جريدة الرؤية العمانية:
2025-01-31@17:43:45 GMT

صوت "رخيص" للبيع

تاريخ النشر: 26th, August 2023 GMT

صوت 'رخيص' للبيع

 

مسعود الحمداني

samawat2004@live.com

 

في هذه الأيام تحتدم "معركة" انتخابات مجلس الشورى، معركة يحشد فيها كل مترشح عدته وعتاده، ويجهز البعض منهم أمواله، و"خدماته"، هدفهم واحد، وقناعاتهم مختلفة، البعض يبحث عن سلطة، وكرسي، ولقب "سعادة"، والبعض يبحث عن تعويض "نقص" مركّب اجتماعي، وآخرون يحاولون- بصدق- تكريس المبادئ البرلمانية التي درسوها أو شاهدوها في دول سبقتنا تجربةً وتطبيقًا، مدفوعين بشعارات المشاركة الوطنية، والممارسة الديمقراطية، وتفعيل مسارات الركود الحالي في المجالس المُنتخبة.

وفي كثير من الحالات، فإن المال يكون حاضرًا في كل مراحل الانتخاب، شئنا الاعتراف بذلك أم لم نشأ؛ فالمال لدى الكثير من المترشحين هو الوسيلة التي تقرّبهم من المجلس زلفى، وهي اليد الطولى لاستمالة الناخب، وهي التي تجلب لهم الكرسي البعيد، ويراهنون في ذلك على فئة الأُمِّيين (بالحقوق والواجبات)، وكبار السن رجالًا ونساءً؛ لأنهم الفئة الأكثر عددًا، والأقل وعيًا سياسيًا؛ حيث نجد مُعظم المترشحين يكثرون وينتشرون في أوساط هذه الفئات، ويكثفون حملاتهم الانتخابية، لأنهم يعلمون يقينًا وواقعًا أن الفئات المذكورة هي من ترجِّح كفة المنافسة، وتحمل المترشح على أكتافها للوصول إلى هدفه، ويصل الأمر ببعض الناخبين لاستغلال الفرصة، وابتزاز المترشح ومساومته للحصول على أكبر قدر من الغنائم، والخدمات والمال في سبيل أن يدعم هذا المرشح أو ذاك، أيهم أكثر دفعًا، وإنفاقًا، ولهاثًا نحو المنصب.

ولا شك أنَّ أمثال هؤلاء المترشحين يمثلون شريحة الفساد البرلماني، فكيف لعضو قامت حملته على رشوة الناخب أن يدافع عن الوطن؟ وكيف لفاسد أن يُهاجم الفساد؟ فتلك أمور لا تستوي منطقًا ولا عقلًا، ولعل على بعض المترشحين، وكثير من الناخبين أن يُعيدوا حساباتهم، ويبنوا من جديد قناعاتهم؛ فالشورى ممارسة سياسية واجتماعية وبرلمانية، تحتاج لها الدول كي يقوى عودها الديمقراطي، وتعيد النظر في مساراتها، واستراتيجياتها، وأوضاعها الاقتصادية، والاجتماعية، والمالية وغيرها.

لكن للأسف يتخذ بعض المترشحين مجلس الشورى "حصانَ طراودة"، ليصلوا إلى أكبر همِّهم، وهي "المنافع التي يحصل عليها العضو" التي يعتقدون أنها وسيلتهم للتكسّب الاجتماعي والمالي والحصول على مزايا المجلس، وهي عبارة عن دعوة من الوالي، أو كرسي في مقدمة حضور الحفل، أو بطاقات دعوة للمناسبات الرسمية والخاصة، أو غير ذلك من صورة ضيقة وقاصرة لمفهوم الممارسة البرلمانية.

وفي سبيل الوصول لهذا الهدف، قد يَبيع بعض المترشحين أملاكهم الخاصة، ليدفعوا تكاليف حملتهم الانتخابية، وتكاليف شراء الأصوات التي تؤمِّن لهم بلوغ غايتهم، ويقاتلون من أجل الوصول لكرسي العضوية، وحين يبدأ مجلس الشورى دوراته وجلساته، تنكشف للجميع سوءة هؤلاء الأعضاء، وضعف قدراتهم، وسوء تقديراتهم، وقلّة ثقافتهم وإمكانياتهم، فتأتي سياط النقد، والانتقاد، واللعن من الناخبين، ويسلطون ألسنتهم وأقلامهم على أولئك الأعضاء، ويتناسون- أي الناخبين- أنهم هم من أوصلوا هؤلاء الناس إلى مقعد البرلمان، وأنهم هُم من أسهموا في هذه المهزلة؛ لأنهم قبلوا شراء ذممهم، وأصواتهم بثمن بخس، دراهم معدودة، وكانوا من الزاهدين في شخص من يمثلهم في مجلس الشورى.

