التكنولوجيا في التعليم المجتمعي
تاريخ النشر: 26th, August 2023 GMT
غيَّرت التكنولوجيا الرقمية الكثير من مسارات التعليم والتعلُّم؛ فقد حوَّلت التطبيقات الرقمية مفاهيم التعليم وأثَّرت على المتعلمين بل والمعلمين ومستوى التعليم، وبالتالي فقد كان لها تأثير بالغ على المستوى المجتمعي بكافة أشكاله الثقافية وحتى الاقتصادية؛ حيث أصبحت الدول تحرص على استخدام أجهزة الحاسوب في العملية التعليمية على نطاق واسع، وأصبحت العديد من المؤسسات التعليمية تعتمد التطبيقات الرقمية بدائل للتعليم المباشر أو (التقليدي).
يطرح تقرير (التكنولوجيا في التعليم. أداة بشروط من؟)، الصادر عن منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، تساؤلا مهما بشأن تلك الضرورات التي تدفع الدول إلى اعتماد التكنولوجيا الرقمية في التعليم بوصفها (أداة) أساسية، إلا أن هذه الأداة تعتمد على شروط واعتبارات مجتمعية وثقافية واقتصادية نابعة في الأصل من أولويات المجتمع نفسه، يتم التحكم بها وفقا لمجموعة من المعايير أو الشروط التي تعد احتياجات أساسية لدى المتعلمين، تناسب تطلعات مجتمعاتهم، ولهذا فإن تلك التطبيقات تحتاج دوما إلى دراسة وتقييم بناء على رؤية التعليم في المجتمع من ناحية، واستعداد المجتمع، وثقافته من ناحية أخرى، واحتياجات التعليم من ناحية ثالثة.
لذا فإن التقرير يدفع صانعي القرار إلى معرفة (ما إذا كانت التكنولوجيا مناسبة لسياقات التعليم واحتياجاته في دولتهم)، وإلى تلك التأثيرات المباشرة على مستويات التعليم ومدى مناسبتها لرؤية التنمية الوطنية المستدامة؛ حيث يركِّز على أهمية تعلُّم العيش مع التكنولوجيا الرقمية وبدونها، بحيث يتم الأخذ بما هو ضروري ومؤثِّر إيجابيا، فالتكنولوجيا داعمة للعملية التعليمية ولا يمكنها أن تحل محل التواصل المباشر بين المعلم والمتعلمين، إضافة إلى أن كمَّ المعلومات والبيانات التي تحويها تطبيقات تلك التكنولوجيا لا تمكِّن المتعلِّم من الحصول على مستويات أساسية من التعليم بقدر ما تكون مشوِّشة خاصة عندما لا يكون المتعلم قادرا أو مستعدا للتفاعل الإيجابي معها أو حتى نقدها.
وعلى الرغم من أن المؤسسات التعليمية تنادي بالتعليم الإلكتروني أو ما يُسمى بالتعليم عن بُعد، أو حتى بتطبيقات التعليم الرقمي، خاصة بعد ما حدث من شيوع هذه الأنظمة التعليمية أثناء كوفيد 19 وما بعده، إلا أن التقرير يحذر من الاعتماد عليها بوصفها بديلا أو خيارا أساسيا للتعليم، ويبرر ذلك بأنها أنظمة أو أساليب تتناسى البُعد الإنساني الذي يُعد أساسا في العملية التعليمية وهو أمر قد حذَّر منه تقرير (مستقبل التعليم) الذي نشرته اليونسكو عام 2021، إضافة إلى أن وعود التكنولوجيا بوصول أسهل للمتعلمين كشفت عن وجود فجوات رقمية ما تزال قائمة ويعاني منها الكثير من المجتمعات، الأمر الذي أدى إلى زيادة ما يسمى بـ (عدم المساواة التعليمية).
