هل يتم التخلي عن الغنّوشي في مؤتمر النهضة؟
تاريخ النشر: 26th, August 2023 GMT
هل يتم التخلي عن الغنّوشي في مؤتمر "النهضة"؟
ليس مؤتمر حركة النهضة مجرّد حدث حزبي عادي أو عابر بل أعمق من ذلك بكثير.
هل التوقيت الراهن مناسب لإنجاز هذه المحطة التنظيمية المهمة في تاريخ الأحزاب؟
حركة النهضة كيانٌ وفكرةٌ ضحّت من أجلها أجيال نصف قرن، وهي اليوم مهدّدة بالزوال، لأن مؤسّسها أراد لها أن تبقى ملتصقة به إلى النهاية.
الشخصيات التي لعبت أدوارا أولى طوال مسارات سابقة ماتت أو استقالت أو أقيلت. قليل منهم من بقي، لكنهم ليسوا من حجم الغنوشي، وعاشوا في ظله وتحت وصايته.
نجحت عبير موسي في ترذيل مجلس النواب وتعطيله وجاءت لحظة الصفر، فانقضّ قيس سعيّد على البرلمان والسلطة بكل آلياتها ومؤسّساتها معلنا انتهاء مسار الانتقال الديمقراطي!
* * *
تستعدّ حركة النهضة لعقد مؤتمرها في شهر أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، هذا المؤتمر الذي تأخّر عن موعده أربع سنوات، بسبب تعدّد الخلافات الداخلية والمناورات التي قامت بها القيادة ربحا للوقت، وانشغالا بمعارك سياسية خيضت على جبهاتٍ متعدّدة.
فهل التوقيت الراهن مناسب لإنجاز هذه المحطة التنظيمية المهمة في تاريخ الأحزاب؟
لم تكن الحركة بخير قبل الثورة. كانت ضعيفة، يشقّها خلاف جوهري بين رئيسها راشد الغنّوشي ومعظم أعضاء القيادة بشأن كيفية التعامل مع الرئيس زين العابدين بن علي. وكان خلافا عميقا، كاد الغنّوشي بسببه أن يبقى وحدَه متمسّكا بموقفه الرافض فكرة إمكانية الحوار مع رأس النظام.
وكادت الحركة أن تندثر لولا اندلاع الثورة التي قلبت المعادلات والأولويات وغيّرت المواقع وأنقذت "النهضة" من السيناريو السيئ. وعندما استقرّت الأوضاع، بات الرجل أكثر حرصا على التمسّك بزعامة الحركة والانفراد بالقيادة. عندما عاد الغنوشي من المهجر، أعلن أنه سيغادر موقع القيادة، وسيتفرّغ للشأن الثقافي والفكري، غير أنه غيّر الاتجاه.
المؤتمر التاسع بدل أن يكون مناسبة للمحاسبة والتقييم كما دعا لذلك كثيرون من كوادر الحركة، انقلب إلى فرصةٍ لجمع الشمل، وتغليب العاطفة على العقلانية، والحفاظ على وحدة الحركة من أجل الاستعداد لخوض الاستحقاقات السياسية والانتخابية. وبالتالي، أصبحت المسألة المركزية يومها الوصول إلى السلطة، على حساب بناء الحزب على أسس سليمة وقوية.
جرى ترحيل الجوانب المضمونية إلى المؤتمر العاشر الذي عقد في ظروف مختلفة بعد انهيار تجربة الحركة في السلطة، وخسارتها الموقع الأول في انتخابات 2014، واضطرارها إلى التحالف مع خصومها والقبول بمشاركة شكلية مع حزب نداء تونس.
في ظل تلك المتغيّرات، تحولت أشغال مؤتمر "حركة النهضة" إلى صراع في الكواليس وفي العلن، من أجل تقليص صلاحيات رئيس الحركة الذي أصرّ على أن تبقى جميع خيوط التنظيم والقيادة بيده. وبذلك بلغت الأزمة التنظيمية والسياسية أقصاها.
ازدادت النداءات من داخل الحركة للمطالبة بضرورة تنظيم المؤتمر، واعتبره المعارضون للغنوشي مناسبة لإنجاز التداول الجيلي، وحذّروا من تجاوز القانون الداخلي الذي يؤكّد على انتهاء رئاسة الغنوشي الحركة مع انتهاء الدورة الحالية.
