أعربت وزارة الخارجية السودانية، اليوم السبت، عن استيائها من التصريحات التي أدلى بها السفير الأميركي بالخرطوم، جون غودفري، أمس حول الصراع في البلاد. وقالت الخارجية السودانية في بيان نقلته وكالة الأنباء السودانية إن تصريحات غودفري "تتنافى مع الأعراف والقواعد الدبلوماسية، ولا تساعد على الخروج من الأزمة".



وأضافت أن حديث السفير الأميركي عن الجيش السوداني كطرف مكافئ لقوات الدعم السريع "افتقاد للإنصاف والاتساق الأخلاقي". وتابعت "نتوقع من السفير الأميركي وحكومة بلاده تصحيح هذا الموقف غير المتوازن والمعيب".

كان غودفري قال أمس الجمعة إن طرفي الحرب في السودان أثبتا أنهما "غير صالحين لحكم البلاد" وإن عليهما إنهاء الصراع ونقل السلطة لحكومة انتقالية مدنية.

وأضاف غودفري على تويتر "على الأطراف المتحاربة، التي أثبتت أنها غير صالحة للحكم، إنهاء الصراع ونقل السلطة إلى حكومة انتقالية مدنية". وأضاف قائلا إن "مستقبلا يبنيه الشعب السوداني بنفسه لا يمكن أن يتحقق إلا بعد استعادة الأمن".

وحذرت الأمم المتحدة من أن الحرب والجوع يهددان بـ"تدمير" السودان بالكامل، في ظل المعارك العنيفة الجارية منذ 15 أبريل في هذا البلد بين الجيش وقوات الدعم السريع، ويأتي ذلك بينما يقوم رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان بأول جولتين داخلية وخارجية له منذ بدء القتال.

وقد أسفر القتال حتى الآن عن مقتل نحو 5 آلاف شخص، وفقاً لمنظمة "أكليد" غير الحكومية، لكن الحصيلة الحقيقية أعلى من ذلك على الأرجح، نظراً لأن العديد من مناطق البلاد معزولة تماما، كما يرفض الجانبان الإبلاغ عن خسائرهما.

وفي خلال أربعة أشهر من القتال، اضطر أكثر من 4.6 مليون شخص إلى النزوح داخل البلاد أو الفرار إلى الدول المجاورة.

ويشهد السودان منذ أبريل نيسان الماضي اشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع أدت لمقتل المئات ونروح الملايين من السودانيين.

المصدر: السومرية العراقية

إقرأ أيضاً:

هل تنجح مساعي البرهان في تطويق الدعم السريع بمنطقة الساحل؟

في سابقة هي الأولى من نوعها، قام رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان بجولة دبلوماسية في غرب أفريقيا شملت مالي، وغينيا بيساو، وسيراليون، واختتمت بكل من موريتانيا والسنغال.

تأتي هذه الجولة، التي انتهت في 14 يناير/كانون الثاني 2025، في خضم العديد من التطورات التي شهدتها الساحة السودانية على المستوى السياسي والميداني، حيث سبقها إعلان واشنطن فرض عقوبات على قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) بتهم ارتكاب "إبادة جماعية" في إقليم دارفور.

كما تزامنت الزيارة مع انتصارات متتابعة للجيش السوداني توجت باستعادة السيطرة على ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة الإستراتيجية.

وخلال لقائه بالجالية السودانية في محطته قبل الأخيرة بنواكشوط، أوضح البرهان أنه قدّم شرحا للقادة في دول غرب أفريقيا، وأبلغهم أن السودان "يواجه غزوا واستعمارا جديدين"، وأن "قوى استعمارية جديدة تقف خلف الدعم السريع، وتدعمها بالمال والسلاح والمرتزقة"، وأكد أن الشعب السوداني سيقاتل هذه المليشيات مهما بلغ الدعم المقدم لها من هذه القوى.

وبينما يذهب بعض المراقبين إلى أن هذه الزيارة تمثل انفتاحا سودانيا على العمق الأفريقي بعد عقود من التركيز على العلاقات مع العالم العربي، يرى آخرون أن هذه الجولة تندرج في إطار رغبة البرهان في إقامة نوع من التوازن في العلاقات الأفريقية، من خلال تطوير الروابط مع غرب القارة في ضوء العلاقات التي تربط الدعم السريع مع عدد من دول الشرق الأفريقي كإثيوبيا وكينيا وغيرهما.

