قصص أطفال مرضى السرطان، لا يقوى على سماعها أصحاب القلوب الضعيفة، فالمعاناة ليست مع آلام الكيماوى فقط، ولكنها تتعدى للأحلام التى يرسمها الصغار لمستقبلهم وحياتهم التى يرونها تفلت من بين أيديهم. «مابقتش عارف أحفظ القرآن من أول ما بدأت الكيماوى، ونفسى أخف وأرجع المدرسة»، بهذه الكلمات بدأ أحمد عماد، من ملوى بمحافظة المنيا، مريض بسرطان الدم، والذى يتلقى علاجه بأحد المستشفيات الكبرى المتخصّصة فى علاج السرطان، حديثه لـ«الوطن»، متابعاً: «بيسحبوا منى عينات وبابقى تعبان أوى، باحاول أقاوم الألم وأتمسك بالأمل».

«نورا»: نجحت فى إبعاد تأثير المرض على تعليم «أحمد» 

بدأ صاحب الـ8 سنوات مشواره مع السرطان وهو فى عمر الـ4 أشهر، ظهرت عليه أعراض تمثلت فى السخونة والنزيف، ولأنه طفل صغير لا يتحمّل جلسات الكيماوى، أخبر الأطباء والديه أنه يحتاج إلى زرع نخاع وفقاً لوالدته «نورا محمد»: «ده كان أول طفل ليّا، وكنت أول مرة أسمع عن المرض ده، وكانت فاجعة بالنسبة لى». ولأن المصائب لا تأتى فرادى، لم تتطابق عينة الطفل مع والديه حتى تتم عملية زرع النخاع، ليجدا نفسيهما مضطرين لإنجاب آخر ربما تتطابق عينته مع المريض: «فضلنا ننقل له دم 3 مرات فى الأسبوع، لحد ما خلفت بنت وعينتها تطابقت معاه وقدرنا نزرع له نخاع».

وخلال رحلة العلاج، حرصت الأم على ألا يحول المرض بين طفلها وتعليمه، فالتحق بالحضانة وهو فى الثالثة من عمره، وبدأ فى حفظ القرآن الكريم، وتفوق على زملائه، وعندما انتقل إلى المدرسة بدأ الطلاب يسخرون منه ويتساءلون عن سر حلقه لشعره وطوله الذى لم يتجاوز 93 سنتيمتراً: «قال لى يا ماما أنا مش عايز أروح المدرسة تانى، أصحابى بيتريقوا عليا، مابقيتش أوديه، خصوصاً أن الكيماوى اللى بدأ ياخده بعد الزرع أثر على ذاكرته ومابقاش عارف يحفظ».

ورغم معاناة «أحمد» وقسوة المرض عليه، تتمسك «نورا» بالأمل فى شفاء نجلها والعودة للدراسة وحفظ القرآن: «أحمد دايماً بيقول نفسى يا ماما أرجع المدرسة تانى وأحفظ القرآن». وببراءة الأطفال عبّر صاحب الـ8 سنوات عن طموحه، قائلاً: «نفسى لما أكبر أبقى ظابط، علشان أقبض على الست اللى بتخطف العيال وتموتهم».

«راوية» تدعم مقاومي المرض: «كنت باسافر كل أسبوع لعلاج ابني»

على جهاز كمبيوتر بإحدى الجمعيات المتخصصة فى دعم محاربى السرطان، جلس أحمد مصطفى، 12 عاماً، من محافظة سوهاج، يسبح فى ملكوت آخر لا يدرى ما يحدث حوله؛ ليسطر رحلته القاسية مع المرض اللعين الذى أوشك الطفل على هزيمته، بجانبه والدته «راوية محمد» الداعم الأكبر لنجلها فى معركته مع المرض الخبيث.

