الذكاء الاصطناعي في قطاع الصحة
تاريخ النشر: 26th, August 2023 GMT
جمعني لقاء -قبل فترة قصيرة- بمعالي الدكتور عبدالله بن ناصر الحراصي وزير الإعلام، وسألني معاليه عن رأيي في أيّ القطاعات في سلطنة عُمان أوفر حظا في المنافسة العالمية أو على الأقل العربية في تطبيقات الذكاء الاصطناعي؛ فكان جوابي: قطاع الصحة؛ لأسباب سأوضحها لاحقا. تواصل معي -قبل هذا اللقاء بمعالي الوزير- طبيب عماني يعمل طبيبا للأمراض الجلدية، وأطلعني على خطتهم لعمل مؤتمر للأمراض الجلدية، وبادر -مشكورا- في دعوتي لتقديم ورقة عمل عن تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الأمراض الجلدية، إلا أنني اعتذرت نظرا لعدم إلمامي ومعرفتي بعلم الأمراض الجلدية ناهيك عن باقي التخصصات الطبية والصحية التي وإن رغبت في إدخال تطبيقات الذكاء الاصطناعي فيها فإنني بحاجة إلى باحث أو فريق علمي متخصص في الجانب الصحي؛ ليرشدني إلى المكامن التي يمكن استعمال الذكاء الاصطناعي فيها، وضوابط العمل وفق الأنظمة الطبية والصحية، وهذا يحتاج إلى فترة زمنية كافية تتضمن وضع خطة البحث والعمل عليها.
قادتني هذه الأحداث والمسوغات التي ذكرتها في الفقرة السابقة إلى طرح هذا المقال الخاص بتطبيقات الذكاء الاصطناعي في القطاع الصحي، وبشكل خاص في سلطنة عُمان التي أرى أنها تملك حظوظا وافرة لتطوير استعمالات الذكاء الاصطناعي في قطاعها الصحي نظرا لأهمية هذا القطاع والبحث عن سبل الاستفادة من ثورة الذكاء الاصطناعي في تحسين أداء هذا القطاع، وكذلك لوجود الباحثين والمهتمين بإدخال أنظمة الذكاء الاصطناعي. بدأت تظهر مبادرات جادة لتطبيقات الذكاء الاصطناعي في المجالات الصحية منها نظام الذكاء الاصطناعي في الكشف المبكر عن سرطان الثدي الذي دشنته وزارة الصحة في عام 2019 في(5) مستشفيات حكومية -حتى وقت إعلان تدشين النظام الذكي-، وهو ثمرة تعاون مع شركتي مايكروسوفت وسكرين بوينت المتخصصة في أنظمة الكشف عن سرطان الثدي. أظهرت التجارب أن كفاءة النموذج الذكي في الكشف المبكر عن سرطان الثدي تصل إلى 96%، ويعتمد هذا النظام في عملية التدرب على بيانات متعلقة بصور لأشعة الماموجرام. قام كذلك -كما ذكرت آنفًا- الدكتور محمد الحسيني بتطوير نظام ذكي يعتمد على الذكاء الاصطناعي للكشف المبكر عن سرطان الثدي يعمل بواسطة ثلاث خوارزميات وفق التعلم العميق «Deep Learning»، وهذه الخوارزميات هي: «Inception V3» و «Inception V4»، وعبر رفع كفاءة هاتين الخوارزميتين طور الحسيني خوارزمية ثالثة أطلق عليها « Inception MV4»، واستعملت صور حرارية تلتقط بواسطة آلة تصوير حرارية تُعرف بـ«FLIR»؛ لتوفير «الصور الحرارية»، ولتكون بمثابة البيانات المستعملة لتدريب هذه الخوارزميات. جاءت نسبة كفاءة كل من الخوارزميات الثلاث حسب الآتي: 98.104% Inception V3»، 99.712% «Inception V4»، و« 99.748% ل» «Inception MV4»، أي إن نسبة كفاءة نظام الكشف الذكي قريبة من 100%، وهذا بعد عدة تجارب مختبرية، وكذلك بعد تجربته في مستشفى خارج سلطنة عُمان الذي ساهم بتوفير بعض الصور الحرارية لغرض التدريب ثم اختبار النظام. يعمل النظام الذكي عبر طريقة استقبال الصور الحرارية، وإرسالها إلى الحوسبة السحابية؛ لمعالجتها وتصنيفها، ثم إعادتها إلى النظام «التطبيق الذكي» في فترة زمنية سريعة تقدّر بـ6 ثوان فقط. يمكن تطبيق النظام بسهولة في المنزل أو العيادات الطبية أو المستشفيات بواسطة تزويد النظام بالصورة الحرارية، وأخذ نتيجة التحليل بسرعة ودقة عالية أو عبر ربط الهاتف بكاميرا حرارية من نوع «FLIR»؛ إذ إن النظام يمكن أن يكون تطبيقا في الهاتف، وحاليا يوجد التطبيق -حاليا يوجد التطبيق حصرا لدى الباحث الدكتور محمد الحسيني- في الهاتف الذي يعمل بنظام الأندرويد. يحتاج المشروع إلى دعم مالي بجانب التسهيلات المتعلقة بالبيانات واستخدامها في تدريب الخوارزمية؛ ليكمل مسيرة تطويره، ولتوسيع نطاق تجاربه واستعمالاته؛ مما يتطلب تكلفة مالية نظير الأجهزة عالية الدقة وتخزين البيانات ومعالجتها.
