ماذا قدمنا لعُمان؟!
تاريخ النشر: 26th, August 2023 GMT
د. أحمد العمري
بداية نحمد الله على نعمة الأمن والأمان ونشكره جل وعلا على نعمة الإسلام والسلام؛ فنحن البلد الوحيد الذي حقق نتيجة "صفر إرهاب" بين دول العالم أجمع، وهذا بفضل رب العزة وبمنةٍ منه جلَّ في عُلاه، وبحكمة قياداتنا الحكيمة من أيام المؤسس الفذ الإمام أحمد بن سعيد، حتى وصولنا إلى فجر النهضة المُباركة التي أسسها وبناها بكل جدٍ وجهد وفكر ونظرة مستقبلية السلطان قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- الذي اختار لنا وهو في لحظة صدق وصفاء ونقاء مع ربه حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- وأطال لنا في عمره قائدًا للنهضة المتجددة وربانًا لرؤية "عُمان 2040"، وما نقول إلّا ما قاله الشاكرون "الحمدلله رب العالمين".
إننا في سلطنة عُمان ولله الحمد إخوة متساندين متعاضدين متحابين من مسندم مرورًا بالباطنة شمالها وجنوبها، عابرين البريمي والظاهرة والداخلية، الى العاصمه مسقط، ومن بعدها إلى الشرقية بشمالها وجنوبها، ومن خلال مها الوسطى؛ لنحط الرحال في ظفار وحاضرتها صلالة؛ لنشغف بجمالها الخلاب وتدفق شلالاتها وسحر مناظرها وإخضرار مراعيها، خاصة في هذا الفصل من العام فصل الصيف، الذي ترتفع فيه درجات الحرارة لمستويات قياسية، ليس في عُمان فحسب، إنما في سائر بلدان العالم لتستقبلنا هي برذاذها الناعم وجوها العليل في خريفها الاستثنائي.
ومن هنا فإننا جميعًا كعُمانيين ليسأل كل فرد منا نفسه ماذا قدم لعُمان؟
لقد قدمت لنا عُمان كل شيء في حياتنا منذ ولادتنا، فقد تنفسنا هواءها، ونظرنا إلى سمائها، وعشنا على ترابها الطاهر، ثم بعد ذلك ربتنا وعلمتنا وأوصلتنا إلى ما وصلنا إليه، كل في مجاله المُزارع في حقله، والراعي في مرعاه، والطبيب في تخصصه، والمهندس في ميدان عمله، والمحامي في فضاءات المحاكم، والمُعلم في رسالته التربوية، والقاضي في عدالته، والموظف في أمانته والمسؤول في المسؤوليه الملقاة على عاتقه.
وما زالت تقدم لنا وتقدم الكثير حتى عندما نفارق الحياه تحتضنا بتربتها العزيزه النفيسه الغالية.
لكن ماذا قدمنا نحن لعُمان؟ فمثل ما لنا حقوق، مؤكد علينا واجبات!
ليس بالضرورة ان نكون كلنا جنودًا أو مجندات لنقدم ونضحي لبلدنا، مع تقديري العظيم لرجالنا الاشاوس والماجدات العُمانيات الذين نرفع لهم المصار تمجيدًا وتعظيمًا فنحن لانلبس القبعات حتى نرفعها ولكننا نرفع المصار والتي نرفعها للعظماء فقط.
إن كل واحد منا يقدر يقدم لعُمان كلا في مجال الاختصاص ونطاق عمله كما ذكرنا آنفا وفوق هذا فأنا عندما اميط الأذى عن الطريق أخدم عُمان، وعندما أساعد كفيفًا لعبور الشارع أخدم عُمان، عندما أحافظ على هويتي في لبسي وعاداتي وتقاليدي واكلي وفنوني وتراثي أخدم عُمان، عندما أفتخر بين جلسائي بمنجزات بلادي وبأني عُماني أخدم عُمان، عندما أسافر للخارج وأحافظ على قيمي ومبادي أخدم عُمان، عندما احب أخي العُماني ليس لشيء سوى إنه عُماني فأنا أخدم عُمان. وعندما يكون انتمائي لبلادي وولائي لسلطاني فإني أخدم عُمان.. وبألف ومليون ومليار طريقة أستطيع أن أخدم عُمان.. فلا أحد منا يستصغر قيمته أو يقلل من مكانته لأننا جميعًا نقدر على خدمة عُمان، طالما ظل ذلك توجها وهاجسا ومبدأ وقناعة.
صحيحٌ أننا لن نقدر أن نوفِّيها حقها الكامل ولا حتى جزءًا منه، لكن لنجتهد وكلٌ في مجاله، ولنسأل رب العالمين التوفيق والسداد.
