الراي:
2024-08-11@05:03:44 GMT

رحيل «سفير» الحوار على ضفاف المَحاور

تاريخ النشر: 26th, August 2023 GMT

مع وفاةِ أيِّ صحافي من قامة طلال سلمان، يزداد الشعورُ بفقدان عالم الإعلام عَلَماً، ومع غيابه يصاب التألق والتوهج والرصانة بالمزيد من الكسوف.

ففي زمن الخفة يصبح لمعنى غيابٍ «مِن هذا العيار» معياراً مزدوجاً، غياب الشخص - الإنسان، وغياب الفكرة والقلم اللاذع أحياناً كثيرة، ومعهما بعضٌ من تاريخ لبنان والصحافة بمعناها المحترف والجدّي.



قد يكون طلال سلمان غاب يوم غابت «السفير» عن الصدور وسكت «صوت الذين لا صوت لهم» في أواخر عام 2016، ولو انه استمر عبر موقعه الإلكتروني يكتب ويطلّ.. كان الغياب الأول، الذي تَرَكَ فراغاً في حياة الصحافة في لبنان، فأدمى قلب الرجل البقاعي والبيروتي والعربي، وأصاب روحه التي تلاشت تدريجاً مع غياب صحيفته عن الصدور.

أخرجت الأزمة الاقتصادية «السفير» عن أكشاك الصحف في الشوارع، وأنزلتْها من عرشٍ تربّعت عليه لمدة 42 عاماً، فانطفأ الصوت تحت وطأة الإنهيار المالي في البلاد، في حين لم تقو عليه أصوات المدافع والقصف والخطف وإطلاق الرصاص، ولا أوقفتْه محاولةُ إغتيال أفْلت منها. إذ في 14 يوليو 1984، نجا سلمان من محاولة قتله، وكتب لاحقاً عن لحظات الموت والحياة، لكنه أبقى مساحةً كبرى للحياة وللعناد في إكمال مسيرة المهنة التي إختارها يافعاً وأسس من أجلها في مارس 1974 جريدةً شقّت طريقها إلى عالم الصحافة ببصمةٍ يسارية حين كان الإنقسامُ يلوح على مشارف الحرب بين اليمين واليسار الذي إندثر لاحقاً تحت مسميات عدة.

رَحَلَ طلال سلمان، الصوتُ الخافتُ، والعقل النيّر، والقلمُ المهموم الذي يحلو له كتابة الأدب والشذرات الشعرية في نص مسبوك، والمدرسة الصحافية التي أرست قواعد لعبة جديدة في «المكتوب»، وكوّنت عداوات وصداقات. الرجلُ الأنيق وصاحب الأفكار والدمث في طبيعته والحريص على المهنة التي خرّجت إجيالاً وأجيالاً من الصحافيين، دخلوا وخرجوا المبنى الذي تحوّل في شارع الحمراء مقصداً بين الجرائد التي تنافست على تَصَدُّر المشهد الأول.

.. بين «السفير» و«النهار» وبين طلال سلمان وغسان تويني، أجيالٌ تعاقبت وتنقّلت بين الجارتين في الحمراء، ومنهم من التصق إسمه بـ «السفير»، ولم يخرج منها ولو إنتقل إلى مدرسة صحافية أخرى. وإلى الآن، ما زال صحافيون وكتّاب وأدباء يرتبطون معنوياً بجريدة «السفير»، وإن إنطلقوا إلى مساحات أخرى مكتوبة أو تلفزيونية أو إذاعية.

البابا فرنسيس: التضليل.. أولى خطايا الصحافة منذ ساعة إصابة امرأتين بالرصاص خلال مباراة بيسبول في شيكاغو منذ ساعتين

أسماء مرت على «السفير» وخرجت منها إلى تجارب صحافية أخرى، كجريدة «الأخبار» مع جوزف سماحة وإبراهيم الأمين، التجربة الأقرب إلى ذهن صاحب «السفير». جهاد الزين والياس الخوري اللذان خرجا منها إلى «النهار»، وباسم السبع إلى حلقة الرئيس الراحل رفيق الحريري، إلى جيل جديد تَدَرَّبَ وتَتَلْمَذَ في مكاتب «السفير» وهم كثر. ويكاد لا يُذكر صحافي أو شاعر إلا وكانت «السفير» لصيقة به، فيصل سلمان ونصري الصايغ وحازم صاغية وسامي كليب ومنى سكرية وعباس بيضون، الراحلة عناية جابر، الراحل عدنان الحاج، ضحى شمس وحسين ايوب، وأسماء كثيرة.

