جريدة الرؤية العمانية:
2025-04-02@10:40:50 GMT

التسامح الفكري

تاريخ النشر: 26th, August 2023 GMT

التسامح الفكري

 

د. رضية بنت سليمان الحبسية

 

يعيش العالم اليوم في زمن ذي تنوع ثقافي وديني؛ حيث يتعايش الأشخاص ذوو الديانات المختلفة في نفس البيئة الاجتماعية، ويعد التسامح الفكري بين الأديان قاعدة أساسية للسلام والتعايش السّلمي بين المجتمعات المُتعددة الثقافات والديانات.

وفي هذه المقالة، سنتناول مفهوم التسامح الفكري بين الأديان وتسليط الضوء على أهميته في بناء مجتمع مُتسامح ومتناغم، كما سنركز على دور التعليم في نشر قيم التسامح الفكري والتعايش السلمي في المجتمع.

ويشير مفهوم التسامح الفكري بين الأديان إلى القدرة على قبول واحترام الآخرين الذين ينتمون إلى أديان مختلفة عن الدين الخاص بهم، ويتضمن التسامح الفكري فهمًا عميقًا للمعتقدات والقيم الدينية للآخرين والتعايش معها بروح من التسامح والتفهم، فالتسامح الفكري لا يعني التخلي عن معتقدات الشخص، ولكنه يشجع على التعايش السلمي والاحترام المتبادل بين مختلف الأديان.

ويساهم التسامح الفكري في خلق جو من السلام والتعايش السّلمي بين الأفراد والمجتمعات المتعددة الثقافات والديانات، ويسهم في تعزيز التفاهم والتعاون بين الأديان وتقوية الروابط الاجتماعية، كما يُساعد في تجنب الصراعات الدينية والتوترات الثقافية التي قد تُؤدي إلى انقسامات وعنف في المجتمع، فضلاً عن ذلك، فإن التسامح الفكري يعزز التسامح الديني والحقوق الإنسانية، كما يساهم في بناء مستقبل أفضل وأكثر استدامة.

ويُعدّ فهم واحترام معتقدات الآخرين أمرًا ضروريًا للتعايش السّلمي والتفاهم المشترك في المجتمعات المتنوعة، ويساهم فهمنا لمعتقدات الآخرين في بناء الجسور بين الثقافات وتعزيز التسامح والتعايش السلمي، كما يقود الفهم العميق لمعتقدات الآخرين إلى تقبل الاختلاف، والتعلم من الآخرين، وتعزيز التعاون والتفاهم بين الأفراد والمجتمعات.

وينبغي تجنب التحيّز الشخصي والتحامل على الآخرين، وأن نمنحهم فرصة للتعبير عن آرائهم ومعتقداتهم بحرية دون أن نسبق الحكم عليهم، ويجب أن نكون منفتحين للاستماع والتعلم من وجهات نظر الآخرين، لأجل بناء علاقات أفضل وأكثر احترامًا وفهمًا بين الأفراد والمجتمعات المختلفة.  فالاختلاف يعتبر جزءًا طبيعيًا وحقيقة من واقع الحياة البشرية، ومن خلال تجنب الانحياز، يمكننا تعزيز التسامح والتعايش السّلمي في المجتمعات المتنوعة، ويجب أن نتذكر أن الاحترام المتبادل والتفاهم هما المفتاح لبناء جسور التواصل والتعاون بين الأفراد والثقافات المختلفة.

ويمثل الحوار البنّاء أحد الأدوات التي تساهم في تحقيق نوعًا من التفاهم بين الأفراد والجماعات، وهو عملية تفاعلية تتضمن التواصل الفعّال بين الأفراد المختلفين في الآراء والمعتقدات، ويتميز الحوار البنّاء بأنه يهدف إلى تعزيز التسامح الفكري والاحترام المتبادل بين الأفراد، وتعزيز التعاون بين الثقافات والديانات المختلفة.  ويعمل الحوار البنّاء على دحض الصور النمطية والتحامل الذي يمكن أن يكون موجودًا تجاه الأفراد من خلفيات ثقافية أو دينية مختلفة، ويساعد في توسيع آفاق المعرفة وفهم أعمق للمعتقدات والثقافات المختلفة، مما يسهم في تنمية التسامح الفكري والاحترام المتبادل، كما يمنح الحوار البنّاء الفرصة للأفراد للتعلم من تجارب وآراء الآخرين، وبالتالي يساعد في توسيع المدارك والفهم الشخصي للقضايا المعاصرة.