بالإضافة إلى ذلك فإن هناك إشكالا مهما يكمن في تطوُّر التعليم الإلكتروني وتطبيقاته وهو خصوصية البيانات التعليمية وقدرة الدول على التحكُّم في تلك الخصوصية، الأمر الذي يفرض مجموعة من التحديات التي تواجه الدول التي بدأت في الاعتماد عليه، لذا فعلى الرغم من أهمية التكنولوجيا في العملية التعليمية والتطبيقات الرقمية التي تعتمد عليها إلاَّ أنه لابد من النظر إليها بوصفها وسيلة تعليمية تحتاج إلى أُطر معيارية مناسبة للخصوصية الثقافية للدولة، مراعية للتنوع الاجتماعي، وقادرة على الوصول إلى المتعلِّم أينما كان، إضافة إلى أهمية إيجاد برامج داعمة للوصول السهل إلى الموارد التعليمية المفتوحة، مع الأخذ في الاعتبار ضرورة تدريب المعلمين على إمكانات تلك البرامج وكيفية تطويرها بما يخدم العملية التعليمية، ويُسهم في دعم التعليم المباشر بوصفه أساسا.
إن العلاقة بين التكنولوجيا والتعليم وطيدة ومترابطة، لا يمكن فصل أحدهما عن الآخر؛ فالتكنولوجيا مسؤولة عن تحسين أنظمة التعليم، وجودته، ولولاها لا يمكن أن يتم تطوير تقنيات التعليم وصناعته، بل لا يمكن دعم الإبداع والابتكار في الوسائل التعليمية والأنظمة المحفزة، وتطوير وسائل الابتكار لدى المتعلمين، وعلى الرغم من ذلك فإن هذه العلاقة تظل (حساسة)، تحتاج إلى فهم (متى وكيف نستخدم التكنولوجيا)، والحساسية هنا تكمن -حسب تقرير اليونسكو- في خصوصية التعامل مع البيانات التي تولدها أنظمة التعليم واستخداماتها لتحسين فاعلية التعليم وكفاءته؛ فهذه البيانات تكشف سياسات التعليم وخصوصيته في الدولة، وبالتالي لابد أن تكون بكفاءة تطبيقات ما يسمى بـ( أنظمة البيانات الجغرافية).
ولهذا فإنه مع بدء العام الدراسي الجديد علينا الاعتماد على أنظمة إدارة خبيرة في التكنولوجيا، تعتمد على تحليل بيانات التعلم الإلكتروني، وإمكانات التكنولوجيا وقدرتها على الوصول إلى المتعلمين. والحق أن التطورات في أنظمة التعليم التي تعتمدها عُمان، تقوم على تلك المواءمة بين الأولويات والاحتياجات الوطنية، وتطلعات المجتمع والرؤى التنموية، التي تهدف إلى تحسين أنظمة التعليم بما يتوافق مع أهداف التنمية البشرية وتهيئة شباب المستقبل بالمهارات الأساسية التي تهيئهم لتوجهات التعليم العالي وآفاق مستقبل سوق العمل.
ولعل اعتماد التكنولوجيا في التعليم أحد تلك الأنظمة التي أسهمت في توفير الأدوات والفرص التعليمية القادرة على تنمية الخبرات للمتعلمين وتحسين تحصيلهم الدراسي؛ حيث أوجدت الكثير من البرامج والفرص للتعليم الإلكتروني وتقنيات التعليم المساندة للعملية التعليمية، غير أن هذه التكنولوجيا تحتاج إلى دراسة وتقييم من حيث أثرها الإيجابي في دعم مخرجات التعليم بالمهارات الأساسية والضرورية لمهارات المستقبل؛ فعلى الرغم من الجهود المبذولة في هذا المجال إلاَّ أن الكثير من المتعلمين لا يملكون القدرة الكافية على التعامل الفاعل مع تلك التقنيات، ولعلنا نرى ذلك واضحا في التعامل مع بعض التطبيقات الإلكترونية وخاصة وسائل التواصل الاجتماعي، التي لا يعرف الكثير من الناشئة والشباب التعامل معها ومع كم البيانات التي تتطلب منهم فهما عميقا ونقدا قبل الرد أو التفاعل معها.