المبنى الذي تحوّل مقصداً سياسياً وملتقى الأدباء والصحافيين والسياسيين، تحوّل خلية نحل في عزّ الحرب، حين كان الجميع يلتقي تحت قبته للنقاش والتساؤلات والكتابة وفتْح أبواب صحافية على أفكار جديدة.

شكلت «السفير» برعاية سلمان، الجريدة التي لا بد منها في تَوازُن الأفكار والسياسات والمَحاور والحوار في ساحة الحرب الكبرى، فكان يقرأها ساسة اليمين وخصومها قبل أصدقائها، يَرصدون نقدَها الحاد في إقامة حدّ فاصل بين خطين سياسيين لا يلتقيان. وتحوّلت زوايا صحافييها مرصداً دائماً، وبدأ هؤلاء يخْطون خطواتهم نحو عوالم الصحافة إلى أن أصبحوا يشكلون عوالم قائمة في ذاتها.

علاقات سلمان العربية فتحت له أبواباً كثيرة، وجعلتْه على صلة برؤساء وقادة عرب خصّوا «السفير» بحوارات متعددة. فهو حرص على أن يكون صوتاً عربياً مدافعاً عن فلسطين التي خرج منها «حنظلة» ناجي العلي في موازاة فتْحه صفحاتِ جريدته لحواراتٍ خلال الحرب مع أفرقاء اليمين وتشكيل مساحات نقاش، وتعززت بعد إنتهاء الحرب، ووجود الرئيس رفيق الحريري الذي صاغ معه علاقة متوازنة.

لم تكن «السفير» جريدة اليسار بالمعنى الإجتماعي الضيّق، إنما كانت جريدة «الأحزاب الوطنية» خلال الحرب والقريبة من المقاومة الوطنية ومن ثم «حزب الله». لكن سلمان حاول مد جسور علاقات وطيدة مع الجميع، وسعى إلى توسيع مروحة صلاته ولا سيما بعد الحرب من أجل إقامة مساحة أكثر توازناً.

وجد سلمان نفسه مع «السفير» في مواجهة محطاتٍ شرسة من عمر الحرب، التي توالت فصولُها. حروب إسرائيل المدمّرة والحروب الداخلية، وهو كتب عن مؤتمريْ لوزان وجنيف وعن الطائف كشاهدِ عيان، وعن مرحلة ما بعد الطائف، فكان يحاول الخروج من قوقعة الحرب إلى لبنان في شكله الجديد.

وسعى إلى تكريس نهج التغطية الواسعة الميدانية في مواكبة الأحداث الكبيرة، وهو بذلك عزّز وجود أجيالٍ من الصحافيين من الحرس القديم والجيل الشاب والأدباء والأقلام الإقتصادية والسياسية والأدبية، العاملين على خط تعزيز حضور «السفير» في ميزان الصحافة بمعناها الأشمل، وليس حصرها بالإطار السياسي بمعناه الضيق.

فرض سلمان نهجه على «السفير» وعلى العالم الصحافي في لبنان، معزَّزاً بانتماء عربي - فلسطيني. وهو أعطى لجريدته نكهتَها الخاصة، فكانا روحاً وجسماً واحداً، وهو يدين لها بأنها هي التي أعطتْه المجال الأرحب لأن يكون طلال سلمان الصحافي أولاً وآخراً

.. وغياب القلم الجريء والحاد يزيد من حدة الفراغ الصحافي في لبنان.

