جايسون ماثيني

ترجمة: بدر بن خميس الظفري

يتقدم الذكاء الاصطناعي بسرعة كبيرة لدرجة أن العديد ممن شاركوا في تطويره أصبحوا الآن من بين أكثر الأصوات التي تنادي صراحة بالحاجة إلى وضع قوانين لتنظيمه. يقدم الذكاء الاصطناعي العديد من الفوائد، لكنه في الوقت نفسه قد يكون خطرا يمكن استخدامه في صنع أسلحة إلكترونية أو بيولوجية أو لشن حملات تضليل كبيرة، وكذلك في حالة سرقته أو تسريبه ولو لمرة واحدة، قد يكون من المستحيل منع انتشاره حول أرجاء العالم.

إنّ هذه المخاوف ليست افتراضية، فلقد حدث هذا التسرب بالفعل. ففي مارس، ظهر على الإنترنت نموذج ذكاء اصطناعي طورته شركة ميتا يسمى (لاما). لم تكن هناك نية من أن يكون (لاما) متاحًا للجمهور، ولكن تمت مشاركة النموذج مع بعض الباحثين في الذكاء الاصطناعي، الذين طلبوا بعد ذلك الوصول الكامل لإتمام مشاريعهم الخاصة. اثنان منهم على الأقل خانوا ثقة شركة ميت، وأطلقوا النموذج عبر الإنترنت، ولم تتمكن ميتا من إزالة لاما من الإنترنت، ولا يزال بالإمكان الوصول إلى النموذج من قبل أي شخص.

لحسن الحظ، فإن لاما غير ضار نسبيا، وعلى الرغم من إمكانية استخدامه لشن هجمات لسرقة معلومات شخصية، إلا أنه لا يوجد سبب لإصدار إنذار حتى الآن. مستقبلا، قد تكون سرقة أو تسريب نماذج ذكاء اصطناعي أكثر قوة وفعالية أسوأ بكثير من تسريب لاما. يمكن تقليل مخاطر مثل هذه التسريبات من خلال الإشراف على 3 أجزاء من سلسلة توريد الذكاء الاصطناعي وهي: المعدات والتدريب والمراجعة.

العنصر الأول هو المعدات. إنّ إنشاء نماذج متقدمة للذكاء الاصطناعي يتطلب آلاف الرقائق المتخصصة، والتي تكلف عشرات أو حتى مئات الملايين من الدولارات، وهناك عدد قليل فقط من الشركات يصمم هذه الرقائق مثل شركة (إن فيديا) و (آي إم دي)، تباع معظمها لمزودي خدمات الحوسبة السحابية الكبيرة مثل أمازون ومايكروسوفت وجوجل، بالإضافة إلى الحكومة الأمريكية، وعدد قليل من الحكومات الأجنبية، وبعض شركات التكنولوجيا الأخرى الغنية. ونظرا لقلة عدد المشترين، فبإمكان الجهة التنظيمية الفيدرالية تتبع رقائق الذكاء الاصطناعي وترخيصها، كما يمكن أن يطلب من مقدمي الخدمات السحابية، الذين يمتلكون المجموعات الأكبر من رقائق الذكاء الاصطناعي، تلبية متطلبات «اعرف عميلك» حتى يتمكنوا من تحديد معلومات عن الزبائن الذين يتقدمون بطلبات لاستئجار عدد كبير من هذه الرقائق، وهو ما يشير إلى بناء نظام ذكاء اصطناعي متقدم.

المرحلة التالية من الرقابة على الذكاء الاصطناعي هي تدريب كل نموذج، فيمكن للمطور، بل يجب أن يُطلب منه، تقييم القدرات الخطرة للنموذج أثناء التدريب، بحيث يستطيع المطور إصلاح المشكلات التي تكتشف مبكرا بسهولة أكبر حتى يتمكن من إنشاء منتج نهائي أكثر أمانا وأقل تكلفة في وقت أقل.

بمجرد اكتمال التدريب، يجب أن يخضع نموذج الذكاء الاصطناعي القوي لمراجعة صارمة من قبل منظم أو مقيِّم من جهة خارجية قبل طرحه في السوق، وهنا يمكن لخبراء الفرق الحمراء، وهي فرق تتظاهر بأنها عدو ضار، يمكنها مهاجمة نموذج الذكاء الاصطناعي ومحاولة استفزازه ليؤدي سلوكيات غير مقصودة، بما في ذلك تصميم الأسلحة، وفي حالة وجود أنظمة تظهر قدرات خطرة، يجب عدم منحها تصاريح لاستخدامها إلا بعد ضمان سلامتها.

