إليك طريقة بسيطة لتنظيم قوة نماذج الذكاء الاصطناعي
تاريخ النشر: 26th, August 2023 GMT
جايسون ماثيني
ترجمة: بدر بن خميس الظفري
يتقدم الذكاء الاصطناعي بسرعة كبيرة لدرجة أن العديد ممن شاركوا في تطويره أصبحوا الآن من بين أكثر الأصوات التي تنادي صراحة بالحاجة إلى وضع قوانين لتنظيمه. يقدم الذكاء الاصطناعي العديد من الفوائد، لكنه في الوقت نفسه قد يكون خطرا يمكن استخدامه في صنع أسلحة إلكترونية أو بيولوجية أو لشن حملات تضليل كبيرة، وكذلك في حالة سرقته أو تسريبه ولو لمرة واحدة، قد يكون من المستحيل منع انتشاره حول أرجاء العالم.
إنّ هذه المخاوف ليست افتراضية، فلقد حدث هذا التسرب بالفعل. ففي مارس، ظهر على الإنترنت نموذج ذكاء اصطناعي طورته شركة ميتا يسمى (لاما). لم تكن هناك نية من أن يكون (لاما) متاحًا للجمهور، ولكن تمت مشاركة النموذج مع بعض الباحثين في الذكاء الاصطناعي، الذين طلبوا بعد ذلك الوصول الكامل لإتمام مشاريعهم الخاصة. اثنان منهم على الأقل خانوا ثقة شركة ميت، وأطلقوا النموذج عبر الإنترنت، ولم تتمكن ميتا من إزالة لاما من الإنترنت، ولا يزال بالإمكان الوصول إلى النموذج من قبل أي شخص.
لحسن الحظ، فإن لاما غير ضار نسبيا، وعلى الرغم من إمكانية استخدامه لشن هجمات لسرقة معلومات شخصية، إلا أنه لا يوجد سبب لإصدار إنذار حتى الآن. مستقبلا، قد تكون سرقة أو تسريب نماذج ذكاء اصطناعي أكثر قوة وفعالية أسوأ بكثير من تسريب لاما. يمكن تقليل مخاطر مثل هذه التسريبات من خلال الإشراف على 3 أجزاء من سلسلة توريد الذكاء الاصطناعي وهي: المعدات والتدريب والمراجعة.
العنصر الأول هو المعدات. إنّ إنشاء نماذج متقدمة للذكاء الاصطناعي يتطلب آلاف الرقائق المتخصصة، والتي تكلف عشرات أو حتى مئات الملايين من الدولارات، وهناك عدد قليل فقط من الشركات يصمم هذه الرقائق مثل شركة (إن فيديا) و (آي إم دي)، تباع معظمها لمزودي خدمات الحوسبة السحابية الكبيرة مثل أمازون ومايكروسوفت وجوجل، بالإضافة إلى الحكومة الأمريكية، وعدد قليل من الحكومات الأجنبية، وبعض شركات التكنولوجيا الأخرى الغنية. ونظرا لقلة عدد المشترين، فبإمكان الجهة التنظيمية الفيدرالية تتبع رقائق الذكاء الاصطناعي وترخيصها، كما يمكن أن يطلب من مقدمي الخدمات السحابية، الذين يمتلكون المجموعات الأكبر من رقائق الذكاء الاصطناعي، تلبية متطلبات «اعرف عميلك» حتى يتمكنوا من تحديد معلومات عن الزبائن الذين يتقدمون بطلبات لاستئجار عدد كبير من هذه الرقائق، وهو ما يشير إلى بناء نظام ذكاء اصطناعي متقدم.
المرحلة التالية من الرقابة على الذكاء الاصطناعي هي تدريب كل نموذج، فيمكن للمطور، بل يجب أن يُطلب منه، تقييم القدرات الخطرة للنموذج أثناء التدريب، بحيث يستطيع المطور إصلاح المشكلات التي تكتشف مبكرا بسهولة أكبر حتى يتمكن من إنشاء منتج نهائي أكثر أمانا وأقل تكلفة في وقت أقل.