من المؤكد وجود تطبيقات أخرى لاستعمالات الذكاء الاصطناعي في القطاع الصحي في سلطنة عُمان، لكن لم تصلني أخبارها بشكل دقيق وواضح؛ ولهذا اكتفيت بعرض مشروع الدكتور محمد الحسيني الناجح الذي أراه أنموذجا يدعو للفخر، ولي شخصيا -مع فريق علمي يشمل متخصصين في الجانب الصحي «الطبي»- محاولة في هذا القطاع عبر تقديم مقترح لبحث علمي يتناول تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الكشف المبكر عن أمراض القلب، والبحث ما يزال مقترحا، وبحاجة إلى أن يمر بإجراءات التقييم اللازمة من اللجان العلمية المختصة. تُظهر مثل هذه المشروعات والمقترحات العلمية -التي تعكس تطبيقات الذكاء الاصطناعي في قطاع الصحة العمانية- حجم الإرادة والجهود المبذولة سواء من قبل الأفراد أو المؤسسات الحكومية والخاصة، وتؤكد على قدرة سلطنة عُمان في امتلاك قطاع صحي مواكب للتطورات الرقمية المتقدمة مثل الذكاء الاصطناعي، وقادر على إبراز التفوق العماني في القطاع الرقمي بكل جدارة.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: تطبیقات الذکاء الاصطناعی فی عن سرطان الثدی الدکتور محمد المبکر عن فی القطاع
إقرأ أيضاً:
الذكاء الاصطناعي يكشف سر الحفاظ على شباب الدماغ
في دراسة حديثة تربط بين الذكاء الاصطناعي وعلم الأعصاب، اكتشف باحثون في معهد كارولينسكا بالسويد، رؤى مهمة حول شيخوخة الدماغ، وتوصلوا إلى نتائج يمكنها التصدي لتحديات الأمراض المرتبطة بالخرف.
ووفق الدراسة، التي نشرتها مجلة "Alzheimer's & Dementia: The Journal of the Alzheimer's Association"، فقد اُستخدم الذكاء الاصطناعي لتحليل صور الدماغ من 739 شخصاً يتمتعون بصحة جيدة معرفياً بمدينة غوتنبرج، ويبلغون من العمر 70 عاماً، وشكلت النساء ما يزيد قليلاً على نصف مجموعة المشاركين.
وتسلط الدراسة الضوء على المصابين بالخرف، لافتةً إلى أن أكثر من 20 ألف شخص في السويد يصابون بأنواع مُختلفة منه سنوياً، حيث يمثل مرض الزهايمر نحو ثُلثي هذه الحالات.
ولاحظ الفريق البحثي أن من بين التغيرات التي تحدث: تقلص حجم الدماغ، وضعف كفاءة الاتصال بين الخلايا العصبية، مما يؤدي إلى تدهور القدرات المعرفية مثل الذاكرة والتركيز.
وكشفت النتائج أن عوامل مثل الالتهابات، وارتفاع مستويات السكر في الدم، وأمراض الأوعية الدموية، يمكنها أن تساهم في تسارع شيخوخة الدماغ، في المقابل فإن اتباع عادات صحية كالحفاظ على مستويات مستقرة للسكر في الدم وممارسة الرياضة بانتظام، يمكنها أن تساعد في الحفاظ على شباب الدماغ لأطول فترة ممكنة.
عمل الباحثون على تحليل نتائج التصوير بالرنين المغناطيسي لأدمغة المشاركين باستخدام خوارزمية ذكاء اصطناعي متطورة طوروها لتقدير العمر البيولوجي للدماغ، مع أُخذ عينات دم لقياس مستويات الدهون، والسكر، ومؤشرات الالتهابات، بجانب القيام باختبارات معرفية لقياس الأداء العقلي لهؤلاء الأشخاص.
ولادة أول طفل في العالم بتقنية "Fertilo" خارج جسد الأم - موقع 24أدت تقنية خصوبة جديدة طورتها شركة "Gameto" للتكنولجيا البيولوجية، ومقرها نيويورك، باستخدام الخلايا الجذعية لمساعدة الأجنة على الاكتمال خارج الجسم، إلى أول ولادة بشرية حية في العالم.وأظهرت النتائج أن المصابين بالسكري، والسكتات الدماغية، وأمراض الأوعية الدموية الدقيقة في الدماغ، كان لديهم أدمغة تبدو أكبر سناً من أعمارهم الحقيقية، بينما أظهرت أدمغة الأشخاص الذين يتبعون نمط حياة صحياً مظاهر أكثر شباباً مقارنة بأعمارهم.
أهمية الأداة المُطورةوشدد الباحثون، على أن الأداة التي طوروها تُقدم نتائج دقيقة إلى حد كبير، ويمكن استخدامها كوسيلة بحثية مهمة، مع إمكانية توسيع تطبيقاتها لتشمل الدراسات السريرية المستقبلية، مثل أبحاث الخرف.
وأشارت النتائج أيضاً إلى وجود اختلافات بين الرجال والنساء في العوامل التي تؤثر على شيخوخة الدماغ، مما يعني أن الجنس قد يلعب دوراً في كيفية بناء المرونة الدماغية، وهو ما دفعهم للتأكيد على أهمية دراسة هذه الفروقات بين الجنسين بشكل كخطوة تالية وأعمق، عبر التركيز عوامل بيولوجية مثل الهرمونات، والتأثيرات الاجتماعية والثقافية، مع التركيز بشكل خاص على صحة الدماغ لدى المرأة.