مسعود الحمداني
samawat2004@live.com
في هذه الأيام تحتدم "معركة" انتخابات مجلس الشورى، معركة يحشد فيها كل مترشح عدته وعتاده، ويجهز البعض منهم أمواله، و"خدماته"، هدفهم واحد، وقناعاتهم مختلفة، البعض يبحث عن سلطة، وكرسي، ولقب "سعادة"، والبعض يبحث عن تعويض "نقص" مركّب اجتماعي، وآخرون يحاولون- بصدق- تكريس المبادئ البرلمانية التي درسوها أو شاهدوها في دول سبقتنا تجربةً وتطبيقًا، مدفوعين بشعارات المشاركة الوطنية، والممارسة الديمقراطية، وتفعيل مسارات الركود الحالي في المجالس المُنتخبة.
وفي كثير من الحالات، فإن المال يكون حاضرًا في كل مراحل الانتخاب، شئنا الاعتراف بذلك أم لم نشأ؛ فالمال لدى الكثير من المترشحين هو الوسيلة التي تقرّبهم من المجلس زلفى، وهي اليد الطولى لاستمالة الناخب، وهي التي تجلب لهم الكرسي البعيد، ويراهنون في ذلك على فئة الأُمِّيين (بالحقوق والواجبات)، وكبار السن رجالًا ونساءً؛ لأنهم الفئة الأكثر عددًا، والأقل وعيًا سياسيًا؛ حيث نجد مُعظم المترشحين يكثرون وينتشرون في أوساط هذه الفئات، ويكثفون حملاتهم الانتخابية، لأنهم يعلمون يقينًا وواقعًا أن الفئات المذكورة هي من ترجِّح كفة المنافسة، وتحمل المترشح على أكتافها للوصول إلى هدفه، ويصل الأمر ببعض الناخبين لاستغلال الفرصة، وابتزاز المترشح ومساومته للحصول على أكبر قدر من الغنائم، والخدمات والمال في سبيل أن يدعم هذا المرشح أو ذاك، أيهم أكثر دفعًا، وإنفاقًا، ولهاثًا نحو المنصب.
ولا شك أنَّ أمثال هؤلاء المترشحين يمثلون شريحة الفساد البرلماني، فكيف لعضو قامت حملته على رشوة الناخب أن يدافع عن الوطن؟ وكيف لفاسد أن يُهاجم الفساد؟ فتلك أمور لا تستوي منطقًا ولا عقلًا، ولعل على بعض المترشحين، وكثير من الناخبين أن يُعيدوا حساباتهم، ويبنوا من جديد قناعاتهم؛ فالشورى ممارسة سياسية واجتماعية وبرلمانية، تحتاج لها الدول كي يقوى عودها الديمقراطي، وتعيد النظر في مساراتها، واستراتيجياتها، وأوضاعها الاقتصادية، والاجتماعية، والمالية وغيرها.
لكن للأسف يتخذ بعض المترشحين مجلس الشورى "حصانَ طراودة"، ليصلوا إلى أكبر همِّهم، وهي "المنافع التي يحصل عليها العضو" التي يعتقدون أنها وسيلتهم للتكسّب الاجتماعي والمالي والحصول على مزايا المجلس، وهي عبارة عن دعوة من الوالي، أو كرسي في مقدمة حضور الحفل، أو بطاقات دعوة للمناسبات الرسمية والخاصة، أو غير ذلك من صورة ضيقة وقاصرة لمفهوم الممارسة البرلمانية.
وفي سبيل الوصول لهذا الهدف، قد يَبيع بعض المترشحين أملاكهم الخاصة، ليدفعوا تكاليف حملتهم الانتخابية، وتكاليف شراء الأصوات التي تؤمِّن لهم بلوغ غايتهم، ويقاتلون من أجل الوصول لكرسي العضوية، وحين يبدأ مجلس الشورى دوراته وجلساته، تنكشف للجميع سوءة هؤلاء الأعضاء، وضعف قدراتهم، وسوء تقديراتهم، وقلّة ثقافتهم وإمكانياتهم، فتأتي سياط النقد، والانتقاد، واللعن من الناخبين، ويسلطون ألسنتهم وأقلامهم على أولئك الأعضاء، ويتناسون- أي الناخبين- أنهم هم من أوصلوا هؤلاء الناس إلى مقعد البرلمان، وأنهم هُم من أسهموا في هذه المهزلة؛ لأنهم قبلوا شراء ذممهم، وأصواتهم بثمن بخس، دراهم معدودة، وكانوا من الزاهدين في شخص من يمثلهم في مجلس الشورى.
لذلك- يا من قبلتم بالمال- لا تلوموا العضو الذي انتخبتموه، ولا تُلقوا التهم على ذات المجلس، فكل تجربة برلمانية تستمد قوتها من عنصرين: عضو نزيه وقادر على انتزاع حقوقه الوطنية، وناخب واعٍ يختار عن إدراك ومسؤولية، ويعرف شخص من يمثله، دون أن يكون للمال تأثير على قراراته، في الاختيار، فلوموا أنفسكم- أيها الناخبون- حين لا تُحسنون اختيار من يمثلكم.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
طفل للبيع بـ(20) مليونا!.. كمين محكم في الاعظمية لأم وأب كانا يرومان المتاجرة بابنيهما
بغداد اليوم -