ملاحظات سريعة عن السرديات الشعبية المصاحبة لواقع الحرب

بكري الجاك

منذ اندلاع الحرب و مع تصاعد جرائم الاغتصاب و السرقة و القتل بدأت تتصاعد نبرة من شاكلة أن هذا ما كان يعانيه الناس في دارفور وفي الجنوب و في جبال النوبة وفي النيل الأزرق عليكم انتم سكان الخرطوم من التذوق من ذات الكأس. ومثلها أيضا تتعالى أصوات تقول بأن نهاية الحرب في الخرطوم ستكون وبالا علي دارفور و الي حد ما كردفان لأن هذه القوات اذا ما خرجت من الخرطوم و اتخذت من هذه المناطق وجهة لها فهي لا محالة ستعوث في الأرض قتلا واغتصابا و نهبا، و لعمري هذا منطق معوج و قائم على مغالطات منطقة بائنة، فحرب الخرطوم و احتلال بيوتها لم يوقف جرائم الحرب و الاغتصاب في دارفور، بل حتى هذه اللحظة ما حدث ويحدث في غرب دارفور أمر خارج عن قدرة الإنسان علي تخيل مستوي الشر الذي يمكن أن يبلغه البشر.

 

من غير اطالة مسألة الوجدان المشروخ لدينا نحن في مسألة الهوية أمر لا جدال حوله، و في بلد اهتمت في مناهجها بالقضية الفلسطينية أكثر من مسألة العدالة و الحقوق في أرضها فمن الطبيعي أن يعرف الناس عن غزة و يافا و حيفا أكثر من أن يعرفوا عن خور ملح و خور برنقا (فوربرنقا) و الخوي و تلكوك. وصحيح أن سكان وسط السودان لم يكونوا أكثر جدية في رفض هذه المظالم التي تمت بواسطة حكومات متعاقبة ظلت تستخدمهم كرأس مال رمزي لهذه الجرائم، و لكن يا هداك الله هنالك منطق بسيط هو أن البعيد عن دائرة الناس قلما يكترثون له و هذا صحيح عن جل البشر و ليس السودانيون وحدهم. الأمر الثاني أن ما حدث في دارفور من جرائم و قبلها في جنوب السودان و جبال النوبة و النيل الأزرق أدين بواسطة العديد من الناس و منهم من وقف ضده و حمل السلاح ضد الحكومات التي شرعنت مثل هذه الممارسات، فمنطق تعميم الإدانة على الجميع هذا غير أنه غير صحيح أخلاقيا هو مجافي للواقع من حيث الحقيقة العارية. هذه الجرائم خطأ ان كانت في دارفور أو في جبال النوبة أو في الخرطوم و يجب ادانتها ورفضها و التمسك بمحاسبة المجرمين من قوات الدعم السريع أولا و بقية القوات المقاتلة من قوات مسلحة و غيرها من العصابات، و كما قيل قديما two wrong don’t make it right خطأين لا يجعلان من الأمر صواب.

 

اخيرا، فكرة أن الحرب وما يتبعها من جرائم و تدمير يجب أن يطال الجميع حتى يتساوى الجميع في البؤس لا يحقق عدالة لاي من الضحايا، فالمغتصبة في دارفور لا يتحقق لها عدل اذا اغتصبت سيدة أخري في الخرطوم او في كوستي. و حجة أن يتساوى الناس في المأساة أمر يعكس عقم الفكر و بؤس الخيال، و فكرة أن نهاية حرب الخرطوم هي وبال على بعض مناطق السودان ايضا قائمة على فكرة المساواة في البؤس و المأساة، إذا أردنا أن نبني وطن من خراب حرب الخامس عشر من أبريل فنحن في حاجة إلى عقل مغاير و مخيال يخرج من إطار القبيلة و المنطقة الي رحاب المواطنة المتساوية القائمة على اعلاء قيمة الانسان و تقديس حقه في الحياة و صيانة حقوقه بغض النظر عن جنسه ولونه و عرقه و موقعه الاجتماعي ونوعه رجلا كان أم امرأة. ما لم نقطع مع مثل هذه الحجج ذات التسويف الأخلاقي الذي يبرر للعنف و استمراره سوف لن نغادر محطات الخراب هذي حتى و إن وقفت الحرب

 

بكري الجاك

26 اغسطس 2023

الوسومأزمة الحرب الجيش الدعم السريع السودان بكري الجاك

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: أزمة الحرب الجيش الدعم السريع السودان

إقرأ أيضاً:

رئيس المقاومة الشعبية بالشمالية يلتقى وفد جيش حركة تحرير السودان

إلتقى رئيس اللجنة العليا للاستنفار والمقاومة الشعبية بالولاية الشمالية الفريق ركن دكتور مهندس صالح يسن صالح بمقر المقاومة بدنقلا وفد جيش حركة تحرير السودان الزائر للولاية الشمالية برئاسة اللواء محى الدين آدم المشرف الاعلامى للحركة ذلك بحضور عدد من اعضاء المكتب التنفيذي للمقاومة الشعبية.ورحب رئيس اللجنة العليا للاستنفار والمقاومة الشعبية بالشمالية بزيارة الوفد وأكد أن الزيارة تأتى في إطار تعزيز التعاون والتنسيق بين مختلف القوات العسكرية والسياسية والمقاومة الشعبية .واشار إلي ضرورة توحيد الصف وجمع الكلمة من أجل مواجهة التحديات ودحر المليشيا الارهابية المتمردة .من جانبه عبر رئيس وفد جيش حركة تحرير السودان عن سعادتهم بزيارة الولاية الشمالية والالتقاء بقيادات المقاومة الشعبية والمسؤولين والقطاعات والفعاليات المختلفة ناقلا تحايا رئيس الحركة .وأكد على ضرورة الوقوف صفا واحدا لدحر التمرد والاستعداد لمرحلة مابعد الحرب وإعادة الاعمار.سونا إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • رئيس المقاومة الشعبية بالشمالية يلتقى وفد جيش حركة تحرير السودان
  • معارك ومسيرات انتحارية بالسودان وتقارير عن جرائم اغتصاب
  • أزمات وتحديات الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال: بين التهميش والعلمانية
  • الهجرة الدولية: نزوح أكثر من 3450 أسرة في شمال دارفور غربي السودان خلال يومي الجمعة والسبت في منطقة دار السلام وكلمندو بولاية شمال دارفور
  • مكاسب الجيش في العاصمة… هل تُنهي حرب السودان؟ توقعات بأن تنتقل المعارك منها إلى غرب البلاد
  • السودان: هل تنهي مكاسب الجيش في العاصمة الحرب؟
  • المجاعة تُهدد أكثر من «8» آلاف لاجئ جنوب سوداني في ولاية سودانية
  • المجاعة تُهدد أكثر من «8» ألف لاجئ جنوب سوداني في ولاية سودانية
  • ناظر الرزيقات: اصبح للمجرم قبيلة..!
  • الحرب تغتال بهجة رمضان في السودان