«أنا أقوى من السرطان»، بهذه الكلمات لخص «أحمد» مشواره مع المرض، خاصة بعدما أخبره الطبيب بأنه تجاوز مرحلة الشفاء، فهو محارب من طراز خاص، بدأ معركته مع السرطان فى عمر عام وستة وأشهر، ورغم أن آلام المرض كانت تفوق قدرات ذلك الطفل، إلا أن الحياة زادت من قسوتها عليه ليجد نفسه يحارب فى جبهة أخرى، حيث تخلى عنه أكثر شخص كان من المفترض أن يكون داعماً له فى محنته، وهو الأب، تقول «راوية»: «أبوه قال لى سيبيه مش هنعالجه.. يعيش يعيش.. يموت يموت».

لم تتحمل «راوية» رؤية فلذة كبدها وأول فرحتها، يتألم؛ فقرّرت الانفصال عن زوجها، وخاضت رحلة علاج طفلها بمفردها: «كنت باسافر به كل أسبوع من طهطا للقاهرة علشان يتعالج فى مستشفى 57357، ولما بدأ فى العلاج الإشعاعى قعدت 4 شهور فى القاهرة». وصفت «راوية» معاناة طفلها مع المرض بالمعركة الشرسة، قائلة: «كان بيبقى متبنج فى الجلسات، ولما بيفوق بيبقى عصبى وعنده تشنجات وبيرجَّع، والعلاج الإشعاعى أثر على عينه، وأسنانه وقعت، وزرعنا له أسنان، وودنه اليمين مابيسمعش بها».

هنا قطع الطالب فى الصف الثانى الإعدادى حديث والدته: «أنا رُحت الامتحان ومسكوا إيدى وماعرفتش أنا باكتب إيه». وبسؤالها عن بداية مرض نجلها، قالت: «أنا لاقيته بيقول لى يا ماما دماغى بيوجعنى، راح قال لباباه، قال له روح قول لأمك». يضيف الطفل ممسكاً رقبة والدته: «وأنا باحب ماما، لأنها بتجيب لى كل حاجة». وعن أكثر شىء يحبه، أوضحت «راوية»: «أحمد بيحب اللون الأخضر علشان ده لون ضريح السيدة زينب وسيدنا الحسين، وهو بيروح يصلى الجمعة فى مسجد الحسين، وعنده سبحة بيسبح عليها، وبياخدها معاه فى كل مكان، خاصة فى رحلات علاجه».

«هند»: محنة ابني عشتها مع أمي وتحمل المسئولية علمني الصبر

تجربة مريرة مع السرطان، ترويها «هند» التى عاشت 9 أشهر تنتظر مولودها، تحملت فيها الآلام وهى سعيدة، وطالما سرحت بخيالها لتفكر فى مستقبل طفلها، واللحظات التى تشاركه فيها لعبه ولهوه، ولكن فرحتها لم تدم طويلاً؛ فجاء الطفل إلى الحياة ومعه ضيف آخر، وهو سرطان الكبد الذى اكتشفه الأطباء خلال وجود المولود فى الحضَّانة. لم تكن هذه هى التجربة الأولى لابنة محافظة كفر الشيخ مع المرض: «عشته قبل كده مع أمى وعارفة قد إيه صعب، عقلى ما استوعبش إزاى طفل زى ده هيقدر يتحمل».

وبصوت يملأه الحزن والحسرة، تابعت السيدة الثلاثينية حديثها: «كل ما يتألم أنا اللى كنت بتألم لأنه طفل ماينفعش ياخد مسكنات زى الأطفال التانية، لأنها بتعلى إنزيمات الكبد وماكانش فيه أى حاجة أقدر أعملها له». ازداد الأمر صعوبة على «هند»، عندما أخبرها الطبيب أن السرطان الذى يعانى منه رضيعها من النوع الخبيث، وموجود فى 3 أجزاء من الكبد، لم تدر ماذا تفعل؛ فقادتها قدماها إلى أحد المستشفيات الكبرى لعلاج السرطان: «مافكرتش فى حاجة، ولما قالوا لى هتفضلى تيجى المستشفى لمدة أسبوع عشان الأشعة والتحاليل، مابقتش عارفه أروح فين وآجى منين، وبعدين أعطونى جواب روحت بيه دار الحبيب». 6 جرعات كيماوى حددها الأطباء للطفل: «قالوا لى هياخد 3 قبل العملية و3 بعدها، واللى حصل أن أحمد خد الـ3 جرعات والورم فضل زى ما هو، ما اتجمعش فى مكان واحد، بحيث نقدر نستأصله، فأخدنا جرعتين كمان وبعدين استأصلنا الورم».

