الخليج الجديد:
2025-04-01@05:21:25 GMT

هل يتم التخلي عن الغنّوشي في مؤتمر النهضة؟

تاريخ النشر: 26th, August 2023 GMT

هل يتم التخلي عن الغنّوشي في مؤتمر النهضة؟

هل يتم التخلي عن الغنّوشي في مؤتمر "النهضة"؟

ليس مؤتمر حركة النهضة مجرّد حدث حزبي عادي أو عابر بل أعمق من ذلك بكثير.

هل التوقيت الراهن مناسب لإنجاز هذه المحطة التنظيمية المهمة في تاريخ الأحزاب؟

حركة النهضة كيانٌ وفكرةٌ ضحّت من أجلها أجيال نصف قرن، وهي اليوم مهدّدة بالزوال، لأن مؤسّسها أراد لها أن تبقى ملتصقة به إلى النهاية.

الشخصيات التي لعبت أدوارا أولى طوال مسارات سابقة ماتت أو استقالت أو أقيلت. قليل منهم من بقي، لكنهم ليسوا من حجم الغنوشي، وعاشوا في ظله وتحت وصايته.

نجحت عبير موسي في ترذيل مجلس النواب وتعطيله وجاءت لحظة الصفر، فانقضّ قيس سعيّد على البرلمان والسلطة بكل آلياتها ومؤسّساتها معلنا انتهاء مسار الانتقال الديمقراطي!

* * *

تستعدّ حركة النهضة لعقد مؤتمرها في شهر أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، هذا المؤتمر الذي تأخّر عن موعده أربع سنوات، بسبب تعدّد الخلافات الداخلية والمناورات التي قامت بها القيادة ربحا للوقت، وانشغالا بمعارك سياسية خيضت على جبهاتٍ متعدّدة.

فهل التوقيت الراهن مناسب لإنجاز هذه المحطة التنظيمية المهمة في تاريخ الأحزاب؟

لم تكن الحركة بخير قبل الثورة. كانت ضعيفة، يشقّها خلاف جوهري بين رئيسها راشد الغنّوشي ومعظم أعضاء القيادة بشأن كيفية التعامل مع الرئيس زين العابدين بن علي. وكان خلافا عميقا، كاد الغنّوشي بسببه أن يبقى وحدَه متمسّكا بموقفه الرافض فكرة إمكانية الحوار مع رأس النظام.

وكادت الحركة أن تندثر لولا اندلاع الثورة التي قلبت المعادلات والأولويات وغيّرت المواقع وأنقذت "النهضة" من السيناريو السيئ. وعندما استقرّت الأوضاع، بات الرجل أكثر حرصا على التمسّك بزعامة الحركة والانفراد بالقيادة. عندما عاد الغنوشي من المهجر، أعلن أنه سيغادر موقع القيادة، وسيتفرّغ للشأن الثقافي والفكري، غير أنه غيّر الاتجاه.

المؤتمر التاسع بدل أن يكون مناسبة للمحاسبة والتقييم كما دعا لذلك كثيرون من كوادر الحركة، انقلب إلى فرصةٍ لجمع الشمل، وتغليب العاطفة على العقلانية، والحفاظ على وحدة الحركة من أجل الاستعداد لخوض الاستحقاقات السياسية والانتخابية. وبالتالي، أصبحت المسألة المركزية يومها الوصول إلى السلطة، على حساب بناء الحزب على أسس سليمة وقوية.

جرى ترحيل الجوانب المضمونية إلى المؤتمر العاشر الذي عقد في ظروف مختلفة بعد انهيار تجربة الحركة في السلطة، وخسارتها الموقع الأول في انتخابات 2014، واضطرارها إلى التحالف مع خصومها والقبول بمشاركة شكلية مع حزب نداء تونس.

في ظل تلك المتغيّرات، تحولت أشغال مؤتمر "حركة النهضة" إلى صراع في الكواليس وفي العلن، من أجل تقليص صلاحيات رئيس الحركة الذي أصرّ على أن تبقى جميع خيوط التنظيم والقيادة بيده. وبذلك بلغت الأزمة التنظيمية والسياسية أقصاها.

ازدادت النداءات من داخل الحركة للمطالبة بضرورة تنظيم المؤتمر، واعتبره المعارضون للغنوشي مناسبة لإنجاز التداول الجيلي، وحذّروا من تجاوز القانون الداخلي الذي يؤكّد على انتهاء رئاسة الغنوشي الحركة مع انتهاء الدورة الحالية.

