من زمن بعيد لم تعد التكنولوجيا تكمن في إنجاز آلات عملاقة، فقد كان ذلك عصراً صناعيا مضى زمانه وتقادمت قيمه، الآن عصر جديد تتوالى الأجهزة والأدوات والابتكارات نحو الدقة والاقتصاد لكنها دقة تشبه الخيال و طموح الإنسان يعمل على تحويل كثير من الأخيلة إلى واقع ملموس.
العالم يمر بتحولات من العصر الرقمي الذي عشناه منذ بداية الألفية، وسبق ذلك أن مر العالم بعصور عدة هي العصر الحجري البدائي ثم العصر الزراعي ثم عصر المكينة أو استخدام المكائن ومنها السيارات والطائرات الذي استمر العالم فيه قبل الانتقال في بداية ثمانينيات القرن الماضي إلى عصر المعلومات الذي استمر حتى عام 2000م.
مع بداية الألفية انتقل العالم إلى العصر الرقمي الذي استمر فيه إلى عام 2015م حيث كان نواة لبداية العصر الكمي الذي نعيش بدايته الآن، والجميل في الأمر أن كل عصر يأتي لا يلغي العصر الذي قبله وإنما يعززه وينميه ويطوره.
والذكاء الاصطناعي فرع من فروع علوم الحاسوب الذي يهتم ببناء آلات وأنظمة ذكية قادرة على محاكاة الذكاء البشري لأنه يعتمد على دراسة العوامل التي تعمل على فهم التصورات المستمدة من البيئة الخارجية لتحليلها وتحويلها إلى رد فعل ذكي للاستجابة له وأيضاً لأوضاع لم تبرمج في الآلة.
هذا المجال فائق السرعة يعتبر امتداداً للتطورات الحديثة لعمليات تصغير منقطع النظير لأجزاء الآلات التي مثلت انطلاقة لهذه التطبيقات العملية المستخدمة حاليا التي كانت مجرد أفكار لما هو قائم ولا يعرف احد على وجه الدقة أين تأخذنا الابتكارات وماهي التطورات المستقبلية لكن المتوقع أنها ستكون استمراراً ضمن اطار ثورة صناعية مستمرة لا سقف لها.
في الغالب يجري تتبع المتغيرات الإلكترونية وسرعتها المخيفة في الإحلال والإبدال في الأجهزة والبرامج الرقمية واستخداماتها وكيف تغيرت وغيرت معها في كثير من المجالات الرسمية في مؤسسات الدول والقطاع الخاص وفي حياة المجتمعات البشرية كما تجدر الإشارة إلى استمرار التقدم القوى قد تظهر تطبيقات جديدة وغير متوقعة
فصدى الواقع وارتداداته يؤكد أن العالم يتطور بشكل متسارع جدا، وبالذات في ظل الثورة الصناعية الرابعة ثورة الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة، والتعلم الآلي، وإنترنت الأشياء والمدن الذكية، وعلوم الروبوت، والتكنولوجيات البازغة الأخرى، والعوالم الافتراضية وتطبيقاتها، أثبتت عالَمياً أنها تسرع في تحقيق أهداف التنمية في جميع المجتمعات لتختصر التحليل والمشاورات، مزودة بالمهارات والتطبيقات على المستوى المحلي والعالمي، وهنا يجب المراعاة والانتباه للسياق المحلي الذي يتصدى للتحديات المجتمعية لأن هذه التكنولوجيات لا تعرف الحدود، وبالتالي يمكن زيادة فوائدها إلى الحد الأقصى، وتقليص مخاطرها أو آثارها السلبية إلى الحد الأدنى، واذا عدنا بالذاكرة إلى ما قبل عشر سنوات أو اكثر من الآن فإن شكل العالم يبدو مختلفا جدا عما كان عليه ولكن ماذا عن العقد القادم، ترى كيف سيكون العالم بعد عشر سنوات من الآن، لا شك أن كل نقلة علمية تأتي محملة بالتحولات والتحديات هذا هو عالم المستقبل القريب، عالم المجتمع المعزز بالذكاء الاصطناعي أشخاص ومؤسسات وحكومات تعرف كيفية العمل والتنقل في عالم رقمي ذكي، وأنماط حياة مختلفة تماماً عما هو قائم، فتسارع تقدم العالم أصبح سمة أساسية حيث كانت المدة الزمنية بين عصر وعصر عقوداً وربما قروناً أما الآن قلّت المدة الزمنية من الممكن مشاهدة عدة أزمنة ينتقل لها العالم في سنة واحدة.
