استكمالا للحديث السابق عن العنف الأسرى الذى انتشر خلال السنوات الماضية بشكل غير طبيعي، والذى يتشكل فى عدة صور، إما عنف الزوج ضد زوجته، أو عنف الزوجة ضد زوجها، وعنف أحد الوالدين أو كليهما تجاه الأولاد، أو عنف الأولاد تجاه والديهم.
وذكرنا أحد أشكاله وهو عنف الزوجة ضد زوجها وأطفالها فى بعض الأحيان. ونصحنا الزوجة بأن تعدل عن هذا السلوك أو ترحل دون دماء.
واليوم نتناول الشكل الثانى من العنف الأسرى وهو عنف الزوج ضد زوجته والأولاد أيضًا. وهذا النوع من العتف يأخد مظاهر وأشكالًا متعددة، منها الإساءة الجسديّة كالضّرب أو الركل أو القتل، والإساءة العاطفيّة كالتقليل من قيمة المرأة واحترامها، والاعتداء المتمثل فى إجبار الزوجة دونما رضاها والتعنيف النفسى كالضغوط الممارسة عليها نفسيًا باستخدام أساليب التخويف والتهديد. والصراخ والتكسير والوعيد ومنعها مِن ممارسة حياتها الطبيعية المشروعة، والاعتداء الاقتصادى مثل سلب مال الزوجة، أو التحكم بأموالها إكراهًا، وكذلك العنف اللفظى بالشتم والسباب، وكذلك إهمال الزوج لزوجته عاطفيًا، وخيانتها بدخوله فى علاقات متعددة بما يجرح مشاعرها ويهدر كرامتها وحقوق العشرة بينهما.
وهناك رجال تلقى المسؤولية الكاملة على الزوجة من مصاريف وتربية أولاد وأعمال المنزل، والغريب أن هذه النوعية من السيدات تكون لديها كم من الصبر غير طبيعى وتتحمل كل هذه المتاعب حتى لا تكون بمفردها ويطمع بها أصحاب النفوس الضعيفة، وتكون فريسة لهم. وقد صادفت هذه النوعية من السيدات كثيرا اللاتى يعملن بالخدمة فى المنازل، وعندما سألت أكثر من سيدة عن سبب صبرها على الحياة مع هذا الرجل الذى يجلس فى المنزل بانتظار عودتها لأخذ ما حصلت عليه من أموال بعد يوم شاق لها بالعمل، حتى يتمكن من شراء المواد المخدرة والسهر خارج منزل الزوجية حتى بداية نهار اليوم التالي، فسمعت نفس الرد من كل سيدة منهن، قائلة: «ظل راجل ولا ظل حيطة، أهو اسمى متزوجة عشان محدش يطمع في، وبعدين أهلى ما صدقوا يجوزونى أرجع لهم تانى إزاى هيرفضوا إنى أطلق». للأسف أن العادات والتقاليد الموروثة بالمجتمع تتحكم كثيرًا فى مصائر الأشخاص وتجعلهم مطوقين دائما بها ولا يستطيعون الخروج عنها مهما وقع عليهم من ظلم، فهناك عدم وعى بأن ما كان مفروضا فى الماضى علينا لسنا مجبرين على الاستمرار فى طياته على مر السنين، فهناك فارق كبير بين الماضى والحاضر والمستقبل، والمفروض أن تكون أفعالنا فى إطار التغيرات التى تحدث فى المجتمع، ولا أقصد بذلك أن نغير من أخلاقنا أو مبادئنا أو الالتزام بقواعدنا الدينية، ولكن المقصود أن تتحرر السيدات من إصرارهن على معايشة الحياة والصبر على الزوج الذى يضرب ويهين ويقبل على نفسه أن يحصل على أموالها عنوة لإهدارها على المخدرات أو السجائر، فهناك رجال تترك أبناءهم دون مأكل أو ملبس حتى يتسنى لهم شراء ما يتعاطون بدايه من السجائر والكحوليات والمخدرات، ويكون مردود ذلك إيذاء لا يقع على الزوجة فقط بل الأبناء أيضًا، لأن خضوع هذه النوعية من الرجال تحت سيطرة المخدرات تجعلهم فاقدى الوعى مما يتسبب فى قيامهم بأعمال مشينة مع الأبناء سواء ضربا أو إهانة أو تعذيبا أو اعتداءات جنسية. وهذه القضية تحتاج إلى مجلدات للحديث عنها، فلم تستطع تلك السطور توضيح هذه القضية بصورة متكاملة، ولكن تحدثنا سريعا فى رؤوس الموضوعات فقط.
هذا بالنسبة للسيدات اللاتى يعشن فى العشوائيات، والحديث القادم يكون عن عنف الزوج فى الطبقات المتوسطة.