عام كامل قضته «هند» وطفلها بين أروقة المستشفى، حتى تمكنت من إجراء الجراحة لرضيعها، وخلال تلك الفترة أبت أن تكلف أحداً عناء الرحلة؛ فتركت زوجها الذى يعمل صياداً فى بلدتهما «بلطيم» بمحافظة كفر الشيخ يرعى باقى الأطفال، ويمارس عمله الذى يكسب منه قوت يومه وينفق منه على أسرته. مع كل جلسة كيماوى تدخل «هند» فى نوبة بكاء شديد؛ حزناً على فلذة كبدها، ما أثر على رضاعتها للطفل، ونصحتها الطبيبة بنظام غذائى معين حرصاً على صحة الرضيع: «الدكتورة قالت لى لازم كمان تضحكى فى وشه، قلت لها هو فاهم، قالت لى ده طفل، وكل ده بيتخزن فى ذاكرته وهيأثر عليه».

 

 

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: مع المرض

إقرأ أيضاً:

الغيابات تضرب منتخب مصر قبل مواجهة كاب فيردي

وسط حماس كبير، يواصل منتخب مصر لليوم الثاني على التوالي استعداداته لمواجهة كاب فيردي وبتسوانا في تصفيات أمم إفريقيا. 

منتخب مصر للناشئين يواجه المغرب في تصفيات شمال افريقيا اليوم

ويواجه منتخب مصر  منتخب كاب فيردي يوم 15 نوفمبر ، وتقام المباراة على ملعب من العشب الصناعي، بينما يواجه بتسوانا يوم 19 نوفمبر الجاري في الجولة الأخيرة .

وتطير بعثة المنتخب الى كاب فيردي يوم الاربعاء القادم على متن طائرة خاصة .

وانطلق بالأمس معسكر المنتخب وحرص الجهاز الفني للمنتخب بقيادة حسام حسن على عقد جلسة مع لاعبي الفراعنة وسط تركيز كبير من الجميع .

ومن جانبه، كشف محمد مراد المنسق الإعلامي لمنتخب مصر عن تفاصيل الاستعداد لمواجهتي الفراعنة ضد كاب فيردي وبوتسوانا في تصفيات أمم إفريقيا.

وقال مراد : " الثنائي مروان عطية وتريزيجيه يغيب عن منتخب مصر أمام كاب فيردي للحصول على الإنذار الثاني، ويعود للمشاركة أمام بوتسوانا بشكل طبيعي".

وبسؤاله عن عدم ضم حسين الشحات قال: "كلها قرارات فنية وأي لاعب يظهر بمستوى مميز أمامه فرصة للانضمام للمنتخب مثل طاهر محمد المتألق حاليا".

وأكمل "يتردد دائما أن هناك خلافات بين حسام حسن وبعض اللاعبين ولكن هذا أمر غير صحيح على الإطلاق، والدليل هو ضم عمر كمال لقائمة المنتخب رغم الشائعات التي تقول إن هناك خلاف بينه وبين العميد".

وأوضح "عمر كمال يقدم مستوى مميز مع الأهلي وهو لاعب كبير ويجيد المشاركة في أكثر من مركز وهذا ما يبحث عنه الجهاز الفني للمنتخب في اللاعبين الدوليين".

وأتم تصريحاته "مصطفى محمد سينضم لمعسكر منتخب مصر يوم الإثنين، وعمر مرموش سينضم يوم الثلاثاء بسبب مواعيد حجز الطيران".

وشهدت قائمة منتخب مصر استبعاد العديد من اللاعبين ما بين إصابات وأسباب فنية.

