الاشتباه بتعرض صحفية روسية استقصائية للتسميم في ألمانيا
تاريخ النشر: 27th, August 2023 GMT
سبق أن تعرض معارضون روس ممن يعيشون في الخارج لحوادث تسميم، صورة رمزية.
على الرغم من قتل أربعة من زملائها بسبب تغطياتهم الصحفية، لم تدرك الصحفية الروسية إيلينا كوستيوتشينكو أبدا أنها ربما تعرضت لحادثة تسميم عندما أصيبت بوعكة صحية على متن قطار متجه إلى برلين.
مختارات بعد مظاهرات ضخمة..جورجيا تسحب مشروع قانون "العملاء الأجانب" عام من التغطية الصحفية.. حرب أوكرانيا في الإعلام الألماني
خلال عام من التغطية للحرب الروسية الأوكرانية في الصحف والبوابات الإلكترونية الألمانية، سجل مجلس الصحافة الألماني شكاوى قليلة من التغطية الصحفية. ولم يصدر المجلس إلّا توبيخا واحدا فقط لإحدى الصحف. فلماذا صدر هذا التوبيخ؟
ألمانيا- السجن مدى الحياة لروسي أدين بقتل معارض شيشاني في برلينقضت محكمة ألمانية بالسجن مدى الحياة على مواطن روسي بتهمة اغتيال مواطن جورجي من الأقلية الشيشانية. تقول المحكمة إن القاتل تلقى أوامر من جهات روسية لتنفيذ عملية القتل وروسيا تتحدث عن "إساءة خطيرة" للعلاقات بين البلدين
وقالت لرويترز "عندما تعمل مراسلا استقصائيا في روسيا، فإنك تكون حذرا دائما... يكون لديك الكثير من البروتوكولات التي تتبعها طوال الوقت. ولكن عندما وجدت نفسي في أوروبا، نسيت تماما كل إجراءات السلامة تلك".
ويحقق المدعون الألمان فيما إذا كانت كوستيوتشينكو، التي تعيش الآن مختبئة، ضحية محاولة اغتيال عندما تعرضت لوعكة صحية على متن القطار في تشرين الأول/أكتوبر الماضي.
بدأت أعراض الوعكة بدوار وألم في المعدة في أثناء رحلة القطار من ميونيخ إلى برلين واستمرت لعدة أسابيع بعدها. وبحلول الوقت الذي أدركت فيه أنها ربما تعرضت للتسميم، كان الوقت قد فات للكشف عن أي سموم.
وقالت بينما تصف حالة تورم أصابت كذلك أصابعها "اضطررت إلى خلع خواتمي لأن أصابعي كانت تشبه النقانق". وأضافت أنه رغم مرور شهور على هذه الواقعة فإنها لا تزال تشعر بالإرهاق ولا تستطيع العمل سوى لثلاث ساعات في اليوم.
وسبق أن تعرض خصوم للرئيس الروسي فلاديمير بوتين ممن يعيشون في الخارج لحوادث تسميم، ومنهم العميلان السريان السابقان سيرجي سكريبال، وقد نجا بحياته، وسيرجي ليتفينينكو، الذي مات. كما لقي متمرد شيشاني سابق حتفه في برلين فيما وصفته محكمة ألمانية بأنها عملية اغتيال قامت بها الدولة الروسية.
وينفي الكرملين تورطه في عمليات القتل تلك.
روسيا: الخطر الذي يهدد معارضي بوتينوقالت كوستيوتشينكو "هذا يتناسب مع قول بوتين إنه ليس بوسعنا أن نغفر للخونة... لكنني لم أعمل قط مع الأجهزة السرية... اعتقدت أنني آمنة في أوروبا".
وينظر الناشطون والمراسلون الروس، الذين يعتبرون أنفسهم معرضين للخطر في بلدهم، إلى عواصم الاتحاد الأوروبي باعتبارها ملاذات آمنة محتملة، لكن شبح استهدافهم أيضا في الخارج يثير مخاوفهم.
وقالت كوستيوتشينكو، التي كشفت ما يشتبه بأنها جرائم حرب روسية في أوكرانيا خلال عملها مراسلة أجنبية، "عندما وجدت نفسي في أوروبا، نسيت تماما إجراءات السلامة، مثلما حدث عندما ناقشت رحلتي إلى ميونيخ عبر فيسبوك ماسنجر". عندما أخبرها الأطباء أنها ربما تعرضت للتسمم، كان رد فعلها الأولي هو الضحك.
وكانت كوستيوتشينكو واحدة من ثلاث صحفيات روسيات مستقلات تعرضن لما بدا أنها حوادث تسميم في أثناء وجودهن بالخارج في الفترة ذاتها، إذ عانى ثلاثتهن من أعراض مماثلة.
