لجريدة عمان:
2025-03-16@12:24:48 GMT

اتجاهات التغير في وتيرة عمل الحكومات

تاريخ النشر: 26th, August 2023 GMT

«الجدران آخذة في الانهيار»، هكذا يصف تقرير Government Trends 2023 والصادر عن Deloitte الاتجاهات التسعة التي تغير عمل الحكومات خلال عام 2023. وتعتبر هذه الدورية من التقارير (الإضاءات) محط اهتمام كبير من الحكومات، ومختلف قطاعات الأعمال، ذلك أنها ترصد متغيرات البيئة الكلية Ecosystem التي تعمل فيها الحكومات؛ سواء فيما يتعلق بالتغيرات والضغوطات التي يشكلها النظام العالمي، أو فيما يتعلق بعلاقة الحكومات بالقطاع الخاص، أو علاقتها بالمجتمعات والأفراد، أو في سياق علاقتها بالالتزامات البيئية والجيلية وآليات الانتقال إلى الاستدامة وحفظ حقوق الأجيال.

وبالعموم فإن «مستقبل الحكومات» أصبح (ثيمة) ضرورية تحتم على مؤسسات الدولة العاملة في الشأن الاستراتيجي رصدها وتتبعها بشكل دقيق ودوري، وإيجاد الآليات اللازمة للكشف عن هذا المستقبل؛ من خلال 4 مداخل مهمة، وهي: تحديث سيناريوهات المستقبل بالنسبة للعمل الحكومي وفقًا للمتغيرات الطارئة، والرصد الفوري للأحداث الكبرى وتداعياتها، وإشراك مختلف قطاعات الأعمال في وضع تصورات عمل الحكومات، ورصد المتغيرات الطارئة على نهج التفكير المجتمعي والتوقعات الاجتماعية.

وبالعودة إلى مقولة «الجدران آخذة في الانهيار» يشير التقرير إلى أن الخطوط الفاصلة بين القطاعات المتصلة بعمل الحكومات آخذة في التلاشي؛ سواء فيما يتعلق بمشاركة البيانات بين الحكومات والأطراف الأخرى، أو في التمويل، أو تبادل الخبرات في مجالات القوى العامة، أو تسخير الموارد والقدرات. يحرك هذا التغير بحسب Deloitte 6عناصر أساسية وهي: التكنولوجيا المتسارعة، والتقارب بين العوالم المادية والرقمية، وتراجع نظرية الشراكة وصعود نظرية النظام البيئي، وتقلص الحدود الفاصلة بين العام والخاص، بالإضافة إلى التحول إلى ما يُعرف بـ«ثقة الشبكة». يمكننا أن نفهم من ذلك استخلاصين أساسيين -إذا ما حاولنا إسقاط ذلك على الواقع- وهما: المشكلات اليوم لم تعد مشكلات «حكومية» وكذلك هي الإجراءات والتدخلات؛ فالقضايا المعقدة مثل قضايا الأمن السيبراني والأوبئة والتداعيات المناخية تستلزم عملا تضافريا؛ تقوده الحكومات شراكة مع القطاع الخاص والمجتمع المدني وشبكات التعاون الدولي؛ ذلك أن أية أضرار مضاعفة ستتحمل عواقبها كافة الأطراف. ومن هنا فإن هذا التحدي يفرض مشاركة المعلومات والبيانات وآليات التمويل وشبكات الرصد بالإضافة إلى الموارد والقدرات والخبرات البشرية، بدون حواجز فاصلة، لمواجهة التحديات سوية. والأمر ذاته ينطبق على استثمار الفرص التي تلوح في الأفق. الأمر الآخر الذي يمكن استخلاصه أن جزءا من تكوين رصيد الثقة للحكومات وديمومة أعمالها الاستراتيجية إنما يتصل بقدرتها على تطوير «شبكات الثقة»، وهذا يرتهن بشكل أساسي في قدرتها على الاستجابة السريعة والفاعلة والمرنة لما ينشأ من مشكلات اجتماعية أو ضغوطات شعبية، وفي ذكاء التعامل مع ذلك بالشراكة مع الأطراف المكملة التي ذكرناها سابقا.