وبناء جسور التفاهم والتعاون أمر بالغ الأهمية، ويتمثل في تعزيز المعرفة المتبادلة بين الثقافات والديانات المختلفة، من خلال التعرف على قيم وتقاليد الآخرين، وتعزيز الاحترام والتسامح، كما يساعد بناء جسور التعاون في حل النزاعات والتوترات بين المجتمعات المختلفة، فعندما يتم تعزيز التعاون، يصبح من الممكن التوصل إلى حلول سلمية للخلافات وتخفيف التوترات الدينية. كما أن بناء جسور التعاون يعزز التواصل والتعاون بين المجتمعات المختلفة، ويمكن أن يؤدي أيضا إلى تحقيق التقدم الاجتماعي والاقتصادي، فعندما يتعاون الناس معًا بغض النظر عن اختلافاتهم الدينية، يمكنهم تحقيق تطور وازدهار مشترك.

وإضافة إلى ما سبق، فإن بناء جسور التفاهم والتعاون يساهم في تعزيز السّلم والاستقرار في المجتمعات المتنوعة دينيًا، فعندما يتم بناء علاقات إيجابية بين المجتمعات المختلفة، يقل احتمال وقوع الصراعات والتوترات الدينية، وبالتالي يحقق المجتمع السلام والاستقرار. ومن خلال بناء جسور التفاهم والتعاون، يمكن تعزيز القيم الإنسانية المشتركة بين المجتمعات المختلفة، إذ أن الاهتمام المشترك بالعدالة، والتعاطف، وحقوق الإنسان يعزز الاندماج الاجتماعي والتعايش السّلمي.

وحول دور التعليم في نشر فيم التسامح الفكري، فالتعليم يلعب دورًا حاسمًا في نشر قيم التسامح الفكري وتعزيزها في المجتمعات، فهو يساعد على زيادة الوعي والمعرفة حول قيم التسامح وأهميتها في المجتمع، وتشجيع الأفراد على التفكير بصورة منفتحة ومتسامحة تجاه الآخرين، من خلال توفير المعلومات الصحيحة والتوعية بأهمية قبول واحترام الآخرين.

ويساعد التعليم في تنمية المهارات الاجتماعية التي تعزز التسامح الفكري، التي تمكّن الأفراد من التفاعل بشكل إيجابي مع الآخرين، وتعزز الاحترام والتعاون المتبادل، ومن هذه المهارات: التواصل الفعّال، والاستماع القائم على الاحترام. ويعمل التعليم أيضا على تعزيز قيم التعايش والتنوع في المجتمعات، وهذا يساهم في تعزيز التسامح الفكري، ويشجع الأفراد على قبول الآخر وتقدير تنوع الثقافات والمعتقدات، وذلك من خلال التركيز على قوة التعاون والتفاهم بين الأفراد من خلفيات مختلفة. كما يساهم التعليم أيضا في مكافحة التمييز والتحيّز الذي يستند إلى الجنس، والعرق، والدين، والثقافة، والمعتقدات، من خلال تعزيز الوعي بحقوق الإنسان والمساواة والعدالة، بما يُعزز التسامح الفكري ويحقق تقبل الآخر بلا تمييز، وبالتالي الحفاظ على أمن واستقرار الأوطان.

وسنتناول من خلال محور التعليم أهمية تضمين التسامح الديني في المناهج الدراسية، فهو يلعب دورًا حيويًا في تعزيز التسامح والتعايش السّلمي بين الأديان المختلفة، إذ يعمل على زيادة الفهم والاحترام بين الطلاب من خلفيات دينية متنوعة، وتعزيز الوعي بالمعتقدات والقيم الدينية المختلفة، وتشجيع الاحترام المتبادل والتسامح الديني، لتنشة أجيال قادرة على التعايش معًا، بعيدًا عن الصراعات المذهبية والطائفية، أو إثارة الفتن والضغائن بين أبناء المجتمع الواحد.

