مخاوف من استيلاء الجيش على مبنى دار الكتب التاريخي بالقاهرة
تاريخ النشر: 27th, August 2023 GMT
تسيطر مخاوف في مصر من سيطرة القوات المسلحة على مبنى دار الكتب والوثائق القومية، الذي يطل على نهر النيل في قلب العاصمة المصرية القاهرة، بعد تردد أنباء عن اعتزام إخلاء المبنى التاريخي الذي يعد بمثابة سلة مصر الثقافية، تمهيدا لبيعه واستغلال أصوله.
يأتي ذلك بالتزامن مع حملة على وسائل التواصل الاجتماعي، يقودها مثقفون ونشطاء ومعنيون بالتاريخ والآثار للتنديد باستمرار مواصلة "البلدوزرات" عملها في هدم المقابر التراثية في أحياء مصر القديمة لإنشاء طرق وجسور تربط بين أحياء العاصمة المختلفة.
ونقلت مواقع محلية عن مصدر مسؤول في دار الكتب عن زيارة لجنة هندسية من هيئة المساحة والإدارة الهندسية للقوات المسلحة لمقر الهيئة المصرية العامة للكتاب، وهيئة دار الكتب والوثائق القومية مرتين خلال الشهر الجاري.
وأضاف موقع المنصة المحلي أن المصدر، الذي طلب عدم الإفصاح عن هويته، أن اللجنة كانت معنية بمعاينة ودراسة وضع مقر الهيئتين في رملة بولاق على كورنيش النيل، وفحصهما وتسجيل مساحتهما، مشيرًا إلى أن الزيارتين تتزامنان مع ما يتردد حول وجود نية لبيع المقر.
أجبرت الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد؛ نتيجة نقص العملة الصعبة إلى طرح أصول الدولة من شركات ومصانع وفنادق ومباني حكومية للبيع واستغلال مواقعها الاستراتيجية بقلب القاهرة أسفرت عن بيع حصص في عدد من الفنادق وتحويل مباني مجمع التحرير ووزارة الداخلية إلى فنادق.
وافقت الحكومة المصرية مطلع العام الجاري، على إعلان عدد كبير من المناطق في وسط العاصمة وخاصة المطلة على النيل مثل منطقة كورنيش النيل بحي الساحل بمساحة تبلغ (154.5) فدان، وكورنيش النيل بالمعادي ودار السلام وأثر النبي، بمساحة (1642.75) فدان، وغيرها كمناطق إعادة تخطيط، وذلك في ضوء الاستغلال الأمثل لأراضي أملاك الدولة بالمنطقة.
كشف مصدر عن زيارة لجنة من الإدارة الهندسية للقوات المسلحة لمقر دار الكتب والوثائق القومية مرتين خلال الشهر الجاري، فيما توالت أزمات استيراد مصر للقمح بعد توقف التفاوض مع الهند وحظر عبور سفن أوكرانيا من البحر الأسود.#ع_السريعhttps://t.co/rF28QBRJnh — المنصة (@Almanassa_AR) August 23, 2023 لماذا يسعى الجيش للاستحواذ على مبنى دار الكتب والوثائق القومية؟ pic.twitter.com/MmXlSMPV1r — شبكة رصد (@RassdNewsN) August 25, 2023
تاريخ دار الكتب
تعود فكرة إنشاء "دار الكتب" للحفاظ على ثروة مصر الثقافية والعلمية إلى والي مصر محمد علي باشا الذي أنشأ أول دار لحفظ السجلات الرسمية للدولة في القلعة عام 1828، وأطلق عليها "الدفتر خانة"، بهدف جمع الوثائق الرسمية وحفظها.
بحسب موقع دار الكتب، يعد الخديو إسماعيل (1863- 1879) أول من أعلن عن رغبه في إنشاء "كتب خانة عمومية"؛ لجمع شتات الكتب من المساجد وخزائن الأوقاف وغيرها؛ لحفظها وصيانتها من التلف؛ واقترح علي مبارك على الخديو إسماعيل إنشاء دار كتب على نمط المكتبة الوطنية في باريس؛ حيث أعجب بها حينما أُرسل ضمن البعثة التي أُوفدت لدراسة العلوم العسكرية سنة 1844.
أصدر الخديو إسماعيل الأمر العالي رقم 66 بتأسيس الكتبخانة في(23 آذار/ مارس 1870م)، في سراي مصطفى فاضل باشا (شقيق الخديو إسماعيل) بدرب الجماميز لتكون مقراً للكتب خانة، وبلغ نواة المكتبة حينها نحو ثلاثين ألف مجلد، شملت كتب ومخطوطات نفيسة، جُمعت من المساجد والأضرحة و التكايا ومكتبتي نظارتي الأشغال والمدارس.