خ.س/أ.ح (رويترز)
المصدر: DW عربية
كلمات دلالية: الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اغتيال تسميم أخبار ألمانيا إجراءات السلامة المعارضة الروسية الغزو الروسي لأوكرانيا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اغتيال تسميم أخبار ألمانيا إجراءات السلامة المعارضة الروسية الغزو الروسي لأوكرانيا
إقرأ أيضاً:
الذكاء الاصطناعي خطر محدق بالكتابة الصحفية
منذ إطلاق الذكاء الاصطناعي أو ما يُعرف بـ«تشات جي بي تي» في ٣٠ نوفمبر من عام ٢٠٢٢م، بواسطة أوبن أيه آي ـ سان فرانسيسكو المُصَمَم على محاكاة القدرات الذهنية للبشر عبر استخدام تقنيات التعلم والاستنتاج ورد الفعل واتخاذ القرارات المستقلة... منذ ذلك الحين غصّْت الصحف التقليدية ومنصات الكتابة الإلكترونية بالمقالات والأعمدة والتحليلات التي لا تنتمي إلا شكليًا للشخص المُدونُ اسمه في نهايتها.
وبقدر ما يُسهم الذكاء الاصطناعي في حل كثير من الإشكالات في حياتنا بما يمتلكه من قدرات خارقة تساعد الإنسان والمؤسسات على تحسين الأداء وحل المعضلات والتنبؤ بالمستقبل عبر «أتمتة» المهام والعمليات، إلا أنه ساهم في تقويض مهارات الكتابة الصحفية كوسيلة أصيلة للتعبير عن الأفكار وطرح الرؤى الواقعية التي تساعد المجتمع على تخطي مشكلاته... يتبدى ذلك من خلال تقديم معلومات غير موثوقة كونها لا تمر بأيٍ من عمليات التحقق ولا تقع عليها عين المحرر.
يستسهل حديثو العهد بالعمل الصحفي وممن لا علاقة لهم بعالم الصحافة كتابة مقال أو تقرير أو تحقيق صحفي، فلم يعودوا بحاجة للبحث والتحضير وتعقب المعلومات وهو المنهج الذي ما زال يسير عليه كاتب ما قبل الذكاء الاصطناعي الحريص على تقديم مادة «حية» مُلامِسة للهمّ الإنساني، فبضغطة زر واحدة يمكن الآن لأي صحفي أو من وجد نفسه مصادفة يعمل في مجال الصحافة الحصول على المعلومات والبيانات التي سيتكفل الذكاء الاصطناعي بتوضيبها واختيار نوع هرم تحريرها وحتى طريقة إخراجها ليترك للشخص المحسوب على الصحفيين فقط وضع صورته على رأس المقالة أو التحليل أو العمود وتدوين اسمه أسفله.
إن من أهم أخطار الذكاء الاصطناعي على العمل الصحفي أن الشخص لن يكون مضطرًا للقراءة المعمّقة وتقصي المعلومات والبيانات ولهذا سيظهر عاجزًا عن طرح أفكار «أصلية» تخُصه، فغالبًا ما يقوم الذكاء الاصطناعي بتقديم أفكار «عامة» تعتمد على خوارزميات وبيانات مُخزّنة.. كما أنه لن ينجو من اقتراف جريمة «الانتحال» كون المعلومات التي يزوده بها الذكاء الاصطناعي «مُختلَقة» يصعب تحري صدقيتها وهي في الوقت ذاته «مُتحيزة» وغير موضوعية تأخذ طرفًا واحدًا من الحقيقة وهو بلا شك سبيل لإضعاف مصداقية أي صحفي.
وتقف على رأس قائمة أخطار الاعتماد الكلي على الذكاء الاصطناعي في الكتابة الصحفية ما يقع على القارئ من ضرر، إذ لوحظ أنه يواجه دائمًا صعوبة في استيعاب «السياق» وهي سمة يُفترض أن تُميز بين كاتب صحفي وآخر... كما أنه يُضطر لبذل مجهود ذهني أكبر لاستيعاب عمل «جامد» يركز على كمية المعلومات وليس جودتها، فمن المتعارف عليه أن المادة وليدة العقل البشري تتصف بالمرونة والحيوية والعُمق والذكاء العاطفي ووضوح الهدف.
لقد بات ظهور أشخاص يمتهنون الصحافة كوظيفة وهم يفتقرون للموهبة والأدوات خطرًا يُحِدق بهذه المهنة في ظل ما يتيحه الذكاء الاصطناعي من قدرات فائقة على صناعة مواد عالية الجودة في زمن قياسي رغم أن القارئ لا يحتاج إلى كثير من الجهد لاكتشاف أن هامش التدخل البشري في المادة المُقدمة له ضئيل للغاية.
بقليل تمحيص يمكن للقارئ استيضاح أن لون المادة التي بين يديه سواء أكانت مقالة أو عمودا أو تقريرا يفتقر إلى «الإبداع والأصالة» وهو ما يؤكد أن الذكاء الاصطناعي لن يحل في يوم من الأيام محل العقل البشري الذي من بين أهم مميزاته قدرته الفائقة على الابتكار والتخيل والإبداع والاستنتاج عالي الدِقة.
النقطة الأخيرة..
رغم التنبؤات التي تُشير إلى ما سيُحدثه الذكاء الاصطناعي من نقلة هائلة على مستوى زيادة الكفاءة والإنتاجية وتوفير الوقت والتكاليف، إلا أنه سيظل عاجزًا عن تقديم أفكار خلّاقة وأصلية علاوة على المردود السلبي المتمثل في تدمير ملَكات الإنسان وإضعاف قدراته الذهنية.
عُمر العبري كاتب عُماني