت تتمظهر معها ملامح الانهيار. وهنا لا بد من التذكير بالموقف الذي أعلنه البطريرك الماروني مار بشاره بطرس الراعي بعد لقائه الشهير مع الرئيس السابق ميشال عون، حين أعلن ومن على درج قصر بعبدا أن البلاد مقبلة على حال افلاس غير مسبوقة.    أذكر أن النائب الراحل نسيب لحود هو واحد من بين قّلة، الذي تجرّأ وأعلن رفضه غير القابل للمساومة لمبدأ استدانة الدولة من المصارف بفوائد مرتفعة جدًّا، وهذا ما أوصلنا إلى ما نحن عليه.    فإذا لم تكن السلطة التشريعية حامية للدستور، وهذا ما يُفترض أن يكون عليه دورها، فإن أي حديث آخر سيكون في غير محلّه وفي غير موقعه الطبيعي، ولا يعود مستغربًا أن تصل البلاد إلى هذا الدرك وإلى هذا المستوى من العيش، الذي يفتقد إلى الحدّ الأدنى من الأمان الاجتماعي.    المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

الـعــرب .. من يهن يسهل الهوان عليه

أحمد الشريف

كنا نعتقد أن الموقف اليمني الثابت والشجاع في مواجهة ثلاثي الشر العالمي أمريكا وبريطانيا وإسرائيل سينعكس إيجاباً على مواقف الحكام العرب ويخرجهم من دائرة الذل والخوف التي حشروا أنفسهم بداخلها ويكون قدوة لهم لكن مع الأسف الشديد فلم يحرك فيهم ساكناً.

ولذلك كم هو محزن أن يصل إذلال الحكام العرب وهوانهم على شعوبهم وعلى أنفسهم من قبل الإدارة الأمريكية لدرجة أن منعهم دونالد ترامب من عقد قمتهم العربية التي كانت مصر قد دعت لانعقادها يوم السابع والعشرين من شهر فبراير الجاري وكانت أهميتها تكمن بأنها ستناقش مسألة دعوة ترامب لتهجير الفلسطينيين من أرضهم وعزم أمريكا على تملك قطاع غزة حسب ما جاء في تصريحات ترامب وتسليم الضفة الغربية لإسرائيل وربما من خلال هذه القمة لو توافرت لها الظروف لانعقادها كان سيتم التوافق بين الحكام العرب لاتخاذ موقف موحد حتى لو في شكل إصدار بيان دفاعا عن الحق العربي ليس في فلسطين فحسب وإنما في كل البلدان العربية التي تتعرض للتهديد والغزو كما حدث في سوريا مع أن الفرصة متاحة ومهيأة أكثر من أي وقت مضى للدفاع عن قضايا الأمة والاستقلال بقرارها السياسي بعيداً عن التأثير الخارجي، لكن كما سبق وأشرنا في تناولات سابقة فإن معظم الحكام العرب إن لم يكونوا كلهم عليهم ملفات مهددون بها وهي من تكبلهم وتجعلهم يبتلعون ألسنتهم عن قول كلمة الحق خشية من أن يتم فتحها فينفضحون أمام شعوبهم ولذلك فإنهم يؤثرون السلامة على حساب قضاياهم والتنازل عنها ولم يستفيدوا من شجاعة حكام دول صغيرة وضعيفة استطاعوا أن يقفوا في وجه الغطرسة الأمريكية ويتحدونها بل وطلبوا منها سحب قواعدها العسكرية من أراضيهم بعد أن تخلصوا من الحكام العملاء الذين كانوا يدورون في الفلك الأمريكي وما حدث في عدد من الدول في إفريقيا وفي أمريكا اللاتينية رغم فقرها يعد انموذجا يمكن أن يحتذى به فهم لم يخضعوا للإرادة الأمريكية وأجبروها صاغرة على القبول بتنفيذ مطالبهم.

أما في العالم العربي فيكفيهم الدرس البليغ الذي قدمه لهم اليمن المعتدى عليه والمحاصر مُنذ عشرة أعوام وكيف استطاع بما يمتلكه من إرادة حرة أن يواجه أمريكا وبريطانيا وإسرائيل عسكريا في وقت واحد ويجبرها على سحب بوارجها ومدمراتها من البحر الأحمر وكان صاحب آخر طلقة وجهت إلى قلب يافا المسماة إسرائيليا تل أبيب قبل إبرام الاتفاق بين المقاومة الفلسطينية ممثلة في حركتي حماس والجهاد الإسلامي وبين الكيان الصهيوني حيث يتم تنفيذ مرحلته الأولى بشروط المقاومة ومن ثم الدخول في المرحلة الثانية التي ستكفل الوقف الكامل لإطلاق النار، ومن المفارقات أنه يتم التفاوض مع حركة حماس كدولة بعد أن كان المجرم نتنياهو وقيادته العسكرية يهددون منذ ما يقارب عام ونصف العام بالقضاء عليها نهائيا ومسحها من على وجه الأرض حسب زعمهم ولكن تشاء إرادة الله إلا أن تحقق المقاومة انتصارا تاريخيا رغم ما تعرض له قطاع غزة من خراب ودمار وإبادة جماعية خلفت عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى وهذا النصر المبين الذي تحقق على أيدي المقاومة في غزة وجنوب لبنان على جيش الكيان الصهيوني المدعوم من ثمانية عشرة دولة عسكريا وماديا مما جعل الحرب على المقاومة حرب عالمية قد أزعج الحكام العرب وجعلهم أقزاما حيث ضاقوا به أكثر مما ضاق به العدو الصهيوني نفسه وقد اعترف الرئيس الأمريكي السابق بايدن بأن إدارته لم تكتف بالدعم العسكري والمادي لإسرائيل وإنما أرسلت قوات عسكرية أمريكية لتقاتل إلى جانب الجيش الصهيوني.