خلال تلك الفترة تم نقل مقر دار الكتب إلى مناطق أخرى أكثر تميزا بعد أن ضاقت بمقنياتها، وتغير اسمها مرارا فكان اسمها عند نشأتها سنة 1870 "الكتب خانة الخديوية"، ثم "دار الكتب الخديوية" 1892- 1914، ثم "دار الكتب السلطانية" 1914– 1922، ثم "دار الكتب الملكية" 1922- 1927، ثم دار الكتب المصرية 1927- 1966، ثم "دار الكتب والوثائق القومية" 1966- 1971، ثم "الهيئة المصرية العامة للكتاب" 1971- 1993، وأخيراً أطلق عليها "الهيئة العامة لدار الكتب والوثائق القومية" منذ (1993 وحتى الآن).
هدم التاريخ والآثار والمقابر زي عقوبة الاعدام ،
خطأ، لا يمكن تداركه واصلاحه pic.twitter.com/ADfjmVAJfW — Gamal Eid (@gamaleid) August 26, 2023 كل الخراب اللي حاصل كوم وده كوم تاني خالص والله، الفلوس والاقتصاد ممكن يتعوضوا يوما ما لكن ده تحديدا عمره ما هيتعوض، الطوبة الأثرية في الغرب بيتعمل فوقها متحف يا ناس، يا قومِ أليس منكم رجلٌ رشيد؟ pic.twitter.com/RxcApKqcX7 — عبدالله الشريف (@AbdullahElshrif) August 26, 2023
تطوير على حساب التراث
يقول الباحث والأكاديمي المتخصص في علم الآثار، الدكتور حسين دقيل، "لا أحد يقف ضد التطوير، ونقل كل المباني إلى العاصمة الإدارية نقطة خلاف، التطوير أمر مهم لكن لا ينبغي أن يكون على حساب التراث، وأن تمتد يد العبث للقاهرة التاريخية، تغيير عواصم البلاد أمر شائع وليس بدعا، إلا أنه يجب ترك المواقع التراثية والثقافية كما هي، لكن ما يجري الآن أن النقل والهدم يشمل كل شيء".
وفي حديثه لـ"عربي21": أكد "أن نقل أو إخلاء دار الكتب أو غيرها من الأماكن الثقافية أو التراثية يمحو ببطئ هوية القاهرة التاريخية، ويجب الحفاظ على معالمها ومبانيها التي تحمل دلالات ثقافية وتاريخية للمدينة التي تشهد تنوعا غير مسبوق بين جميع الحضارات والديانات، الأجدر بالحكومة الحالية إنشاء مكتبة جديدة تكون نواة لمكتبة وطنية أخرى".
بشأن أهمية موقع المبنى، أوضح دقبل أن "المبنى في موقع استراتيجي وتحويلة إلى وسيلة من وسائل الاستثمار لجلب العملة الأجنبية والنيل من جزء من الهوية المصرية وذاكرتها أمر غير مقبول"، مشيرا إلى أن "عمر دار الوثائق يمتد لأكثر من 150 سنة، وكانت من أول دار كتب ووثائق في المنطقة في العصر الحديث للحفاظ على تراث وتاريخ وثقافة البلاد، وكان الخديوي إسماعيل يسعى إلى إنشائها على الطراز الفرنسي بعد أن سبقتنا ببعض الوقت ومرت الدار بأكثر من موقع حتى انتهت لهذا المكان".
وحول ما أثير من جدل حول مصير المبنى، قال الكاتب الصحفي سيد محمود، بصحيفة الشروق المحلية، "ولم يعد أمامنا سوى التساؤل عن مصير المبنى، بل ومطالبة وزيرة الثقافة الدكتور نيفين الكيلانى بإصدار بيان حول مستقبل المؤسسات المهددة بالتشرد وهي التي تحتاج إلى تطوير وليس إلى الهدم".
وغرد المؤرخ والأكاديمي المصري، خالد فهمي، على منصة "إكس" تويتر سابقا: "للناس المستبعدة إمكانية استيلاء الهيئة الهندسية على أرض دار الكتب ودار الوثائق والهيئة العامة للكتاب لبيعها وإقامة فندق عليها، وللناس المستغربة من عملية فك المآذن ونبش المقابر وتدمير المدافن بغرض بناء طرق أسفلت وكباري أسمنت".
للناس المستبعدة إمكانية استيلاء الهيئة الهندسية على أرض دار الكتب ودار الوثائق والهيئة العامة للكتاب لبيعها وإقامة فندق عليها، وللناس المستغربة من عملية فك المآذن ونبش المقابر وتدمير المدافن بغرض بناء طرق أسفلت وكباري أسمنت. pic.twitter.com/DfkzoPpcrG — Khaled Fahmy (@khaledfahmy11) August 24, 2023 ????نيويورك تايمز: مصر تهدم الجواهر الثقافية في القاهرة في محاولة للتحديث
نشرت الصحيفة مقالا للصحفية @VivianHYee حول تدمير القاهرة القديمة وقالت لقد تم تدمير المقابر القديمةواختفت الحدائق ومعها الكثير من أشجار القاهرة.
كما اختفى عدد متزايد من أحياء الطبقة العاملة التاريخية ولكن… pic.twitter.com/OauST49lPd — omar elfatairy (@OElfatairy) August 26, 2023
إصرار على التدمير
استهجن نائب رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي المصري، إلهامي الميرغني، استمرار عمل معاول الهدم في القاهرة التاريخية، وقال إن: "الحداثة لا يعني القضاء على التراث، إن لم نحافظ على التراث بكل أشكاله المختلفة ستكون حضارة خالية جوفاء من معناها الحقيقي".