إعلان 3 عصافير بحجر واحد

تأتي هذه الجولة امتدادا لزيارة سابقة قام بها الفريق شمس الدين الكباشي نائب رئيس مجلس السيادة السوداني إلى كل من مالي والنيجر في يونيو/حزيران الماضي، حيث تركزت جهوده على شرح أبعاد الحرب و"انعكاساتها على دول المنطقة" وبحث سبل التعاون مع دول الساحل الأفريقي في "مكافحة الإرهاب والجريمة العابرة للحدود".

ويرى الكاتب السوداني والباحث في الشؤون السياسية محمد المبروك أن البرهان يحاول اصطياد عدة عصافير بحجر واحد، في إطار ما سمته الدولة بتصفير العداد مع الدول ذات الصلة بالحرب في السودان.

ويقول المبروك في تصريحه للجزيرة نت إن أول أهداف البرهان من هذه الزيارة يتمثل في "تجفيف منابع المرتزقة الأفارقة القادمين للقتال في السودان، حيث إن العديد من التقارير الموثوقة وذات المصداقية تتحدث عن قدوم هؤلاء المقاتلين من بعض الدول التي شملتها الزيارة".

ويعتقد العديد من المتابعين أن الجانب الأمني والعسكري هيمن على الجولة، بالنظر إلى الوفد المرافق للبرهان، والذي شمل مدير جهاز المخابرات العامة الفريق أول أحمد إبراهيم مفضل، ومدير منظومة الصناعات الدفاعية الفريق أول ميرغني إدريس، ووكيل وزارة الخارجية حسين الأمين.

بيان مجلس السيادة بقيادة البرهان (يسار) أكد دعم رئيس مالي للسودان في مواجهة ما يتعرض له (الأناضول)

كما أن هذه الزيارة تعد فرصة لتطوير السودان شراكات أمنية من خلال عرض رؤيته فيما يتعلق بالدعم السريع كمشروع لا يهدد السيادة الوطنية للسودان فقط، وإنما هو قابل للتحول إلى مهدد أمني لدول الجوار والساحل التي تضم امتدادات للمكونات الاجتماعية الفاعلة في تلك المليشيا، وهو ما قد يشجع على توظيفها من قبل القوى التي عانت من هزائم جيوسياسية في منطقة الساحل لضرب التحالف الثلاثي (مالي، بوركينا فاسو، النيجر) الذي يرتكز في خطابه على أولوية السيادة الوطنية في مواجهة القوى الاستعمارية.

إعلان

وأكد بيان لمجلس السيادة الانتقالي في السودان دعم رئيس مالي آسيمي غويتا للسودان في مواجهة ما يتعرض له، لافتا إلى أن هناك "جماعات إرهابية ومرتزقة من دول عدة تعمل على زعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة"، مشيرا إلى استعداد بلاده للتنسيق مع السودان لمحاربة الجماعات الإرهابية ورغبتها في تبادل الخبرات معه.

أما الهدف الثاني فيتعلق -وفقا للمبروك- بحشد الدعم على المستويين القاري والدولي، من خلال الدعوة لعودة السودان إلى الاتحاد الأفريقي، حيث إن موريتانيا التي ختم بها البرهان جولته تترأس الدورة الحالية للمؤسسة القارية، في حين أن سيراليون تشغل منصب عضو غير دائم في مجلس الأمن وقادرة على دعم الموقف السوداني من هذا المنبر العالمي.

وقرر الاتحاد الأفريقي تجميد عضوية السودان بالتكتل القاري في 27 أكتوبر/تشرين الأول 2021، بعد يومين من فرض رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان "إجراءات استثنائية" منها حل مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين واعتقال وزراء وسياسيين وإعلان حالة الطوارئ، ورغم تكرار القيادة السودانية تطلعها إلى إنهاء التجميد فإنها جوبهت بالرفض.

