لجريدة عمان:
2025-04-24@22:46:59 GMT

اتجاهات التغير في وتيرة عمل الحكومات

تاريخ النشر: 26th, August 2023 GMT

«الجدران آخذة في الانهيار»، هكذا يصف تقرير Government Trends 2023 والصادر عن Deloitte الاتجاهات التسعة التي تغير عمل الحكومات خلال عام 2023. وتعتبر هذه الدورية من التقارير (الإضاءات) محط اهتمام كبير من الحكومات، ومختلف قطاعات الأعمال، ذلك أنها ترصد متغيرات البيئة الكلية Ecosystem التي تعمل فيها الحكومات؛ سواء فيما يتعلق بالتغيرات والضغوطات التي يشكلها النظام العالمي، أو فيما يتعلق بعلاقة الحكومات بالقطاع الخاص، أو علاقتها بالمجتمعات والأفراد، أو في سياق علاقتها بالالتزامات البيئية والجيلية وآليات الانتقال إلى الاستدامة وحفظ حقوق الأجيال.

وبالعموم فإن «مستقبل الحكومات» أصبح (ثيمة) ضرورية تحتم على مؤسسات الدولة العاملة في الشأن الاستراتيجي رصدها وتتبعها بشكل دقيق ودوري، وإيجاد الآليات اللازمة للكشف عن هذا المستقبل؛ من خلال 4 مداخل مهمة، وهي: تحديث سيناريوهات المستقبل بالنسبة للعمل الحكومي وفقًا للمتغيرات الطارئة، والرصد الفوري للأحداث الكبرى وتداعياتها، وإشراك مختلف قطاعات الأعمال في وضع تصورات عمل الحكومات، ورصد المتغيرات الطارئة على نهج التفكير المجتمعي والتوقعات الاجتماعية.

وبالعودة إلى مقولة «الجدران آخذة في الانهيار» يشير التقرير إلى أن الخطوط الفاصلة بين القطاعات المتصلة بعمل الحكومات آخذة في التلاشي؛ سواء فيما يتعلق بمشاركة البيانات بين الحكومات والأطراف الأخرى، أو في التمويل، أو تبادل الخبرات في مجالات القوى العامة، أو تسخير الموارد والقدرات. يحرك هذا التغير بحسب Deloitte 6عناصر أساسية وهي: التكنولوجيا المتسارعة، والتقارب بين العوالم المادية والرقمية، وتراجع نظرية الشراكة وصعود نظرية النظام البيئي، وتقلص الحدود الفاصلة بين العام والخاص، بالإضافة إلى التحول إلى ما يُعرف بـ«ثقة الشبكة». يمكننا أن نفهم من ذلك استخلاصين أساسيين -إذا ما حاولنا إسقاط ذلك على الواقع- وهما: المشكلات اليوم لم تعد مشكلات «حكومية» وكذلك هي الإجراءات والتدخلات؛ فالقضايا المعقدة مثل قضايا الأمن السيبراني والأوبئة والتداعيات المناخية تستلزم عملا تضافريا؛ تقوده الحكومات شراكة مع القطاع الخاص والمجتمع المدني وشبكات التعاون الدولي؛ ذلك أن أية أضرار مضاعفة ستتحمل عواقبها كافة الأطراف. ومن هنا فإن هذا التحدي يفرض مشاركة المعلومات والبيانات وآليات التمويل وشبكات الرصد بالإضافة إلى الموارد والقدرات والخبرات البشرية، بدون حواجز فاصلة، لمواجهة التحديات سوية. والأمر ذاته ينطبق على استثمار الفرص التي تلوح في الأفق. الأمر الآخر الذي يمكن استخلاصه أن جزءا من تكوين رصيد الثقة للحكومات وديمومة أعمالها الاستراتيجية إنما يتصل بقدرتها على تطوير «شبكات الثقة»، وهذا يرتهن بشكل أساسي في قدرتها على الاستجابة السريعة والفاعلة والمرنة لما ينشأ من مشكلات اجتماعية أو ضغوطات شعبية، وفي ذكاء التعامل مع ذلك بالشراكة مع الأطراف المكملة التي ذكرناها سابقا.

في المقابل يحلل تقرير Global Trends in Government Innovation 2023 الصادر عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية 1084 مبادرة مبتكرة من 94 دولة حول العالم، وذلك لمعرفة الاتجاهات التي يركز عليها الابتكار الحكومي لمواجهة التحديات العميقة القائمة في عمل الحكومات. يرى التقرير أن هناك 4 اتجاهات كبرى يركز عليها الابتكار في العمل الحكومي راهنًا، وهي:

- تطوير أشكال جديدة للمساءلة: عبر أجهزة الاستشعار لإنترنت الأشياء، وتطوير الشفافية الخوارزمية.

- أساليب جديدة للرعاية: تتركز على الرعاية التعاطفية والتمحور حول المرضي، وتصعيد الاهتمام بالصحة النفسية والعقلية.

- أساليب جديدة للحفاظ على الهويات وتعزيز العدالة: تركز على تمكين الأسر ورفع رفاهيتها وحماية التراث المعنوي وتعزيز ارتباط المجتمعات به.

- طرق جديدة لإشراك المواطنين والمقيمين: من خلال إدماجهم المباشر في المبادرات الحكومية، كمبادرات التخضير. بالإضافة إلى تعزيز ارتباط اللجان البرلمانية بالمواطنين.

تقودنا مثل هذه التقارير والتحليلات إلى التفكير في السياق الخليجي، ونقصد هنا كيف يمكن لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية استشراف «مستقبل الحكومات» فيها؛ ذلك أن بنية النظم القائمة، وأنماط الإدارة، وطبيعة تركيب المجتمعات، بالإضافة إلى أولويات التنمية وتحدياتها تحمل الكثير من المتقاطعات في السياق الخليجي. مما يمثل فرصة محتملة في سياق «استشراف مستقبل عمل الحكومات الخليجية». ندرك أن بعض الدول قد قطعت أشواطًا جيدة في هذا السياق، ولكن نرى أن العمل المشترك أيضًا يمثل أهمية نسبية. بحسب قراءتنا لمشهد التحولات والتغيرات التي تواجهها الدول الخليجية؛ فإن هناك 4 استحقاقات تواجه عملها وهي:

- الالتزامات البيئية ورهان الانتقال الطاقي ودوره في تغيير تركيبة الاقتصاد الخليجي.

- الانتقال إلى أنماط جديدة من المشاركة المجتمعية مع المجتمعات تتواكب وتوقعات المجتمع الشاب الصاعد.

- الحفاظ على الاندماج والتناغم المجتمعي في ظل استحقاقات الاندماج والتأثير في الشبكات العالمية.

- الانتقال من كفاية الخدمات العامة وتعميمها إلى مستقبل جودة الحياة المتكاملة للأفراد والمجتمعات في مختلف أشكالها (الصحة – التعليم – السلوكيات المستدامة – الثقافة).

تتيح هذه الاستحقاقات مزيدا من العمل المشترك والقائم على (الأدلة) فيما يتصل بالتعامل معها. وهنا يمكن أن تكون هناك مؤسسة/ مؤسسات معنية بـ «استشراف مستقبل الحكومات» سواء كان بالأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية أو في أي هيكل أنسب؛ بحيث تكون مهمتها وضع التحليلات ورصد وتطوير السيناريوهات فيما يتعلق بمستقبل عمل الحكومات الخليجية، وخاصة فيما يتصل بالتداعيات الناشئة في التكنولوجيا والبيئة والمجتمع والاقتصاد، ويمكن أن تطور هذه الوحدة كذلك مرصدا للمبادرات والابتكار الحكومي، ويمكن تعميم مخرجاته على دول الخليج للاستفادة والاسترشاد بها في سبيل تجويد العمل الحكومي. إن الاعتماد على السياق الخاص لدول الخليج، اقتصادًا وثقافة ومجتمعا من الممكن أن يسهم في رسم مسارات أكثر دقة لكفاءة العمل الحكومي ومرونته واستدراكه لمتغيرات المستقبل، والانتقال بتنافسية الدولة في الخليج إلى مستويات أعلى وأكثر ديمومة وشمولا.