ويؤدي تضمين التسامح الديني في المناهج الدراسية إلى مكافحة التطرف والتعصب الديني، عن طريق التعرف على مختلف الآراء والمعتقدات الدينية وفهمها بشكل صحيح، ويتم تشجيع الطلاب على التفكير بصورة منفتحة، وتشجيعهم على الحوار والتفاعل البناء، واحترام الآراء المختلفة، من خلال التركيز على القيم المشتركة بين الأديان، وتجنب الجدال في الاختلافات، مما يعزز التفاهم والتسامح، ويقوي العلاقات بين الطلاب على اختلاف أيديولوجياتهم،  من أجل بناء مجتمع يتسم بالتسامح والتعايش السّلمي.

وختامًا.. في عالمنا المعاصر، يُعدّ التسامح الفكري ركيزة أساسية لبناء مجتمع متنوع ومزدهر، ويمثل القوة التي تجمع بين الأديان المختلفة، وتعزز التعايش السلمي بين أفراد المجتمع، ومن خلال فهمنا العميق للتسامح الفكري، نكسر حواجز الجهل والتعصب، ونمهد الطريق نحو عالم يتسم بالتفاهم والاحترام المتبادل، وعندما نقدر ونحترم التنوع الديني، نتجاوز الاختلافات ونبني جسورًا من الفهم والمودة، كما إن فهم الديانات المختلفة، يساهم في تعزيز السلم الاجتماعي وتقوية أواصر التعاون والتآزر بين أفراد المجتمع. لذا، ندعو إلى تعزيز ثقافة التسامح والتفاهم المتبادل في كل مجالات الحياة، سواء في التعليم والمؤسسات الدينية أو في السياسة ووسائل الإعلام، ويجب أن تكون التسامح والتفاهم قيمًا تتغلغل في نسيج المجتمع وتكون جزءًا من هويتنا المجتمعية، فالتسامح الفكري هو سبيلنا لبناء عالمٍ أفضل، حيث يسود السلام والتعايش الآمن بين جميع أفراد المجتمع.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

استفسارات وطلبات وشكاوى.. التضامن: 181 ألفا و368 اتصالاً بالخطوط الساخنة خلال فبراير

تلقت الدكتورة مايا مرسي وزيرة التضامن الاجتماعي تقريراً حول ما قامت به الخطوط الساخنة المختلفة التابعة لوزارة التضامن الاجتماعي خلال شهر فبراير الماضي، والتي يستخدمها المواطنون للتعرف على خدمات الوزارة المختلفة سواء الرعاية أو الحماية الاجتماعية أو للاستفادة من الخدمات المختلفة التي تقدمها الوزارة أو للإبلاغ عن شكوى. 
 
واستقبلت الخطوط الساخنة لوزارة التضامن الاجتماعي المختلفة خلال شهر فبراير الماضي ما يقرب من 181 ألف و368اتصالاً من المواطنين ما بين استفسار أو طلب أو شكاوى بخصوص الخدمات المختلفة التي تقدمها الوزارة، سواء برنامج الدعم النقدي "تكافل وكرامة" أو بطاقة الخدمات المتكاملة أو بنك ناصر الاجتماعي أو عن الخدمات المختلفة للوزارة أو صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي، ليكون بذلك إجمالي ما استقبلته الخطوط الساخنة منذ الأول من يوليو وحتى نهاية فبراير الماضي ما يقرب من مليون و681 ألف اتصال تقريبا 
 
وقام مسئولو الخطوط خلال شهر فبراير الماضي بالرد على الاتصالات الواردة بنسبة 88% من جملة هذه الاتصالات، حيث قام مسئولو الوزارة ببرنامج الدعم النقدي "تكافل وكرامة" باستقبال 115 ألف و798 اتصالا على الخط الساخن الخاص بالبرنامج رقم 19680 وتم الرد على 110 ألف 322 اتصالا منها بنسبة رد تصل إلى 95%، وكان من بين هذه الاتصالات 70173 استفساراً، و18886 طلبا، و14244 شكوى، وكانت أكثر المحافظات اتصالا على هذا الخط محافظات المنيا ثم أسيوط ثم البحيرة وكان أقل المحافظات اتصالا محافظات جنوب سيناء، والبحر الأحمر والوادي الجديد.