وبالتالي، أصبح مطروحا على النهضويين تأمين الانتقال القيادي بالبحث عن رئيس جديد. لكن بدل أن يعمل الجميع، وفي مقدّمتهم راشد الغنوشي، على إنجاز هذه المهمّة، استغلت القيادة فترة انتشار جائحة كورونا لترحل موعد المؤتمر إلى أجل غير مسمّى.

ثم أصبح رئيس الحركة رئيسا للبرلمان، وتطوّر الصراع بينه وبين عبير موسي التي نجحت في ترذيل مجلس النواب وتعطيل أشغاله. وجاءت لحظة الصفر، فانقضّ قيس سعيّد على البرلمان وعلى السلطة بكل آلياتها ومؤسّساتها، معلنا انتهاء مسار الانتقال الديمقراطي، ودخول البلاد مرحلة "البناء القاعدي".

هكذا وجدت الحركة نفسها تخوض المعارك من أجل استعادة المسار الديمقراطي الذي أوصلها إلى السلطة في غياب معارضة وازنة قادرة على تعديل الكفّة. وفي هذا الخضمّ من الأحداث المتسارعة، يُعتقل الغنوشي، ومعه أبرز كوادر الحرس القديم، وتجد "النهضة" نفسها بين خيارين أحلاهما مرّ.

إما أن تتمسّك بالقانون وبالديمقراطية الداخلية، وهو ما يقتضي تجاوز الغنوشي، وتحقيق ما يسمّى الانتقال القيادي، واختيار بديل له من داخل الحركة،

أو أن تعتبر ذلك ‏"خيانة"، فتتمسّك بالغنوشي رئيسا لها، وتختار نائبا له يقود الحركة إلى أن يجري إطلاق سراحه، وعندها لكل حادثٍ حديث. وفي هذه الصورة تترسّخ فكرة القيادة الدائمة التي لا يحول دونها سوى الموت، موت القائد، وربما موت الحزب.

ليس مؤتمر حركة النهضة مجرّد حدث حزبي عادي وعابر. هو أعمق من ذلك بكثير. الحركة كيانٌ وفكرةٌ ضحّت من أجلها أجيال نصف قرن، وهي اليوم مهدّدة بالزوال، لأن مؤسّسها أراد لها أن تبقى ملتصقة به إلى النهاية.

حتى الشخصيات التي لعبت أدوارا أولى طوال المسارات السابقة، ماتت أو استقالت أو أقيلت. قليل منهم من بقي، لكنهم ليسوا من حجم الغنوشي، وعاشوا في ظله وتحت وصايته.

*صلاح الدين الجورشي كاتب وناشط تونسي في المجتمع المدني

المصدر | العربي الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: تونس الغنوشي حركة النهضة الانتقال الديمقراطي قيس سعيد حرکة النهضة من أجل

إقرأ أيضاً:

مهام الحركة الجماهيرية بعد انسحاب الدعم السريع من العاصمة

1
اشرنا سابقا الي مسؤولية الإسلامويين في صنع الدعم السريع وإدخاله للعاصمة، وفي مواقع حساسة (القصر الجمهوري، القيادة العامة. الخ)، حتى شكل قوة ضاربة هدد مصالح الإسلامويين، وأشعلوا نار الحرب معه، تلك الحرب حسب لجنة تقصي الحقائق الأممية ،الذي رصد السمات الأساسية لجرائمها مثل: حالات الاغتصاب والاستعباد الجنسي والإبادة الجماعية وتدمير البنية التحتية والسجلات الحكومية، والحرب العرقية كما للمساليت في غرب دارفور، وحملات الاعتقالات والتعذيب حتى الموت في سجون طرفي الحرب، وحمل التقرير الجيش والدعم السريع المسؤولية عن الانتهاكات الواسعة النطاق لحقوق الإنسان التي ترقى لجرائم الحرب.
مع تواتر المعلومات حول التسوية التي انسحب بموجبها الدعم من العاصمة والاتجاه للعودة لمنبر جدة ، إلا أنه لا بد من التأكيد أن العامل الخارجي مساعد في وقف الحرب، لكن العامل الحاسم هو التصعيد الداخلي الجماهيري لوقف الحرب واستعادة مسار الثورة، وخروج العسكر والدعم السريع والمليشيات من السياسة والاقتصاد، وقيام الحكم المدني الديمقراطي، وتحسين الأوضاع المعيشية والصحية والتعليمية والإنسانية، والأمنية ومحاسبة مجرمي الحرب، ومنع مخطط تقسيم البلاد من المحاور الإقليمية والدولية التي تسلح طرفي الحرب والتي تهدف لتقسيم البلاد ونهب ثرواتها.
3
اشرنا سابقا إلى أن جرائم الحرب هي امتداد للجرائم السابقة منذ انقلاب اللجنة الأمنية في 11 أبريل 2019، ومجزرتي ٨ رمضان و فض اعتصام القيادة العامة والولايات، والانتهاكات والابادة الجماعية في دارفور وجبال النوبا وجنوب النيل الأزرق، اضافة لجرائم نظام الانقاذ كما في الابادة الجماعية التي حدثت في دارفور 2003، التي تطلبت تقديم البشير ومن معه للمحكمة الجنائية الدولية، وهي جرائم لن تسقط بالتقادم، ولابد من عدم الإفلات من العقاب وان طال السفر.
4