المصدر: الراي

كلمات دلالية: طلال سلمان

إقرأ أيضاً:

في حال نشوب الحرب.. يُخوت السّفر إلى قبرص جاهزة

انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي صور ومقاطع فيديو تطرح عروضا للسفر إلى قبرص عن طريق البحر من لبنان، وكانت العناوين الأبرز أنّ هذه القوارب جاهزة للإنطلاق مجرد بدء الحرب، خاصة وأن المطار سيشهد زحمة خانقة، أو سيغلق، بالاضافة إلى المعابر البرية النافذة على دمشق، والتي تعتبر خطيرة خلال الحرب، إذ إن إسرائيل قد تستهدف أيا كان. ومع التأجيل المتواصل للرحلات في مطار بيروت، والذي أدى إلى حالة عدم يقين بالاستقرار عند اللبنانيين بشكل عام، والمغتربين أو السياح بشكل خاص، ومع ارتفاع حركة المغادرة، برزت إلى الواجهة عروض السفر عبر البحر إلى قبرص في حال نشوب الحرب، من خلال يخوت تكون مخصّصة للوصول إلى شواطئ الدول القريبة. فما هي هذه الرحلات؟ وهل هي آمنة؟ وكيف يستطيع اللبناني أن يستفيد منها؟ عمليًا، وعلى الرغم من التجاوزات المتمثلة بالقوارب غير الشرعية الصغيرة التي تقل مهاجرين غير شرعيين، تحرص وزارة الأشغال العامة والنقل على منع أي قارب أو يخت من المغادرة من دون أن يتم التأكّد من قابلية وصوله إلى الشواطئ القبرصية. من هنا تقول مصادر وزارة الأشغال لـ"لبنان24" إن عملية الكشف عن اليخوت تتم من قبل المديرية العامة للنقل، التي تعطي ترخيصًا يسمح لليخت بالانطلاق برحلته او لا تمنحه الترخيص. وتضيف المصادر أن الجهات المختصة تتفحص اليخت بشكل دقيق، وتعطيه الضوء الأخضر، ومن المستحيل أن يخرج أي يخت من دون التحقق من شهادة سلامة الإبحار والتصنيف. وفي وقت لا يوفّر لبنان نقلا بحريا تجاريا إلى الخارج، تأتي الرحلات البحرية كحل بديل، خاصة تلك التي تأتي في حالة الذروة كالحرب مثلا؛ إلا أنّه لا يمكن لأي كان أن يستفيد منها، إذ إنّ تكاليفها مرتفعة جدًا، أضف إلى الشروط التي يجب أن تتوفر عند الأشخاص الراغبين في السفر. "لبنان24" تواصل مع القبطان الياس خوند، الذي يعمل في إحدى الشركات التي تسيّر رحلات شرعية من لبنان إلى قبرص، حيث شرح بالتفاصيل كافة الشروط الواجب توافرها. يقول خوند أن الرحلة تحتاج إلى أوراق معينة، أهمها جواز سفر يتضمن فيزا قبرصية أو شينغن، أو استخدام الباسبور الأوروبي، الذي يسمح للشخص في الدخول إلى قبرص، حيث يتم تقديم الأوراق إلى مركز الأمن العام قبل 4 ساعات من السفر، ويتم خلال هذا الوقت الاستحصال على إذن سفر من رئاسة مرفأ بيروت، التي تعطي تصريحا يسمح لليخت بالانطلاق والسفر، علمًا أن أسماء المسافرين تُقدم للمركز والجمارك والجيش، مرفقة مع إذن السفر. وبعد الحصول على إذن السفر لجميع الركاب بعد الإطلاع على وضعهم القانوني، يتم تفتيش المركب من قبل الجهات الأمنية التي تعطي الضوء الأخضر للإنطلاق. ويشير خوند إلى أن لائحة الأسماء التي قُدّمت للجهات الأمنية في لبنان يتم إرسالها أيضا إلى مرفأ السلطات المعنية في البلد المضيف، وهذا ما يسهّل عملية الوصول والمغادرة. ماذا عن مدة السفر؟ يؤكّد القبطان الياس خوند أن الإجراءات في حال قرّر الشخص أن يسافر عن طريق البحر، خاصة في حال أُعلنت حال الطوارئ هي سريعة جدًا، إذ إن المراكز المعنية بإعطاء الموافقة قريبة من بعضها البعض، وهذا ما يساهم في تسريع عملية السفر. أما عن مدة السفر من لبنان إلى قبرص على اليخت يشير خوند إلى أن مدة الرحلة تتراوح بين 4 إلى 5 ساعات.