وبالتالي، أصبح مطروحا على النهضويين تأمين الانتقال القيادي بالبحث عن رئيس جديد. لكن بدل أن يعمل الجميع، وفي مقدّمتهم راشد الغنوشي، على إنجاز هذه المهمّة، استغلت القيادة فترة انتشار جائحة كورونا لترحل موعد المؤتمر إلى أجل غير مسمّى.
ثم أصبح رئيس الحركة رئيسا للبرلمان، وتطوّر الصراع بينه وبين عبير موسي التي نجحت في ترذيل مجلس النواب وتعطيل أشغاله. وجاءت لحظة الصفر، فانقضّ قيس سعيّد على البرلمان وعلى السلطة بكل آلياتها ومؤسّساتها، معلنا انتهاء مسار الانتقال الديمقراطي، ودخول البلاد مرحلة "البناء القاعدي".
هكذا وجدت الحركة نفسها تخوض المعارك من أجل استعادة المسار الديمقراطي الذي أوصلها إلى السلطة في غياب معارضة وازنة قادرة على تعديل الكفّة. وفي هذا الخضمّ من الأحداث المتسارعة، يُعتقل الغنوشي، ومعه أبرز كوادر الحرس القديم، وتجد "النهضة" نفسها بين خيارين أحلاهما مرّ.
إما أن تتمسّك بالقانون وبالديمقراطية الداخلية، وهو ما يقتضي تجاوز الغنوشي، وتحقيق ما يسمّى الانتقال القيادي، واختيار بديل له من داخل الحركة،
أو أن تعتبر ذلك "خيانة"، فتتمسّك بالغنوشي رئيسا لها، وتختار نائبا له يقود الحركة إلى أن يجري إطلاق سراحه، وعندها لكل حادثٍ حديث. وفي هذه الصورة تترسّخ فكرة القيادة الدائمة التي لا يحول دونها سوى الموت، موت القائد، وربما موت الحزب.
ليس مؤتمر حركة النهضة مجرّد حدث حزبي عادي وعابر. هو أعمق من ذلك بكثير. الحركة كيانٌ وفكرةٌ ضحّت من أجلها أجيال نصف قرن، وهي اليوم مهدّدة بالزوال، لأن مؤسّسها أراد لها أن تبقى ملتصقة به إلى النهاية.
حتى الشخصيات التي لعبت أدوارا أولى طوال المسارات السابقة، ماتت أو استقالت أو أقيلت. قليل منهم من بقي، لكنهم ليسوا من حجم الغنوشي، وعاشوا في ظله وتحت وصايته.
*صلاح الدين الجورشي كاتب وناشط تونسي في المجتمع المدني
المصدر | العربي الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: تونس الغنوشي حركة النهضة الانتقال الديمقراطي قيس سعيد حرکة النهضة من أجل
إقرأ أيضاً:
عمار النعيمي يفتتح مؤتمر ومعرض عجمان لتكنولوجيا النقل
افتتح سمو الشيخ عمار بن حميد النعيمي، ولي عهد عجمان رئيس المجلس التنفيذي،صباح اليوم ، فعاليات “مؤتمر ومعرض عجمان لتكنولوجيا النقل” في دورته الأولى، والذي يسلط الضوءعلى أحدث الابتكارات التقنية في قطاع النقل، ويستشرف مستقبل قطاع النقل في ظل تطورات الذكاء الاصطناعيوالتحول الرقمي.
وأكد سمو ولي عهد عجمان حرص الإمارة على تبني أحدث التقنيات العالمية في قطاع النقل، بما يوفر لسكان عجمان وزوارها تجربة نقل ميسرة ومتطورة، وفي الوقت نفسه تدعم مقومات الاستدامة والحفاظ على البيئة.
وأضاف سموه أن تنظيم مؤتمر ومعرض عجمان لتكنولوجيا النقل، يدعم خطط الإمارة الهادفة إلى تطوير خدماتالمواصلات ومواكبة التطورات التقنية وإحداث نقلة نوعية في مختلف المجالات الخدمية، وتعزيز القطاعاتالاستراتيجية والحيوية بأفضل الوسائل والآليات المبتكرة التي تسهم في رفع جودة الحياة.