حفظ الله عُمان وسلطانها وشعبها.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
فوبيا السيارات الكهربائية
يتشاءم صديقي في كل مرة يستقبل فيها هاتفه المحمول رسالة عبر الواتساب بطلها تقني محترف يحتفل باقتنائه سيارة كهربائية، ويتنهّد أسىً عندما يعدّد هذا التقني المزايا الكثيرة التي تتفوّق فيها السيارة الكهربائية على السيارة التي تمشي على الوقود أو البترول، ومنها أنه بإمكانك أن تشحنها في المنزل طوال الليل إذا أردت أن تستخدمها في الصباح.
يقول صاحبي أنه لا يفهم في الفيزياء أو الكيمياء، وسيتورّط كثيراًعندما تتعرض بطارية السيارة لالتماس كهربائي ما.سيارة البنزين المعقّدة وأجزائها الكثيرة التي تمتلئ بها مقدمة السيارة، أسهل عليه من هذه السيارة الكهربائية التي لم يرها بعد، لكنه ينفر منها كما ينفر من أي معضلة كهربائية تؤدي إلى انقطاع الخدمة الكهربائية. أصعب شيء عنده هو انقطاع الكهرباء الدائم عن منزله المتواضع، بسبب ماس كهربائي عندما يهطل المطر، أوعندما تشتدّ وتيرة العواصف الترابية. لا يعرف كيف يعيد الخدمة للمنزل أمام إصرار زوجته على إصلاح هذا العطل الكهربائي الطارئ. ماذا لو توقّفت السيارة الكهربائية في عرض الشارع الذي يمتلئ بالسيارات بسبب عطل كهربائي فيزيائي ما؟ كيف سيجد الحلّ لهذه المعضلة وهو الذي يعتبر الفيزياء أصعب المواد لديه عندما كان يدرس في الثانوية العامة؟ كان بارعاً في حل مسائل معقَّدة تتعلق بالجهد الكهربائي والفولت والأمبير، لكنه لا يستطيع تركيب مصباح كهربائي، أو نجفة ليد LED صغيرة، أو هكذا يسمّونها، مخافة أن ينتهي به الأمر مطروحاً على الأرض، بسبب صعقة كهربائية لا يعرف من أين جاءت.
لذلك صاحبنا يحتفل كثيراً عندما يأتيه عبر هاتفه رسالة، أو خبر تتعلّق بحادث في كاليفورنيا حول سيارة كهربائية ذاتية القيادة، دهست رجلاً بسبب تعطّل الكاميرا التي تجعلها تتوقّف، وتهدّئ من سرعتها، عندما يعترض طريقها أي شخص، أو حيوان. من هو المجنون الذي يركب سيارة كهربائية ذاتية القيادة، ويترك الأمر للذكاء الصناعي يتدبّر الأمر؟ ماذا لو انطلقت هذه السيارة بأقصى سرعة بسبب أن نظام الكومبيوتر الخاص بالسيارة قد تعطّل (أو هنّق كما يقولون في مصطلحات الكومبيوتر)؟ هل سنحتاج عندها لمنقذ يسير بأقصى سرعة، يرمي السيارة المجنونة ببندقية من الخلف، ليكسر الزجاج، وبالتالي حل إشكالية هذا التعليق الخطير، وربما تنطلق الرصاصة إلى الركّاب الذين لا حول لهم ولا قوة. لن يركب مثل هذه السيارة إلا إيلون ماسك صاحب مصنع تيسلا الشهير لصناعة السيارات الكهربائية، الذي ظهر مؤخرا في معرض دعائي، لترويج سيارة المستقبل كما يسميها، وقد استخدم ماسك فعلاً شخصاً يطلق الرصاص على السيارة في عرض الفيديو التقديمي للسيارة الجديدة لإثبات قوة ومتانة هذه السيارة الكهربائية الجديدة التي لم تتأثّر أبداً. بدا شكل السيارة الكهربائية المصفحة ذاتية القيادة التي نزل منها ماسك، كما لو كانت مركبة فضائية في أحد أفلام الخيال العلمي المرعبة لهوليوود. كان صاحبنا هذا الذي ينتمي لجيل إكس الذين تتراوح أعمارهم بين الأربعين والستين، وتشكّلت ذاكرتهم التاريخية في اقتناء السيارات التقليدية، فاغراً فاه بدهشة كبيرة وهو ينظر إلى ماسك وهو ينزل من هذه السيارة. بدا كما لو كان قد قرّر أنه لن يدفع هللة واحدة لماسك في سبيل الحصول عليها.
khaledalawadh @