ومع أن الدروس والعبر التي مرّت بها الأمة العربية في تاريخها الحديث ممثلة في حكامها وشعوبها كثيرة جدا إلا أنها لم تستفد منها لتخرج من عنق الزجاجة التي حشرت نفسها فيها بقدر ما أظهرتها أمام الأمم الأخرى بأنها أمة عاجزة عن التفكير ولا تستطيع الدفاع عن قضاياها في وقت يستأسد فيه كل نظام عربي على الآخركما يحدث اليوم من عدوان على اليمن وسوريا والعراق وخلاف شديد بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية التي تحالفت ضد اليمن باستثناء سلطنة عمان الشقيقة؛ وهذا مالا نتمناه أن يستمر لاسيما وأن الضعف قد أصاب العرب جميعاً ولا يجب أن نحمّله للغير من الدول الكبرى سواءً كانت الولايات المتحدة الأمريكية أو غيرها وذلك لسبب بسيط وهو أن مبعث وسبب هذا الضعف والهوان هم الحكام ومواقف الشعوب السلبية لأنهم لم يدركوا حقيقة ما يجري لهم وليس عندهم بعد نظر لما سيأتي، وأناس هكذا حالهم لا يستحقون أن يكونوا حكاماً أو أن يشكلون شعوباً.

ولا ندري لم هذا الهوان الذي فرضه العرب على أنفسهم مع أنهم يمتلكون كل أسباب القوة وكل مؤهلات ومقومات التحوّل لصالحهم من خلال ما حباهم الله من ثروة اقتصادية لو تم توظيفها لصالح قضايا الشعوب العربية لاستطاعوا أن ينافسوا الدول الكبرى بالإضافة إلى موقعهم الجغرافي المتميز المتحكّم في مداخل البحار كما أنه يجمعهم دين واحد ولغة واحدة وهي ميزة يتفردون بها ولا تتوافر لأي أمة أخرى غيرهم، وكما هو الحال بالنسبة للدول الكبرى التي تعمل على رعاية وخدمة مصالحها؛ فمن حق الدول الصغيرة أن تقوم بنفس الدور لأن ذلك حق من حقوقها القانونية وليس من حق أحد أن يمنعها كما فعل الرئيس الأمريكي ترامب مؤخرا عندما منع الحكام العرب من عقد قمتهم الخاصة بقضية فلسطين ولم يكتف بذلك فحسب وإنما يريد أن يفرض نفسه وصيا على العالم ولم يبقي لنفسه لا صديق ولا عدو إلا ووقف ضده ووجه إليه تهديده في محاولة منه لفرض إرادته عليه، ولنا في التاريخ عبرة حيث نجد دولاً صغيرة استطاعت بقوتها وفرض إرادتها أن تتحكّم في مصائر دول كبرى ذات مساحات شاسعة واستعمرتها لمئات السنين حتى انتفضت تلك الشعوب وتحرّرت من الهيمنة الاستعمارية، لكن لأن الروح الانهزامية قد طغت على كل شيء عند العرب فقد أصبحوا عاجزين عن حل مشاكلهم حتى مع أنفسهم في إطار المجتمع الواحد وتفرغوا لمحاربة بعضهم البعض؛ فكيف بالدفاع عن قضاياهم ضد الدول الأخرى وخاصة قضيتهم الأولى والمركزية فلسطين، وعليه فإن أطماع الآخرين فيهم ستزداد وإن كانت تختلف في أهميتها من فترة إلى أخرى نظراً لما يشهده العالم اليوم من متغيّرات متسارعة وتطورات اقتصادية وتكنولوجية، إضافة إلى الدور الذي يلعبه الأعداء بتعميق الانقسامات في العالم العربي بحجة أن هذا النظام معتدل قابل للتطبيع مع إسرائيل وذاك ممانع، وهي كذبة كبيرة صدّقها العرب وربطوها بأنفسهم بدليل إن سوريا التي ارتبط بها مصطلح الممانعة قد سقطت بسهولة في أحضان أمريكا وتركيا وإسرائيل ولم يستطع جيشها العربي المؤمن بعقيدته البعثية التقدمية أن يدافع عن مدينة سورية واحدة ويمنع سقوطها في أيدي المتطرفين حتى لعدة ساعات وعليه ومن الله العوض.

مقالات مشابهة

  • غداً.. انفجار مسيطر عليه قرب مطار بغداد
  • محمد بن زايد: التعليم أساس التحول التنموي الذي نعمل عليه للحاضر والمستقبل
  • رئيس الدولة: التعليم أساس التحول التنموي الذي نعمل عليه للحاضر والمستقبل
  • الـعــرب .. من يهن يسهل الهوان عليه
  • القس أندريه زكي يلتقي قيادات ورموز الطائفة الإنجيلية لمناقشة عدد من القضايا المهمة
  • المغاربة يطالبون بمحاكمة وزير الفلاحة السابق “صديقي” الذي فشل في حماية قطيع النعاج ومراقبة المستوردين الذين حصلوا على الدعم
  • رئيس الطائفة الإنجيلية يهنئ الرئيس السيسي والشعب المصري بحلول رمضان
  • رئيس الطائفة الإنجيلية يهنئ الرئيس السيسي والشعب المصري بحلول شهر رمضان
  • عاجل | مصادر محلية للجزيرة: المتظاهرون في القرداحة بريف اللاذقية يطالبون بانسحاب قوات الأمن العام من المدينة
  • رئيس الطائفة الإنجيلية يفتتح ندوة «العهد القديم.. من النبوة إلى وعد الخلاص»