أدت الحرب إلى دمار وجرائم وخراب غير مسبوق في الوضع الإنساني والبنى التحتية، تحتاج للمزيد من التوثيق لها بتفصيل، مع تحديد حجم الخسائر لتعويض المتضررين، وتأمين عودتهم لمدنهم وقراهم ومنازلهم، وإعادة إعمار ما دمرته الحرب، كما في الآتي:
– نزوح أكثر من 12 مليون شخص داخل وخارج البلاد، وتجاوز عدد القتلى 27 ألف شخص واصابة وفقدان الآلاف.
– تدمير المنشآت والبنى التحتية مثل: مصفاة الجيلي وكبري شمبات. الخ، والمنازل جراء قصف الجيش، واحتلال المنازل من الدعم السريع، ونهب عربات وممتلكات المواطنين، وحالات التطهير العرقي في غرب دارفور، اضافة لحالات الاغتصاب والعنف الجنسي والاعتقالات والتعذيب للمعتقلين في معتقلات الجنجويد والجيش. إضافة لقطع خدمات الكهرباء والماء والاتصالات والانترنت.
الجرائم ضد الإنسانية التي تركبها عصابات داعش مثل كتاب البراء بن مالك بالقتل خارج القانون وقطع الرؤوس وبقر البطون، والتعذيب الوحشي للاسري المعتقلين التي عكستها الفيديوهات المتداولة.
إضافة لجرائم الحرب كما حدث في الخرطوم ودارفور وكردفان، وفي ولاية الجزيرة بعد الهجوم على الجزيرة الذي أدي لنزوح أكثر من 500 ألف شخص نازح وغيرهم، مع نهب المتاجر والمنازل والأسواق والقرى وادوات إنتاج المزارعين. الخ.
– جلبت الحرب معها كل أشكال المعاناة والأمراض مثل: الكوليرا والملاريا وحمى الضنك، وملتحمة العين، وتدهور صحة البيئة فضلاً عن كوارث السيول والامطار التي أدت للمزيد من التدهور، وشملت أغلب ولايات السودان، وبعد فشل خدمات الصيانة مما أدى لانهيار سد اربعات في ولاية البحر الأحمر، وعدد كبير من الكباري والمنشآت في الشمالية وغيرها. الخ، وفي ظل غياب الرعاية الصحية وخروج أكثر من 70% من المستشفيات من الخدمة والنقص في الدواء وتدهور صحة البيئة جراء الجثث المتراكمة في الطرقات، وعدم فتح المسارات الآمنة لوصول الإغاثة لمناطق النزوح والحرب. الخ، كما يحاصر الجوع أكثر من 25 مليون من سكان البلاد حسب بيانات الأمم المتحدة.
فضلا عن خسائر الحرب التي تجاوزت أكثر من 100 مليار دولار.. وتدمير الإنتاج الصناعي والزراعي والخدمي، وتدهور القوة الشرائية للمواطنين والانخفاض الكبير للجنيه السوداني مع الارتفاع المستمر للأسعار، فضلا عن فقدان أكثر من 5 ملايين وظيفة، بعد تدمير القطاع الزراعي والصناعي والخدمي. الخ.
إضافة لأثر الحرب على المواقع الأثرية والثقافية والتراثية وتدمير بعضها.
أدت الحرب إلى تدهور الإنتاج الزراعي بخروج أكثر من 70% من مناطق الإنتاج الزراعي بسبب الحرب وتوقف المزارعين عن الإنتاج، ومشاكل الري وزيادة الضرائب ونقص التمويل اللازم وشح الوقود وارتفاع أسعاره، وتقلص المساحات المزروعة، مما يزيد من مخاطر المجاعة والنقص في الغذاء.
– فاقمت الحرب الأوضاع المعيشية وأدت لارتفاع الأسعار وقيمة النقل والخدمات وخروج 90% من المصانع عن العمل حسب وزارة الصناعة بسبب تدمير ونهب المصانع، إضافة لنهب الأسواق والبنوك، وعدم صرف العاملين لمرتباتهم لأكثر من 10 شهور، وفقدانهم لمقومات معيشتهم بعد إخلاء منازلهم وأصبحوا نازحين..