هل من إقبال؟
في الآونة الأخيرة، ومع التعديل المفاجئ الذي أقرّته شركة طيران الشرق الأوسط على الرحلات المقبلة أو المغادرة، تأثر عدد كبير من الأشخاص، خاصة الذين كانوا مرتبطين بمواعيد عمل. في السياق، يوضح خوند أن الإقبال عادة يكون من قبل هؤلاء الأشخاص الذين وبدل انتظار رحلة قد يتم تعديلها مجددًا، فإنّهم يفضلون في هذه الحال أن يتجهوا إلى قبرص خلال 4 ساعات ومن بعدها السفر من المطار القبرصي إلى وجهتهم. أما بالنسبة إلى اللبنانيين، فيقول خوند أن كلفة الرحلة باهظة، ولا يستطيع أي مواطن أن يتحملها، حيث يدفع الشخص الواحد قرابة 1500 دولار أميركي. ويعزو خوند الأمر إلى أن السفر في البحر تكاليفه أصلا مرتفعة، بالاضافة إلى عدم تواجد مراكز مجهّزة لنقل الركاب، مثل تلك المتواجدة في قبرص واليونان، وهذا ما دفع بالشركات إلى استخدام يخوت لنقل الركاب. ويلفت خوند إلى أن اليخوت التي يتم استعمالها هي يخوت خاصة، مرخّصة لحمل 10 أشخاص فقط، وقيمة تأجير اليخت 12 ألف دولار. وبالتالي في حال تفاوت عدد المسافرين بين 10 أو 7 أو 5 أو حتى شخصين، فإن أجرة اليخت التي يجب أن يتم دفعها هي 12 ألف دولار. ويشير خوند إلى وجود أنواع متعددة من اليخوت، فمنها ما هو مخصّص للسياحة، والبعض الآخر مخصص للسفر أو حالات الطوارئ. والأسعار تتفاوت بين حجم اليخت، والوجهة، والهدف من استخدامه. بالتوازي، تؤكّد مصادر وزارة الأشغال لـ"لبنان24" أن وجهة استخدام هذا النوع من اليخوت لا يقتصر على قبرص فقط، بل من الممكن أن تتوجه لمختلف الدول القريبة للإستجمام والسياحة وحتى خلال حالات الطوارئ. وتلفت المصادر إلى أن الأمر لا يقتصر على بيروت فقط، إذ إنّ هكذا نوع من الرحلات تسيّر أيضا من مرفأ طرابلس، والتي تكون غالبا وجهتها تركيا، إذ إن التكلفة إلى هناك منخفضة جدًا.   المصدر: خاص لبنان24

مقالات مشابهة

  • أغذية وتجهيزات إيواء وخدمات طبية.. مركز الملك سلمان يواصل مساعداته الإنسانية حول العالم
  • الفيدرالية العالمية لأصدقاء الأمم المتحدة تكرم السفير الدكتور علي ناقور
  • تحيات جلالة السلطان إلى فخامة رئيسة جمهورية البيرو ينقلها سفير سلطنة عُمان
  • مالي تطرد سفير السويد بسبب تصريحات ستوكهولم
  • في حال نشوب الحرب.. يُخوت السّفر إلى قبرص جاهزة
  • مساعدات غذائية وطبية.. مركز الملك سلمان يواصل أعماله الإنسانية في 4 دول
  • رئيس الطائفة الإنجيلية يبحث مع سفير السويد بالقاهرة تعزيز نشاط الحوار العربي الأوروبي
  • رئيس «الإنجيلية» يلتقي سفير السويد ويؤكد أهمية الحوار لتعزيز قبول الآخرين
  • الداخل اللبناني منقسم في مقاربة الجبهات.. ماذا لو توسّعت الحرب؟!
  • «الباعور» يبحث مع السفير الكوري مستجدات الأوضاع