واستبعد حسام حسن محمد عبدالمنعم مدافع نيس الفرنسي بسبب الإصابة التي تعرض لها مع فريقه خلال الأيام الماضية، وكذلك ثنائي دفاع الأهلي رامي ربيعة وياسر إبراهيم بسبب الإصابة، إلى جانب محمد هاني.

كما تم استبعاد أحمد سيد «زيزو» لاعب نادي الزمالك بسبب إصابته في مباراة البنك الأهلي في الجولة الأولى من بطولة الدوري، واستمرار غياب خالد صبحي مدافع المصري الذي تعرض للإصابة مع منتخب مصر في التوقف الدولي في شهر أكتوبر الماضي.

بينما استمر استبعاد إمام عاشور لأسباب فنية، وكذلك محمد صلاح بعدما فضل الجهاز الفني إراحته .

وظهر خلال قائمة منتخب مصر الثنائي المكون من: (محمد أحمد ربيعه مدافع فريق سموحة- محمود عبدالحفيظ زلاكا نجم سيراميكا كليوباترا)، للمرة الأولى مع الفراعنة.

قائمة منتخب مصر

وتضم قائمة المنتخب  في كلا من حراسة المرمى: محمد الشناوي- المهدي سليمان- محمد عواد- مصطفي شوبير.

في الدفاع: أحمد رمضان بيكهام- حسام عبد المجيد- حمدي فتحي- محمد أحمد ربيعه- محمد حمدي شرف- أحمد نبيل كوكا- أحمد عيد- محمد شحاتة.

في الوسط : محمود صابر- عمر كمال عبدالواحد- مروان عطية- محمود حسن تريزيجيه- نبيل عماد دونجا -- ناصر ماهر- مصطفي فتحي- طاهر محمد طاهر- عمر مرموش- إبراهيم عادل- محمود عبد الحفيظ زلاكا

في الهجوم الهجوم: مصطفى محمد - أسامة فيصل.

كان  منتخب مصر قد حسم تأهله إلى نهائيات كأس الأمم الأفريقية بعد تحقيق الفوز في جميع مبارياته السابقة بالتصفيات ومع ذلك، وتسعى الجماهير المصرية إلى متابعة منتخبها في هاتين المباراتين لتأكيد الصدارة وحصد العلامة الكاملة.

وينوي حسام حسن منح الفرصة لعدد كبير من اللاعبين في هاتين المُباراتين مُستغلاً غياب بعض اللاعبين، فى مقدمتهم محمد صلاح نجم المنتحب الوطني ونادي ليفربول الإنجليزي الذي قرر حسام حسن إراحته من المباراتين بسبب معاناته من إجهاد نتيجة مشاركاته الأخيرة مع ناديه الإنجليزي، كما أن مباراة كاب فيردي ستقام على ملعب ترتان ويخشى جهاز المنتخب من تأثير هذا الملعب سلباً على "ركبة" محمد صلاح.

مقالات مشابهة

  • محمد الشرقاوي: المسرح بالمناطق الحدودية فن في مواجهة الصراع وإحداث التقدم والتطور
  • دفاع ضحية إمام عاشور: موكلي يشعر بالقهر وتحول من مجني عليه لمتهم.. فيديو
  • مجدي أحمد علي: رفض الأفلام رقابيا حاليا غير معلن وغامض.. وأدعوا لاحترام المؤسسات واستقلالها
  • أحمد السماحي: يجب ألا نعطى آذاننا وأبصارنا كاملة للسوشيال ميديا فهي سم قاتل
  • الرحيل نحو الأبديّة: في تذكّر يحيى علوان (العراق)
  • الغيابات تضرب منتخب مصر قبل مواجهة كاب فيردي
  • بسبب المرض.. محيي إسماعيل يتصدر التريند
  • إيرادات الأفلام بالسينما.. منة شلبى تتفوق على الجميع
  • وفاة الفنان حمدي الرملي بعد صراع مع المرض.. تفاصيل
  • «التضامن» تدعم محاربات سرطان الثدي: «تحية لكل بطلة تواجه المرض اللعين»