وللحديث بقية
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: العنف الأسري إطلالة السنوات الماضية الزوجة
إقرأ أيضاً:
لم تعترض على إنذار الطاعة.. حيثيات إثبات محكمة الأسرة نشوز زوجة
ينشر موقع صدى البلد، حيثيات حكم محكمة الأسرة برئاسة المستشار أحمد عاصم عبدالجبار القاضي بإثبات نشوز زوجة رفضت الدخول في طاعة زوجها، مع إلزام المدعي عليها بالمصاريف ومبلغ 75 جنيه أتعاب محاماة.
قالت المحكمة في حيثيات حكمها إنه بعد سماع المرافعة ومطالعة الأوراق والمداولة قانوناً، تخلص واقعات الدعوى في أن المدعي عقد لواء الخصومة فيها بموجب صحيفة موقعة من محامٍ اودعت قلم الكتاب واعلنت قانونا للمدعى عليها طلب فى ختامها الحكم باعتبارها ناشزا لعدم الدخول فى طاعة زوجها وعدم اعتراضها على انذار الطاعة خلال المدة القانونية مع الزامها بالمصاريف ومقابل اتعاب المحاماة.
نشوز زوجة رفضت الدخول في طاعة زوجها
وأضافت المحكمة أن ذلك علي سند من القول ان المدعى عليها زوجة المدعى بصحيح العقد الشرعي وعاشرها معاشرة الأزواج ومازالت فى عصمته الا انها خرجت عن طاعته وقد هيأ لها مسكن زوجية وبين جيران صالحين وتأمن فيه على نفسها ومالها، وطالبها فى الدخول الى طاعته الا انها رفضت فقام بانذارها بالدخول فى طاعته وانها لم تعترض على ذلك الانذار، فأقام دعواه للقضاء له بطلباته آنفة البيان، وحيث أن المدعي قدم ـ طلباً إلى مكتب تسوية المنازعات المختص لتسوية النزاع موضوع الدعوى ودياً ولم تسفر جهود ذلك المكتب عن تسوية النزاع.
وأكدت المحكمة أنه إذ تداولت الدعوى بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها ومثل خلالها المدعي بوكيل عنه ـ محام ـ ولم تمثل المدعى عليها، وقدم حافظة طويت على اصل انذار طاعة موجه من المدعى ومعلن للمدعى عليها وشهادة صادرة من نيابة العامرية لشئون الاسرة والثابت بها عدم الاستدلال على حصول اعتراض مقدم من المدعى عليها ضد المدعى على انذار الطاعة الموجه اليها وصورة ضوئية من وثيقة زواج المدعى والمدعى عليها، والمحكمة عرضت الصلح فرفض حيث ضمت المحكمة تقرير الخبيرين النفسى والاجتماعى وطالعته المحكمة، وفوضت النيابة الرأى، وقررت المحكمة حجز الدعوى للحكم.
وأوضحت المحكمة أنه عن موضوع الدعوى لما كانت المادة 11 مكرر ثانيا من القانون رقم 25 لسنة 1929 المضافة بالقانون رقم 100 لسنة 1985 قد نصت على انه “ اذا امتنعت الزوجة عن طاعة الزوج دون حق توقف نفقة الزوجية من تاريخ الامتناع . وتعتبر ممتنعة دون وجة حق اذا لم تعد لمنزل الزوجية بعد دعوة الزوج اياها للعودة على يد محضر لشخصها او من ينوب عنها وعليه ان يبين فى هذا الاعلان المسكن، وللزوجة الاعتراض على هذا امام المحكمة الابتدائية خلال ثلاثين يوما من تاريخ هذا الاعلان وعليها ان تبين فى صحيفة الاعتراض الأوجه الشرعية التى تستند اليها فى امتناعها عن طاعته والا حكم بعدم قبول اعتراضها و يعتد بوقف نفقتها من تاريخ انتهاء ميعاد الاعتراض اذا لم تتقدم به فى الميعاد”.
وأشارت المحكمة إلى أنه جاء بالمذكرة الايضاحية لهذا النص من اعتبار الزوجة الممتنعة عن طاعة الزوج ناشزا" وتسقط نفقتها من تاريخ هذا الامتناع فالنشوز ما هو الا الوجة الاخر للطاعة ودعوى النشوز فى حقيقة تكييفها القانونى هى دعوى بوقف نفقة الزوجة وحتى تقلع عن تلك المعصية والقاضى لا يكون له فيها اعادة البحث فى مسألة الطاعة من جديد وإنما يقتصر دوره على الاطلاع على الحكم الصادر برفض اعتراض الزوجة او الشهادة المقدمة من الزوج بعدم حصول اعتراض وإثبات النشوز يكون بتقديم اصل انذار الطاعة المعلن وشهادة من جدول المحكمة المختصة تفيد عدم الاعتراض على ذلك الانذار خلال الميعاد القانونى او صورة رسمية من الحكم النهائى الصادر برفض دعوى الاعتراض و لا يجوز الاستناد فى اثبات النشوز ان الاعتراض قدم بعد الميعاد لان المحكمة المختصة بالفصل فى هذه المسألة هى المحكمة الابتدائية.
