صانع فيلم أوبنهايمر.. هل يحتاج كريستوفر نولان جمهورا من العلماء؟
تاريخ النشر: 26th, August 2023 GMT
اشتهر كريستوفر نولان بالأفلام المحيرة للعقل، ومنها أفلام الخيال العلمي شديدة الخصوصية والحبكات، التي تنحرف عن الطريقة التقليدية في السرد، الأمر الذي يترك المشاهدين مفتونين وحيارى، خاصة وهو يتبنى الغموض دائمًا، ويشجع الجمهور على الشعور بالتجربة، بدلًا من السعي وراء الفهم الفوري للأحداث، ورغم صعوبة أفلامه فإنها سيطرت -باستمرار- على شباك التذاكر وحفلات توزيع الجوائز.
ومن أهم التقنيات السينمائية التي اشتهر بها نولان، التي ظهرت في الكثير من أفلامه: هي التركيز على نقطة المنتصف، أي اللحظة التي تتصاعد فيها الحبكة الدرامية، لتصل إلى نقطة اللاعودة، وهنا تتغير الحكاية بصورة لا يتوقعها المشاهد، وهو ما يبقيه -دائمًا- على حافة مقعده، مترقبًا للأحداث القادمة في الفيلم، ويعدّ فيلم الخيال العلمي الشهير "بداية" (Inception) نموذجًا مثاليًا لتلك التقنية الخاصة.
لا تحاول فهمه.. اشعر به فقطفي مقابلة للترويج لفيلمه الأخير "أوبنهايمر" أعرب نولان عن التعقيد في أفلامه على مدى العقدين السابقين، مقتبسًا سطرًا واحدًا من فيلمه الشهير "تينيت" (Tenet) قائلًا، "لا تحاول فهمه، أشعر به فقط". وشدّد نولان على أهمية الحفاظ على الغموض طوال سرد الحكاية، وتوجيه الجمهور للتفاعل مع اللغز.
هنا مجموعة من أعقد الأفلام التي أخرجها كريستوفر نولان على مدار حياته المهنية:
الأفلام المثيرة للقلق ليست غريبة على نولان بالطبع، لكنه يعترف أن قصة روبرت أوبنهايمر المعروف بـ "أبو القنبلة الذرية"، بقيت في ذهنه بطريقة لم تفعلها الأفلام الأخرى. يقول نولان، "إذا كانت الأفلام نوعًا من الحلم الجماعي، فإن أوبنهايمر كابوس جماعي، ومن بين كل الموضوعات التي تعاملت معها، يبقى هو الأكثر قتامة".
انجذب نولان إلى التوتر الشديد في قصة أوبنهايمر، خاصة السعادة التي شعر بها عند نجاح اختبار ترينيتي النووي، وهو أول اختبار تفجير نووي أجري على القنبلة، ثم الرعب الذي نتج لاحقًا عن قصف هيروشيما وناغازاكي، الذي يعدّ الاستعمال الفعلي الأول للسلاح. يقول نولان، "سواء أحببنا ذلك أو لا، فإننا نعيش في عالم أوبنهايمر، حيث يتحدث كثير من الباحثين بشأن مجال الذكاء الصناعي كوننا أمام لحظة أوبنهايمر"، في إشارة إلى التساؤل حول مسؤوليات الباحث الذي يجلب للعالم شيئًا ما قد يكون له عواقب غير مقصودة.
"تذكار" (Memento) 2000يعدّ فيلم "تذكار" واحدًا من أعقد أفلام نولان، حيث جسّد السرد العكسي للحالة الذهنية الممزقة للبطل، الذي فقد ذاكرته ومع ذلك يستمر في مطاردة قاتل زوجته، كما أنه يبقي المشاهدين على مسافة عاطفية من البطل؛ لأنهم يشاهدون كل مشهد دون معرفة ما حدث من قبل، ليزداد ارتباك المشاهد، وكأنهم بداخل المشهد ولا يعرفون شيئًا عن الحبكة بالكامل. يفكك نولان من خلال الفيلم مفهوم الانتقام ببراعة، حيث يبدو الفيلم في ظاهره انتقاميًا، لكن تحت ذلك السطح حكاية أخلاقية مؤلمة تعيدنا إلى عبارة "العين بالعين".
"تينيت" (Tenet) 2020نفّذ نولان فكرة السفر عبر الزمن بطريقة شديدة الإرباك في فيلم "تينت"، وقد يراه بعض النقاد أسوأ أفلامه، لكن على الجانب الآخر هناك قطاع كبير من الجمهور يراه الأفضل.
يقدّم نولان في الفيلم التلاعب بالزمن أو الانعكاس الذي يحدث عندما تمر الأشياء أو الأشخاص عبر باب دوار، لتظهر في حبكة الفيلم العديد من التحولات والمنعطفات من خلال وجهات نظر متعددة، بالإضافة إلى الحركة الأمامية والخلفية داخل المشهد نفسه، ليخلق قصة معقدة وآسرة للغاية.