في المقابل يحلل تقرير Global Trends in Government Innovation 2023 الصادر عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية 1084 مبادرة مبتكرة من 94 دولة حول العالم، وذلك لمعرفة الاتجاهات التي يركز عليها الابتكار الحكومي لمواجهة التحديات العميقة القائمة في عمل الحكومات. يرى التقرير أن هناك 4 اتجاهات كبرى يركز عليها الابتكار في العمل الحكومي راهنًا، وهي:

- تطوير أشكال جديدة للمساءلة: عبر أجهزة الاستشعار لإنترنت الأشياء، وتطوير الشفافية الخوارزمية.

- أساليب جديدة للرعاية: تتركز على الرعاية التعاطفية والتمحور حول المرضي، وتصعيد الاهتمام بالصحة النفسية والعقلية.

- أساليب جديدة للحفاظ على الهويات وتعزيز العدالة: تركز على تمكين الأسر ورفع رفاهيتها وحماية التراث المعنوي وتعزيز ارتباط المجتمعات به.

- طرق جديدة لإشراك المواطنين والمقيمين: من خلال إدماجهم المباشر في المبادرات الحكومية، كمبادرات التخضير. بالإضافة إلى تعزيز ارتباط اللجان البرلمانية بالمواطنين.

تقودنا مثل هذه التقارير والتحليلات إلى التفكير في السياق الخليجي، ونقصد هنا كيف يمكن لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية استشراف «مستقبل الحكومات» فيها؛ ذلك أن بنية النظم القائمة، وأنماط الإدارة، وطبيعة تركيب المجتمعات، بالإضافة إلى أولويات التنمية وتحدياتها تحمل الكثير من المتقاطعات في السياق الخليجي. مما يمثل فرصة محتملة في سياق «استشراف مستقبل عمل الحكومات الخليجية». ندرك أن بعض الدول قد قطعت أشواطًا جيدة في هذا السياق، ولكن نرى أن العمل المشترك أيضًا يمثل أهمية نسبية. بحسب قراءتنا لمشهد التحولات والتغيرات التي تواجهها الدول الخليجية؛ فإن هناك 4 استحقاقات تواجه عملها وهي:

- الالتزامات البيئية ورهان الانتقال الطاقي ودوره في تغيير تركيبة الاقتصاد الخليجي.

- الانتقال إلى أنماط جديدة من المشاركة المجتمعية مع المجتمعات تتواكب وتوقعات المجتمع الشاب الصاعد.

- الحفاظ على الاندماج والتناغم المجتمعي في ظل استحقاقات الاندماج والتأثير في الشبكات العالمية.

- الانتقال من كفاية الخدمات العامة وتعميمها إلى مستقبل جودة الحياة المتكاملة للأفراد والمجتمعات في مختلف أشكالها (الصحة – التعليم – السلوكيات المستدامة – الثقافة).

تتيح هذه الاستحقاقات مزيدا من العمل المشترك والقائم على (الأدلة) فيما يتصل بالتعامل معها. وهنا يمكن أن تكون هناك مؤسسة/ مؤسسات معنية بـ «استشراف مستقبل الحكومات» سواء كان بالأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية أو في أي هيكل أنسب؛ بحيث تكون مهمتها وضع التحليلات ورصد وتطوير السيناريوهات فيما يتعلق بمستقبل عمل الحكومات الخليجية، وخاصة فيما يتصل بالتداعيات الناشئة في التكنولوجيا والبيئة والمجتمع والاقتصاد، ويمكن أن تطور هذه الوحدة كذلك مرصدا للمبادرات والابتكار الحكومي، ويمكن تعميم مخرجاته على دول الخليج للاستفادة والاسترشاد بها في سبيل تجويد العمل الحكومي. إن الاعتماد على السياق الخاص لدول الخليج، اقتصادًا وثقافة ومجتمعا من الممكن أن يسهم في رسم مسارات أكثر دقة لكفاءة العمل الحكومي ومرونته واستدراكه لمتغيرات المستقبل، والانتقال بتنافسية الدولة في الخليج إلى مستويات أعلى وأكثر ديمومة وشمولا.