لذلك- يا من قبلتم بالمال- لا تلوموا العضو الذي انتخبتموه، ولا تُلقوا التهم على ذات المجلس، فكل تجربة برلمانية تستمد قوتها من عنصرين: عضو نزيه وقادر على انتزاع حقوقه الوطنية، وناخب واعٍ يختار عن إدراك ومسؤولية، ويعرف شخص من يمثله، دون أن يكون للمال تأثير على قراراته، في الاختيار، فلوموا أنفسكم- أيها الناخبون- حين لا تُحسنون اختيار من يمثلكم.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

غزة.. مدينة لا تُهزم

 

سالم الكثيري

تابعنا بإكبارٍ وإجلالٍ، وللأسبوع الثاني على التوالي، لحظة تسليم حركة "حماس" للأسيرات الإسرائيليات الثلاثة، ثم المُجندات الأربعة إلى الصليب الأحمر الدولي، الذي قام بدوره بنقلهن إلى ذويهن داخل إسرائيل، وما صاحب ذلك من تنظيم واستعراض للقوة وتماسك المقاومة، وزخم الحضور لعناصر كتائب القسام وسرايا القدس؛ بل ومن حاضنة شعبية تُعبِّر بما لا يدع مجالًا للشك عن حقيقة مُساندة سكان قطاع غزة للمقاومة التي تدافع عنهم بكل عِزة وكرامة، على عكس ما يروج له البعض؛ إذ يزعم هؤلاء أن المقاومة باتت منبوذة شعبيًا لما سببته من دمار في حق غزة وأهلها.

وقد تابع العالم مشدوهًا ومذهولًا مسيرات العودة المليونية إلى شمال قطاع غزة، وكأنَّ هؤلاء سيعودون إلى قصور عالية أو حدائق مُعلَّقة، لا إلى أنقاض بيوت دكتها الصواريخ والدبابات الإسرائيلية على مدار سنة و3 أشهر متواصلة ليل نهار، في إشارة عملية وواقعية إلى حق العودة الذي يحتفظ به الفلسطينيون منذ اليوم الأول للاحتلال قبل أكثر من سبعة عقود.

والمتأمل في أمر هذا القطاع، يتساءل منذ الوهلة الأولى عن سِر هذا الصمود العجيب لمدنيين عُزَّل، محاصرون من العالم أجمع، إلّا أن المتأنِّي لن يطول عليه وقت الحصول على إجابة ومعرفة سِر هذا الثبات، فمن حيث المبدأ، فإنَّ هؤلاء لا يُدافعون عن حدود وطنٍ بمفهومه السياسي، ويقفون في وجه محتلٍ غاصبٍ فحسب؛ بل إنهم يدافعون عن أرض مُقدَّسة للفلسطينيين بكل أطيافهم.

هذا من الناحية الإيمانية والعقائدية، والتي تمثل السد المنيع الأول في وجه أي مُحتل ومُعتدٍ.. أما من الناحية الديموغرافية، فإنَّ مدينة غزة تُعد بمثابةِ فلسطين صغرى بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى، وذلك أن معظم سكانها هم من مختلف مدن فلسطين قاطبةً؛ حيث إن 70 في المئة من سكان غزة مُهجَّرون من 521 قرية وبلدة فلسطينية، أبادتها إسرائيل وأزالتها من الوجود عام 1948؛ أي عام النكبة، وفقًا لما ذكره الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية، في إحدى مقابلاته على قناة الجزيرة. البرغوثي يؤكد أن هؤلاء المُهجَّرين لن يُكرِّرُوا تجربة النزوح مرة أخرى بالخروج من غزة، مهما كان الثمن.