مبارك الحمداني مهتم بقضايا علم الاجتماع والتحولات المجتمعية في سلطنة عمان

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: بالإضافة إلى لدول الخلیج فیما یتعلق

إقرأ أيضاً:

تباطؤ وتيرة انكماش نشاط قطاع التصنيع في اليابان

تباطأت وتيرة انكماش نشاط قطاع التصنيع في اليابان خلال أبريل الحالي وفقا لأحدث بيانات جيبون بنك الصادرة الأربعاء.

وذكر البنك أن مؤشر مديري مشتريات قطاع التصنيع في اليابان ارتفع إلى 48.5 نقطة مقابل 48.4 نقطة خلال الشهر الماضي.

وتشير قراءة المؤشر أقل من 50 نقطة إلى انكماش النشاط الاقتصادي للقطاع، في حين تشير قراءة أكثر من 50 نقطة إلى نمو النشاط.

وساهم تراجع وتيرة انخفاض إنتاج قطاع التصنيع إلى أقل مستوياتها منذ 4 أشهر في التحسن الطفيف للمؤشر الرئيسي لمديري المشتريات.

في الوقت نفسه تراجعت الطلبيات الجديدة بوتيرة قوية لتسجل أعلى مستوى لها منذ فبراير 2024، مع تراجع طلبيات التصدير الجديدة.

وساهم الارتفاع الطفيف في مستويات التوظيف في التراجع الجديد لحجم الأعمال المتراكمة لدى القطاع.

وأظهرت بيانات المسح تحسن مؤشر مديري مشتريات قطاع الخدمات خلال أبريل إلى 52.2 نقطة مقابل 50 نقطة خلال الشهر الماضي.

وارتفع المؤشر المجمع لمديري مشتريات قطاعي التصنيع والخدمات إلى 51.1 نقطة خلال الشهر الماضي مقابل 48.9 نقطة خلال الشهر الماضي.

وساهم التحسن في طلب العملاء في دعم هذا الارتفاع الجديد في النشاط التجاري، حيث ارتفعت المبيعات الإجمالية بأقوى معدل لها في ثلاثة أشهر.

ولذلك، وظفت الشركات موظفين إضافيين بأسرع وتيرة منذ يناير، بينما استمرت الأعمال المتراكمة في النمو بشكل طفيف.

مقالات مشابهة

  • تصعيد أم تسوية.. ما المتوقع بعد اشتداد وتيرة عمليات المقاومة بغزة؟
  • انخفاض مبيعات المنازل الأميركية القائمة في اذار إلى أبطأ وتيرة منذ عام 2009
  • سفير الصين بالقاهرة: الالتزام بالقرارات الأممية فيما يخص القضية الفلسطينية «ضرورة»
  • شرطة أبوظبي و«التمكين الحكومي» تتعاونان لدعم وتأهيل الكوادر الوطنية
  • كعب العمل ومزاولة المهنة والمهارة.. خدمات جديدة تطلقها العمل إلكترونيا
  • تحركات جديدة لاستئناف تنفيذ مصنع أسمنت مصراتة
  • السكرتير العام المساعد لبني سويف يتابع إجراءات تسريع وتيرة ملف التصالح
  • محافظ الأقصر يوجه بتسريع وتيرة العمل بمنظومتي التقنين والتصالح
  • وزير الإسكان: التنسيق مع وزارة الكهرباء فيما يخص المرفوضين ضمن سكن لكل المصريين 5
  • تباطؤ وتيرة انكماش نشاط قطاع التصنيع في اليابان