وأضاف في تصريحات لـ"عربي21": "هويتنا في المعالم والمناطق الموجودة سواء الأثرية أو التراثية أو التقليدية، في العالم لا يجرؤ أحد على تقطيع الأشجار ونحن نهدم المقابر والأضرحة في الجبانات والقرافات ونقتلع الأشجار أيضا".
وإذا ما كانت الحكومة المصرية ليس لديها خيارات أخرى للتعامل مع خطة تطوير تلك المناطق سوى بهدم أجزاء من تلك المناطق التراثية، أكد الميرغني "أن تبرير الحكومة أن الهدم ضروري لشق الطرق وإنشاء الكباري غير مقبول، لديها خيارات عديدة، والمخططين العمرانيين طرحوا على الدولة الجلوس مع المسؤولين ويقدموا بدائل لإزالة الجبانات ولكن الحكومة لا تسمع إلا نفسها".
هدم الأمريكان والدواعش الكثير من آثار العراق وسوريا، أما في مصر التي وقاها الله شر غزو أمريكا، وانتصرت على الإرهاب، قامت السلطة فيها بالمهمة، بزعم إفساح الطرق، أو الاستيلاء على أرض تقام عليها أبراج تلوث الفضاء، وتؤذي الأبصار.
أي إفساح أو تشييد هذا الذي يقوم على هدم تاريخ أمة؟!! pic.twitter.com/3e7opG6HrG — عمار علي حسن Ammar Ali Hassan (@ammaralihassan) August 22, 2023 بعد هجوم التتار الجدد فى مصر عليه، تم للاسف هدم هذه التحفة الأثرية والتاريخية المعمارية، مدفن على باشا فهمي بقرافة الإمام الشافعي.
pic.twitter.com/uMJArnL1rj — Dr.Sam Youssef Ph.D.,M.Sc.,DPT. (@drhossamsamy65) August 25, 2023 البلد صارت منهبة والهدم والردم مش بس عشان راس الدولة عايزة إنجازات، عشان في شبكة مقاولين ولواءات بتستفيد، لكن العجيب بالنسبة لي، ان البلد مبقاش فيها ١٠٠٠ مثقف وفنان يقدموا عريضة لوقف كوارث هدم المناطق التاريخية، السكوت لازم يكون له اخر، والحكمة فى اللحظات دي مشاركة ف الجريمة! pic.twitter.com/D1XcMcB5AB — رشا عزب (@RashaPress) August 25, 2023
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات مصر القوات المسلحة دار الكتب بيع مصر القوات المسلحة بيع دار الكتب سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة العامة للکتاب pic twitter com
إقرأ أيضاً:
وقف إطلاق النار في غزة.. تفاؤل وسط مخاوف من إطالة المفاوضات
كشف مراسلو القاهرة الإخبارية عن مفاوضات جديدة من أجل وقف إطلاق النار في غزة، فيما أعلنت وسائل الإعلام الإسرائيلية إمكانية التوصل إلى اتفاق قريب، حيث أشارت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية، إلى أن هناك تقدمًا إيجابيًا في المحادثات، مع توقعات بأن يتم توقيع الاتفاق خلال الفترة المقبلة.
وقف إطلاق النار مقابل الإفراج عن الأسرى الفلسطينيينوتشير التقارير إلى أن الصفقة المحتملة قد تضم الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين مقابل وقف إطلاق النار في غزة، فيما توجد بعض النقاط الخلافية بشأن أسماء وعدد الأسرى والوجهة التي سيصل إليها المفرج عنها بعد إطلاق سراحهم، في حين هناك مخاوف من إطالة أمد المفاوضات، الأمر الذي يزيد من الأوضاع الإنسانية الصعبة في قطاع غزة.
تزايد الحديث عن وقف إطلاق النار في غزةويتزايد الحديث عن وقف إطلاق النار في غزة وسط تقارير توضح أن الاتفاق قد يشمل نقطة انسحاب جزئي لقوات الاحتلال من بعض المناطق الداخلية في القطاع، مع بقاء القوات في النقاط العسكرية الحدودية، وستكون في الغالب المرحلة الأولى من الاتفاق مستمرة من 43 إلى 60 يومًا، وهي فترة انتقالية من أجل الانتقال إلى المرحلة الثانية التي تشمل أمورا أخرى منها الإفراج عن الجنود الإسرائيليين الأسرى، سواء كانوا أحياء أو قتلى.
الرأي العام الإسرائيلي يضغط لوقف إطلاق النار في غزةفي نفس السياق، بينت استطلاعات الرأي العام في إسرائيل، الدعم الواسع لوقف إطلاق النار، وأيد 74% من الإسرائيليين فكرة التوصل إلى صفقة، فيما تصدر دعم المعارضة، التي بلغت نسبتها 84% من المؤيدين.