قرصنة إلكترونية على شبكة قطارات بولندا.. ماذا حدث؟
تاريخ النشر: 26th, August 2023 GMT
أعلن جهاز الأمن الداخلي في بولندا، اليوم السبت، أن هناك هجوم إلكتروني استهدف شبكة السكك الحديدية في البلاد، مما أدى إلى تعطيل حركة القطارات الليلة الماضية، بحسب ما ذكرته شبكة «سكاي نيوز» البريطانية.
استخدام ترددات السكك الحديدية بواسطة متسللينوصرح ستانيسواف زارين، نائب منسق الخدمات الخاصة، لوكالة الأنباء الحكومية البولندية، بأن جهاز الأمن الداخلي والشرطة يقومان حاليًا بالتحقيق في استخدام غير مصرح به لنظام إدارة حركة القطارات.
ووفقًا للتقرير، تم استخدام ترددات السكك الحديدية بواسطة متسللين لإرسال إشارة تسببت في توقف طارئ للقطارات في شمال غرب بولندا، مما أدى إلى حدوث حالات تأخير.
زارين: التعامل مع الواقعة بجدية كبيرةوأكد زارين أن الواقعة تم التعامل معها بجدية كبيرة، خاصة في ضوء المحاولات الروسية الأخيرة لزعزعة استقرار بولندا.
وأضاف زارين قائلاً: «من المعروف أن روسيا الاتحادية وروسيا البيضاء تقومان بتنفيذ مثل هذه المحاولات بالتعاون، ولذلك فإننا نعتبر أي إشارات تصل إلى جهاز الأمن الداخلي بأهمية كبيرة ولا نقلل من شأنها».
وفي الوقت نفسه، تقوم الشركة المشغلة للسكك الحديدية بالتحقيق في حادث خروج قطارين عن مسارهما واصطدام قطارين آخرين أمس الأول، ويجري التحقيق لمعرفة أسباب الحوادث، ولا يوجد أي تقارير عن وقوع إصابات في الواقعتين.
وأشار زارين إلى أنه حاليًا لا يوجد أي دليل يشير إلى وجود ارتباط بين حادثي يوم الخميس والهجوم الإلكتروني.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: بولندا قطارات بولندا اختراق إلكتروني السكك الحديدية روسيا الاتحادية روسيا البيضاء روسيا
إقرأ أيضاً:
البوصلة البولندية لفهم ما يجري في أوروبا
في كل قارة هناك دولة أو بضعة دول تكون هي المفتاح لفهم التحولات السياسية والعسكرية التي يجري فيها. وبولندا كانت دوما هي البوصلة التي تحدد مستقبل أوروبا، فهي دولة مركزية كبيرة تقع في شرق أوروبا انضمت للاتحاد الأوروبي، وهي جسر جغرافي وسياسي وثقافي بين أوروبا الغربية من جهة وبين روسيا وأوروبا الشرقية من جهة أخرى. وتشير علاقات وارسو الحالية مع كل من أوكرانيا والاتحاد الأوروبي وروسيا إلى أن ما يدور فيها يساعد بشكل كبير في فهم التحولات المصيرية التي تموج بها القارة الأوروبية.
فبداية، بولندا هي العنوان الكبير في الحروب العالمية التي دارت رحاها بشكل رئيس بين الأوروبيين. فهي الدولة التي لم تكن لتقوم وتحصل على استقلالها لولا انهيار ثلاث إمبراطوريات في الحرب العالمية الأولى، وهو الإمبراطورية النمساوية المجرية، والقيصرية الألمانية، والإمبراطورية الروسية، إذ كانت الأراضي البولندية مقسمة بين أراضي كل هذه الإمبراطوريات. أما في الحرب العالمية الثانية فكانت شرارة البدء من بولندا عندما غزتها ألمانيا بقيادة أدولف هتلر.
وبولندا الحالية تتحسس مسدسها مما يجري في أوكرانيا، وقد أعلنت استهداف تدريب مائة ألف متطوع في الجيش سنويا لتعزيز الاحتياطات العسكرية. ولا تخفي وارسو خشيتها من أن تكون الثانية على قائمة الغزو الروسي على غرار أوكرانيا، إذ طالب الرئيس البولندي أندريه دودا الولايات المتحدة الأمريكية بنشر أسلحة نووية في أراضي بلاده، كوسيلة للردع ضد ما عبر عنه صراحة بأنه عدوان روسي مستقبلي.
هذا الأمر يعني أكثر مما يوصف بأنه عسكرة لأوروبا، أي العودة إلى أساليب التسليح التقليدي لمواجهة المخاطر العسكرية المحتملة في هذه القارة التي لطالما تغنت بالتعلم من دروس حروب الماضي. والحالة البولندية تظهر أن الطموح الروسي ماض في طريقه أوروبيا كما شرحنا في عدة مقالات خلال السنوات الماضية.
ومن ناحية أخرى، فإن ما يجري في بولندا يشي بأن مشاريع الاندماج بين أوروبا الشرقية والمنظومة الغربية ممثلة سياسيا في الاتحاد الأوروبي وعسكريا في حلف شمال الأطلسي الناتو هي مشاريع لم تؤت الثمار المرجوة منها. وذلك لأن عضوية بولندا للناتو لم تعد مقنعة لوارسو في قدرتها على الحماية من غزو روسي، بدليل هذه الزيادة الرهيبة التي تستهدفها في جنود الاحتياط في الجيش، وبدليل آخر متعلق بطلب نشر هذه الأسلحة النووية.
أما على صعيد الاتحاد الأوروبي فيكفي أن نعرف أن أحد الأسباب الرئيسة لتصويت البريطانيين للخروج من الاتحاد الأوروبي هو العمالة البولندية التي اعتبرها البريطانيون منافسة لهم في سوق العمل، والأدهى من ذلك اعتبروها مهددة لثقافتهم المحلية بعد الانتشار الكبير للبولنديين في البلاد لدرجة أصبحت فيها اللغة البولندية هي اللغة الثانية في بريطانيا بعد الإنجليزية. بعبارة أخرى، لم تطق واحدة من أكبر الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي عضوية بولندا بعد الاندماج وتركت لها الاتحاد برمته.
إذا عرفنا كيف تنظر روسيا لبولندا تكتمل لنا دائرة الفهم، فموسكو ترى في بولندا ليس فقط قطعة سابقة من أراضيها قبل الحرب العالمية الأولى ولكن رأس حربة للمشروع السوفييتي سابقا في قلب أوروبا، فحلف وارسو كان المعادل الأمني للمعسكر الشرقي في مواجهة حلف شمال الأطلسي الناتو. وحين ترى روسيا أن هذا الحليف التاريخي لا يُستخدم فقط لدعم أوكرانيا في مواجهتها، ولكن يستخدم في بناء قواعد أمريكية كتلك التي أعلنت الولايات المتحدة عن إقامتها في مدينة بوزنان شرق البلاد قبل عامين، فإنها بالتأكيد تنظر لما يجري بشكل عدائي.
x.com/HanyBeshr