وجاء ايضا بالمذكرة الايضاحية لهذا النص انه " لما كانت الشريعة الاسلامية قد جعلت حقوق الزوجية واجباتها متقابلة فحين الزمت الزوج بالانفاق على زوجته فى حدود استطاعته اوجبت على الزوجة طاعته وكان مظهر هذه الطاعة ان تستقر الزوجة فى مسكن الزوجية الذى هيأه لها الزوج امتثالا لقوله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم (أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن) الاية 6 من سورة الطلاق . ومن هنا قرر الفقهاء ان الاصل فى الزوجة الطاعة وانه اذا امتنعت عن طاعة الزوج فإنها تكون ناشزا" وتسقط نفقتها من تاريخ هذا الامتناع " ويمكن للزوج اثبات نشوز الزوجة بما يأتى : اولا:ـ تقديم اصل انذار الطاعة المعلن لشخص الزوجة أو من ينوب عنها , وشهادة من جدول المحكمة المختصة تفيد عدم اعتراضها على الانذار خلال الميعاد القانوني.
ثانيا :ـ تقديم صورة رسمية من الحكم الصادر فى الاعتراض المرفوع من الزوجة على انذار الطاعة القاضى برفض الاعتراض والاعتداد بإنذار الطاعة , شهادة تفيد الطعن وتأييد الحكم المستأنف , أو صورة رسمية من الحكم الصادر من محكمة الاستئناف.
واستقرت احكام القضاء على انه "وجدير بالذكر ان دعوى اثبات النشوز المذكورة لا تستند الى مقتضى قانونى اذا اعتبر المشرع بمقتضى المادة 11 مكرر ثانيا ان الزوجة تكون ناشزا" من الناحية القانونية بانتهاء ميعاد الاعتراض اذا لم تتقدم به فى الميعاد مما لم يكن معه ثمة حاجة الى رفع دعوى اثبات النشوز الا أن الحاجة تدعو الى سلوك سبيل دعوى اثبات النشوز حتى يكون بيد الزوج مستند قانونى يتسنى له تقديمه الى الجهة القائمة على استقطاع ما عساه يكون قد حكم به ضده من نفقة للزوجة لوقف صرف اقساط النفقة اليها وذلك لخلو الحكم الصادر برفض اعتراض الطاعة او الشهادة بعدم حصول اعتراض من قضاء بوقف نفقة الزوجة تحديد تاريخ ذلك الوقف ان كان ".
وحيث إنه لما كان ما تقدم وبالبناء عليه وكان الثابت قيام الزوجية شرعا بين المدعي والمدعى عليها بموجب وثيقة الزواج ولما كان المدعى قام بتوجيه إنذار على يد محضر لزوجته المدعى عليها للدخول فى طاعته وحيث ان المدعى عليها لم تعترض على ذلك الانذار خلال ثلاثين يوما، وذلك حسبما هو ثابت من الشهادة الصادرة من نيابة شئون الاسرة بعدم الاستدلال على حصول اعتراض مقدم من المدعي عليها ضد المدعى وحيث ان المدعى عليها لم تمثل بالجلسات لتدفع الدعوى بثمة دفع او دفاع، الامر الذى يكون دعوى المدعى قد اقيمت على سندا من الحق والقانون ، هذا ولما كانت المدعى عليها لم تعد الى مسكن الزوجية والدخول فى طاعة الزوج ومن ثم تعد الزوجة ـ المدعى عليها ـ ناشزا" من تاريخ انتهاء ميعاد الاعتراض على هذا الانذار وهو ما تقضى به المحكمة وذلك على نحو ما سيرد بالمنطوق، وحيث أنه عن المصاريف شاملة مقابل أتعاب المحاماة فالمحكمة تلزم بها المدعي عليها عملا بنص المادة 184/1 من قانون المرافعات و187 من قانون المحاماة على نحو ماسيرد بالمنطوق.
فلهذه الاســــــباب حكمت المحكمة : بإثبات نشــوز المدعى عليها عن طاعة زوجها المدعى، وألزمت المدعى عليها بالمصاريف ومبلغ خمسة وسبعين جنيها مقابل أتعاب المحاماة.