تحالف مقرب من روسيا

اهتمام البرهان بمالي والنيجر وبوركينا فاسو يفسره للجزيرة نت الصحفي المختص بالشأن الأفريقي محفوظ ولد السالك بأنه متعلق بالحضور الروسي القوي في هذه الدول، في ظل التقارب الحاصل بين موسكو والخرطوم.

وشهدت العلاقات الروسية السودانية تطورا ملحوظا مؤخرا، حيث أعلن ميخائيل بوغدانوف، نائب وزير الخارجية ومبعوث الرئيس الروسي للشرق الأوسط وأفريقيا، في زيارة إلى بورتسودان في أبريل/نيسان العام الماضي، دعم بلاده لسيادة السودان والشرعية القائمة، ورفض التدخلات الأجنبية في شؤونه ومخططات تمزيقه.

وهو تفسير يوافقه فيه المحلل السياسي السوداني محمد تورشين الذي يرى في مقال له أن جولة البرهان تشير إلى انحياز السودان بشكل واضح للمحور المدعوم من روسيا في أفريقيا، مشيرا إلى أن السودان في سعيه لتعزيز هذه العلاقة يبدو أنه سيصبح جزءا من التحالف الروسي في القارة.

إعلان

في حين أن زيارة مالي تحديدا تحمل رسائل واضحة بأن السودان يدعمها في مواجهة العقوبات الدولية وضغوط الاتحاد الأفريقي، والعمل على دفع المؤسسة القارية إلى إعادة عضوية السودان والدول التي تم تعليق عضويتها مثل مالي. وإذا فشل هذا المسعى -يعتقد تورشين- فإن هذه الدول قد تتجه إلى تشكيل تحالف أفريقي جديد خارج مظلة الاتحاد الأفريقي، كما حدث مع تحالف دول الساحل الثلاثي.

وعقب نهابة الجولة فرضت وزارة الخزانة الأميركية في 16 يناير/كانون الثاني 2025 عقوبات على البرهان متهمة الجيش السوداني تحت قيادته بارتكاب هجمات مميتة بحق المدنيين ومنع وصول المساعدات الإنسانية واستخدام الغذاء سلاحا.

حالات الاغتصاب والعنف الجنسي سجلت ضمن انتهاكات الدعم السريع في شرق الجزيرة وسط السودان (مواقع التواصل) الجولة من الضفة الأخرى للنهر

في النظر إلى ردة فعل الأطراف المستضيفة لهذه الجولة يشير بعض المتخصصين في شؤون غرب أفريقيا إلى وجود مزاج مرحب بالسودان، حيث رفعت بعض القنوات الإعلامية في المنطقة فور إعلان الزيارة عبارة "Accueillir ne suffit pas"، وتعني باللغة العربية "الترحيب لا يكفي"، وهي جملة غالبا ما ترددها بعض النخب السياسية في الغرب الأفريقي كلما قصدتهم قيادة سياسية تحظى بالقبول الشعبي والنفسي، لكن محفوظ ولد السالك يرى أن الدول التي شملتها زيارة البرهان لا تمتلك سوى التعبير عن الاستعداد للعمل من أجل إنهاء الحرب.

مقالات مشابهة

  • وزارة الخارجية السودانية ردا على تصريحات وزير خارجية جنوب السودان بالأمم المتحدة: سنتخذ إجراءات مناسبة للرد
  • تصاعد الأزمة بين بورتسودان وجوبا والخارجية السودانية تستنكر تصريحات لنظيرتها الجنوبية
  • الجيش السوداني: قوات الدعم السريع أحرقت مصفاة الخرطوم
  • الدعم السريع يحرق مصفاة الخرطوم بالجيلي
  • أبرزها مصر والإمارات.. كيف تستغل القوى الإقليمية الحرب السودانية لتحقيق مكاسبها؟
  • السودان: الدعم السريع توسع هجماتها على مناطق بشمال دارفور
  • السفير عبد المحمود عبد الحليم يعلق على قرار وزارة الخزانة الأميركية
  • هل تنجح مساعي البرهان في تطويق الدعم السريع بمنطقة الساحل؟
  • “مالتيز هيرالد”: حفتر أرسل شاحنات عسكرية لقوات الدعم السريع السودانية
  • ما هو أثر العقوبات الأمريكية على الحرب السودانية؟