ويقام المؤتمر على مدار يومين في قاعة الإمارات للضيافة بعجمان، بمشاركة 40 متحدثًا وخبيرا من دول عربية وغربية، وحضور عدد كبير من المتخصصين والمهتمين بمجالات النقل.
حضر افتتاح المؤتمر الشيخ عبدالعزيز بن حميد النعيمي رئيس دائرة التنمية السياحية في عجمان، والشيخ راشد بن حميد النعيمي، رئيس دائرة البلدية والتخطيط بعجمان، وعدد من الشيوخ وكبار المسؤولين.
وشهد الافتتاح عرض فيديو توثيقي يستعرض تطور التكنولوجيا في العالم وقطاع النقل، ، والمسارات التي قطعتهاالهيئة نحو التحول الرقمي تنفيذا لاستراتيجية حكومة عجمان.
وتجول سمو ولي عهد عجمان في المعرض الذي يضم أحدث الخدمات التكنولوجية في قطاع النقل، واستمع سموه إلى شرح العارضين حول التقنيات المبتكرة التي تسهم في تطوير خدمات النقل .
وشهد المؤتمر اطلاق مختبر عجمان للتنقل .وقال عمر محمد لوتاه مدير عام هيئة النقل بعجمان إن المختبر يهدف إلى جلب الشركات الصغيرة والمتوسطة من أجل اختبار آخر ما توصلت إليه تكنولوجيا النقل وتبادل المعارف وجذب الاستثمارات لإمارة عجمان.
وأشاد بالحضور والمتحدثين والمشاركين والذي يصل عددهم الى 200 خبير ومتحدث بجانب أكثر من 60 شركة متخصصة تخدم النقل والمواصلات العامة والمتنوعة وأبرز البرامج اللوجستية فيها.
ونظم المؤتمر جلسة بعنوان “سرعة مواكبة قطاع النقل للتطور التكنولوجي والتحول الرقمي”، تناولت سبل دمج تقنيات الدفع الجديدة، وتعزيز تجربة العملاء باستخدام التقنيات المتقدمة، كما تناولت الاتجاهات المستقبلية في التنقل وأهمية التعاون بين هيئات النقل ومزودي التكنولوجيا.
واستعرضت الجلسة فرص الابتكار، دور الذكاء الاصطناعي، وتحليل البيانات في تطوير قطاع النقل.
وتضمن المؤتمر جلسة بعنوان “الاستراتيجيات والممارسات للتوسع في التكنولوجيا الحديثة”، والتي تطرقت إلىاستراتيجيات التوسع في استخدام التكنولوجيا المتقدمة، وأفضل الممارسات في عمليات الشراء والتمويل لنشرالتقنيات الحديثة في قطاع النقل.
وعرضت الجلسة دراسات حالة ونماذج تمويل مبتكرة، مع التركيز على تعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص لدعم الابتكار وتسهيل الاعتماد على الحلول التكنولوجية في النقل.
وناقش المؤتمر استراتيجيات تعزيز استخدام التكنولوجيا الجديدة، وأهمية الابتعاد عن المواصفات الفنية الصارمةلدعم الابتكار في قطاع النقل العام.
واستعرض أحدث التوجهات في المدفوعات الرقمية، بما يشمل المدفوعات غير التلامسية والمحافظ الرقمية،والتوجه نحو مجتمع غير نقدي، وعرض دراسات حالة لأفضل الممارسات لمستقبل المدفوعات الرقمية وكيفية خلقشراكات بين هيئات النقل وشركات الخدمات المالية.
واختُتمت جلسات اليوم الأول بجلسة تحت عنوان “البيئة الاختبارية لمستقبل خدمات النقل”، استعرضت احتياجات ورغبات المستخدمين، مما يوفر رؤى لتحسين عمليات التصميم والاستفادة من الخدمات الرقمية،مع تقديم مدخلات وآراء من المشاركين لتعزيز تجربة المستخدمين.
ويواصل المؤتمر فعالياته غدًا بعقد خمس جلسات عمل تناقش محاور وحلولا تكنولوجية مبتكرة لقطاع النقل.