أما من الناحية التاريخية، فقد اشتهرت بعض المدن بأنها مدن لا تُهزم، ولعل أشهرها تاريخيًا مدينة "طروادة"، التي تُشير بعض التنقيبات الأثرية إلى أنها موجودة في تركيا الحالية، والتي يُقال إن جيش الإغريق حاصرها لعشر سنوات، ولم يتمكن من دخولها إلّا بالحيلة التي اشتهرت لاحقًا بـ"حصان طروادة"، في جانب أقرب إلى الأسطورة والخيال، أكثر منه إلى الواقع والحقيقة.

وفي التاريخ المعاصر يُشار إلى صمود مدينة السويس المصرية في حرب أكتوبر 1973 لمدة 101 يوم أمام جيش الاحتلال الإسرائيلي، وشجاعة أهلها المنقطعة النظير، في ملحمةٍ خلَّدت المدينة وأبناءها في سِجِل الخالدين.

ولا يخفى على الجيل الحالي، صمود مدينة الفلوجة العراقية، وبسالة رجالها إبان الغزو الأمريكي للعراق عام 2003؛ لتصبح مضربَ مثلٍ في الدفاع عن الأوطان، بشهادة الأمريكان أنفسهم قبل العرب والعراقيين.

ولمدينة غزة تاريخ حافل ومُشرِّف في قائمة المدن التي لا تُهزم؛ فلطالما وقفتْ- وما زالت- حجر عثرة في وجه الكيان الصهيوني المحتل منذ بداية الاحتلال إلى اليوم، وهذا ما يُفسِّر لنا مقولة إسحاق رابين الشهيرة "أتمنى أن أقوم من النوم يومًا ما وأجد البحر قد ابتلع غزة"!!

وبما أن البحر بهيجانه وأمواجه المتلاطمة لم يستطع ابتلاع غزة، فمن المنطق ألّا يبتلعها كيان هَشٌ لا يعيش إلّا على إنعاش الإمدادات الأمريكية التي إذا انقطعت عنه ليوم واحد يموت، كمن يموت فجأة بالذبحة الصدرية أو السكتة الدماغية.

قد يقول قائل إنَّ غزة تدمرت عن بكرة أبيها، واستُشهِدَ فيها ما يقارب 50 ألفًا، وأصيب ما يزيد عن 100 ألف، وهذه حقيقة لا يُنكرها أحد، لكنَّنا، على ما نأسى له من حال أهلنا في غزة ودمار مدينتهم، نسأل هؤلاء أن يُخبروننا عن مدينة واحدة على مدار التاريخ، وقد تحررت دون دفع الثمن؛ فالأوطان لا تتحرر إلّا بالدماء والتضحيات. وبالمقياس المادي لعدد الشهداء والجرحى والدمار الهائل، نقول إنَّ غزة مهزومة، لكن بالمقياس السياسي والنفسي وبشهادة الفلسطينيين أنفسهم من مُستقلين وفصائل غير محسوبة على حماس؛ بل ومن مُحلِّلين إسرائيليين وغربيين، يؤكدون أن المقاومة انتصرت؛ لأن الجيش الإسرائيلي لم يتمكن من اجتثاثها- كما كان يُخطط- ولم يستطع إزاحة حماس عن قيادتها للقطاع، كما صرح وزعم نتنياهو مرارًا وتكرارًا.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • مستحيل تتوقعه.. مشروب رخيص يعالج الصداع ومشاكل الهضم
  • عضو «الحوار الوطني»: هجوم الإعلام الإسرائيلي على مصر أسلوب رخيص لن يؤثر على قناعاتها
  • عصام خليل: نشر صورة السيسي مع رئيس إيران تصرف رخيص.. ومصر لا تهدد 
  • رئيس مجلس الشورى يستقبل سفير جمهورية السودان المعيَّن لدى المملكة
  • رئيس مجلس الشورى يستقبل سفير السودان لدى المملكة
  • مجلس الشورى يدين تصريحات ترامب حول تهجير أبناء غزة
  • رئيسية مجلس الشورى تدين تصريحات ترمب بشأن تهجير أبناء غزة
  • رئيس مجلس الشورى الإيراني: القضية الفلسطينية أصبحت قضية عالمية بفضل دماء الشهداء وإخلاص الأمة
  • فرنسا.. نزع وسم “صنع بالمغرب” من منتجات الخضر والفواكه التي مصدرها الصحراء الغربية
  • غزة.. مدينة لا تُهزم