والحال أن تطبيق التكنولوجيا في العملية التعليمية لا يعتمد على كفاءة البرامج والتطبيقات المستخدمة وحسب بل أيضا على قدرة المتعلمين وبيئتهم المجتمعية؛ ذلك لأن الخصائص الأسرية للمتعلمين ومدى مشاركة الأسرة في التعليم، وقدرتها على الاندماج ضمن المستويات التي تطرحها المؤسسة التعليمية، يُعد من بين أهم تلك المؤشرات التي تتطلَّب توفير الظروف والأدوات التي تمكِّن الأسرة من مساندة المتعلمين ودعم تطورهم المعرفي والتحصيلي، فالمستويات الاجتماعية والتعليمية لأُسر المتعلمين تؤثِّر مباشرة في مستويات تحصيلهم، حيث سنجد أن أغلب المتسربين من المدارس أو أولئك الذين يحصلون على نتائج ضعيفة هم من بين المتعلمين الذين ينتمون إلى أُسر غير متعلمة أو أُسر من مستويات اقتصادية ضعيفة.
إن الأمر هنا يحتاج إلى دعم ليس على مستوى الحماية الاجتماعية وحسب، بل أيضا على مستوى الحماية التعليمية التي تدعم حق التعليم الذي أقرَّته الدولة، إذ لا بد من تثقيف أفراد الأسرة والتركيز على تطوير مستوى وعيهم ومعرفتهم بدءا بأهمية التعليم، وليس انتهاء بأهمية تطبيقات التكنولوجيا التي لابد للمتعلمين من معرفتها والتعامل معها وفق مجموعة من البرامج الداعمة لخبرات المتعلمين. إن فهم أهمية الموارد الاجتماعية والثقافية والاقتصادية في تطوير العملية التعليمية يوفِّر فهما عميقا لدور التعليم في المجتمع، وقدرة التكنولوجيا على تطويره وتجويده، وفقا لمقتضيات حاجة المجتمع وأولوياته.
لقد وفَّرت الدولة التعليم وسخَّرت التكنولوجيا بما يفيد العملية التعليمية ويضمن تطوير أنظمتها، فعلينا كمؤسسات تعليمية وأفراد أن نقدِّم هذه التكنولوجيا بما يتوافق مع ثقافة مجتمعنا وقدرتنا على التطوُّر المعرفي، وبما يخدم آفاق وطننا وتطلعاته، فالتكنولوجيا أداة علينا استخدامها بما يُحقق أهدافنا الوطنية؛ ذلك لأن التعليم ليس مدرسيا أو أكاديميا وحسب، بل هو تعليم مجتمعي، فكل ما يتعلمه المتعلم يقدمه لمجتمعه، ويُسهم في تنميته. إنه أداة تنمية قادرة على التغيير، فلنحرص أن يكون الأمر تغييرا إيجابيا فاعلا.
عائشة الدرمكية باحثة متخصصة في مجال السيميائيات وعضوة مجلس الدولة
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: فی العملیة التعلیمیة التکنولوجیا فی فی التعلیم التعامل مع الکثیر من الرغم من
إقرأ أيضاً:
وكيل تعليم قنا يتابع سير وانضباط العملية التعليمية بمدارس ادارة قنا التعليمية
واصل هانى عنتر الصابر وكيل وزارة التربية والتعليم بقنا، اليوم الثلاثاء الجولات الميدانية، لمتابعة سير وانضباط العملية التعليمية بمدارس ادارة قنا التعليمية رافقه خلال الجولة وفاء رشاد مدير عام ادارة قنا التعليمية.