فالذكاء الاصطناعي تمكن من فتح أبواب جديدة من المهم تجنب مخاطرة فلديه قدرات عالية في شتى المجالات، حيث يسمح لجهاز الحاسوب أن يتصرف، ويستجيب بذكاء، بما يمتلكه من تقنية معلومات وبيانات يصبح قادراً على إنتاج تنبؤات وتقديرات، وحل المشكلات، في جميع العلوم دون استثناء بدقة عالية، بالنظر إلى القدرة التحليلية الهائلة لديه وفي تطبيقاته فإمكانية الاستفادة منه في مختلف القطاعات الاقتصادية، فعلى سبيل المثال يمكن استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في تنظيم الحركة المرورية والتنبؤ باحتياجات البنية التحتية والطاقة، كما يمكن استخدام تطبيقات التقنية في مجال الرعاية الصحية والتشخيص العلاجي والتعليم والتدريب والتنبؤ بالأوبئة وتغيرات المناخ والأمراض قبل حدوثها فضلاً عن توظيفها في مختلف المجالات الاقتصادية والتي تساعد متخذ القرار على اتخاذ أنسب القرارات بالاستناد إلى قدرات تطبيقات الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات للتنبؤ بنسبة دقة عالية والتحدث مع أي كتاب وفهمه وتحويل النص إلى صور إنشاء عروض تقديمية بالصور إنشاء شعار للمشروعات وأنشاء مقاطع فيديو من نصوص كتابة رسائل البريد الالكتروني الاستفادة من جميع النصوص والبيانات التي تملأ مواقع الانترنت … .
ولأن العالم يتغير وتتغير الأدوات التي تعمل بها، فلا شك أن كل مرحلة تأتي محملة بالتحولات والتحديات، لكن من الأهمية امتلاك المهارات التكنولوجية اللازمة، لمواكبة هذه التغيرات فمن يملك مفاتيح التقنية يملك الحاضر والمستقبل، فالتعليم والتدريب هما المحور المركزي لاستراتيجيات العمل المستقبلية الخاصة بصدى ثورة الذكاء الاصطناعي لأن الجانب الفكري أو الذهني الذي يتحقق بوجود إنسان مؤهل للمهنة وعلى مستوى رفيع من الكفاءة والخبرة العلمية والعملية هو المطلوب فعلاً في كل المهن التي لا تخلو من الجيد الكفء والمتوسط أو حتى الرديء هنا نجد جزءا من الإجابة فقط، ولذا فإنه لا أحد يقول إن الذكاء الاصطناعي له خصائص بشرية مثل التفكير المتوازن أو الرؤية الإنسانية أو التفاعل العاطفي أو تقدير الأحوال بحسب الزمان والمكان والشخص.
ولذا فإن الكمبيوتر ومن ورائه شبكات الإنترنت والمواقع والتطبيقات الذكية هي في الواقع عنصر آلي إليكتروني يتجاوز العمل الميكانيكي لكنه لا ولن يصل إلى مستوى العمل الذهني البشري.
*باحث في وزارة المالية
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
الطب الشخصي وطب الذكاء الاصطناعي: ثورة جديدة في الرعاية الصحية
في العقود الأخيرة، شهد الطب تقدمًا كبيرًا مع ظهور تقنيات مبتكرة مثل الطب الشخصي والذكاء الاصطناعي، مما أحدث تغييرًا جذريًا في كيفية تقديم الرعاية الصحية وتشخيص وعلاج الأمراض.
