تعتبر العولمة من أهم الظواهر التي شهدها العالم في القرن الحالي، حيث أصبح العالم قرية صغيرة تتداخل فيها الثقافات والأفكار والاقتصاديات، وتتحرك البضائع والخدمات بسهولة وسرعة عبر الحدود الوطنية، وتحدث تطورات تكنولوجية وعلمية يومية تغير شكل الحياة وتؤثر على البشرية بشكل عام.
ومع ذلك، فإن العولمة لم تأتي بمجرد فوائدها وإيجابياتها، بل أحدثت صدامًا ثقافيًا بين المجتمعات العربية والغربية، حيث تم إنكار بعض القيم والتقاليد العربية والإسلامية، وتم تبني قيم ومعايير غربية بدلًا منها، مما أدى إلى تقليص هوية المجتمعات العربية والإسلامية، وتركيز الاهتمام على الجانب الاقتصادي والتجاري للعولمة فقط، بينما تم تجاهل الجانب الثقافي والاجتماعي.


وتأثرت المجتمعات العربية بشكل كبير بسبب هذا الصدام الثقافي، حيث ظهرت ظواهر اجتماعية وثقافية جديدة، مثل الاستهلاكية الزائدة والعنف والمخدرات والجرائم، وتم تحطيم بعض القيم والتقاليد الأسرية والاجتماعية التي كانت تعتبر عمودًا فقريًا للمجتمعات العربية، مما أدى إلى زيادة نسبة الطلاق وتفكك الأسرة والعنف الأسري.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن العولمة أدت إلى تفاقم الفوارق الاجتماعية بين المجتمعات العربية، حيث أصبحت الثروة تتركز في أيدي القلة القليلة ويزداد فقر وتهميش الفئات الضعيفة، وتزداد نسبة البطالة وعدد العاطلين من الأشخاص الذين يعيشون في الفقر والعوز، وتزداد الفجوة بين الأغنياء والفقراء، مما يؤدي إلى تفاقم الاضطرابات الاجتماعية والانقسامات العرقية والدينية.

وعلاوة على ذلك، فإن العولمة أيضًا أدت إلى تغييرات في الثقافة والتعليم، حيث تم تبني أساليب التعليم الغربية والتركيز على اللغة الإنجليزية على حساب اللغة العربية، وتم تغيير المناهج الدراسية لتتناسب مع الأفكار الغربية وتتجاهل الإرث الثقافي العربي، مما يؤدي إلى تقليل الاهتمام بالتراث الثقافي واللغة العربية، ويؤدي إلى نسيان الجيل الحالي للتقاليد العربية والإسلامية.
وبالتالي، فإن العولمة وصدام الثقافات أدت إلى تأثيرات سلبية على المجتمعات العربية، حيث تم تقليل الهوية العربية والإسلامية وتبني القيم الغربية، وتفاقمت الفوارق الاجتماعية وتغيرت الثقافة والتعليم، وتزايدت الانقسامات العرقية والدينية.
ولذلك، يجب على المجتمعات العربية أن تتبنى العولمة بشكل متوازن ومتناغم مع الثقافة العربية والإسلامية، وأن تؤكد على الحفاظ على الهوية الثقافية واللغة والتراث، وأن تحاول الحفاظ على القيم الأسرية والاجتماعية التي تميز المجتمعات العربية، وأن تستخدم التكنولوجيا والتطورات العلمية بشكل يحافظ على الثقافة والهوية العربية.
 

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: العربیة والإسلامیة المجتمعات العربیة

إقرأ أيضاً:

«دبي للثقافة»: اللغة العربية جزء لا يتجزأ من التاريخ الثقافي للبشرية

دبي (الاتحاد)

أخبار ذات صلة أجواء باردة في الإمارات جامع الشيخ زايد الكبير يفتح أبواب متحف "نور وسلام" أمام الزوار

أكدت هالة بدري، مدير عام هيئة الثقافة والفنون في دبي «دبي للثقافة»، أهمية اللغة العربية كحاضنة غنية للفكر والمعرفة، لافتة إلى إسهاماتها في مجالات العلوم والفكر والمعارف، إلى جانب دورها في تطوير المحتوى الثقافي الإنساني. وقالت: «تُعد اللغة العربية جزءاً لا يتجزأ من التاريخ الثقافي للبشرية، حيث شكّلت على مدار الزمن جسراً للمعرفة والتواصل بين الثقافات والمجتمعات، وتمتاز بقدرتها على الاحتفاظ بتراثنا وثقافتنا الأصيلة، ومواكبة تطورات الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدمة التي نشهدها اليوم، ما يجعلها لغة ابتكار وتنوع وهو ما ساهم في تعزيز حضورها عالمياً»، مشيدة في الوقت نفسه بحرص دولة الإمارات على صون اللغة العربية والنهوض بها في مختلف المجالات، باعتبارها مرآة تعكس ثراء مخزوننا الثقافي والمعرفي وأداةً رئيسية تعبر عن هويتنا الوطنية، حيث تولي القيادة الرشيدة اهتماماً كبيراً بترسيخ حضور اللغة العربية كلغة مستقبل، قادرة على التطوّر والمنافسة في العصر الرقمي السريع. 

مقالات مشابهة

  • تدجين الأُمة العربية والإسلامية.. مشروعٌ صهيوني مُستمرّ
  • سعود الحوسني يكتب: أدبنا العربي مرآة هويتنا وذاكرتنا الحية
  • «دبي للثقافة»: اللغة العربية جزء لا يتجزأ من التاريخ الثقافي للبشرية
  • بتوجيه من القيادة.. وزير الثقافة يلتقي رئيس جمهورية مصر العربية
  • الرئيس السيسي يستقبل وزير الثقافة السعودي لتعزيز التعاون الثقافي والفني بين مصر والسعودية
  • الوكيل حمزة يتفقد المشاريع الخدمية في مديرية القناوص بالحديدة 
  • قصور الثقافة بالغربية تحتفل باليوم العالمي للغة العربية
  • أحمد العامري: شبكة المعهد الثقافي العربي صوت الثقافة العربية وصورتها خارج حدود الوطن العربي
  • أهميّةُ خطابات السيد القائد في رسم خارطة الطريق للبلدان العربية والإسلامية
  • غدًا.. تحتفل وزارة الثقافة بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية