أتاح اجتماع جدة الدولي بشأن الحرب الروسية الأوكرانية، في 5 و6 أغسطس/ آب الجاري، "فرصة غير مسبوقة لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لوضع نفسه كزعيم لما يمكن أن تُسمى حركة عدم الانحياز الثانية".

ذلك ما خلص إليه دانيال برومبرج، في تحليل بـ"المركز العربي واشنطن دي سي" للدراسات (ACW) ترجمه "الخليج الجديد"، مشيرا إلى أن اجتماع المملكة شارك فيه أكثر من 40 دولة ومنظمة، بينها الصين فيما غابت عنه روسيا، واتفقوا على إجراء مزيد من المشاورات قبل عقد اجتماع جديد "في أحد بلدان الجنوب العالمي" دون إعلان تاريخ.

وأضاف أن الاجتماع يشير إلى أن "الرياض تخلت إلى حد كبير عن نهج عدم التدخل في الصراع لصالح سياسة تسعى، على حد تعبير وكالة الأنباء السعودية، إلى "المساهمة في التوصل إلى حل سيؤدي إلى السلام الدائم".

و"تأكيدا لهذه الرسالة، نشرت الوكالة صورة ملفتة للنظر، في الوسط يجلس مستشار الأمن القومي السعودي مساعد بن محمد العيبان، وعلى يساره مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان، والممثل الخاص الصيني للشؤون الأوراسية لي هوي"، بحسب برومبرج.

وأردف: "يبدو أن السعودية تسعى الآن إلى أن تكون في مقعد السائق، وهدفها ليس مجرد العمل كصانع للسلام في أوكرانيا، كما أنها توفر جسرا دبلوماسيا بين الصين (المتهمة بدعم موسكو) والولايات المتحدة (التي تقود الدعم الغربي لكييف)".

ومنذ 24 فبراير/ شباط 2022، تشن روسيا حربا على أوكرانيا تبررها بأن خطط جارتها للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، تهدد الأمن القومي الروسي.

اقرأ أيضاً

لعبة القوى تتغير.. اجتماع جدة شاهد على صعود الجنوب العالمي

نظام متعدد

و"كما كان متوقعا، لم يسفر اجتماع جدة عن أي اختراقات. ومع ذلك، فقد أتاح فرصة غير مسبوقة لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان آل سعود لوضع نفسه كزعيم لما يمكن أن تُسمى حركة عدم الانحياز الثانية"، كما أضاف برومبرج.

وإبان الحرب الباردة (1947-1991)، ظهرت حركة عدم الانحياز وهي تجمع دولي يضم 120 عضوا من الدول النامية، وقامت على أساس عدم الانحياز لأي من المعسكرين الغربي، بزعامة الولايات المتحدة، والشرقي بزعامة الاتحاد السوفياتي (سابقا)، وتهدف حاليا إلى إنشاء تيار محايد وغير منحاز مع السياسة الدولية للقوى العظمى في العالم.

وقال برومبرج إن "النفوذ المتزايد لهذه الحركة يعود إلى الغزو الروسي لأوكرانيا. ففي حين كان لهجوم موسكو تأثير غير مقصود يتمثل في تنشيط وتوسيع الناتو، فإنه خلق أيضا فرصة للعديد من الدول للاستفادة من نظام دولي متعدد الأقطاب بطرق أدت إلى الحد من قوة واشنطن العالمية ونفوذها في الشرق الأوسط".

وزاد بأنه "من ناحية أخرى فإن جهود الموازنة هذه تأتي بتكلفة باهظة، إذ يهدد ارتفاع أسعار الحبوب (جراء الحرب) استقرار العديد من الدول التي رفضت حتى الآن إدانة الغزو الروسي، ناهيك عن دعم أوكرانيا".

برومبرج قال إنه "بالنسبة لهذه الدول، فإن الوضع الراهن أصبح خطيرا على نحو متزايد، ومن هنا جاء المنطق الأوسع المتمثل في دعوة الصين والولايات المتحدة للجلوس بالقرب من مضيفهما السعودي في اجتماع لم تتم دعوة روسيا إليه".

وتابع: "من السابق لأوانه أن نجزم بما إذا كانت القمة أعادت خلط الأوراق على النحو الذي قد يؤدي في النهاية إلى دفع عجلة التوصل إلى حل تفاوضي للصراع الأوكراني الروسي".

واعتبر أن "الوضع يعتمد على أمرين هما: مسار الحرب نفسها، واستعداد الصين (تنفي دعمها لروسيا في الحرب) للنأي بنفسها عن موسكو. وقد وفّر اجتماع جدة فرصة منخفضة التكلفة لاختبار بكين، بينما أعطى محمد بن سلمان دفعة كبيرة. لكن الصورة العامة تظل غامضة".