تهدف هذه التقنيات إلى تقديم رعاية صحية دقيقة ومخصصة للأفراد بناءً على احتياجاتهم الفريدة، مما يزيد من فعالية العلاج ويقلل من الآثار الجانبية. في هذا السياق، يُعتبر الطب الشخصي والذكاء الاصطناعي مزيجًا مثاليًا يمكن أن يعزز من قدرة الأطباء على تقديم خدمات صحية أفضل وأكثر كفاءة.
الأمراض المعدية وجائحة كوفيد-19 وتأثيرها على الرعاية الصحية الأمراض النفسية وتأثيرها على الصحة العامة مفهوم الطب الشخصيالطب الشخصي، ويُعرف أيضًا بالطب الموجه أو الطب الدقيق، هو نهج طبي يعتمد على تخصيص العلاج بناءً على الفروق الفردية بين المرضى من حيث العوامل الوراثية، والبيولوجية، وأسلوب الحياة. بدلًا من اعتماد العلاج نفسه لجميع المرضى، يسعى الطب الشخصي إلى توفير علاج مصمم لكل مريض على حدة، استنادًا إلى تحليل شامل يشمل الجينات والعوامل البيئية والتاريخ الصحي للفرد.
تطبيقات الطب الشخصي1. **علاج السرطان الموجه**: يُعتبر الطب الشخصي فعالًا جدًا في علاج السرطان. على سبيل المثال، يمكن تحديد الطفرات الجينية المسؤولة عن نمو الأورام وتوجيه العلاجات بناءً على هذه الطفرات. هذا يتيح للأطباء تقديم أدوية تستهدف الخلايا السرطانية بشكل مباشر، مما يقلل من الآثار الجانبية ويزيد من فاعلية العلاج.
2. **علاج الأمراض المزمنة**: يُستخدم الطب الشخصي لتحسين علاج الأمراض المزمنة مثل السكري وأمراض القلب، حيث يمكن تحليل الجينات لتحديد العلاجات الأنسب والأكثر فعالية. فمثلًا، يمكن تعديل جرعات الأدوية وفقًا للاستجابة البيولوجية لكل مريض، مما يتيح تحقيق نتائج أفضل.
3. **الوقاية الاستباقية**: من خلال تحليل الجينات، يمكن للطب الشخصي تحديد احتمالات الإصابة بالأمراض المستقبلية، مما يساعد الأفراد على اتخاذ تدابير وقائية مبكرة للحفاظ على صحتهم. على سبيل المثال، يمكن للفحص الجيني كشف احتمالية الإصابة بمرض معين، وبالتالي اتباع خطوات للوقاية أو الكشف المبكر.
4. **الأدوية المخصصة**: الطب الشخصي يسمح بتصميم أدوية مخصصة لبعض الحالات، بما يتناسب مع التركيب الجيني للمريض، وهذا يساهم في زيادة فاعلية العلاج وتقليل التفاعلات السلبية.
الطب الشخصي وطب الذكاء الاصطناعي: ثورة جديدة في الرعاية الصحيةدور الذكاء الاصطناعي في الطبالذكاء الاصطناعي (AI) هو فرع من علوم الحاسوب يعتمد على تطوير الأنظمة الذكية التي يمكنها التعلم واتخاذ القرارات بناءً على البيانات. في مجال الطب، يتم استخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل كميات ضخمة من البيانات الطبية بسرعة ودقة، مما يساعد الأطباء في التشخيص، وتحديد العلاج، والتنبؤ بالنتائج.
تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الطب1. **تشخيص الأمراض**: يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل الصور الطبية، مثل الأشعة السينية والتصوير بالرنين المغناطيسي، للكشف الأمراض في مراحلها المبكرة. على سبيل المثال، يتم استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي للكشف السرطان في المراحل المبكرة بدقة عالية تفوق قدرات الإنسان في بعض الحالات.
2. **التنبؤ بمسار المرض**: يمكن للذكاء الاصطناعي التنبؤ بكيفية تطور الأمراض بناءً على البيانات السابقة للمرضى. يساعد هذا في تقديم العلاج الاستباقي للمرضى الذين من المحتمل أن تسوء حالتهم.