إنّ تنظيم الذكاء الاصطناعي جارٍ بالفعل في كل من بريطانيا والاتحاد الأوروبي والصين، إلا أنّ معظم أنظمة الذكاء الاصطناعي المتقدمة أنشئت في الولايات المتحدة، لذا من الأفضل أن تؤسس الولايات المتحدة نموذجا عالميا للرقابة يركز على الأجزاء الثلاثة من سلسلة توريد الذكاء الاصطناعي، ذلك أنّ زيادة أمان صناعة الذكاء الاصطناعي الأمريكية من شأنه أن يعزز ثقة الجمهور في وقت يتزايد فيه قلق المستهلكين بشأن نوعية المستقبل الذي قد يجلبه الذكاء الاصطناعي لهم.

جايسون ماثيني هو الرئيس والمدير التنفيذي لشركة راند كورب.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی

إقرأ أيضاً:

شركات صينية تحتفي بروبوت ديب سيك للذكاء الاصطناعي

أبدت شركات التكنولوجيا الصينية ثقتها في الشركات الناشئة المحلية المنخرطة في السباق العالمي للذكاء الاصطناعي وعلى رأسها شركة "ديب سيك" التي كشفت عن روبوت للدرسة قبل أسابيع.
وقد أذهل روبوت الدردشة "آر 1"، التابع لشركة "ديب سيك" التي تتخذ مقرا لها في مدينة هانغتشو، القطاع التكنولوجي بأدائه المماثل لمنافسيه الغربيين ولكن بتكلفة أقل.
خلال المؤتمر العالمي للمطورين المخصص للذكاء الاصطناعي في شنغهاي، قال سون داشينغ، وهو موظف في شركة مصنعة لخوادم الذكاء الاصطناعي "تبذل بلادنا حاليا كل ما في وسعها لمواصلة التقدم".
وتحدثت جهات عارضة أخرى بفخر عن استخدامها نموذج "ديب سيك"، مع العلم أنّ الشركة الناشئة لم تكن ممثلة في المعرض الذي شهد أيضا عرض روبوتات بشرية كثيرة.
ويقول مارك فنغ، مدير المنتجات في شركة "موبفوا" المتخصصة في تصنيع روبوتات المحادثة "بما أنّ نموذج آر 1 من ديب سيك بات مُتاحا، نعتقد أن المجالات أو المنتجات المتعلقة بنماذج اللغات الكبيرة ستشهد تطورا أوسع".
ويقول ليان فنغ إنه قبل طرح "ديب سيك"، كان كثيرون يعتقدون أنّ الصين "غير قادرة على إنشاء نموذج كبير للذكاء الاصطناعي بقوة مماثلة للبرامج الأميركية".
ويرى فنغ أنّ الصين أثبتت قدرتها على تصميم برامج متطورة، فضلا عن أن لديها سلسلة توريد فاعلة جدا، مما يمنحها ميزة إضافية.
وأشارت شركة "ديب سيك" إلى أنها أنفقت 5,6 ملايين دولار أميركي فقط لابتكار نموذجها، وهو رقم منخفض جدا مقارنة بالمليارات التي أنفقتها المجموعات الأميركية على الذكاء الاصطناعي خلال السنوات الأخيرة.
ويقول ليان إن برنامج "ديب سيك" سيحدث ثورة جذرية في سوق الذكاء الاصطناعي التوليدي.
ويقول سون داشينغ من شركة "بويرساي كمبيوتر": "لا يزال لدينا مجال للتحسين (...) في غضون ثلاث إلى خمس سنوات، سنرى مشهدا واعدا أكثر".

أخبار ذات صلة هل يشيخ الذكاء الاصطناعي كالبشر؟ خفايا التقادم الرقمي "Grok 3" يُذهل العالم.. يفكر مثل البشر ويتفوق في التحديات المنطقية المصدر: آ ف ب

مقالات مشابهة

  • كيف يؤثر الذكاء الاصطناعي في التأمين على السفن الذكية؟
  • السباق العالمي في الذكاء الاصطناعي (1- 3)
  • نموذج محاكاة واقعية لامتحان الثانوية العامة بمدارس الوادي الجديد | تفاصيل
  • وداعًا للمصورين: الذكاء الاصطناعي يهدد الملايين من الوظائف
  • ذكاء اصطناعي مُخادع.. دراسة تكشف قدرة نماذج AI على «الغش» لتحقيق الفوز بالشطرنج
  • شركات صينية تحتفي بروبوت ديب سيك للذكاء الاصطناعي
  • هل يشيخ الذكاء الاصطناعي كالبشر؟ خفايا التقادم الرقمي
  • طريقة عمل صوص المسخن بالزبادي بخطوات بسيطة
  • إيلون ماسك يتيح نموذج الذكاء الاصطناعي Grok 3 مجانا لمدة محدودة
  • طريقة عمل مربى الفراولة.. خطوات سهلة ومكونات بسيطة