– عطلت الحرب الدراسة في المدارس والجامعات لأكثر من عام والتي يتطلب فتحها وقف الحرب وتوفير الأمن وخروج الجيش والدعم السريع منها والإصلاح العاجل لما دمرته الحرب.
هذا فضلا عن عدم فتح المسارات الآمنة لوصول الإغاثات للمواطنين تحت وابل الرصاص والقنابل، وجرائم طرفي الحرب في الابادة الجماعية التي زادت في مدن دارفور كما في مجزرة سوق طرة الأخيرة التي ارتكبها طيران الجيش المختطف من الإسلامويين.
إضافة لخطر اتخاذ الحرب طابعا عرقيا واثنيا، مما يهدد وحدة البلاد، وخطر تصريح ياسر العطا حول ضرب تشاد باشعال المنطقة.
5
– جاءت امتداداً لخراب نظام الإنقاذ، ولانقلاب اللجنة الأمنية في 11 أبريل 2019 ومجزرة فض الاعتصام، وانقلاب 25 أكتوبر 2021 بعد الصراع الذي دار في الاتفاق الإطاري حول دمج الدعم السريع في الجيش.
مما يتطلب بعد مرور حوالي عامين على الحرب مواصلة وتقوية الجبهة الجماهيرية القاعدية لوقف الحرب واسترداد الثورة، وعودة الحياة إلى طبيعتها.
– إعمار ما دمرته الحرب، وتقديم مجرمي الحرب للمحاكمات، وعدم تكرار الإفلات من العقاب، وعدم إعادة الشراكة مع الدعم السريع والجيش المختطف من الإسلامويين ، والاتفاق الإطاري الذي يعيد إنتاج الأزمة والحرب مرة أخرى، كما ورد في إعلان أديس أبابا، واتفاق “المنامة” الذي يعيد إنتاج الشراكة مع الدعم السريع والأزمة والحرب.
– خروج الدعم السريع والجيش من السياسة والاقتصاد، والترتيبات الأمنية لحل الدعم السريع ومليشيات الفلول وجيوش الحركات، وقيام الجيش القومي المهني الموحد تحت إشراف الحكومة المدنية وترسيخ الحكم المدني الديمقراطي. وقيام المؤتمر الدستوري في نهاية الفترة الانتقالية للتوافق على شكل الحكم ودستور ديمقراطي وقانون انتخابات يفضي لانتخابات حرة نزيهه في نهاية الفترة الانتقالية.
– التصدي بحزم لمخططات “الفلول” والدعم السريع لتصفية الثورة، وتمزيق وحدة البلاد والتفريط في السيادة الوطنية، ونهب ثروات البلاد وتقسيمها من المحاور الإقليمية والدولية التي تسلح طرفي الحرب.
وقف النهب المنظم الثروات البلاد من طرفي الحرب مثل تهريب الذهب والصمغ العزبي والثروة الحيوانية، كوابل النحاس، وتصدير عربات للمواطنين فى شكل خردة، والمخطط لبيع مشروع الجزيرة للشركات، والتفريط في المواني، ومشروع الهواد. الخ.
حماية السيادة الوطنية وقيام علاقات خارجية متوازنة مع كل دول العالم.

alsirbabo@yahoo.co.uk

   

مقالات مشابهة

  • بن حبتور يهنئ عبدالمهدي والمشاركين في مؤتمر فلسطين بعيد الفطر
  • مؤتمر مشروع بناء السلام في لبنان في دير الانطونية - الحدث
  • الحركة الإسلامية في القدس تحذر من مخاطر كبيرة على الأقصى
  • القيادة تعزي ملك تايلند في ضحايا الزلزال الذي وقع في مدينة بانكوك
  • مشاهد مرعبة لسقوط عامل رافعة من حجرة القيادة في أثناء الزلزال الذي ضرب تايلاند
  • مهام الحركة الجماهيرية بعد انسحاب الدعم السريع من العاصمة
  • القيادة تعزي ملك مملكة تايلند في ضحايا الزلزال الذي وقع في مدينة بانكوك
  • عائلة المعارض التونسي الجلاصي تطالب بتوفير الرعاية الصحية داخل محبسه (شاهد)
  • القيادة تعزي ملك تايلند في ضحايا الزلزال الذي وقع في بانكوك
  • انتعاش الحركة الشرائية بعسير مع اقتراب عيد الفطر