3. **تحليل الجينات**: يمكن للذكاء الاصطناعي مساعدة الأطباء في تحليل التسلسل الجيني، مما يسهم في تحديد الجينات المسؤولة عن بعض الأمراض. يتم استخدام هذه التقنية في الطب الشخصي لتحديد العلاجات المخصصة بناءً على الجينات.
4. **تطوير الأدوية**: يعتمد العلماء على الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات والتوصل إلى مركبات دوائية جديدة في وقت قياسي. يساهم ذلك في تسريع عملية اكتشاف الأدوية وتقليل التكلفة، مما يعود بالفائدة على النظام الصحي ككل.
5. **إدارة السجلات الصحية**: يُستخدم الذكاء الاصطناعي في إدارة وتحليل السجلات الصحية الإلكترونية، ما يتيح للأطباء الوصول بسرعة إلى التاريخ الصحي للمرضى واتخاذ قرارات مدروسة. كما يساعد في اكتشاف الأنماط والعلاقات بين الأعراض والأمراض، مما يساهم في تحسين التشخيص والعلاج.
تداخل الطب الشخصي مع الذكاء الاصطناعييلعب الذكاء الاصطناعي دورًا محوريًا في تطبيق الطب الشخصي، حيث يعتمد على تحليل البيانات الضخمة والتعلم من الأنماط الطبية. هذا التداخل بين المجالين يؤدي إلى العديد من الفوائد:
1. **تحليل البيانات الجينية**: الذكاء الاصطناعي يمكنه معالجة البيانات الجينية الضخمة بسرعة، ما يساعد في تحديد العوامل الوراثية المتعلقة بالأمراض وتخصيص العلاج بناءً عليها.
2. **التعلم العميق للتنبؤ بالاستجابة للعلاج**: يمكن للذكاء الاصطناعي التنبؤ بكيفية استجابة المريض للعلاجات المختلفة بناءً على بياناته الصحية والجينية. هذا يتيح للأطباء تحديد العلاجات الأكثر فعالية.
3. **تحسين الرعاية الاستباقية**: من خلال دمج البيانات الصحية من مصادر متعددة مثل السجلات الصحية والتحليلات الجينية، يمكن للأطباء استخدام الذكاء الاصطناعي لتحديد المخاطر الصحية المحتملة واتخاذ التدابير الوقائية.
4. **تسريع اكتشاف الأدوية**: من خلال التعلم الآلي، يمكن للذكاء الاصطناعي التنبؤ بكيفية تفاعل المركبات الدوائية مع الجسم، مما يساعد في تطوير أدوية مخصصة وفقًا للجينات والعوامل البيولوجية.
التحديات والاعتبارات الأخلاقيةعلى الرغم من الفوائد الكبيرة التي يجلبها الطب الشخصي والذكاء الاصطناعي، إلا أن هناك تحديات يجب مراعاتها:
1. **الخصوصية**: يتطلب الطب الشخصي والذكاء الاصطناعي الوصول إلى بيانات شخصية وحساسة، مما يجعل الخصوصية أمرًا هامًا ويحتاج إلى تأمين وحماية فعالة.
2. **التكلفة**: تعتبر التقنيات المتقدمة في الطب الشخصي مرتفعة التكاليف، مما يجعل من الصعب توفيرها لجميع المرضى، خاصة في الدول النامية.
3. **التحديات الأخلاقية**: يثير تطبيق الذكاء الاصطناعي في الرعاية الصحية تساؤلات أخلاقية تتعلق باتخاذ القرارات الطبية وأثرها على حقوق المرضى، خاصة في ما يتعلق باتخاذ القرارات التلقائية.
4. **الحاجة إلى التطوير المستمر**: مع تطور الأمراض وتغير نمطها، يجب أن يظل الذكاء الاصطناعي متجددًا لتلبية احتياجات الرعاية الصحية المتغيرة، وهذا يتطلب استثمارًا مستمرًا في البحث والتطوير.