حيث تفقد " وكيل الوزارة " مدرسة فاطمة الزهراء الثانوية بنات وتابع الفصول الدراسية وغرف الحاسب الآلي والتطوير التكنولوجي والمعامل وغرف الأنشطة وتجاذب أطراف الحديث مع عدداً من الطالبات حول المناهج الدراسية والتقييمات الأسبوعية وحثهن على الجد والاجتهاد لتحقيق التفوق العلمى.
و شدد وكيل الوزارة على تطبيق القرارات الوزارية من حيث الكثافات الطلابية داخل كل فصل، والتأكد من قوائم الفصول وسجلات الحضور والانصراف وتسجيل الغياب اللألكترونى واستلام الكتب، وتطبيق التقييمات الأسبوعية ، ومتابعة العجز والزيادة بأعضاء هيئة التدريس بالمدارس لتحقيق الأنضباط المدرسى ولضمان حسن سير العملية التعليمية.
كما تفقد "عنتر" مدرسة الأمل للصم وضعاف السمع بنين لمتابعة سير العملية التعليمية بالمدرسة.
وتابع فصول المدرسة والمطعم وصالة الطعام مؤكدا على أهمية متابعة سلامة الوجبات الغذائية المقدمة للطلبة وتكثيف أعمال النظافة وتواجد الزائرة الصحية بالمدرسة، وأثنى على المستوى التعليمى الذي ظهر به التلاميذ وعلى الجهود المبذولة فى تطوير العمل ورفع كفائة المدرسة وأكد على تقديم كافة أوجه الرعاية والدعم اللازمين لهم فى شتى المجالات والعمل على تنمية مهاراتهم واستثمار طاقتهم فى كافة الأنشطة لتأهيلهم ودمجهم فى المجتمع.
أعلنت مديرية التربية والتعليم بقنا ،تحت رعاية هانى عنتر وكيل وزارة التربية والتعليم نتيجة انتخابات تشكيل المكتب التنفيذي لاتحاد طلاب المديرية للعام الدراسي الحالي المرحلة (الإعدادية)، بحضور سمية عبدالفتاح مدير عام الشئون التنفيذية وسعيد حسن رئيس مجلس أمناء المحافظة واحلام محمود موجه عام التربية الاجتماعية، والدكتور سيد مرزوق موجه اول المديرية ومحمود جابر مسئول الأتحادات الطلابية.
وأوضح وكيل الوزارة ، أنه تم انتخاب المكتب التنفيذى للمرحلة الإعدادية على النحو التالي: الطالب يوسف كرم صدقى مدرسة كوم البجا الأعدادية ادارة فرشوط التعليمية،منصب امين اتحاد الطلاب ، والطالبة شروق ياسر عدلى مدرسة البنات الأعدادية بفرشوط ، منصب الأمين المساعد، كما تم تنصيب الطالبة هبه سيد يوسف ، مدرسة على حسن للتعليم الأساسي إدارة الوقف التعليمية، منصب مقرر اللجنة الأجتماعية ، والطالبة رضوى عبدالغنى محمد ، مدرسة الأعدادية بنات إدارة قوص التعليمية ، على منصب مقرر اللجنة العلمية ، الطالب وجيه أشرف نعيم ،مدرسة الشهيد خالد رجب إدارة قنا التعليمية، منصب مقرر اللجنة الفنية ، الطالب محمود مصطفى الضبع ، مدرسة العرب والنجاجرة إدارة الوقف التعليمية منصب مقرر اللجنة الثقافية ، والطالب موسى محمد عبدالمنعم مدرسة الخليفة الاول الأعدادية ادارة نجع حمادى مقرر اللجنة الرياضية هنأ وكيل الوزارة الأمين والأمين المساعد ، وأعضاء المكتب التنفيذي للمرحلة الأعدادية.
وأضاف " عنتر " تعد الاتحادات الطلابية، هى وسيلة التعبير عن فكر وآراء الطلاب وصقل الممارسة الديمقراطية السليمة التى تحقق منتج تعليمى متميز ذو شخصية سوية متكاملة.