الأرق (Insomnia) 2002ينتمي الفيلم لنوع "الإثارة النفسية"، وهو إعادة إنتاج لفيلم نرويجي يحمل الاسم نفسه أُنتج في 1998. قام ببطولة فيلم :الأرق" آل باتشينو وروبين ويليامز، ويحكي كيف يلتقي موظف برجل غريب الأطوار، لينشئ كلاهما ناديًا للقتال السري يتطور إلى طائفة سرية تحت الأرض.
يعاني بطل الفيلم من حالة أرق خطيرة، يصور نولان من خلالها كيفية التعامل مع الأمراض النفسية والعقلية في العالم الحقيقي، ويمر البطل بالعديد من العقبات بسبب عدم قدرته على تنظيم جدول ثابت للنوم، ثم يجد طريقة ما لتخفيف التوتر النهاري، ما يساعده على النوم ليلًا.
يظهر الفيلم تأثير الأرق المزمن على الأبطال، وكيف يمكن أن يسبب الشرود الانفصامي واضطراب الهوية الانفصامية.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
كبار العلماء: لا يجوز الحج من دون تصريح
البلاد – الرياض
جدّدت الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء التأكيد على ما صدر عن هيئة كبار العلماء ببيانها المؤرخ في 12 شوال 1445هـ، بخصوص وجوب استخراج التصريح لمن أراد الذهاب إلى الحج، وأنه لا يجوز الذهاب إلى الحج دون أخذ تصريح، وأن من حج دون تصريح فهو آثم.
وقال معالي الأمين العام لهيئة كبار العلماء الشيخ الدكتور فهد بن سعد الماجد: “إن فتوى هيئة كبار العلماء بهذا الخصوص استندت إلى عددٍ من الأدلة والقواعد الشرعية، يأتي في طليعتها ما تقرره الشريعة الإسلامية من التيسير على العباد في القيام بعبادتهم وشعائرهم، ورفع الحرج عنهم، قال الله تعالى: (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر)، وقال تعالى: (وما جعل عليكم في الدين من حرج)، والإلزام باستخراج تصريح الحج إنما جاء بقصد تنظيم الحجاج، بما يمكِّن هذه الجموع الكبيرة من أداء مناسكهم بسكينة وسلامة، وهذا مقصد شرعي صحيح تُقرره أدلة الشريعة.
وهو كذلك -أي الالتزام باستخراج التصريح- يتفق والمصلحة المطلوبة شرعًا، ذلك أن الجهات الحكومية المعنية بتنظيم الحج، ترسم خطة موسم الحج بجوانبها المتعدِّدة، الأمنية، والصحية، والإيواء والإعاشة، وفق الأعداد المصرَّحة لها، وكلما كان عدد الحجاج متوافقًا مع المصرَّح لهم، كان ذلك محقِّقًا لجودة الخدمات التي تُقدّم للحجاج، وهذا مقصود شرعًا، كما في قوله تعالى: (وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود).
وأضاف معاليه: “إن الالتزام باستخراج التصريح هو من طاعة ولي الأمر في المعروف، قال الله تعالى:( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم)، والنصوص في ذلك كثيرة كلها تؤكد وجوب طاعة ولي الأمر في المعروف، وحرمة مخالفة أمره، والالتزام باستخراج التصريح من الطاعة في المعروف، يُثاب من التزم به، ويأثم من خالفه، ويستحق العقوبة المقرَّرة من ولي الأمر”.
وأوصت هيئة كبار العلماء بالالتزام باستخراج التصريح؛ ذلك أن الالتزام بذلك يدفع -بحول الله- أضرارًا كبيرة، ومخاطر متعدِّدة تنشأ عن عدم الالتزام باستخراج هذا التصريح، منها التأثير على سلامة الحجاج وصحتهم، وعلى جودة الخدمات المقدَّمة لهم وعلى خطط تنقلاتهم وتفويجهم بين المشاعر.
وأوضحت الهيئة أن الحج بلا تصريح لا يقتصر الضرر المترتِّب عليه على الحاج نفسه، وإنما يتعدى ضرره إلى غيره من الحجاج الذين التزموا بالنظام، ومن المقرَّر شرعًا أن الضرر المتعدي أعظم إثمًا من الضرر القاصر، وفي الحديث المتفق عليه عنه صلى الله عليه وسلم: “المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده”، وعنه صلى الله عليه وسلم: “لا ضرر ولا ضرار”.
وختمت بيانها بأن الالتزام باستخراج التصريح هو من تقوى الله تعالى؛ فإن هذه الأنظمة والتعليمات ما قُرِّرت إلا لمصلحة الحجاج، يقول الله تعالى: (فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج).