الخليج الجديد:
2024-10-02@02:30:04 GMT

عن المتاهة الأفريقية!

تاريخ النشر: 26th, August 2023 GMT

عن المتاهة الأفريقية!

عن المتاهة الأفريقية!

الفراغ الذي تتركه فرنسا في أفريقيا مرشح لأن تملأه أطراف دولية أخرى، مثل الصين وروسيا، وهذا ليس دائما في مصلحة القارة!

سواء نجحت الضغوط لإعادة الرئيس بازوم أم لم تنجح، فالعجلة لن تعود إلى الوراء، بعد أن أصبحت عدوى الانقلابات العسكرية تنتقل في القارّة من بلد لآخر.

فشل الاتحاد الأفريقي في حل أي مشكلة أفريقية وظلت قراراته على الدوام صدى لمواقف الدول الكبرى، صاحبة المصالح الأساسية بالقارّة، خاصة فرنسا وأميركا.

كل استقرار في أفريقيا هشّ ومرتبط بالخارج لأن الاعتماد على الذات متعذّر وعوامل التفجير الداخلي والحروب الأهلية والبينية قائمة وتشكّل الثروات عوامل جذب دولي.

لم يعد بوسع فرنسا التحكّم بالتحوّلات في أفريقيا، وصلت سياساتها لحالة عجز عن مواكبة التطورات السريعة، ولا تبدو قادرة على ابتكار أساليب جديدة.

* * *

الانقلاب في النيجر محطّة مهمة في سياق سلسلة التداعيات السلبية التي دخلت معها أفريقيا في مرحلة من الفوضى بلا حدود. وسواء نجحت الضغوط في إعادة الرئيس المخلوع محمد بازوم أم لم تنجح، فإن العجلة لن تعود إلى الوراء، بعد أن أصبحت عدوى الانقلابات العسكرية تنتقل في القارّة من بلد إلى آخر. وكانت البداية في عام 2020، عندما خسرت فرنسا نفوذها في مالي، ومن بعدها بوركينا فاسو 2022، ومن ثم النيجر.

وما تبدو أنها انقلابات ضد فرنسا هي في جوهرها تعبير عن انقسامات داخلية، وصراعات متعدّدة الأطراف، تعبّر عن نفسها في محاولات استيلاء على السلطة، لكنها لا تنتهي بمجرّد نجاح طرفٍ في كسب الجولة.

فكل استقرار في أفريقيا هشّ، ومرتبط بمصلحة دولة خارجية، لأن الاعتماد على العوامل الذاتية متعذّر في الغالبية العظمى من دولها، كما أن عوامل التفجير الداخلي، والحروب الأهلية، وقضايا الحدود متوفرة بكثرة، وتشكّل الثروات عوامل جذب دولي، طالما أنها لن تنضَب بسرعة.

وكلما تقدّم الغرب صناعيا، زادت حاجته لها، وما يعمّق من المأساة الأفريقية أنه ليس هناك دولة قادرة على أن تشكّل مرجعية لمساعدة الأفارقة على حل المشكلات البينية، ومحاصرة النزاعات، والعمل من أجل تنمية القارّة، مثل بناء شبكات طرق للتبادل، وأسواق مشتركة، وبنى تحتية صحية وتعليمية، تعوّض عن الاعتماد على فرنسا والصين.

وقد فشل الاتحاد الأفريقي في حل أي مشكلة أفريقية بينيّة واحدة، وظلت قراراته على الدوام صدى لمواقف الدول الكبرى، صاحبة المصالح الأساسية في القارّة، على نحو خاص فرنسا والولايات المتحدة.

لم يعد في وسع فرنسا التحكّم بآلية التحوّلات في أفريقيا، بل إن سياساتها وصلت إلى حالة عجز عن مواكبة التطورات السريعة، ولا تبدو قادرة على ابتكار أساليب جديدة.

ويتبيّن أن الفراغ الذي تتركه مرشح لأن تملأه أطراف دولية أخرى، مثل الصين وروسيا، وهذا ليس دائما في مصلحة أفريقيا، التي تنتقل من هيمنة إلى أخرى، وتخسر حالة الاستقرار النسبي، التي تكونت بالتفاهم، تاريخيا، مع باريس.

ولأن دول القارة غير قادرة على مواجهة الأوضاع الجديدة بمفردها، فهي مرشحة إلى فوضى وحروب أهلية، تنقلها إلى مرحلة جديدة من الخراب، وتبديد الموارد والضحايا.

وحتى لو لم تكن روسيا متورّطة بشكل مباشر في الانقلابات، ففرنسا يُنظر إليها دائما بصورة المستعمر السابق الذي يوضع ككبش فداء، رغم أن لدى دول الاتحاد الأوروبي، مثل إيطاليا وألمانيا وغيرهما، وجودا عسكريا وماليا قويا في أكثر من بلد أفريقي.

يقع القسط الأكبر من مسؤولية الانهيار في أفريقيا على سياسات الاستعمار القديم الذي شارف على الإفلاس والفشل من كل النواحي، غير أن الضرر المترتب على نهاية هذه الحقبة لن يقتصر على الأفارقة أنفسهم فقط.

وما يشهده العالم من موجات نزوح من أفريقيا باتجاه بعض البلدان العربية، مثل تونس، ليبيا، المغرب، والجزائر، يشكّل مخاطر كبيرة، لأنه يهدّد بارتفاع الأعداد.

وكل من يفشل في عبور البحر نحو الضفة الأخرى لا يعود من حيث جاء، بل يستقرّ في المكان الذي وصل إليه، ما يشكّل تهديدا بدأت تظهر بوادره في تونس التي قامت بحملات لترحيل المهاجرين الأفارقة الذين وصلوا إليها.

وتبيّن أن الاتفاق الذي وقّعه الرئيس التونسي قيس سعيّد مع المفوضية الأوروبية في الشهر الماضي (يوليو/ تموز) لا يمكنه أن يعالج المشكلة، بل يحاول أن يبعدها عن تونس فقط.

ومن هنا، يتطلب البحث عن حلول مستدامة، ووضع مقاربات أفريقية دولية جديدة، على أساس من التعاون شمال جنوب أكثر جدوى وعدالة، بما يساعد على تنمية أفريقيا، ويحدّ من الانقلابات، والنزاعات، والحروب الأهلية، وموجات النزوح.

*بشير البكر كاتب صحفي وشاعر سوري

المصدر | العربي الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: أفريقيا فرنسا الصين روسيا تونس النيجر محمد بازوم الحروب الأهلية الاتحاد الأفريقي قيس سعيد الانقلابات العسكرية فی أفریقیا قادرة على القار ة

إقرأ أيضاً:

وزير الخارجية لـ«البوابة نيوز»: مصر خير من يمثل أشقائها في أفريقيا والمنطقة العربية بمجلس الأمن

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

قال وزير الخارجية الدكتور بدر عبد العاطي، إن مصر دولة أفريقية رئيسية وإقليمية ذات وزن كبير، ومن حقها أن يكون لها صوت قوي في المحافل الدولية، والمطالبة بمقعد دائم في مجلس الأمن. 

وأضاف وزير الخارجية في حواره لـ"البوابة نيوز": مصر تعتبر نفسها خير من يمثل أشقائها في أفريقيا وفي المنطقة العربية، وستعمل على تحقيق هذا التمثيل، بشكل يعكس دورها الإقليمي والدولي، ويضمن تمثيلًا عادلًا لقضايا أفريقيا والمنطقة في مجلس الأمن.

مقالات مشابهة

  • 10 معلومات عن المبادرة الأفريقية للطاقة الجديدة والمتجددة
  • فوز طلاب الجامعة الأمريكية بالقاهرة في دورة الألعاب الجامعية الأفريقية
  • «كاف» يطلق حملة «حماية الحلم» ضد الاتجار بالمواهب الأفريقية
  • بالأرقام.. أبرز الدول الأفريقية المستقبلة للصادرات المصرية خلال 2023
  • وزير الخارجية لـ«البوابة نيوز»: مصر خير من يمثل أشقائها في أفريقيا والمنطقة العربية بمجلس الأمن
  • فرنسا: ما نوع الإصلاحات المالية التي تدرسها الحكومة؟
  • محفظة ليبيا أفريقيا تستعرض أهم مشاريعها مع هيئة الرقابة
  • جماهير الجيش الملكي تطالب بتأهيل ملعب القنيطرة المتاح الوحيد بالجهة للمنافسات الأفريقية
  • دعاء زهران: القيادة السياسية قادرة على اتخاذ القرارات التي تحمي وتحافظ على أمن مصر القومي
  • الطلب على النفط في أفريقيا قد يتضاعف إلى 9 ملايين برميل يوميًا