بمجرد اكتمال التدريب، يجب أن يخضع نموذج الذكاء الاصطناعي القوي لمراجعة صارمة من قبل منظم أو مقيِّم من جهة خارجية قبل طرحه في السوق، وهنا يمكن لخبراء الفرق الحمراء، وهي فرق تتظاهر بأنها عدو ضار، يمكنها مهاجمة نموذج الذكاء الاصطناعي ومحاولة استفزازه ليؤدي سلوكيات غير مقصودة، بما في ذلك تصميم الأسلحة، وفي حالة وجود أنظمة تظهر قدرات خطرة، يجب عدم منحها تصاريح لاستخدامها إلا بعد ضمان سلامتها.
إنّ تنظيم الذكاء الاصطناعي جارٍ بالفعل في كل من بريطانيا والاتحاد الأوروبي والصين، إلا أنّ معظم أنظمة الذكاء الاصطناعي المتقدمة أنشئت في الولايات المتحدة، لذا من الأفضل أن تؤسس الولايات المتحدة نموذجا عالميا للرقابة يركز على الأجزاء الثلاثة من سلسلة توريد الذكاء الاصطناعي، ذلك أنّ زيادة أمان صناعة الذكاء الاصطناعي الأمريكية من شأنه أن يعزز ثقة الجمهور في وقت يتزايد فيه قلق المستهلكين بشأن نوعية المستقبل الذي قد يجلبه الذكاء الاصطناعي لهم.
جايسون ماثيني هو الرئيس والمدير التنفيذي لشركة راند كورب.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی
إقرأ أيضاً:
كل ما تحتاج معرفته عن تطبيق الدردشة الذكي ديب سيك
صعد مختبر الذكاء الاصطناعي الصيني DeepSeek سريعًا إلى دائرة الضوء العالمية هذا الأسبوع، بعد أن تصدر تطبيقه للمحادثة الذكية "شات بوت" قوائم متجر تطبيقات آبل ومتجر جوجل بلاي، مما دفع خبراء وول ستريت إلى التساؤل ما أذا تستطيع الولايات المتحدة الحفاظ على صدارتها في سباق الذكاء الاصطناعي أم لا.
من هو DeepSeek ومن يقف وراءه؟تأسس DeepSeek في عام 2023 كفرع بحثي تابع لصندوق التحوط الصيني High-Flyer Capital Management، وهو صندوق كمي يعتمد على الذكاء الاصطناعي في اتخاذ قراراته الاستثمارية.
أسس الصندوق في 2015 على يد "ليانغ وينفينغ"، المهتم بالذكاء الاصطناعي، والذي بدأ مسيرته في التداول أثناء دراسته في جامعة تشجيانج.
لاحقًا، انفصل DeepSeek عن High-Flyer ليصبح شركة مستقلة تركز على تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي.
ومنذ البداية، أنشأ مختبر DeepSeek مراكز بيانات خاصة به لتدريب النماذج، لكنه، كغيره من الشركات الصينية، تأثر بقيود التصدير الأمريكية التي حرمته من استخدام رقاقات Nvidia H100، ما اضطره لاستخدام النسخة الأضعف H800.
يعتمد DeepSeek على فريق تقني شاب يضم خريجي برامج الدكتوراه في الذكاء الاصطناعي من أبرز الجامعات الصينية، كما يوظف أيضًا أشخاصًا من خارج تخصصات علوم الحاسوب لتعزيز قدرات النماذج على فهم طيف واسع من الموضوعات، بحسب تقرير نيويورك تايمز.