مبارك الحمداني مهتم بقضايا علم الاجتماع والتحولات المجتمعية في سلطنة عمان

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: بالإضافة إلى لدول الخلیج فیما یتعلق

إقرأ أيضاً:

إسرائيل تفرض قيودًا صارمة جديدة على منظمات الإغاثة بالأراضي المحتلة

كشفت صحيفة واشنطن بوست، نقلًا عن مصادر مطلعة، أن إسرائيل بدأت في تطبيق قواعد جديدة صارمة على منظمات الإغاثة التي تقدم المساعدات للفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة. 

وتأتي هذه الضوابط ضمن جهود أوسع تهدف إلى الحد من مساحة عمل المنظمات الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وتشمل الإجراءات الجديدة فرض قواعد صارمة على إصدار التأشيرات للعاملين في المنظمات الإنسانية، بالإضافة إلى فرض شروط إضافية لتسجيل هذه المنظمات داخل الأراضي الفلسطينية. 

وأفادت واشنطن بوست بأن القواعد الإسرائيلية تتطلب مراجعة دقيقة لأنشطة هذه المنظمات، بما في ذلك التحقق مما إذا كان أي من موظفيها قد دعا إلى مقاطعة إسرائيل أو أنكر وجودها كدولة يهودية.

وعبّرت العديد من منظمات الإغاثة عن مخاوفها من هذه القيود، مؤكدة أنها ستقوض جهودها في تقديم المساعدات الإنسانية في الضفة الغربية وقطاع غزة.

كما أبدت هذه المنظمات قلقًا خاصًا بشأن إلزامها بتقديم أسماء وأرقام هويات موظفيها الفلسطينيين، وهو ما اعتبرته خطوة قد تعرّض العاملين فيها للخطر.

من جانبها، زعمت سلطات الاحتلال الإسرائيلية أن هذه القيود تهدف إلى ضمان تنفيذ أنشطة منظمات الإغاثة بما يتماشى مع مصالح إسرائيل.

وقال وزير الشتات الإسرائيلي إن الهدف من النظام الجديد هو منع استغلال العمل الإنساني لأغراض قد تؤدي إلى "تقويض الدولة".

في المقابل، انتقد محامون هذه الإجراءات، معتبرين أن المسؤولين المكلفين بتطبيقها لا يدركون التزامات إسرائيل بموجب القانون الدولي.

كما حذّر عمال إغاثة من أن القيود الجديدة قد تُستخدم لمعاقبة منظمات أو أفراد انتقدوا السياسات الإسرائيلية، خصوصًا فيما يتعلق بالوضع في غزة.

وأعربت منظمات الإغاثة العاملة في الأراضي الفلسطينية عن قلقها من أن هذه القيود قد تؤدي إلى توقفها عن العمل، وهو ما سيكون له تأثير سلبي على الوضع الإنساني المتفاقم في المنطقة.

وأكدت بعض المنظمات أن هذه الفترة تعد من أكثر اللحظات خطورة وإثارة للقلق منذ سنوات، محذرة من أن التضييق على العمل الإنساني لن يكون في صالح أي طرف.

مقالات مشابهة

  • فيما ورد خبر من هيئة البث الإسرائيلية ذو صلة بالانفجارات … هذه هي المناطق التي استهدفها الطيران في العاصمة صنعاء ” صور ” 
  • كاريكاتير .. فيما 2 مليار مسلم يتفرجون .. غزة تجوع في رمضان !
  • شيخ جنكي: أمريكا تعتبر العراق محافظة إيرانية في ظل الحكومات الإطارية
  • الذكاء الاصطناعي يعزز الاستدامة ويسرع مكافحة التغير المناخي
  • عاجل | واشنطن بوست عن مصادر: إسرائيل تطبق قواعد جديدة صارمة على منظمات الإغاثة التي تساعد الفلسطينيين
  • إسرائيل تفرض قيودًا صارمة جديدة على منظمات الإغاثة بالأراضي المحتلة
  • الوحدة يهزم الخليج بثنائية
  • وظائف جديدة بجامعة حلوان.. قدم الأن
  • الحكومي والخاص.. ماذا تحظر القوانين على الموظف؟
  • خطة إعمار ودولة فلسطينية.. خبير: التغير بالموقف الأمريكي جعل نتنياهو لا ينام