كما استقبل موظفو بنك ناصر الاجتماعي، 34 ألفا و221 اتصالاً على الخط الساخن رقم 16868 تم الرد على 16 ألفا و224 اتصالا منها بنسبة رد تصل إلى 47%، وكان من بين هذه الاتصالات 15123 استفساراً، و187طلبا، و105 شكوى، وكانت أكثر المحافظات اتصالا على هذا الخط القاهرة، ثم الجيزة، ثم الإسكندرية، وأقلها محافظات الوادي الجديد ومطروح وجنوب سيناء.
 
وفيما يخص بطاقة الخدمات المتكاملة، تم استقبال 20 ألف و528 اتصالاً على الخط الساخن رقم 15044، قامت الوزارة بالرد على 12473منها بنسبة رد تصل إلى 96%، كما قامت شركة إي فاينانس باستقبال 7414اتصالاً على نفس الرقم، وتم الرد على 6788 اتصالاً منها بنسبة رد تصل إلى 92%، وكانت أكثر المحافظات اتصالا على خطوط بطاقة الخدمات المتكاملة القاهرة، ثم الجيزة، ثم المنوفية وأقلها اتصالا الوادي الجديد، وجنوب سيناء وشمال سيناء.
 
كما استقبلت الوزارة 4972 اتصالاً على الخط الساخن الأساسي لها رقم 16439، تم الرد على 4672 منها بنسبة تصل إلى97%، كان منها 4149 استفساراً، و255 طلبا، و1207 شكوى، وكانت أكثر المحافظات اتصالاً القاهرة، ثم الجيزة، ثم الإسكندرية، وأقلها محافظات جنوب سيناء ومطروح والوادي الجديد
 
واستقبل مسئولو صندوق مكافحة وعلاج الإدمان 5777 اتصالاً على الخط الساخن رقم 16023، تم الرد على 5557 منها بنسبة تصل إلى 96%، كان منها 3246 استفساراً ما بين مشورة ومعرفة أماكن التحاليل، و2300 طلباً للعلاج أو المتابعة و11 شكوى من التحاليل أو من مستشفى أو من متخصص.

أما خط أبناء مصر الذي أطلقته الوزارة لمساندة الأطفال والشباب فاقدي الرعاية الأسرية، فقد استقبل 246 اتصالًا على الخط الساخن رقم 19828، تم الرد على 230 اتصالًا منها بنسبة تصل إلى 93% 
 
وتتلقى الوزارة الشكاوى والبلاغات من المواطنين على مدار الساعة عبر الخط الساخن للوزارة (16439) والخط الساخن لمنظومة الشكاوى الحكومية الموحدة برئاسة مجلس الوزراء (16528) والخط الساحن لبطاقة الخدمات المتكاملة (15044) والخط الساخن لبطاقة تكافل وكرامة (19680)، والخط الساخن لصندوق مكافحة وعلاج الإدمان (16023)، والخط الساخن لبنك ناصر الاجتماعي (16868)، والخط الساخن لأبناء مصر رقم (19828).

مقالات مشابهة

  • استفسارات وطلبات وشكاوى.. التضامن: 181 ألفا و368 اتصالاً بالخطوط الساخنة خلال فبراير
  • لمواجهة الحشرات الضارة.. صحة قنا تكثف أعمال التطهير والرش خلال أيام العيد
  • خالد الإعيسر: تخويف الآخرين بالتمرد لم يعد مجديا وكل الشعب السوداني دخل الغابة
  • حكومة جنوب كردفان تؤدي صلاة العيد وتدعو لإعلاء قيم التسامح والتصافح
  • الكتاب الأبيض يرصد إنجازات بارزة في حقوق الإنسان بمنطقة شيتسانغ الصينية
  • الوزير يتابع انتظام العمل بمرافق النقل والمواصلات بالتزامن مع احتفالات عيد الفطر
  • بيان عاجل من النقل بشأن قطارات السكة الحديد والمترو والمراكب النيلية
  • طقوس متوارثة.. الشعرية باللبن للم الشمل بين أهالى أسوان بأول أيام عيد الفطر
  • أفضل أماكن الفسح والخروج في مصر بأسعار مناسبة لكل الأفراد والعائلات
  • مكافحة الآفات: متابعة مستمرة للمحاصيل الإستيراتيجية ولجان طوارئ خلال العيد