اقرأ أيضاً

خبراء: قمة السلام الأوكرانية بجدة شكلية وتخدم فقط أجندة بن سلمان والسعودية  

إعادة تأهيل 

واجتماع جدة يشير إلى أن "ولي العهد السعودي قد يكون في طريقه إلى إعادة تأهيل سمعته الدولية"، وفقا لبرومبرج.

وتابع: "وعلى نطاق أوسع، كما أشار أحد الصحفيين السعوديين البارزين، سلط الاجتماع الضوء على نفوذ السعودية المتزايد كوسيط "محايد" في مجموعة متنوعة من الدول التي تشكل نوعا من حركة عدم الانحياز الثانية، والتي يعتزم أعضاؤها بشكل واضح الاستفادة من الولايات المتحدة".

و"هكذا، وبينما انتهى الاجتماع دون أي بيان ختامي، فقد اكتفى المسؤولون السعوديون باستضافة اجتماع عالمي ساهم في "بناء أرضية مشتركة تمهد الطريق للسلام". أما الصين فقد أبدت استعدادها لحضور اجتماع المتابعة"، كما أردف برومبرج.

اقرأ أيضاً

تفوق على كوبنهاجن.. انتقاد روسي وإشادة أوكرانية باجتماع جدة

المصدر | دانيال برومبرج/ المركز العربي واشنطن دي سي- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: السعودية اجتماع جدة أوكرانيا روسيا عدم الانحياز محمد بن سلمان اجتماع جدة بن سلمان من الدول إلى أن

إقرأ أيضاً:

الإمارات تشارك في اجتماع الشيربا الثالث لمجموعة العشرين

شاركت دولة الإمارات في اجتماع الشيربا الثالث لمجموعة العشرين (G20) في ريو دي جانيرو.

وترأس سعادة صالح السويدي سفير دولة الإمارات لدى جمهورية البرازيل الاتحادية ومساعد الشيربا لمجموعة العشرين (G20)، وفد الدولة المشارك. حيث تطرق الاجتماع إلى مستجدات المسار المالي، إضافةً إلى فريق عمل إنشاء تحالف عالمي لمكافحة الجوع والفقر وفريق عمل مواجهة التغير المناخي.

كما ناقش الاجتماع دور مجموعة العشرين في التخفيف من التوترات الجيوسياسية التي يشهدها المجتمع الدولي، حيث أكد سعادة صالح السويدي على التزام الدولة بالعمل المشترك والتعاون الدولي لتحقيق سلام مستدام.

وتعكس مشاركة دولة الإمارات في مجموعة العشرين التزامها الراسخ بالتعاون متعدد الأطراف وتحقيق الأولويات الدولية في جميع القطاعات. وتلتزم الدولة في هذا الإطار بدعم الأجندة العالمية وبناء شراكات تعود بالنفع على المجتمع الدولي والأجيال القادمة.

وتحرص دولة الإمارات على المشاركة بشكل فاعل في المحافل والمنظمات الدولية وتلتزم الدولة بالحوار البناء الذي يتم تعزيزه من خلال المنصات الفاعلة التي تمثل الاقتصادات النامية والناشئة على المستوى الدولي.

وتأتي المشاركة في هذا الاجتماع بعد أن تلقت دولة الإمارات دعوة من الرئاسة البرازيلية للمجموعة، وهي المرة الثالثة على التوالي التي تشارك بها، حيث أظهرت دولة الإمارات إسهاماتها المهمة والفاعلة في أولويات مجموعة العشرين، خلال مشاركتها كدولة ضيف في مجموعة العشرين بفرنسا عام 2011، والمملكة العربية السعودية عام 2020، وإندونيسيا عام 2022، والهند عام 2023.


مقالات مشابهة

  • مركز أبوظبي للغة العربية يُعزز جسور الثقافة مع الصين
  • الإمارات تشارك في اجتماع الشيربا الثالث لمجموعة العشرين
  • أوكرانيا تطلب عقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي
  • المبادئ الصينية للتعايش السلمي.. 70 عاما من الجهود المعززة للسلام
  • الرئيس الصيني يدعو المجتمع الدولي لدعم استئناف المفاوضات حول أزمة أوكرانيا
  • تراجع عقود النحاس بسبب انخفاض الطلب في الصين
  • العراق يستأنف تسيير رحلات جوية مباشرة مع الصين بعد توقف لسنوات
  • ورقة ضد الأمريكيين.. مخاوف إسرائيلية من تدهور العلاقات مع الصين بعد حرب غزة
  • الرئيس الصيني يوجه ببذل جهود إنقاذ وإغاثة شاملة عقب تصدع سد بمقاطعة هونان
  • زعيم الأقلية بمجلس النواب الأمريكي يعلن عن اجتماع لكبار أعضاء الحزب الديمقراطي لبحث ترشح بايدن