نماذج متقدمة بأسعار أقلفي نوفمبر 2023، أطلق DeepSeek أول مجموعة من نماذجه: DeepSeek Coder، وDeepSeek LLM، وDeepSeek Chat. لكن الانطلاقة الحقيقية جاءت في ربيع 2024 مع طرح الجيل الثاني DeepSeek-V2، وهو نظام متعدد الاستخدامات قادر على تحليل النصوص والصور بكفاءة، وبأسعار تشغيل منخفضة مقارنة بمنافسين مثل ByteDance وAlibaba، الذين اضطروا إلى خفض أسعار استخدام نماذجهم ردًا على هذه المنافسة.
وفي ديسمبر 2024، طرح DeepSeek نموذج V3، الذي تفوق على نماذج مفتوحة المصدر مثل Llama من Meta، وحتى على نماذج مغلقة مثل GPT-4o من OpenAI، وفقًا لاختبارات داخلية.
نموذج التفكير العميق R1في يناير، أطلق DeepSeek نموذج R1 القائم على "الاستدلال"، ويُعد من أقوى النماذج التي تختبر نفسها ذاتيًا وتتحاشى الأخطاء المنطقية الشائعة. ر
غم أن هذه النماذج تحتاج وقتًا أطول للوصول للإجابات، إلا أنها تُعد أكثر موثوقية في مجالات مثل الفيزياء والرياضيات والعلوم.
لكن القيود لا تزال قائمة، إذ تخضع النماذج للرقابة الصينية للتأكد من التزامها بـ"القيم الاشتراكية الجوهرية"، ما يعني أن R1، على سبيل المثال، لن يجيب على أسئلة حول مذبحة "تيانانمن" أو استقلال تايوان.
شعبية متزايدة رغم الحظرفي مارس 2025، تجاوز عدد زيارات DeepSeek الـ16.5 مليون زيارة، ليحتل المرتبة الثانية بين تطبيقات الذكاء الاصطناعي من حيث عدد المستخدمين، رغم تراجع زياراته بنسبة 25% مقارنة بفبراير، وفقًا لمنصة Similarweb.
ومع ذلك، يبقى بعيدًا عن ChatGPT الذي تجاوز 500 مليون مستخدم أسبوعيًا.
نموذج تجاري غامضلا يزال النموذج الربحي لـ DeepSeek غير واضح؛ الشركة تعرض منتجاتها بأسعار منخفضة جدًا أو مجانًا، ولا تقبل التمويلات الخارجية رغم الاهتمام الكبير من صناديق الاستثمار الجريء.
ووفقًا لمنصة Hugging Face، تم تطوير أكثر من 500 نموذج مشتق من R1 وتم تحميلها أكثر من 2.5 مليون مرة.
ردود فعل متباينة من عمالقة التقنيةأثارت إنجازات DeepSeek قلق كبار شركات التكنولوجيا. حيث تسبب أداؤها القوي في يناير بتراجع سهم Nvidia بنسبة 18%، وأصدر الرئيس التنفيذي لـ OpenAI سام ألتمان بيانًا يطالب الحكومة الأمريكية بحظر نماذج DeepSeek، واصفًا إياها بأنها "مدعومة من الدولة" و"خاضعة للرقابة الحكومية".
في المقابل، أشاد الرئيس التنفيذي لشركة Nvidia، جينسن هوانغ، بابتكارات DeepSeek، معتبرًا أن نماذج الاستدلال التي تطورها تتطلب قدرة حوسبة ضخمة، ما يصب في مصلحة Nvidia.
ومع ذلك، بدأت بعض الحكومات في حظر استخدام DeepSeek على أجهزتها، بما في ذلك ولاية نيويورك وكوريا الجنوبية.
كما أعلنت وزارة التجارة الأمريكية نيتها حظر النماذج الصينية من هذا النوع.
الخلاصة: هل يهدد DeepSeek هيمنة الغرب في الذكاء الاصطناعي؟بينما يشهد DeepSeek نموًا لافتًا وقدرة على إرباك عمالقة التقنية العالميين، لا يزال مستقبله مرهونًا بالتطورات الجيوسياسية والتجارية.
ما يبدو مؤكدًا، هو أن السباق نحو تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي الأكثر كفاءة لم يعد حكرًا على الغرب.